أبووردة السعدني - منصب شيخ الجامع الأزهر

... قال عنه الشيخ عبدالرحمن الجبرتي إنه: " أعظم مناصب العلماء".....
...ظهر منصب شيخ الجامع الأزهر في العصر العثماني بعد أن تحولت مصر من دولة عظمي إلى ولاية تابعة للدولة العثمانية ، الأمر الذي جعل علماء الأزهر --وهم أرقى طوائف المجتمع المصري -- يشعرون بحاجتهم القصوى إلى كيان خاص بهم ، وإلى رئيس يتولى أمورهم ويرعى مصالحهم ويدافع عن قضاياهم ، مما أدى -- إلى جانب عوامل أخرى -- إلى وجود منصب شيخ الجامع الأزهر في العصر العثماني ، ليكون بمثابة رئيس لهيئة العلماء ، والممثل عنهم لدى السلطات الحاكمة في مصر ...
.... لم تتدخل السلطات العثمانية في اختيار شيخ الجامع الأزهر ، كان تعيينه يتم باتفاق الشيوخ فيما بينهم ، فإذا أجمعوا أمرهم على اختيار عالم منهم ، بلغوا الباشا العثماني باختيارهم ، ثم يتوجه الشيخ الجديد -- في كوكبة من العلماء إلى القلعة -- مقر الحكم -- لمقابلة الباشا الذي يقيم احتفالا كبيرا بتلك المناسبة ، ويخلع على الشيخ المنتخب رداء رسميا يسمى " الكرك " أو " الفرو السمور" ، لذا يمكن القول إن طريقة اختيار شيخ الجامع الأزهر في العصر العثماني تعد أول انتخاب حر مباشر في تاريخ العالم الإسلامي الحديث ...
... تجدر الإشارة إلى أن الشيخ محمد بن عبدالله الخرشي المالكي -- المتوفى سنة1101 /1690 -- ليس أول من تقلد منصب شيخ الجامع الأزهر ، فلقد سبقه إلى حيازة شرف المشيخة شيوخ آخرون ...
... تولى مشيخة الجامع الأزهر -- إبان تلك الحقبة -- علماء أفاضل ، تحلوا بالموسوعية في العلم ، والجرأة في الحق ، فتمكنوا من فرض قراراتهم -- المطابقة للشرع الحنيف -- على حكام مصر من الباشاوات وغيرهم ، بل وتعدوا هؤلاء إلى سلاطين الدولة العثمانية....
... وحين نقارن منصب شيخ الجامع الأزهر بمنصب " شيخ الإسلام " في الدولة العثمانية صاحبة السيادة على مصر ، سنجد منصب شيخ الجامع الأزهر أعمق رسوخا و استقرارا من منصب شيخ الإسلام العثماني ، صحيح أن منصب شيخ الإسلام أقدم وجودا -- بأكثر من قرن من الزمان -- من وجود منصب شيخ الأزهر ، وشيخ الإسلام شيخ لأكبر دولة إسلامية -- في تلك الآونة -- ، ويملك إصدار فتاوى تجيز اعلان الحرب ، وتجيز خلع السلطان العثماني ، بل وقتله ، غير أن تعيين شيخ الإسلام في الدولة العثمانية كان يتم بفرمان من السلطان العثماني ، ومن يعين بفرمان يمكن عزله بفرمان ، ويمكن قتله أيضا ، أما شيخ الجامع الأزهر فكان اختياره بالانتخاب الحر المباشر من علماء الأزهر ، فلا سلطان لسلطان عليه ، ولا يجوز عزله ولا إصدار فرمان بقتله ...
.... أيضا : يشترط في شيخ الإسلام العثماني أن يكون حنفي المذهب --- المذهب الرسمي للدولة العثمانية -- أما شيخ الجامع الأزهر فلا يشترط فيه أن يكون من أتباع المذهب الحنفي ، وتقلب على منصب شيخ الجامع الأزهر طيلة العصر العثماني المالكية والشافعية ، إلى أن تغيرت الأوضاع وتبدلت الأحوال وتولى الشيخ محمد المهدي العباسي - توفي 1897 م ---منصب شيخ الجامع الأزهر في عهد الخديوي إسماعيل -- وعهد ابنه توفيق من بعده -- فكان أول شيخ حنفي المذهب يتبوأ منصب شيخ الجامع الأزهر ، وأول من جمع بين منصبي الإفتاء ومشيخة الأزهر .....

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى