عمر حمداوي - قراءة في شعر : نزيهة مشيش

نزيهة مشيش
النص :

(أهديتها لأحد "المثقفين" يوما فثارت ثائرته..)
حضر سيدهم يلقننا حروف الهجاء
ماسكا بخصر سرواله قائلا :
هذا ألف،
وتلکم أختها الباء.
بالله عليك يا ابن أمي ما ذا الغباء؟!
حفظت المعلقات ببطن أمي
همت بابن أبي سلمى
بكيت وجع الخنساء
أبيات المتنبي فطرنا بها
و "مولاي" نزار،
و"سيدي" الدرويش،
كانا للغذاء.
أما تعلم يا هذا أن بنات العرب
يتقن النحو ،وكل فنون الأدب؟!
من الغزل إلى المدح فالذم !!
ويعلوهن في ذلك كله الرثاء.. والهجاء!!
أيا متملقا مدعيا الثقافة والأدب ،
اعلم أن بنات الشرفاء لا تقبلن الأيادي
لا يغريهن الصخب!
تقبل اللوم، تقبل العتب!!
قواعد سيبويه أغنتنا الظمأ
وعَطِشٌ أخونا..
ءدون أن يدرئ
يال العجب!
عجبنا لقوم سيدوا أنفسهم على البشر!
لسنا عبيدا،
لسنا حجر!!
"ستبدي لك الأيام ما كنت غافلا"
قالها ابن العبد يوما بوجه الملك.
ألا يا شيخنا استحي شيبتك !
صغارا لازلنا..
لكنا نتقن الأدب.
تؤنث المذكر،
تذكر المؤنث..
الرجولة احترام،
وظني بك مخنث.
تقول وتنسى،
تعيد الحرف
وترجف..
قلبي عليك
أصابك الخرف.
ابتلينا بقوم
يرون أن الله
اصطفاهم وحدهم للغناء..
صمتكم نشاز،
صوتكم بغاء !!
تجوفت عيونكم ،
تدلت بطونكم ..
زحفا إلى العلياء.
كبطون الطبول،
كما الأفاعي الرقطاء.
سلبتمونا اليوم
بحجة الكبر
كبار أنتم. .
بالمكر والدهاء
صغار بعيونكم نحن
لكن...
غدا لنا لقاء.

القراءة :
********
من حقك كشاعرة أن تنتقدي كل من لا يفطن ولا يرعوي ولا يستحي من ظلمه فيرى أن التكبر ميزة خاصة به وبأمثاله فيتباهى ويتعالى ولا يتقبل الرأي الآخر فيتعجرف أكثر ويسدل سرابيل الجهل ليستر بها وجه الشمس الذي تقابله كما قال الشاعر :
إذا ما رآني مقبلا غض طرفه ... كأن شعاع الشمس دوني تقابله
وما أكثر هذا النوع من البشر وما أشد عنجهيتهم وما أضيق رؤيتهم للأمور حتى أنه يصعب التحاور معهم والتواصل بالطريقة الهادفة الطبيعية ومن ثم بداية المأزق الذي يقوم فاصلا ومانعا من خلق حالة التعاون الجاد الذي من المفروض أن يكون وأن يركن إليه الجميع من أجل تحقيق الغرض المنشود من العلم ألا وهو التواضع
وفي الحديث النبوي الشريف : من تواضع لله رفعه الله )
قال بعض العلماء: الواجب على العاقل لزوم التواضع ومجانبة الكِبْر.
التواضع خَصلة حميدة لأن المرء كلما كَثُر تواضعه، ازداد بذلك رفعة.
وليتهم يفهمون فيسلمون ولا يتعنتون لأنهم يضرون أنفسهم أكثر من غيرهم ولا يظفرون بالسعادة لأن أسلوبهم الخاطئ والمنحرف يفسد عليهم ما يرغبون فيه ويتطلعون إليه فتنقلب حججهم التي يعتمدونها ضدا عليهم وبذلك ينعزلون عن المجتمع وإن جاملوه بالنفاق فإن تلك الحيل سرعان ما تظهر للعيان وتنكشف مساوئهم فينقلبون خاسرين ويقل المتعاطف والمنتصر لهم فمن ذا الذي يرضى أن يقف إلى جانب الظالمين من دون أن يحس بتأنيب الضمير وماأجمل
قولك : عجبنا لقوم سيدوا أنفسهم على البشر!
هذا يدل على أن الملام هنا على فعلته شخص لا يستحق الإحترام بل الذم حتى يرتدع ويعود إلى الصواب المطلوب
والمحبوب فغير ذلك لا يقبل ولا يسمح به
وهذه الشروط المعاملاتية تشترك فيها الإنسانية جمعاء لأن فيها التعايش بالحق والحقيقة وما دونها الصغار والإحتقار والهوان والشعر يعترض عن مثل هذا ويزيده توضيحا بنشر فكر الأخلاق المعتمدة عند العلماء الأجلاء الذين يسهرون على رفعة الإنسان وسموه واحترامه وعدم التنقيص منه لأنه لا يجوز في عرفهم ذلك ويعدونه من الآثام الغير مبررة التي يجب تنحيتها وتركها نهائيا
فهذا التعامل الغير لائق كان مرفوضا حتى في عصور الجاهلية ولم يقل به أهل التعقل والحكمة
فما بال البعض اليوم ينتهزون الفرص للإنقضاض بشراسة على من هم دونهم مرتبة أو مكانة بدعاوى واهية لا أساس لها من صحة الرأي وسلامته فيهولون بألسنتهم الأمر العادي ويضخمون تصوراتهم للموضوع البسيط وينفخون في كل شيء وينتفخون ٠٠ حتى يستغرب المرء من حالتهم المرضية ويتساءل عن دوافعها بحثا لهم عن عذر فلا يجده
ويبقى الحرج ولا مخرج لهم من هذا العقوق سوى الحساب والمعاقبة لتستقيم الحياة
بفضل قانونها العادل الملزم لكل كائن اتباعه والتعلق به رفضا للتسلط ودرأ للسيبة وحماية للنفس وحفاظا عليها من الضباع والضياع
القصيدة في عمومها لم تسكت عن الحق بل أشادت به وأعلنت عنه بقوة حرفها المتماسك العالي الكثافة و الإيجادة
وكما يقال القصيدة صورة فوتوغرافية قبل أن تكون خطابا لغويا وهذا رأيته يتوافق و يتحقق في أعمالك الشعرية كلها ٠
Écrire à Omar Hamdaoui
Aa

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى