(62)
الإبل (اِلْبِلّْ)
الجزء الثالث "الرَّاحْلَه"
أنواع الْأرْحُلِ والغُبُطِ
"الرَّاحْلَه" مَرْكَب الرّجُل على البعير.
قد يظنّ كثير من الناس أنّ الأَرْحُلَ والغُبُطَ من صنع أهل البوادي وذلك لارتباط استخدام الإبل بالبادية في هذا العصر. لكنّ الحقيقة هي أنّ الناس كانوا في الزمن القريب وفي المُدُنِ والحواضر العريقة يعتمدون على الإبل في معظم تنقلاتهم كلها وبالتالي كانت الخبرة التراكمية للفنّيين الفارهين على امتداد آلاف السنين وخلصوا إلى أروع وأجمل مركب متمثلا في "الراحله العبيدية" التي هي المركب الرسمي لمجتمع البيظان وأقرب مايشبهها هو مركب أشقائنا التوارگ ولاغرابة في ذلك فهم الأهل وهم الجيران.
رحم الله أجدادنا جميعا من المؤمنين والمؤمنات وأخص ههنا أجدادنا من "لِمْعَلّْمين ؤ لِمْعَلّْمَات" الذين كانوا يعملون دون كلل ولا ملل صابرين محتسبين ولقد برعوا بإتقان وقدرة فائقة في صناعة الأَرْحُلَ والغُبُطَِ فأصبحت قطعا فنّيّة جميلة بتصاميم هندسية مدروسة للوصول إلى غاية الرفق بالبعير وراحة راكبه وضمان سلامته.
"أَرَاعِي ابْجَاوِي حَنكُو لَاوِي" من مشاغبات الأطفال إذا رأوا رجلا يركب جملا مُرَحَّلًا....
اِبْجَاوِي: والجمع بِجْوَانْ، وهو للإبل كالفارس للخيل. والكلمة تطلق على الراكب الجَمَلَ مُرَحَّلًا وأمّا راكب الجملِ المُحمَّل بالمتاع فلايُسمّى ابجاوي حسب فهمي.
وهذه الكلمة تحمل في طيّاتها كثيرا من المفاخر التي تحتفظ بها الذاكرة الشعبية لأهل هذه البلاد.
ماهو أصل هذه الكلمة؟ هل هي نسبةً إلى الإبل البُجاوية الجميلة المشهورة في أرض النّوبة أم أنه مُشتقّ من الكلمة الأمازيغية أَبْجَاوْ؟ وتعني الإبل المهريّة.
أورد الأستاذ الكبير محمد شفيق في معجمه عند كلمة مهر.
الإبلُ المَهْرِيَّةُ =ئِبْجَاوْنْ (جمع مفرده: أَبْجَاوْ)
ومَرْكبُ لِبْجَاوِي نُسَمِّيهِ "الرَّاحْلَة"، والجمع "الرّْواحلْ" وسوف نبيّن تسمية أجزائها في هذه الحلقة.
والرجاء منكم المساعدة في التصحيح والاستدراك لأنني أعتبر كلّ ذلك مفيدا جدا لصون هذه الكنوز الثمينة من تراثنا.
#اِلرَّاحْلَة: براء مفتوحة مغلظة والحاء ساكن، والجمع "اِلرّْوَاحِلْ" وهي لها لوازم ملحقة بها نسميها "اشْرُوطْ اِلرَّاحْلَة" لايمكن الاستغناء عنها للراكب، وتطلق الكلمة عليها مُفردة وعليها مع لوازمها. والظاهر أن أصل هذه الكلمة ليس إلا الرّحل المعروف ومدّ وسط الكلمة كمدّ الراء هنا ليس غريبا في الحسّانيّة التي تتميّز بقصر آخر الكلمة دائما. وأما التأنيث هنا فهو فلسفة أخرى في الحسّانيّة حيث تذكير أدوات النساء وتأنيث أدوات الرجال مثل آردين للمرأة والتيدنيت للرجل.
1- أَگَرْبُوصْ والجمع آگْرَابِيصْ ومنّا من يقول اِلْگَرْبُوصْ لِگْرَابِيصْ، والراء في هذه الكلمة مغلظة. أَگَرْبُوصْ هو الجزء الأماميّ من الراحلة أي مُقَدَّمُها ورأسه يأتي بين فخذي الرّاكب حتّى أصبحت كلمة أَگَرْبُوصْ علما عليه.
والكلمة أصلها فصيح وهو القَرَبُوسُ رغم أن القربوس خاص بسرج الفرس وأما في الرحل فهو الواسط.
جاء في القاموس المحيط:
القَرَبُوسُ، كحَلَزونٍ، ولا يُسَكَّنُ إلا في ضَرورَةِ الشِّعْرِ: حِنْوُ السَّرْجِ، وهما قَرَبوسانِ ج: قَرابيسُ.
ورد في لسان العرب:
وللرحْلِ شَرْخانِ وهما طَرَفاه مثل قرَبُوسَيِ السَّرْج، فالطرَفُ الذي يلي ذنب البعير آخِرةُ الرحل ومُؤْخِرَتُه، والطرف الذي يلي رأْس البعير واسِطُ الرحل، بلا هاء.
2- اِصْفِفْ اِلرَّاحْلَه، هذا جمع مفرده "صَفَّه" وهما اللوحان الذان يُكَوِّنَان ميمنة وميسرة "اِلرَّاحْلَه".
جاء في لسان العرب:
وصُفَّةُ الرَّحْلِ والسَّرْجِ: التي تَضُمّ العَرْقُوَتَينِ والبِدادَينِ من أَعْلاهما وأَسفلهما، والجمع صُفَفٌ على القياس.
3- تَنَتْفَرْتْ: وهي بحجم الصُّفّة إلا أنها في الخلف عند ظهر الراكب يستند إليها.
"تَنَتْفَرْتْ" مؤنث والمذكر "أَنَتْفَرْ" وتعني التابعة، ولابد أنكم تعرفون في الحسّانيّة فعل "يِتْفِرْ" بمعنى تبعَ.
والكلمة أصلها من لغة صنهاجة حيث أخبرني الأستاذ أحمدو إسماعيل فقال:
يِـتْـفَـرْ : تبع / أَنَـتْـفَـرْ : التابع / أَنَـتْـفَـرْ : التابع / تَـنَـتْـفَـرْتْ : التابعة.
والعرب تسميها المُؤْخِرة أو الواسط.
ورد في لسان العرب:
ومُؤْخِرَةُ الرَّحْل ومُؤَخَّرَتُه وآخِرَته وآخِره، كله: خلاف قادِمته، وهي التي يَسْتنِدُ إِليها الراكب.
وورد في لسان العرب:
وفي الرحل واسِطُه وآخِرَتُه ومَوْرِكُه، فواسطه مُقَدَّمه الطويل الذي يلي صدر الراكب، وأَما آخِرته فمُؤخرَته وهي خشبته الطويلة العريضة التي تحاذي رأْس الراكب، قال: والآخرةُ والواسط الشرْخان. اهـ
أقول وهو هنا يصف الرّحلَ في زمانه ومكانه وإن كان يختلف عن التحفة الفنّيّة التي عندنا إلا أنّ الأجزاء هي نفسها رغم اختلاف طولها وعرضها رغم تطابق دورها في الحفاظ على سلامة الرّاكب.
4- لِمْرَاشِيگْ: جمع مفرده مَرْشُوگْ على قياس مَرْسُولْ / اِمْرَاسِيلْ. وهما الدِّعامتان عن يمين وشِمال اِلرَّاحْلَه يجمع كل واحد منهما الصُّفَّة بالقاعدة بطريقة هندسية رائعة بزاوية تقارب مائة وخمسين درجة يستعصي تكسيرها وتوفّر أمانا للرّاكب.
والفعل "يِرْشِگْ" والراء ساكنة مرققة ويحضرني لهذا الجذر استخدامان، أولهما "رَشْگَه امْنِ السّْحَابْ" وهي مطر يأتي لوقت قصير ولكنه بغزارة فيشبهونه بِرَشْقِ النّبْلِ. والاستخدام الثاني طريقة وضعك العصا، فإن وضعتها أرضا قالوا "مَطْرُوحَة" وإن كانت في وضع عمودي قالوا "مَرْشُوگَة" براء ساكنة مرققة أي أنها تحمل معنى الرَّشَاقَة. وإذا كان الإنسان ذا طول معتبر في قامته قالوا "ابْرَشِگْتُو"
5- الْغِرْبَانْ أو اِمْگَاعِدْ اِلرَّاحْلَه:
اِمْگَاعِدْ اِلرَّاحْلَة: هذا جمع مُفرده مَگِعْدَه بفتح الميم وكسر الكاف المعقودة وتسكين العين، والمَگِعْدَه من كل شيء مايلامس منه مكان قعوده وهي السافلة في الإنسان.
الْغِرْبَانْ: وبعضنا يسمّيها "الْغِرْبَانْ" وهي جمع كذلك لكلمة "اغْرَابْ" براء مفتوحة مرققة.
والغُرَابانِ في الفصحى تعني المَقْعَدَةَ من الإنسان أي السّافِلَة وهي الجزء الذي يلامس الكرسيّ عند الجلوس عليه. والمثنّى يُؤْتَى به جمعا في الحسّانيّة مثل "الصِّيگَانْ" للسّاقين، و "الرّْكَابِي" للرّكبتين وكذلك "الْغِرْبَانْ" للْغُرابين الاثنين.
وفي الحسّانيّة تعبير "اِشْطَانِة لُورِكْ" وهي أسفله حيث يلتقي بالفخذ، ولايخفى عليكم المعنى المشترك بين غَرَبَ وشَطَنَ، وإن كانت غرب للناظر إلى الأفق وشطن للناظر إلى قعر أو قاع بعيد.
وعند وضع اِلرَّاحْلَة على "اِللِّبْدَه" فوق ظهر البعير فإن الجزأين الذين يلامسان "اِللِّبْدَه" هما "الْغِرْبَانْ أو اِمْگَاعِدْ اِلرَّاحْلَة"
جاء في لسان العرب:
والمَقْعَدَةُ السافِلَةُ.
جاء في القاموس المحيط:
والغُرَابانِ: طَرَفا الوَرِكَيْنِ الأَسْفَلانِ يَلِيانِ أعالي الفَخِذِ.
وجاء في لسان العرب:
والغُرابانِ، من الفَرس والبعير: حَرفا الوَرِكَينِ الأَيْسَرِ والأَيمنِ، اللَّذانِ فوقَ الذَّنَب، حيث التَقَى رأْسا الوَرِكِ اليُمْنى واليُسْرى، والجمع غِربانٌ. اهـ
أقول: هذا المكان من الدابة بالحسانيّة يُسَمَّى "أَحَرْجُوجْ" براء مرققة.
6- اِللِّبْدَة: وهي معروفة وأصلها فصيح إلا أنّ المعاجم توردها اسما مذكرا وهو اللِّبْدُ، والعرب تسمي اللِّبْدَ تحت رحل البعير تسمّيه الحِلْسَ.
جاء في لسان العرب: واللِّبْدُ من البُسُط: معروف، وكذلك لِبْدُ السرج.
وجاء في لسان العرب أيضا: من متاع الرحل البرذعة، وهو الحِلْس للبعير.
7- لِحْلَـگْ: جمع مفرده حَلْـگَه واللام مغلظة والمقصود الحَلْقَةُ والْحِلَقُ.
جاء في لسان العرب:
والحَلْقَةُ كلُّ شيءٍ استدار كحَلْقةِ الحديد والفِضّة والذهب.
8- اِلْغِرْظَه: وهي الحبل الأهمّ في "الشّْرُوطْ" حيث تَشُدّ اِلرَّاحْلَه على غارب البعير من حِلَق المقعدة اليمنى إلى اليسرى تمرّ تحت صدر الجمل. وربطها هو "شَدّْ الرّاحلة"
جاء في لسان رالعرب:
الغَرْضُ: حِزامُ الرَّحْلِ، والغُرْضةُ كالغَرْضِ، والجمع غُرْضٌ مثل بُسْرةٍ وبُسْرٍ وغُرُضٌ مثل كُتُبٍ. والغُرْضةُ، بالضم: التَّصْدِيرُ، وهو للرحْل بمنزلة الحِزامِ للسَّرْج والبِطان للقتب.
9- آسْفِلْ أو لِكْشَاطْ:
آسْفِلْ وجمعه ئِسِفْلَانْ وهو حبل غليظ مفتول من سيور جلد البَقر أو الإبل وهو يثبت اِلرَّاحْلَه في مكانها فلا تتقدّم عن مكانها والسنام يمنعها من التأخر فيحفظها مسندا لها على السنام. وله مهمّة أخرى وهي تثبيت ماعلى كَفَلِ الجمل من متاع أو رِدَافٍ مريح للرّديف. آسْفِلْ يدور بالراحله ثم تُشَدّ به في بطن البعير مما يلي ثِيلَهُ. وشَدّه هو "اِلتّْشَوْمِي" نقول "راحله مُشَوْمْيَه" والعرب تُسميه حَقَبًا.
ونسمع عبارة مُتداوله عند شدّه وهي "عِسّْ اعْلَ اكْرَابْ الجّْمَلْ" والمقصود احذر أن يأتي الحبل على جراب ثيله. فهل المقصود ب"اكراب" الجراب، وقلبت الجيم كافا؟
بعضنا يسمّيه "آسْفِلْ الرّاحْلَه" وبعضنا يسمّيه "اِكْشَاطْ الرّاحْلَه"
آسْفِلْ: كلمة صنهاجية أوردتها المعاجم الأمازيغية ولكن بالزاي
جاء في معجم أماوال:
أَزْفْلْ: الفَتِيلَةُ منْ سُيُور/ والجمع ئزفلان.
لِكْشَاطْ: أصلها فصيح والفعل منها بالحسانية بالكاف المعقودة "يَگْشَطْ، ئِگَشَّطْ"
جاء في المعاجم العربية: الكِشَاطُ : جِلْدُ الجَزُورِ بَعْدَمَا يُكْشَطُ.
جاء في لسان العرب:
الحَقَبُ، بالتحريك: الحِزامُ الذي يَلِي حَقْوَ البَعِير.
وقيل: هو حَبْلٌ يُشَدُّ به الرَّحْلُ في بَطْنِ البَعِير مـما يلي ثِيلَه، لِئَلاَّ يُؤْذِيَه التَّصْديرُ، أَو يَجْتَذِبَه التَّصْديرُ، فَيُقَدِّمَه؛ تقول منه: أَحْقَبْتُ البَعِيرَ.
جاء في لسان العرب:
من أَدَواتِ الرَّحْلِ الغَرْضُ والحَقَبُ، فأَما الغَرْضُ فهو حِزامُ الرَّحْلِ، وأَما الحَقَبُ فهو حَبْلٌ يَلِي الثِّيلَ.
جاء في الصحاح:
والتَصْديرُ الحزامُ، وهو في صَدْرِ البعير، والحَقَبُ عند الثيلِ.
10- ئِلِوِيشْ: وهو الطِّنفسة أو الفرش الذي يفترش في الرَّاحْلَه، وهو معروف جدا حيث يُصلّى عليه كذلك وهو جلدُ شاة ضأن مدبوغٌ دون نزع صوفه.
الكلمة أصلها صنهاجي.
جاء في المعاجم الأماريغية: ئليوْش المَسْكُ، الجِلْدُ.
وقد يركب الرجل مانسميه "لِكْتَبْ" والمقصود به القَتَبُ ولكنه نادر وقليل استخدامه أمام الراحلة التحفة الفنية الفاخرة.
وإذا ركب الرجل دون "راحله" أو "اكْتَبْ" قلنا "ارْكَبْ لِمْلَطْ أو اركب ابْلِمْلَطْ.
ومما لفت انتباهي كثرة ركوب المشارقة على عجز البعير خلافا لنا حيث نركب الغارب دائما.
ومن حبّنا للراحلة فإنّ الواحد منّا ينادي صاحبه المحبب إليه بالراحلة.
وفي الحلقة القادمة الحديث عن مراكب النساء من غُبُطٍ إن شاء الله.
www.facebook.com
الإبل (اِلْبِلّْ)
الجزء الثالث "الرَّاحْلَه"
أنواع الْأرْحُلِ والغُبُطِ
"الرَّاحْلَه" مَرْكَب الرّجُل على البعير.
قد يظنّ كثير من الناس أنّ الأَرْحُلَ والغُبُطَ من صنع أهل البوادي وذلك لارتباط استخدام الإبل بالبادية في هذا العصر. لكنّ الحقيقة هي أنّ الناس كانوا في الزمن القريب وفي المُدُنِ والحواضر العريقة يعتمدون على الإبل في معظم تنقلاتهم كلها وبالتالي كانت الخبرة التراكمية للفنّيين الفارهين على امتداد آلاف السنين وخلصوا إلى أروع وأجمل مركب متمثلا في "الراحله العبيدية" التي هي المركب الرسمي لمجتمع البيظان وأقرب مايشبهها هو مركب أشقائنا التوارگ ولاغرابة في ذلك فهم الأهل وهم الجيران.
رحم الله أجدادنا جميعا من المؤمنين والمؤمنات وأخص ههنا أجدادنا من "لِمْعَلّْمين ؤ لِمْعَلّْمَات" الذين كانوا يعملون دون كلل ولا ملل صابرين محتسبين ولقد برعوا بإتقان وقدرة فائقة في صناعة الأَرْحُلَ والغُبُطَِ فأصبحت قطعا فنّيّة جميلة بتصاميم هندسية مدروسة للوصول إلى غاية الرفق بالبعير وراحة راكبه وضمان سلامته.
"أَرَاعِي ابْجَاوِي حَنكُو لَاوِي" من مشاغبات الأطفال إذا رأوا رجلا يركب جملا مُرَحَّلًا....
اِبْجَاوِي: والجمع بِجْوَانْ، وهو للإبل كالفارس للخيل. والكلمة تطلق على الراكب الجَمَلَ مُرَحَّلًا وأمّا راكب الجملِ المُحمَّل بالمتاع فلايُسمّى ابجاوي حسب فهمي.
وهذه الكلمة تحمل في طيّاتها كثيرا من المفاخر التي تحتفظ بها الذاكرة الشعبية لأهل هذه البلاد.
ماهو أصل هذه الكلمة؟ هل هي نسبةً إلى الإبل البُجاوية الجميلة المشهورة في أرض النّوبة أم أنه مُشتقّ من الكلمة الأمازيغية أَبْجَاوْ؟ وتعني الإبل المهريّة.
أورد الأستاذ الكبير محمد شفيق في معجمه عند كلمة مهر.
الإبلُ المَهْرِيَّةُ =ئِبْجَاوْنْ (جمع مفرده: أَبْجَاوْ)
ومَرْكبُ لِبْجَاوِي نُسَمِّيهِ "الرَّاحْلَة"، والجمع "الرّْواحلْ" وسوف نبيّن تسمية أجزائها في هذه الحلقة.
والرجاء منكم المساعدة في التصحيح والاستدراك لأنني أعتبر كلّ ذلك مفيدا جدا لصون هذه الكنوز الثمينة من تراثنا.
#اِلرَّاحْلَة: براء مفتوحة مغلظة والحاء ساكن، والجمع "اِلرّْوَاحِلْ" وهي لها لوازم ملحقة بها نسميها "اشْرُوطْ اِلرَّاحْلَة" لايمكن الاستغناء عنها للراكب، وتطلق الكلمة عليها مُفردة وعليها مع لوازمها. والظاهر أن أصل هذه الكلمة ليس إلا الرّحل المعروف ومدّ وسط الكلمة كمدّ الراء هنا ليس غريبا في الحسّانيّة التي تتميّز بقصر آخر الكلمة دائما. وأما التأنيث هنا فهو فلسفة أخرى في الحسّانيّة حيث تذكير أدوات النساء وتأنيث أدوات الرجال مثل آردين للمرأة والتيدنيت للرجل.
1- أَگَرْبُوصْ والجمع آگْرَابِيصْ ومنّا من يقول اِلْگَرْبُوصْ لِگْرَابِيصْ، والراء في هذه الكلمة مغلظة. أَگَرْبُوصْ هو الجزء الأماميّ من الراحلة أي مُقَدَّمُها ورأسه يأتي بين فخذي الرّاكب حتّى أصبحت كلمة أَگَرْبُوصْ علما عليه.
والكلمة أصلها فصيح وهو القَرَبُوسُ رغم أن القربوس خاص بسرج الفرس وأما في الرحل فهو الواسط.
جاء في القاموس المحيط:
القَرَبُوسُ، كحَلَزونٍ، ولا يُسَكَّنُ إلا في ضَرورَةِ الشِّعْرِ: حِنْوُ السَّرْجِ، وهما قَرَبوسانِ ج: قَرابيسُ.
ورد في لسان العرب:
وللرحْلِ شَرْخانِ وهما طَرَفاه مثل قرَبُوسَيِ السَّرْج، فالطرَفُ الذي يلي ذنب البعير آخِرةُ الرحل ومُؤْخِرَتُه، والطرف الذي يلي رأْس البعير واسِطُ الرحل، بلا هاء.
2- اِصْفِفْ اِلرَّاحْلَه، هذا جمع مفرده "صَفَّه" وهما اللوحان الذان يُكَوِّنَان ميمنة وميسرة "اِلرَّاحْلَه".
جاء في لسان العرب:
وصُفَّةُ الرَّحْلِ والسَّرْجِ: التي تَضُمّ العَرْقُوَتَينِ والبِدادَينِ من أَعْلاهما وأَسفلهما، والجمع صُفَفٌ على القياس.
3- تَنَتْفَرْتْ: وهي بحجم الصُّفّة إلا أنها في الخلف عند ظهر الراكب يستند إليها.
"تَنَتْفَرْتْ" مؤنث والمذكر "أَنَتْفَرْ" وتعني التابعة، ولابد أنكم تعرفون في الحسّانيّة فعل "يِتْفِرْ" بمعنى تبعَ.
والكلمة أصلها من لغة صنهاجة حيث أخبرني الأستاذ أحمدو إسماعيل فقال:
يِـتْـفَـرْ : تبع / أَنَـتْـفَـرْ : التابع / أَنَـتْـفَـرْ : التابع / تَـنَـتْـفَـرْتْ : التابعة.
والعرب تسميها المُؤْخِرة أو الواسط.
ورد في لسان العرب:
ومُؤْخِرَةُ الرَّحْل ومُؤَخَّرَتُه وآخِرَته وآخِره، كله: خلاف قادِمته، وهي التي يَسْتنِدُ إِليها الراكب.
وورد في لسان العرب:
وفي الرحل واسِطُه وآخِرَتُه ومَوْرِكُه، فواسطه مُقَدَّمه الطويل الذي يلي صدر الراكب، وأَما آخِرته فمُؤخرَته وهي خشبته الطويلة العريضة التي تحاذي رأْس الراكب، قال: والآخرةُ والواسط الشرْخان. اهـ
أقول وهو هنا يصف الرّحلَ في زمانه ومكانه وإن كان يختلف عن التحفة الفنّيّة التي عندنا إلا أنّ الأجزاء هي نفسها رغم اختلاف طولها وعرضها رغم تطابق دورها في الحفاظ على سلامة الرّاكب.
4- لِمْرَاشِيگْ: جمع مفرده مَرْشُوگْ على قياس مَرْسُولْ / اِمْرَاسِيلْ. وهما الدِّعامتان عن يمين وشِمال اِلرَّاحْلَه يجمع كل واحد منهما الصُّفَّة بالقاعدة بطريقة هندسية رائعة بزاوية تقارب مائة وخمسين درجة يستعصي تكسيرها وتوفّر أمانا للرّاكب.
والفعل "يِرْشِگْ" والراء ساكنة مرققة ويحضرني لهذا الجذر استخدامان، أولهما "رَشْگَه امْنِ السّْحَابْ" وهي مطر يأتي لوقت قصير ولكنه بغزارة فيشبهونه بِرَشْقِ النّبْلِ. والاستخدام الثاني طريقة وضعك العصا، فإن وضعتها أرضا قالوا "مَطْرُوحَة" وإن كانت في وضع عمودي قالوا "مَرْشُوگَة" براء ساكنة مرققة أي أنها تحمل معنى الرَّشَاقَة. وإذا كان الإنسان ذا طول معتبر في قامته قالوا "ابْرَشِگْتُو"
5- الْغِرْبَانْ أو اِمْگَاعِدْ اِلرَّاحْلَه:
اِمْگَاعِدْ اِلرَّاحْلَة: هذا جمع مُفرده مَگِعْدَه بفتح الميم وكسر الكاف المعقودة وتسكين العين، والمَگِعْدَه من كل شيء مايلامس منه مكان قعوده وهي السافلة في الإنسان.
الْغِرْبَانْ: وبعضنا يسمّيها "الْغِرْبَانْ" وهي جمع كذلك لكلمة "اغْرَابْ" براء مفتوحة مرققة.
والغُرَابانِ في الفصحى تعني المَقْعَدَةَ من الإنسان أي السّافِلَة وهي الجزء الذي يلامس الكرسيّ عند الجلوس عليه. والمثنّى يُؤْتَى به جمعا في الحسّانيّة مثل "الصِّيگَانْ" للسّاقين، و "الرّْكَابِي" للرّكبتين وكذلك "الْغِرْبَانْ" للْغُرابين الاثنين.
وفي الحسّانيّة تعبير "اِشْطَانِة لُورِكْ" وهي أسفله حيث يلتقي بالفخذ، ولايخفى عليكم المعنى المشترك بين غَرَبَ وشَطَنَ، وإن كانت غرب للناظر إلى الأفق وشطن للناظر إلى قعر أو قاع بعيد.
وعند وضع اِلرَّاحْلَة على "اِللِّبْدَه" فوق ظهر البعير فإن الجزأين الذين يلامسان "اِللِّبْدَه" هما "الْغِرْبَانْ أو اِمْگَاعِدْ اِلرَّاحْلَة"
جاء في لسان العرب:
والمَقْعَدَةُ السافِلَةُ.
جاء في القاموس المحيط:
والغُرَابانِ: طَرَفا الوَرِكَيْنِ الأَسْفَلانِ يَلِيانِ أعالي الفَخِذِ.
وجاء في لسان العرب:
والغُرابانِ، من الفَرس والبعير: حَرفا الوَرِكَينِ الأَيْسَرِ والأَيمنِ، اللَّذانِ فوقَ الذَّنَب، حيث التَقَى رأْسا الوَرِكِ اليُمْنى واليُسْرى، والجمع غِربانٌ. اهـ
أقول: هذا المكان من الدابة بالحسانيّة يُسَمَّى "أَحَرْجُوجْ" براء مرققة.
6- اِللِّبْدَة: وهي معروفة وأصلها فصيح إلا أنّ المعاجم توردها اسما مذكرا وهو اللِّبْدُ، والعرب تسمي اللِّبْدَ تحت رحل البعير تسمّيه الحِلْسَ.
جاء في لسان العرب: واللِّبْدُ من البُسُط: معروف، وكذلك لِبْدُ السرج.
وجاء في لسان العرب أيضا: من متاع الرحل البرذعة، وهو الحِلْس للبعير.
7- لِحْلَـگْ: جمع مفرده حَلْـگَه واللام مغلظة والمقصود الحَلْقَةُ والْحِلَقُ.
جاء في لسان العرب:
والحَلْقَةُ كلُّ شيءٍ استدار كحَلْقةِ الحديد والفِضّة والذهب.
8- اِلْغِرْظَه: وهي الحبل الأهمّ في "الشّْرُوطْ" حيث تَشُدّ اِلرَّاحْلَه على غارب البعير من حِلَق المقعدة اليمنى إلى اليسرى تمرّ تحت صدر الجمل. وربطها هو "شَدّْ الرّاحلة"
جاء في لسان رالعرب:
الغَرْضُ: حِزامُ الرَّحْلِ، والغُرْضةُ كالغَرْضِ، والجمع غُرْضٌ مثل بُسْرةٍ وبُسْرٍ وغُرُضٌ مثل كُتُبٍ. والغُرْضةُ، بالضم: التَّصْدِيرُ، وهو للرحْل بمنزلة الحِزامِ للسَّرْج والبِطان للقتب.
9- آسْفِلْ أو لِكْشَاطْ:
آسْفِلْ وجمعه ئِسِفْلَانْ وهو حبل غليظ مفتول من سيور جلد البَقر أو الإبل وهو يثبت اِلرَّاحْلَه في مكانها فلا تتقدّم عن مكانها والسنام يمنعها من التأخر فيحفظها مسندا لها على السنام. وله مهمّة أخرى وهي تثبيت ماعلى كَفَلِ الجمل من متاع أو رِدَافٍ مريح للرّديف. آسْفِلْ يدور بالراحله ثم تُشَدّ به في بطن البعير مما يلي ثِيلَهُ. وشَدّه هو "اِلتّْشَوْمِي" نقول "راحله مُشَوْمْيَه" والعرب تُسميه حَقَبًا.
ونسمع عبارة مُتداوله عند شدّه وهي "عِسّْ اعْلَ اكْرَابْ الجّْمَلْ" والمقصود احذر أن يأتي الحبل على جراب ثيله. فهل المقصود ب"اكراب" الجراب، وقلبت الجيم كافا؟
بعضنا يسمّيه "آسْفِلْ الرّاحْلَه" وبعضنا يسمّيه "اِكْشَاطْ الرّاحْلَه"
آسْفِلْ: كلمة صنهاجية أوردتها المعاجم الأمازيغية ولكن بالزاي
جاء في معجم أماوال:
أَزْفْلْ: الفَتِيلَةُ منْ سُيُور/ والجمع ئزفلان.
لِكْشَاطْ: أصلها فصيح والفعل منها بالحسانية بالكاف المعقودة "يَگْشَطْ، ئِگَشَّطْ"
جاء في المعاجم العربية: الكِشَاطُ : جِلْدُ الجَزُورِ بَعْدَمَا يُكْشَطُ.
جاء في لسان العرب:
الحَقَبُ، بالتحريك: الحِزامُ الذي يَلِي حَقْوَ البَعِير.
وقيل: هو حَبْلٌ يُشَدُّ به الرَّحْلُ في بَطْنِ البَعِير مـما يلي ثِيلَه، لِئَلاَّ يُؤْذِيَه التَّصْديرُ، أَو يَجْتَذِبَه التَّصْديرُ، فَيُقَدِّمَه؛ تقول منه: أَحْقَبْتُ البَعِيرَ.
جاء في لسان العرب:
من أَدَواتِ الرَّحْلِ الغَرْضُ والحَقَبُ، فأَما الغَرْضُ فهو حِزامُ الرَّحْلِ، وأَما الحَقَبُ فهو حَبْلٌ يَلِي الثِّيلَ.
جاء في الصحاح:
والتَصْديرُ الحزامُ، وهو في صَدْرِ البعير، والحَقَبُ عند الثيلِ.
10- ئِلِوِيشْ: وهو الطِّنفسة أو الفرش الذي يفترش في الرَّاحْلَه، وهو معروف جدا حيث يُصلّى عليه كذلك وهو جلدُ شاة ضأن مدبوغٌ دون نزع صوفه.
الكلمة أصلها صنهاجي.
جاء في المعاجم الأماريغية: ئليوْش المَسْكُ، الجِلْدُ.
وقد يركب الرجل مانسميه "لِكْتَبْ" والمقصود به القَتَبُ ولكنه نادر وقليل استخدامه أمام الراحلة التحفة الفنية الفاخرة.
وإذا ركب الرجل دون "راحله" أو "اكْتَبْ" قلنا "ارْكَبْ لِمْلَطْ أو اركب ابْلِمْلَطْ.
ومما لفت انتباهي كثرة ركوب المشارقة على عجز البعير خلافا لنا حيث نركب الغارب دائما.
ومن حبّنا للراحلة فإنّ الواحد منّا ينادي صاحبه المحبب إليه بالراحلة.
وفي الحلقة القادمة الحديث عن مراكب النساء من غُبُطٍ إن شاء الله.
Log into Facebook
Log into Facebook to start sharing and connecting with your friends, family, and people you know.
www.facebook.com
