لم أستطع وضْع صورتها على الحائط المواجه لمكتبي، اقترحت على مهندس الديكور تخصيصه لبورتريهات تشكيلية تجسد الشخصيات الأهم في حياتي، طالما خشيت اهتزاز منظومتي حال استمرار علاقتنا أو ظهورها للعلن.
أُمرِّر إليها القليل من المفردات، ربما محض تحية مساء، أو سؤال عن الأحوال. لا أردُّ على رسائلها إلا قليلا، منذ التقيتها أعاملها بوصْفها وجود عابر وهامشي، مجرد مشاعر مباغتة، أعاود النظر في الخلاص من تعلُّقي بها كل يوم، لم أُجهد نفسي كثيرا في الحفاظ عليها، أو رعاية ما نشأ بيننا واستعذبتُه، أعلم جيدًا أن غياباتي الطويلة لا تتسق مع عِشق صرَّحت به، يداخلني اليأس من الأمواج التي تضرب قِصَّتنا من كل اتجاه، تفتقد أصابعي وعيناي ملامحها، قليلة هي الذكريات التي بيننا رغم جمالها.
لماذا تغضب!؟ عليها أن تتعامل مع المتاح فقط، ومتى ما استطعتُ، ماذا لو ظَلَّت “حارسة للغياب” كما تصف حالها! ماذا في وعودي لها التي أحبطتُها مِرارًا!؟ مجرد ظهوري ثانية يعني أنني يعاودني الحنين، أشتاق إليها.
لماذا لا تستجيب وتَصِلُ ما انقطع حين أحادثها، تعترض عادةً، أو تصمت، عليها أن تقتنص اللحظة فقط، بيننا عشق كفراغ.
أيتسق الغياب مع العشق!؟ أقسو عليها طيلة الوقت، وأعرف، كأنني أطلب أن تلملم مشاعرها وتجمِّدها لحين أعاود تذكُّرها كل حين، لماذا لا ترضى بالقليل؟ دائما ما دعوتها لأن تتفهم، فالحياة انشغالات، ذات صباح أرسلتْ تقول: لعلك لا تدرك أن زمني – الذي يفرغ منك – بائس، باردة هي الساعات التي لا تتخللها أنفاسك، كلماتك، مداعباتك خفيفة الظِل، يقولون إن العاشق الحقيقي لا يقوى على البعاد، طوال الوقت يحوم حول امرأته، حين نُحب؛ لا نرضى بالقليل.
حين أتساءل: هل أحبها؟ لا تروقني كل الإجابات، في كل واحدة نَفْيُها، ليس نَفْيًا بقدْر تضمُّنه دائما لـ”لكن”، “لكن” التي تستدعي التخوفات والتعجب، فحياتي لا ينقصها شيء، ورغم هذا أتوق إليها، وكثيرا ما أحجمت عنها، أشعر لو لم ألتقِها؛ لصار قلبي أكثر هدوءًا، بلا أسرار أو خوف، مرَّات أسعد بالشغف الذي عاودني، لذَّة المغامرة ومذاق البدايات.
ربما لا أحبها بالقدْر الذي يجعلني أعبُر أحد البابَين، لو عشقتها؛ كنت سأضفِّرها بنسيج أيامي، لأصبحتْ خندقي في الوقت. لو أحببتها؛ لملأت حياتها كما تتطلَّع، في هُوَّة المَابَين إقامتي.
لماذا أعود إذن، وأُطِلُّ كل حين؟ ربما لا أكثر من الحنين، أشعر للوقت معها عذوبة، دهشة الفرح في عينيها العاشقتين، حين باغتُّها بالقُبلة الأولى، عقلها الذي يعدو معي؛ فنعلو، عناق كفَّينا، في حناياي تخطو كأوراق وَرْد نَدِيٍّ، مورِق، أتعرَّف ذاتي حين أحاورها، صوتها الذي يغرِّد باسمي؛ فتحلِّق طيوره، فيْضُ ذوبانها في تفاصيلي، ينساب موج كلماتها في شرايني، وكأنها آلهة تبعث الحياة.
على الأرجح لا أحبها بالقْدر الكافي، لا يروقني أن أُبرِّر غياباتي، أضيق بعتابها، ربما عامدًا أُصَحِّر المسافات بيننا.
حين طلبتُ وضْع أحد الأُطُر الفارغة في مواجهة مكتبي تماما، على حائط الوجوه الأهم، سألني كل من رأى: لماذا فارغ؟ كنت أُفلسف الأمر بانتظاري لوجه لم يأتِ بعد، وكلما انفردت بنفسي؛ تركت ملامحها تملأ كل الأُطُر التي على الحائط!
أُمرِّر إليها القليل من المفردات، ربما محض تحية مساء، أو سؤال عن الأحوال. لا أردُّ على رسائلها إلا قليلا، منذ التقيتها أعاملها بوصْفها وجود عابر وهامشي، مجرد مشاعر مباغتة، أعاود النظر في الخلاص من تعلُّقي بها كل يوم، لم أُجهد نفسي كثيرا في الحفاظ عليها، أو رعاية ما نشأ بيننا واستعذبتُه، أعلم جيدًا أن غياباتي الطويلة لا تتسق مع عِشق صرَّحت به، يداخلني اليأس من الأمواج التي تضرب قِصَّتنا من كل اتجاه، تفتقد أصابعي وعيناي ملامحها، قليلة هي الذكريات التي بيننا رغم جمالها.
لماذا تغضب!؟ عليها أن تتعامل مع المتاح فقط، ومتى ما استطعتُ، ماذا لو ظَلَّت “حارسة للغياب” كما تصف حالها! ماذا في وعودي لها التي أحبطتُها مِرارًا!؟ مجرد ظهوري ثانية يعني أنني يعاودني الحنين، أشتاق إليها.
لماذا لا تستجيب وتَصِلُ ما انقطع حين أحادثها، تعترض عادةً، أو تصمت، عليها أن تقتنص اللحظة فقط، بيننا عشق كفراغ.
أيتسق الغياب مع العشق!؟ أقسو عليها طيلة الوقت، وأعرف، كأنني أطلب أن تلملم مشاعرها وتجمِّدها لحين أعاود تذكُّرها كل حين، لماذا لا ترضى بالقليل؟ دائما ما دعوتها لأن تتفهم، فالحياة انشغالات، ذات صباح أرسلتْ تقول: لعلك لا تدرك أن زمني – الذي يفرغ منك – بائس، باردة هي الساعات التي لا تتخللها أنفاسك، كلماتك، مداعباتك خفيفة الظِل، يقولون إن العاشق الحقيقي لا يقوى على البعاد، طوال الوقت يحوم حول امرأته، حين نُحب؛ لا نرضى بالقليل.
حين أتساءل: هل أحبها؟ لا تروقني كل الإجابات، في كل واحدة نَفْيُها، ليس نَفْيًا بقدْر تضمُّنه دائما لـ”لكن”، “لكن” التي تستدعي التخوفات والتعجب، فحياتي لا ينقصها شيء، ورغم هذا أتوق إليها، وكثيرا ما أحجمت عنها، أشعر لو لم ألتقِها؛ لصار قلبي أكثر هدوءًا، بلا أسرار أو خوف، مرَّات أسعد بالشغف الذي عاودني، لذَّة المغامرة ومذاق البدايات.
ربما لا أحبها بالقدْر الذي يجعلني أعبُر أحد البابَين، لو عشقتها؛ كنت سأضفِّرها بنسيج أيامي، لأصبحتْ خندقي في الوقت. لو أحببتها؛ لملأت حياتها كما تتطلَّع، في هُوَّة المَابَين إقامتي.
لماذا أعود إذن، وأُطِلُّ كل حين؟ ربما لا أكثر من الحنين، أشعر للوقت معها عذوبة، دهشة الفرح في عينيها العاشقتين، حين باغتُّها بالقُبلة الأولى، عقلها الذي يعدو معي؛ فنعلو، عناق كفَّينا، في حناياي تخطو كأوراق وَرْد نَدِيٍّ، مورِق، أتعرَّف ذاتي حين أحاورها، صوتها الذي يغرِّد باسمي؛ فتحلِّق طيوره، فيْضُ ذوبانها في تفاصيلي، ينساب موج كلماتها في شرايني، وكأنها آلهة تبعث الحياة.
على الأرجح لا أحبها بالقْدر الكافي، لا يروقني أن أُبرِّر غياباتي، أضيق بعتابها، ربما عامدًا أُصَحِّر المسافات بيننا.
حين طلبتُ وضْع أحد الأُطُر الفارغة في مواجهة مكتبي تماما، على حائط الوجوه الأهم، سألني كل من رأى: لماذا فارغ؟ كنت أُفلسف الأمر بانتظاري لوجه لم يأتِ بعد، وكلما انفردت بنفسي؛ تركت ملامحها تملأ كل الأُطُر التي على الحائط!
حارسة الغياب. قصة د. أماني فؤاد
لم أستطع وضْع صورتها على الحائط المواجه لمكتبي، اقترحت على مهندس الديكور تخصيصه لبورتريهات تشكيلية تجسد الشخصيات الأهم في حياتي، طالما خشيت اهتزاز منظومتي حال استمرار علاقتنا أو ظهورها للعلن. أُمرِ…
sadazakera.wordpress.com