كيف اخفى (حسن) المسمارَ في ساقهِ اليمنى هذهِ المرة وبعيداً عن أنظارِ والدتهُ منذُ ثلاثةُ عشرَ عاماً على نشوب الحرب؟
شيء غريب حقاً!! كيفَ حصل ذلك؟
حتى أن الطبيب الذي أجرى العمليةَ الجراحيةَ ,كان مندهشاً وكادَ أن يفقدَ عقلهُ وهوَ يضعُ أمامهُ مسماراً فوق الطاولة طولهُ (عشرون) سم!
إنَ التقارير الاولية للحادث, تشُيرُ بأنَ حسن كانَ عمرهُ عشرَ سنوات وهوَ الآنَ في سنِ الثالثةِ والعشرين ؟ هل كانَ المسمار طوالَ هذهِ المدة في ساقهِ دونَ إجراء عمليةً لإخراجه؟
تساؤلات عديده قامَ بطرحها الطبيب أمام والدهُ الذي راحَ يصفُ ذلكَ الحادث بالعمل المتهور منذُ أن كانَ ابنه طفلاً صغيراً وقد عزى سبب بقاء المسمار طيلةَ هذهِ الفترة، بأنَ الحرب كانت قائمة والوضعُ حرجٌ وصعبٌ للغاية فأمتنعَ الطبيبُ من إجراء العملية إلا بعدَ انتهاء الحرب.
اكتفى بتضميد الجرح واعطائهِ جرعةٌ من العلاج المهدئ .
في ذلكَ المساء تعرضت المدينةُ إلى قصفٍ مكثف والمستشفيات ملئت بالشهداء والجرحى .
الحربَ لم تنتهِ ولم تتوقف !!
فإنَ ما حصلَ ، كانَ مأساوياً!...
لم تكن علاقة حسن بالمسمار منذُ طفولتهِ ، علاقةٌ عملية ، مثل نجار يصنعُ الأثاث والمكاتب والكراسي بل كانت لأجل اللعب والمتعة في آنً واحد حتى عندما كانَ يخلدُ إلى النوم، تدسُ الأمُ يدها في جيبهِ لتستخرج حفنةٌ من المسامير كان قد احتفظَ بها داخل جيبهِ في ضوءِ النهار عندما كانَ يلعبُ تحتَ شجرةُ التوت العملاقة عندَ حافةِ النهر. كانت تلكَ المزرعةَ الخضراء التي تحَوطهُا الأنهار من كل جانب لم تسعْ صدرهُ اثناء اللعبِ ، الا ان في تلك اللحظة ، أكتشفَ لعبتهُ المفضلة عندما تهشمت إحدى عجلات دراجتهِ الهوائية بعدَ ما اصطدمت في الجدار الخلفي للمنزل وما لِبثَ ساعات قلائل حتى حملَ إطارَ العجلة وراحَ يدورُ بهِ ويلعب ثم إقتلعَ من داخلهِ أحد الأسلاك القوية وصنعَ منهُ مطرقةً .
يفرغُ في رأس السلك المجوف ، الكبريت الموجود في عيدان الثقاب التي يسرقها من المطبخ في غياب الأم ومن ثمَ يضعُ فوَقَ الكبريت مسماراً معدنياً ويمسكُ بها من الطرفِ الآخر ويطرقها بشدة فوقَ جسمٍ صلبْ فيحترقُ الكبريتَ بفعلِ الضغط الذي يولدهُ المسمار لتحدثَ صوتاً مدوياً كصوتِ الرصاص الذي يطلقهُ المسلحون بشكل عشوائي ،لكنه كانَ كلما يضرب الطرق، يقفزُ المسمارَ ويختفي فيجهد نفسهُ بالبحثِ عنهُ فراحَ يجمعُ المساميرَ من قطعِ اللوح ويحتفظ بها في جيبهِ من أجل مطرقته الصوتية وفي النهاية توصلَ إلى اكتشافا مذهلاً
((قامَ بربط المسمار في طرفِ خيط ثم ربطَ طرف الخيط الآخر في المطرقة من الأعلى من أجلِ أن لا يختفي المسمار مرةً أخُرى ليبقى معلقاً في الخيط)) راودتهُ هذهِ الفكرةْ بعدَ أن أخرجت أمهُ حفنة مسامير من جيبهِ وهو نائم!
لم يكنْ حسن طفلاً غبياً او ساذجاً مثل ما كان يظنهُ الآخرون ، كانَ يزعج والدهُ كثيراً بالأسئلة الملحة عن أشياء لم يسأل عنها حتى الاولاد الذين تجاوزه سناً، لربما هي أكبر من أن يدركها عقلهُ .من امثلةِ هذه الاسئلة، كان يجلسُ بجانب أبيه ويسألهُ عن الهجومات والمعارك التي خاضها والتي تعرض لها في الماضي اثناء الحروب وأي نوعٍ من الاسلحةِ المستخدمة في المعركة ؟ وكمية العتاد الذي أطلُق ؟ وهل كان كثيراً ؟ وهل هنالكَ قتلى من الطرفين ؟ كانَ ملهماً بقصص الحروب والأسلحة حتى عندما دخل المدرسة في السنة الاولى، سألهُ المعلم عن طموحهِ في المستقبل فقال له ....أريد أن أصبحَ مقاتلاً في الجيش! وبما أن المعلم كان رفيقاً في الحزب الحاكم ويحب السلطة فقد أمرَ الطلاب بالتصفيق إلى حسن الذي هز مشاعر الرفيق وأطلقَ في رأسهِ الحماس وعاشَ الأجواء ، خاصة وأن البلد كان في حالة حرب مع القوى الكبرى ومن هذا المنطلق أصبحَ حسن يحلم بأن تكون لديه آلة حربية ، كانت تزداد لديه الرغبة كلما سمع والده يقص ذكريات الحروب وقد نجى من موت محقق في حينها ، أثناء الانسحاب المفاجئ وقصف الجيش بواسطة الطائرات من قبل الاعداء ! لقد عمَ الخراب في أرجاء البلد .
كان يسأل والدهُ بإلحاح عن سلاحهِ قائلاً....
من أين حصلت على هذا السلاح ؟
إنني صنعتهُ بنفسي فهل تستطيع أن تصنعهُ لنفسك ، عندما تكبر وتصبحَ محارباً ؟
قال الاب وهو يداهر ولده .
لم يدم ذلك طويلا وبعد ثلاث سنوات ، نشبت الحرب مرة اخرى وسقطت الصواريخ واحدا تلو الآخر على المزرعة لقد كانت بداية الحرب الثالثة. الا أن حسن لم ينل نصيبه منها لتحقيق حلمه ويصبح محاربا، يجول ميادينها ، فمازال صبيا يحلم بمستقبل محارب مجهول .
كانت حربا مدمرة اشتعل فيها الأخضر واليابس .
كان سببها كذبة سياسية ! تقول بأن هنالك سلاحا فتاكا وأنه سوف يدمر العالم،كانت سذاجة المغامرين .
عندما صدقوا تلك الكذبة وجاءوا عابرين المحيطات للبحث عن السلاح .قرر الصبي أن يصنع السلاح قبل أن يسبقه أحد ، لا يريد أن يخلده التاريخ أو يصبح رمزا أو بطلا من أبطال التاريخ.
لربما حفزه دافع الانتقام عندما شاهد مزرعته تبعثر وجهها الصواريخ!
في تلك الساعة اشتد القصف وطائرات الشبح تحوم فوقهم .
أبي ، ألا ترى الطائرات تحلق فوق مزرعتنا؟
قال الاب وهو يترقب من فتحة القبو...... لا ،إنها تحوم فوق القاعدة الجوية ، إنها بعيده لكنك تراها قريبة .
كان القبو أكثر أمانا من أي مكان في المزرعة. دفعت الأب خبرته العسكرية في ثلاثة حروب أن يقوم بإنشاء قبواً تحت المنزل ،يلجئون اليه تحسبا من تكرار الحرب وقصف الطائرات .
قرر أن يسلك طريق والده ولكن بدل أن يحفر قبواً آخر ، قرر أن يصنع سلاحا يدافع به عن مزرعته .
عندما خرجت المدافع المحمولة فوق المركبات من القاعدة الجوية ، توجهت إحداهن نحو المزرعة ثم توقفت فوق تلة
صغيرة لتتمكن من قصف الطائرات ، لكنها سحقت بصاروخ مضاد ومباغت من إحدى الطائرات فتحولت إلى هباء منثور ولم يبقى منها سوى حفنة عتاد تناثر بشكل عشوائي وتباعد لمسافات متفاوتة وسقط البعض منه في المزرعة .
شاهدَ حسنُ عرضاً ممتعاً وهو يحمل إحدى اطلاقات المدفع المدمر بين يديه وعاد بها مهرولا إلى البيت في ذلك المساء وقام بإخفائها.
سنحت له الفرصة أن يلقي نظرة على سلاح والده المركون خلف الباب متمعناً أجزائه بشكل دقيق مستخدما ذكائه الفطري
ومع أنه لم يوفق في إكمال دراسته إلا أنه كان ذكيا وبارعا في التمعن وحفظ الاشكال التي يحبها ثم برح المنزل ليجمع اجزاء بدائية لصناعة السلاح. وجد في بادئ الأمر انبوب معدني ثم احتاج إلى قطعة خشب سميكة وشيئا آخر كان يخفيه في صندوق من الخشب .
حمل الأنبوب المعدني والقطعة الخشبية مع الصندوق ودخل إلى القبو بمفرده ثم افترش الأرض بأغراضه بعيدا عن أنظار الطائرات، كان يخشى الطائرات أكثر من أن يراه والده عندما سمعه يقول...أن للطائرة رادار يكشف الأسلحة المتطورة! وهكذا وجد نفسه في مأمن من ذلك وقرر أن يصنع سلاحه بنفسه .
في بادئ الأمر وضع القطعة الخشبية على الأرض وشد على متنها الأنبوب الحديدي وراح يتفحصها جيدا، وضع احدى عينيه في الأنبوب ونظر في داخله لتفحصه ثم فتح الصندوق واخرج منه الاطلاقة التي عثر عليها بعد تحطم المدفع المقاوم وادخلها في مؤخرة الأنبوب فأصبح لديه شيئا أشبه بالمدفع جاهز للعمل!
خرج من القبو متخفيا يحمل مدفعه الصغير .
بعد ما قام بلفهِ بواسطةِ خرقة متهرئة ثم توجه نحوَ المزرعةِ وهو يترقب السماء خائفاً حتى توقف عند حافةِ النهرَ تحت شجرةِ التوت .
شاهدَ إحدى الطائرات المعادية تحوم فوق سحب كثيفة من الدخان في سماء القاعدة . كانت سوداء مثل خفاش الليل .
وجهَ مدفعه نحوها ، نظرَ الى الاطلاقةِ ثم فكرَ ملياً ،دسَ يدهُ في جيبهِ ،أخرج مسماراً صدئا جاعلاً منهُ إبرةً مدببةً توخز مؤخرةَ الاطلاقةَ لإحراقها .
لم يدم صبرهُ طويلا لاقتراب الطائرة اكثر
وبضربة دقيقة منهُ ومحكمة على رأس المسمار ، ارتفع دخان البارودَ عالياً ،إظلم الفضاء مع دوي صوت هائل ،تحول مدفع حسن إلى شظايا متناثرة ومنذ ذلك الوقت والمسمار لايزال معتنقاً ساقَ صديقه المحارب الذي نسيَ أن يربطهُ بالخيطِ مثلَ ما كانَ يفعلُ سابقاً عندما كانَ طفلاً صغيراً !!.
شيء غريب حقاً!! كيفَ حصل ذلك؟
حتى أن الطبيب الذي أجرى العمليةَ الجراحيةَ ,كان مندهشاً وكادَ أن يفقدَ عقلهُ وهوَ يضعُ أمامهُ مسماراً فوق الطاولة طولهُ (عشرون) سم!
إنَ التقارير الاولية للحادث, تشُيرُ بأنَ حسن كانَ عمرهُ عشرَ سنوات وهوَ الآنَ في سنِ الثالثةِ والعشرين ؟ هل كانَ المسمار طوالَ هذهِ المدة في ساقهِ دونَ إجراء عمليةً لإخراجه؟
تساؤلات عديده قامَ بطرحها الطبيب أمام والدهُ الذي راحَ يصفُ ذلكَ الحادث بالعمل المتهور منذُ أن كانَ ابنه طفلاً صغيراً وقد عزى سبب بقاء المسمار طيلةَ هذهِ الفترة، بأنَ الحرب كانت قائمة والوضعُ حرجٌ وصعبٌ للغاية فأمتنعَ الطبيبُ من إجراء العملية إلا بعدَ انتهاء الحرب.
اكتفى بتضميد الجرح واعطائهِ جرعةٌ من العلاج المهدئ .
في ذلكَ المساء تعرضت المدينةُ إلى قصفٍ مكثف والمستشفيات ملئت بالشهداء والجرحى .
الحربَ لم تنتهِ ولم تتوقف !!
فإنَ ما حصلَ ، كانَ مأساوياً!...
لم تكن علاقة حسن بالمسمار منذُ طفولتهِ ، علاقةٌ عملية ، مثل نجار يصنعُ الأثاث والمكاتب والكراسي بل كانت لأجل اللعب والمتعة في آنً واحد حتى عندما كانَ يخلدُ إلى النوم، تدسُ الأمُ يدها في جيبهِ لتستخرج حفنةٌ من المسامير كان قد احتفظَ بها داخل جيبهِ في ضوءِ النهار عندما كانَ يلعبُ تحتَ شجرةُ التوت العملاقة عندَ حافةِ النهر. كانت تلكَ المزرعةَ الخضراء التي تحَوطهُا الأنهار من كل جانب لم تسعْ صدرهُ اثناء اللعبِ ، الا ان في تلك اللحظة ، أكتشفَ لعبتهُ المفضلة عندما تهشمت إحدى عجلات دراجتهِ الهوائية بعدَ ما اصطدمت في الجدار الخلفي للمنزل وما لِبثَ ساعات قلائل حتى حملَ إطارَ العجلة وراحَ يدورُ بهِ ويلعب ثم إقتلعَ من داخلهِ أحد الأسلاك القوية وصنعَ منهُ مطرقةً .
يفرغُ في رأس السلك المجوف ، الكبريت الموجود في عيدان الثقاب التي يسرقها من المطبخ في غياب الأم ومن ثمَ يضعُ فوَقَ الكبريت مسماراً معدنياً ويمسكُ بها من الطرفِ الآخر ويطرقها بشدة فوقَ جسمٍ صلبْ فيحترقُ الكبريتَ بفعلِ الضغط الذي يولدهُ المسمار لتحدثَ صوتاً مدوياً كصوتِ الرصاص الذي يطلقهُ المسلحون بشكل عشوائي ،لكنه كانَ كلما يضرب الطرق، يقفزُ المسمارَ ويختفي فيجهد نفسهُ بالبحثِ عنهُ فراحَ يجمعُ المساميرَ من قطعِ اللوح ويحتفظ بها في جيبهِ من أجل مطرقته الصوتية وفي النهاية توصلَ إلى اكتشافا مذهلاً
((قامَ بربط المسمار في طرفِ خيط ثم ربطَ طرف الخيط الآخر في المطرقة من الأعلى من أجلِ أن لا يختفي المسمار مرةً أخُرى ليبقى معلقاً في الخيط)) راودتهُ هذهِ الفكرةْ بعدَ أن أخرجت أمهُ حفنة مسامير من جيبهِ وهو نائم!
لم يكنْ حسن طفلاً غبياً او ساذجاً مثل ما كان يظنهُ الآخرون ، كانَ يزعج والدهُ كثيراً بالأسئلة الملحة عن أشياء لم يسأل عنها حتى الاولاد الذين تجاوزه سناً، لربما هي أكبر من أن يدركها عقلهُ .من امثلةِ هذه الاسئلة، كان يجلسُ بجانب أبيه ويسألهُ عن الهجومات والمعارك التي خاضها والتي تعرض لها في الماضي اثناء الحروب وأي نوعٍ من الاسلحةِ المستخدمة في المعركة ؟ وكمية العتاد الذي أطلُق ؟ وهل كان كثيراً ؟ وهل هنالكَ قتلى من الطرفين ؟ كانَ ملهماً بقصص الحروب والأسلحة حتى عندما دخل المدرسة في السنة الاولى، سألهُ المعلم عن طموحهِ في المستقبل فقال له ....أريد أن أصبحَ مقاتلاً في الجيش! وبما أن المعلم كان رفيقاً في الحزب الحاكم ويحب السلطة فقد أمرَ الطلاب بالتصفيق إلى حسن الذي هز مشاعر الرفيق وأطلقَ في رأسهِ الحماس وعاشَ الأجواء ، خاصة وأن البلد كان في حالة حرب مع القوى الكبرى ومن هذا المنطلق أصبحَ حسن يحلم بأن تكون لديه آلة حربية ، كانت تزداد لديه الرغبة كلما سمع والده يقص ذكريات الحروب وقد نجى من موت محقق في حينها ، أثناء الانسحاب المفاجئ وقصف الجيش بواسطة الطائرات من قبل الاعداء ! لقد عمَ الخراب في أرجاء البلد .
كان يسأل والدهُ بإلحاح عن سلاحهِ قائلاً....
من أين حصلت على هذا السلاح ؟
إنني صنعتهُ بنفسي فهل تستطيع أن تصنعهُ لنفسك ، عندما تكبر وتصبحَ محارباً ؟
قال الاب وهو يداهر ولده .
لم يدم ذلك طويلا وبعد ثلاث سنوات ، نشبت الحرب مرة اخرى وسقطت الصواريخ واحدا تلو الآخر على المزرعة لقد كانت بداية الحرب الثالثة. الا أن حسن لم ينل نصيبه منها لتحقيق حلمه ويصبح محاربا، يجول ميادينها ، فمازال صبيا يحلم بمستقبل محارب مجهول .
كانت حربا مدمرة اشتعل فيها الأخضر واليابس .
كان سببها كذبة سياسية ! تقول بأن هنالك سلاحا فتاكا وأنه سوف يدمر العالم،كانت سذاجة المغامرين .
عندما صدقوا تلك الكذبة وجاءوا عابرين المحيطات للبحث عن السلاح .قرر الصبي أن يصنع السلاح قبل أن يسبقه أحد ، لا يريد أن يخلده التاريخ أو يصبح رمزا أو بطلا من أبطال التاريخ.
لربما حفزه دافع الانتقام عندما شاهد مزرعته تبعثر وجهها الصواريخ!
في تلك الساعة اشتد القصف وطائرات الشبح تحوم فوقهم .
أبي ، ألا ترى الطائرات تحلق فوق مزرعتنا؟
قال الاب وهو يترقب من فتحة القبو...... لا ،إنها تحوم فوق القاعدة الجوية ، إنها بعيده لكنك تراها قريبة .
كان القبو أكثر أمانا من أي مكان في المزرعة. دفعت الأب خبرته العسكرية في ثلاثة حروب أن يقوم بإنشاء قبواً تحت المنزل ،يلجئون اليه تحسبا من تكرار الحرب وقصف الطائرات .
قرر أن يسلك طريق والده ولكن بدل أن يحفر قبواً آخر ، قرر أن يصنع سلاحا يدافع به عن مزرعته .
عندما خرجت المدافع المحمولة فوق المركبات من القاعدة الجوية ، توجهت إحداهن نحو المزرعة ثم توقفت فوق تلة
صغيرة لتتمكن من قصف الطائرات ، لكنها سحقت بصاروخ مضاد ومباغت من إحدى الطائرات فتحولت إلى هباء منثور ولم يبقى منها سوى حفنة عتاد تناثر بشكل عشوائي وتباعد لمسافات متفاوتة وسقط البعض منه في المزرعة .
شاهدَ حسنُ عرضاً ممتعاً وهو يحمل إحدى اطلاقات المدفع المدمر بين يديه وعاد بها مهرولا إلى البيت في ذلك المساء وقام بإخفائها.
سنحت له الفرصة أن يلقي نظرة على سلاح والده المركون خلف الباب متمعناً أجزائه بشكل دقيق مستخدما ذكائه الفطري
ومع أنه لم يوفق في إكمال دراسته إلا أنه كان ذكيا وبارعا في التمعن وحفظ الاشكال التي يحبها ثم برح المنزل ليجمع اجزاء بدائية لصناعة السلاح. وجد في بادئ الأمر انبوب معدني ثم احتاج إلى قطعة خشب سميكة وشيئا آخر كان يخفيه في صندوق من الخشب .
حمل الأنبوب المعدني والقطعة الخشبية مع الصندوق ودخل إلى القبو بمفرده ثم افترش الأرض بأغراضه بعيدا عن أنظار الطائرات، كان يخشى الطائرات أكثر من أن يراه والده عندما سمعه يقول...أن للطائرة رادار يكشف الأسلحة المتطورة! وهكذا وجد نفسه في مأمن من ذلك وقرر أن يصنع سلاحه بنفسه .
في بادئ الأمر وضع القطعة الخشبية على الأرض وشد على متنها الأنبوب الحديدي وراح يتفحصها جيدا، وضع احدى عينيه في الأنبوب ونظر في داخله لتفحصه ثم فتح الصندوق واخرج منه الاطلاقة التي عثر عليها بعد تحطم المدفع المقاوم وادخلها في مؤخرة الأنبوب فأصبح لديه شيئا أشبه بالمدفع جاهز للعمل!
خرج من القبو متخفيا يحمل مدفعه الصغير .
بعد ما قام بلفهِ بواسطةِ خرقة متهرئة ثم توجه نحوَ المزرعةِ وهو يترقب السماء خائفاً حتى توقف عند حافةِ النهرَ تحت شجرةِ التوت .
شاهدَ إحدى الطائرات المعادية تحوم فوق سحب كثيفة من الدخان في سماء القاعدة . كانت سوداء مثل خفاش الليل .
وجهَ مدفعه نحوها ، نظرَ الى الاطلاقةِ ثم فكرَ ملياً ،دسَ يدهُ في جيبهِ ،أخرج مسماراً صدئا جاعلاً منهُ إبرةً مدببةً توخز مؤخرةَ الاطلاقةَ لإحراقها .
لم يدم صبرهُ طويلا لاقتراب الطائرة اكثر
وبضربة دقيقة منهُ ومحكمة على رأس المسمار ، ارتفع دخان البارودَ عالياً ،إظلم الفضاء مع دوي صوت هائل ،تحول مدفع حسن إلى شظايا متناثرة ومنذ ذلك الوقت والمسمار لايزال معتنقاً ساقَ صديقه المحارب الذي نسيَ أن يربطهُ بالخيطِ مثلَ ما كانَ يفعلُ سابقاً عندما كانَ طفلاً صغيراً !!.
Bei Facebook anmelden
Melde dich bei Facebook an, um dich mit deinen Freunden, deiner Familie und Personen, die du kennst, zu verbinden und Inhalte zu teilen.
www.facebook.com