د. يوسف حطيني - مِنْ مَقَامَاتِ طَرِيْدِ الزَّمَانِ الطَّبَرَانيّ(8) دُرَيْدُ بنُ الصِّمَة يُشَارِكُ في مُؤْتَمَرِ القِمَّة

(8)
دُرَيْدُ بنُ الصِّمَة يُشَارِكُ في مُؤْتَمَرِ القِمَّة


دخَلْنا هذَا المسَاءَ عَلَى الطَّرِيد، فَوَجَدْنَاهُ مُسَرْبَلاً بالحَدِيد، يلبَس لِبَاسَ الكَمِيِّ الهُمَام، ويَرِيشُ السِّهَام، وإذْ رَآنا هَبَّ قَائِلاً: أَهْلاً بالفُرْسَان، وَقَامَيَرْقُصُ بالرُّمْحِ والسِّنَان، ثُمَّ بَدَأَ يَلْعَبُ بالسَّيْفِ اليَمَاني، حَتَّى قُلْنا: لَقَدْ جُنَّ الطَّبراني، وإذْ تَرَكْناه مِنَالدَّقَائِقِ خَمْسا، تَعِبَوأشْبَعَنا لُهَاثاً وسُعَالاً وعَطْسا، وصَارَ يَنْتَفِضُ كَدِيكٍ مَذْبُوح، فَانْتَظَرْنَا لِتَهْدَأَمِنْهُ الأَنْفَاس،لنسْأَلَهُ عَنْسِرِّذَلِكَ اللِّبَاس.
ثمّ إنَّرَجُلاً مِنّا قَامَ نَحْوَه سَاعِياً، وقَالَ:"ذَكَّرْتَني الطَّعْنَ وكُنْتُ نَاسِيَا"، فَقَالَ طَرِيْدُ الزَّمَان:هَذا جُزْءٌ مِنَ الحِكَايَة، وانتظرْنَا سَاعةً زًمَنِيّة، حَتَّى بَدَأَ يَحُلُّ لنا تلكَالأُحْجِيَّة، التي حَوّلَتْ هَذا "الخِتْيَار" .. فَارِسَاً لا يُشَقُّ لَهُ غُبَار.
قَالَ طَريدُ الزَّمَان: كُنْتُ أَقْضِي سَاعَاتٍ مَرِيرة، أمَامَ شَاشَةِ الجَزِيْرَة، أَتَسَقَّطُ بُشْرَى تُثْلِجُ الصُّدُور، وتُبْرِدُ غُلَّةَ القَلْبِ المَحْرور، وإذا بالقَنَاةِ تَعْرِضُ جَانِباً مِنْ مُؤْتمرِ القِمّة، فَاسْتَبْشَرْتُ بزَوَالِ الغُمَّة، وأَذْهَلَني أنّي رأيْتُ بينَ الحَاضِرينَ دُرَيْداً بنَ الصِّمَة ، وقَدْ أَدْرَكَهُ الكِبَر، وَعَلاه القَتَر، وتَيَبَّسْت مِنْهُ الشَِفَاه، فَوَطَّنْتُ نَفْسِي عَلَى أنْ أبْحَثَ عَنْهُ حَتَّى أَلْقَاه، فَأَسْأَلَه عَنْ غَزِيَّة، وأناقِشَه فِيمَا طَرَأَ عَلَى القَضِيَّة.
ثُمَّ إنّي اِسْتَأْجَرْتُ رَكُوباً ويَمَمْتُ شَطْرَ هَوَازِن، في أيَامٍ عانيتُ خِلالهَا الحَرَّ والقرّ، إذْ أَقْبَل عَليَّ شُبَاط، الَّذِي لَيْسَعَلى كَلامِهِ رِبَاط،وعانَيْتُ الجُوعَ والخَصَاصَة، وتَعاوَرَتْ عَليّ أرْضُونَ خَصبةٌ طَرِيَّة، وأُخْرَى رَصْرَاصَة ، ودَعَوْتُ الحَكِيمَ العَزِيز، أنْ يَقِيَنِي شَرَّ مَا يَحْمِلُهُمَاءُ النَّاهُورِ وهَزيمُ الإِرْزِيز ، وأن يُلْهِمَني الصَّبْرَ عَلَى مَا عَزَمْتُ عَلَيْه، حَتَّى أوصَلَني عَزْمي إِلَيْه، فنَزَلْتُ عَنْ رَكُوبي وأَمْسَكتُ لِجَامَه، وكَانَ دريدٌ يَبْرِي سِهَاماً أَمَامَه، فَقُلْتُ لَهُ: أَنَا طَريدُ الزَّمَان الطَّبراني، وإذ ذاكَ قَامَ على كِبَره وحَيَّاني، وبادَرَني بابتسامَةٍ نَدِيّة، قائلاً: أَهْلاً بابنِ طَبَرِيَّة، تلك المدينةِ التي حَفِظَ النّاسُفي صُدورِهِم مَواويلَها، وذَكَرُوا في قَصَائِدِهم قَنَاديلَها ..
ثُمَّ إنّ الشَّاعِرَ الفارِسَ أكْرَمَني، فصَرَفَ عَنِّي شَبَحَ الجُوع، وجَاءَني بِحَشِيّةٍ، ولكنَّني رفَضْتُ الهُجُوع، فَقَالَ: تَتَحَدَّى الكَرَى وَقَدْ خَارَتْمِنْكَ القُوَى وفَتَرَتْ الهِمّة، قُلْتُ: مَا جِئْتُإلا لتُحَدّثَني عَمّا جاءَبِكَ إلى مُؤْتَمَرِ القِمَّة، قَالَ:دَبَّرْتُ رَأْسِي في أَحَدِ الوُفُود، بَعْدَ أنْ حَلَفْتُ لهم بالتزامِ العُهُود، وَحِينَاشتَرَطُوا عَليَّ أَنْ أكْتَفِيَبِصِفَةِالمُرَاقِب، لم أستَطِعْ أنْ أُغَالِب.قُلْتُ: فَحَدّثْني عَن إِحْدَى الجَلَسَات، فَقَال:
تبادَلْنا القُبَلَ مَع أَصْحَاب الجَلالةِ والسَّعادةِ والنّيافة، وشَكَرْنا صَاحِبَ الدَّارِ عَلَى حُسْن الضِّيَافَة، وشَدَّدْنا على مَلاحقةَ الجَماعَاتِ المارِقَة، وأكّدْنا قَرَاراتِ القِمَمِ السَّابقة، وطالبْنا بِعَمَلِ جَميعِ اللِّجَان فورَ تشكيلِها، ودَعَوْنا إلى ضَرورةِ تَفْعيلِها..
فقُلْتُ مِن فَوري: وَدَعَوْتم لتَفْعِيل المبَادرةِ العَرَبيّة التي أقَرَّتها قِمَّةُ بيروت ، وقُلْتُم: "لا يَفْنى الغَنَمُ ولا الذّئْبُ يَمُوت"، واستَنْكَرْتُم الإِرْهَابَ الَّذِي يَسْتَهْدِفُ المَدَنِيّين، وأدَنْتُم الحَرْبَ الإسرَائِيليَّةَ عَلَى لُبْنَانَوغَزَّةَ وجِنين، وَمَا انْفَرَطَ عِقْدُ المجْلِس حَتَّى أوْصَى.. بشَجْبِ الاعتِدَاءَاتِعَلَى حُرْمَةِالمَسْجِدِ الأقْصَى، وتَوْجِيهِتحيّةِالاِعْتِزَازِ والإِكْبَارِ إِلَى الشَّعْبِ العَرَبيّفي فِلَسْطِيْنَ ولُبْنَان، وفي هَضْبةِ الجُولان، مُشِيدِينَ بتَمَسُّكُهِ بالهُوِيَّةِ الوَطَنِيَّة، دَاعِينَ إلى تَعزيزِ التّضامُنِبينَ البِلادِ العَرَبيَّة.
ثم تابَعْتُ في اضْطِراب، وهَوَ يَنْظُرُ إليَّ في دهَشٍ واسْتِغْرَاب:
كَمَا عَالجتُمقَضَايَا الخِلافَ مُعَالجةً لُغَويَّة، تَفَادِياً لأيّةِ تَوَتُّراتٍقَدْ تُهَدِّدُ الوَحدةَ القَوميَّة، ولجَأتمفِيْهَا إلى المَهَادَنَة، واكتَفَيْتُم بعِبَارَاتِالمُدَاهَنة، ودبَّجْتُم عِبَارَاتٍمُلْتَبسةً لا تُزْعِجُ العَدُوَّ ولا الصَّدِيق، واتخَذْتُم قَرَارَاتٍ لا تَجِدُ طَرِيقَهَا إلى التَّطْبِيق.
قَالَ دُرَيد: كَأنَّكَ كُنْتَ مَعَنَا، فَفِيمَإِلحَافُك في السُّؤَال، وأَنْتَ أعلَمُ منّي بالحَالِ والمَآَل؟
قُلْتُ: "هَذَا مَا شَابَتْ لَهُ سُودُ النَّوَاصِي، وعَرَفَهُ الدَّاني والقَاصِي، ولَكِنَّنِي سَألتُكَ عَن الجَلَساتِ المُغْلَقَةِ حَيْثُ يَحْمَى الوَطِيس، وَرَاءَ الكَوَاليس، فَهَلّا حَدّثْتَني عَنْ جَلسةٍ شَهِدَتْ حِوَاراً عَاصِفاً، هَذَا إذَا لم تَكَنْ خَائِفاً!!. وإذْ ذَاكَ انتَفَضَ لِيَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ تِلْكَ السُّبة،وَكَأنَّما ضَرَبْتُهُ عَلَى رَأسِهِبالإِرْزَبّة :
"لَقَدْ غَزَوْتُ مِائَةَ غَزَاةٍ أو يَزِيد، فَمَا كُنْتُ بهيّابٍ ولا رِعْديد، وكُنْتُ أَشُلُّ القَوْمَ بالسَّيفِ فيَذْهَبُونَ شِلالا، ولا يُطِيقُونَ نِضَالا، فَكَيْفَ أَخْشَى الأَثَام، بِسَبَبِ مَا أَقُولُهُ مِنَ الكَلام؟"
ثُمَّإِنَّه استَنْفَرَ للقِيَام، فَتَمَسَّكْتُ بِهِ مُعْتَذِرا، فَهُوَ أطولُ الفُرْسَانِ غَزْواً، وأَبْعَدُهُم أثَرا، وهُوَ أيمنُهُم نَقِيبةً وأكثَرُهُم ظَفَرا، وإذْ عَادَ إليهِهُدُوءُ الحَال، نَظَرَ إليّ في ابتِسَامٍ، وَقَال:
لَوْ لم تَكُن ابنَ طَبَرِيّة الَّتي قَالَ فِيهَا عِمَادُ الدِّينِ الأصْفَهَاني :
وقَدْطَابَريّاناًعَلَىطَبَرِيَّةٍفَيَاطِيبَهارِيّاًوَيَاحُسْنَهامَرْسى
لأوْكَلْتُ أمْرَكَ إلى غَيْرِي، وقُمْتُ مِنْ فَوْرِي، فَقُلْتُ: وهَلْ زُرْتَها فَأَعْجَبتْكَ مَغَانيها؟ وَهَلْ رَأَيْتَبُحَيْرَتَها لَيْلاً، وَنَظَرْتَ فَرَأيْتَ النُّجُومَ في نَوَاحِيها، حَتَّى حَسِبْتَ سَمَاءً رُكِّبتْ فِيْها؟ ، قال:لم أَشْرُفْ بِزِيَارَةِ تِلْكَ المَغَاني، فَحَدِّثْني عَنْها أيُّها الطَّبَرَاني.وَمَا زِلْتُ أُحَدِّثُه عَنْهَا بِقَلْبٍ مُشْتاق، للأرْضِ والمَاءِ والرِّفَاق، حَتَّى أطَلْتُ المَقَال، ثمَّ ألحَفْتُ عَلَيْه مِنْ جَديدٍ بالسُّؤال،فَحَدِّثْني عَمّا يَجْرِي في الجَلَسَاتِ المُغْلَقة، في اِجْتِمَاعَاتِ أصحَابِ السُّلطةِ المُطْلَقة، فَقَالَ دُرَيدٌ:
طَلَبْتُ في إِحْدَى الجَلَسَاتِ أنْ أقرَأَ لهم قَصِيدة، فَحَدَجَني أَحَدُهُم صَارِخاً: إنها مَكِيدة، وَمَا أنتَ إلا عضوٌ مُراقِب، مِنْ حَقِّكَ أنْ تَغْدُوَ وَتَرُوح، وتَضْحَكَ وتَنُوح، ولَكِنَّالاِشْتِرَاكَبالشِّعْرِ غيرُ مَسْمُوح، ثمّ إنَّ وَقْتَنَا مِنْ ذَهَب، فهل نهدُرُهُ في سَمَاعِ الشِّعْرِ والأدَب؟
وبَعْدَ صِيَاحٍوهِيَاج، وصَرَخَاتِ احتِجَاج، قَالَ أَحَدُهُم: هَاتِ مَا عِنْدَكَ بِاخْتِصَار، وَلا تَلْجَأْ للَّمْزِ مَكَانَ الإبانَة، حَتَّى لا نُعِيدَكَ إلى بَطْنِ رَيْحَانة ، فَغَفَرْتُ لَهُ بَذَاءَةَاللّسَان، حَتَّى لا يُشَقَّ صَفُّ غَسّان وعَدْنَان، ولَوْلا ذَلِكَ لبَعَجْتُ بَطْنَهُ بالسِّنَان، ثم إني قَرَأتُ أبياتاً شِعْرِيّة، مِنْ قَصِيدةٍ دَاليَّة، كُنْتُ قَدْقُلْتُها في الرِّثاء، بَعْدَمَا رَافَقْتُ أخِي في الضَّرَّاء، ومَطْلَعُهَا:
"أَرَثَّ جَديدُ الحَبْـلِ مِـنْ أُمِّ مَعْبَـدِ؟"
فَقُلْتُ، وقَد تدفَّقَتْ عَلَى خَاطِري قَوَافِيها: أهي الفَريدةُالتي تَقُولُ فيها:
وَهَلْ أنا إلا مِنْ غَزِيّةَ إنْ غَـوَتْ غَوَيْتُ، وإنْ تَرْشُدْ غَـزِيَّةُ أَرْشُـدِ
دَعَاني أَخِي، والخَيْلُ بَيْنِي وَبَيْنَـهُ فَلَمَّا دَعَاني لَـمْ يجدْنـي بِقُعْـدَدِ
تَنَادَوْا فَقَالُوا: أردَتِ الخَيْلُ فَارِساً فَقُلْتُ: أَعَبْدُ الله ذَلِكُـمُ الـرَّدِي؟؟
نَظَرْتُ إِلَيْـهِ.. والرِّمَاحُ تَنُوشُـهُكَوَقْعِ الصَّياصِي في النَّسيجِ المُمَـدَّدِ
فَطَاعَنْتُ عَنْهُ الخَيْلَ، حَتَّى تَنَهْنَهَتْوَحَتّى عَلاني حَالِكُ اللَّـوْنِأسْوَدِي
فَقَالَ: هِيَ بعيْنِهَا، وَقَدْ اِسْتَقْبَلَ أَحَدُهُم القَصِيدَةَ بالبُكَاء، وُجُوبهتْ بِاسْتِياءِ عَشْرةِ أعْضَاء، ولاقَتْ استِحْسَانَ أربعةٍ بِتَصْفيقٍ حَارّ، فَهِيَ تحُضُّ عَلَى حِمَايَةِ الذِّمَار، بَيْنَمَا امتَنَعَ الآخَرُونَ عَن الاستِهْجَانِ أو التَّصْفِيق، حَتَّى لا يُحْسَبوا عَلَى أَيِّ فَرِيق، وَكَانَ أَشَدَّ مَا أثَارَالاستِهْجَان، وضَاعَفَالهيَجَان، إصْرَاري عَلى دَعْم غَزِيّة، بمقَوِّماتِ الصُّمُودِ المَاديَّة والعَسْكَريّة، حَتَّى قَالَ مِنْ بينِهِم قَائِل: أيّها السَّافل! ما أدخَلَكَ في هَذَا المُعْتَرَك، فَقُلْتُ: أعبِّرُ عَنْإعْجَابي باتّفاقيَّة الدِّفَاعِ العَرَبيّ المُشْتَرَك. فَقَالَ:هَذا خِطَابٌ تحريضيٌّ مُتَطَرِّف، وأَنْتَ تهرِفُ بما لا تَعْرِف، قُلتُ: بَلْ قَرَأتُ تِلْكَ الاِتِّفَاقِيَةَ بتَفَاصِيلِها، وعُنيتُ بحِفْظِها وفَهمِهَا وتأصيلِهَا، فَوَقَرَتْمَعَانِيْها في قَلبي، وَمَا أحضَرْتُ شيئاً من جيبي
ثمَّ استَمَرَّ الصُّراخُ وتَرَاشُقُ الآرَاء، حَتَّى سَقَعَ ديكُهُم لِطَعَامِ العَشَاء، فَنَسِيَ الجَمِيعُمسائِلَ الخِلاف، وانْطَلَقُوا لمَلْءِ الصِّحَاف، بِكُلِّ ما يُبْهِجُ العُيون، ويملأُ البُطُون.
قُلْتُ، وَقَدْ استَنْفرَتْ مَعِدَتي رَائِحَةُ الكَلِمَات، وهَلْ تَرَى أيَّ أمَلٍ فِيمَا يَلِي مِن مُؤْتمَرَات؟
فهَرْمَسَ وعَبَس، وصَمَتَ ومَا نَبَس، حَتَّى ظَنَنْتُ أنَّ مَنِيَّتَهُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِيد، غَيْرَ أنّهُ استَأنَفَ كَلامَهُ مِن جَدِيد:
لعلّ مِنَ المفارقَاتِالّتِي تُدْمِي القَلْبَ الكَسِير، أنْ تَنْجَحَ في زَمَنٍ قَصِير، جَمَاعَاتٌأورُوبِيَّة، وَأَمْرِيكِيَّةٌلاتِينيَّة، في تَحْسِيْنِ ظُرُوفِهَا،وَرَصِّ صُفُوفِها،نَحْوَ التَّكَامُل التِّجَارِي والسِّيَاسِي، فِيمَا تُفَكِّر جمَاعَاتُنا بالكَرَاسِي،عَلَى الرُّغمِ مِن أنَّ الآخَرِيْنَ لم يَتَقَاسَمُوا مِثْلَنَا التَّارِيخَ والثَّقافَةَ وهُمُومَ الإنسَان، ولم تجمَعْ بينَهُم لُغَةُ الأدَبِ والبَيَان.
قُلْتُ:فَحَدِّثني إذاً عَمّا تَجْنِيْهِ الأُمّة مِنْ مُؤتَمَرَاتِ القِمّة. فَقَالَ دُرَيْدٌ:
لم تستَطِعْهَذِهِالمُؤْتَمَرَاتُالَّتي رَبَتْعَلَى الثَّلاثين، أنْ تُقَرِّبَالمصَالحَ بينَ الأقْرَبين، وأَنْ تُقْنِعَ مُلُوكَ الطَّوَائِف، بتَوْحِيدِالمَوَاقِف، ولم تَقْدِرْ عَلَى إنهَاءِلَوَاعِجِالرِّيبةِبَيْنَ الأشِقَّاء، وَلا أَنْ تُزَحْزِحَ مَشَاعِرَ الثِّقَةِ بالأعْدَاء، وإذَا اِسْتَمَرَّت الأَحْوَال، عَلَى هَذا المِنْوَال، فَلَنْ تَسْتَطيعَ الاجتِمَاعَاتُ أن ترفَعَ شَأْنَ العَرَب، إذْ إِنَّكَ "لا تَجْنِي مِنَ الشَّوْك العِنَب".
ثُمَّ إنَّ طَرِيدَ الزَّمَان صَام، ولم يَجُدْ عَلَيْنا بمَزِيدٍ مِنَ الكَلام، حَتَّى سَأَلْنَاهُ عَن المقَامةِ القَادِمَة، فَقَالَ: تَأْتُونَ أيُّهَا الرِّفَاق، فَأُحَدِّثُكم عَنْ "نُزْهَةِ المُشْتَاق في اجتِيَازِ الأَنْفَاق".

21/2/2009

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى