شعوب الجبوري مع إشبيليا الجبوري - تصميم الاستراتيجيات المنهجية للبحث العلمي.. عن الالمانية أكد الجبوري

تصميم الاستراتيجيات المنهجية للبحث العلمي:
تقارب واختلاف المنهجيات في مجال علمي إدارة الأعمال والاجتماع مع العلوم الأخرى
الملخص:
أن الآراء التي يقف عندها الباحثين الذين يعملون في مجال وحقول تخصصات العلوم الإدارية أوالعلوم الاجتماعية أو العلوم المادية التطبيقية وعلوم حياتية أخرى عامة٬ تنفي يوجود خلاف مادي أو جوهري في وسائل وادوات ومنهجيات عمل البحث٬ معربين عن ذلك؛ بأن الاستراتيجية المنهجية للبحث العلمي تتشابه تقريبا.

إلا أن٬ وكما هو معلوم بأن النتائج تتطلب قيمة مضافة معينة٬ من خلالها المعايير المعتمدة إلى طبيعة فعل البناء والتخصص٬ أوعن الصفة الكاشفة في تحسين آهليته بمتابعة والتقدم العلمي في الأعمال.

لذا تبحث هذه المقالة عن إشكالية النموذج الجدلي في تصماميم الاستراتيجيات المنهجية للبحث٬ وإبراز النشاطات الرئيسية؛ التي يتقدمها جهد الباحثين٬ وفهم وتحليل وتفسير وشرح٬ وتمييز الملابسات الطامسة بحمل مشقة ضبطها المنهجي٬ والحمق الممتحن في توجه الابحاث.

المفاهيم العلمية الرئيسية:
عملية/اطار البحث٬ مشكلة البحث٬ أدبيات البحث٬ المنهج الكمي٬ الوضعية٬ النوعية والتفسيرية.

من المآتى إلى الأوتعاء فالأرتضاء:
أن كثير من الآراء الباحثين في مجال الدراسات والأبحاث العلمية؛ للإدارة وعلاقته بعلم الأجتماع السياسي يسودها تفهم غير مكتمل عن النجاحات المحققة٬ خصوصا في القناعة المترسخة لدى االلجان لعلمية العليا٬ وهذا ما تشكله لها من أهمية منعكسة على؛ مشكلة البحث٬ والعملية البحثية٬ وتوجه النتائج وتفسيرها للبحوث العلمية. وهذا الرأي يميل إلى قناعة مشتركة لقاعدة واسعة. وما أتضح بالحقيقة هو الشعور بالخوف الضمني لحصرها٬ وهذا قد يكون صحيحا في بعض مجال الدراسات بالتأكيد. ولكن هذا الرأي اتجه بنا عكس ما هو ظاهر٬ لما هو على الباحث أن يتمتع به من الثقة الذاتية المتبادلة مع البحث٬ على عكس ما نجده في العلوم الأخرى. فالباحث في العلوم الأخرى كالعلوم الفيزيائية وعلوم الحياة (على سبيل المثال) قد نجده يتملك مبررا واضحا بأنه ليس هناك حاجة ماسة لمشكلة البحث والاستراتيجيات المنهجية في البحث٬ لأن معرفتها أصلا بالنتائج التفسيرية لها٬ من خلال ناصية علمية٬ ووضوح لاستراتيجية منهجية متماسكة٬ ولا تعتمد أصلا على النظام الأختباري للأطاريح والنظريات التي عادة ما تسود أساليب مناقشات الابحاث العلمية في مجالها التخصصي.

أن الثقة التي يتمتع بها الباحث في علم الماديات أو علم الحياة تأتي بالتأكيد من أعتبارات مستمدة من الخلفية التاريخية وأدبياتها٬ والباع الطويل من الخبرات والدراسات المتراكمة لها٬ وعلى مدى القرون الطويلة التي مضت وهي تتابع نتائج سلسلة من النجاحات التطبيقية بالممارسة العلمية الصحيحة ( et alGibbsons 1994). ولذا فإن المنجزات التي أنتهجها في مضمارها المعرفي تعتبر إضافة لزيادة رصيدها في عمقها المعرفي والعلمي٬ فما هو متسم و واضح لدى الجميع من مجرد النظر لما حولنا تجده يلمس تلك التغيرات والتحولات الكبرى في عالمنا الحاضر. وهذه النتائج والتفسيرات الظاهراتية قد أدت إلى أضفاء حقيقي للطابع المؤسسي على الممارسة بالبحث والنقاط المهمة التي يتوخى الغوص فيها والقدرة والإمكانيات في فهم الاستراتيجيات للمنهجيات البحثية النادرة٬ والتي نادرا ما يتم تدريسها للأعضاء الجدد في تخصصات إدارة الأعمال أو علم الاجتماع٬ وما يتعلق بها من ارتباطات بعلم الاجتماع والتخصصات الأخرى التي تشكل ظهيرا مهما لتنمية وتطوير البحث في العلوم الإنسانية. أي لنتيجة بما ينبغي أن نتلقاه بوجه المقارنة العلمية التخصصية للعلوم أن طلبة العلوم الفيزيائية والحياتية "المادية"٬ يلتقطون المهارات البحثية في التوجه العلمي في المختبرات لإظهارها٬ وبالضرورة يتوجهون عبر ذلك ميكانيكيا٬ نحو تطوير المهارات المعرفية والعلمية؛ من خلال تنشيط المهارات والتحفيز بتعليمهم وتديبهم للحصول على مهارات إضافية فنية أخرى. هذا ما قد نخفق فيه بتوجهنا أحيانا إلى مجال البحث في علمي الإدارة وعلم الاجتماع وعلاقتهما بأساليب ومنهجية أبحاث علوم الطبيعة المادية في اخضاعها لأستراتيجية وأساليب منهجية مختبرية٬ هي الأخرى٬ بحسب ما يعتقده البعض.

لكن لو تفحصنا الأمر بدقة حول التداخل الجوهري بين علم الإدارة وعلم الاجتماع نجد هناك علاقة فلسفية وعلمية متجانسة. لكن برغم أن علم الاجتماع قائم ومتطور منذ بداية القرن التاسع عشر إلا أنه يمثل الفرع الرئيسي للمعرفة أو المجال الحيوي والاستراتيجي والغاية المثلى لدراسة وتنمية اتساع علم الادارة. لكننا لا نتوقع من علم الاجتماع أن ننتظره ليأتي إلينا "مناديا" متوسلا: لفنون الإدارة قائلا كما في مثلنا السائد كمن ينادي مناديا: (يا (فلان) لا تأتيني متأخرا...؟؟!!)٬ ولو نظرنا بأمعان إلى ذلك فإن معناه أن علم الاجتماع وكأنه خارج اللعبة المعرفية في مجال الدراسة والبحث لعلم الإدارة٬ وعرفناه وكآنه لامنتمي أو كائنا غريبا. علما أن علم الاجتماع كما هو معروف له عمق تاريخي وأرشيف معرفي ـ علمي ضخم. الا أن الاهتمام به في علم الإدارة الأعمال جاء متأخرا٬ وان العلاقة بينهما ليس لها تاريخ طويل في بدء هذا النشاط والانصهار البحثي. وبالرغم من أن ظهور الأول كان قريبا حيث ولد منذ أكثر من مئة أو مئة وخمسين سنة مضت. وحتى لو كنا مع الأقرار بأن جذور الدراسات لعلم الادارة لا تنتمي ولا تشكل تقليدا من القرن التاسع عشر مع العلوم الاجتماعية ( Remeny et al 1998). ولكن مع ذلك ممكن أن نلحق معها حسب ما قاله (التون مايو لدى جنرال الكترك عام 1927 )٬ ودعنا نتفق معه لترضية أنفسنا من أزمة الفراغ السائدة علميا ببناء الحتمية التاريخية له بالارتباطات بعلاقة العلوم الثنائية التي تحقق بها من خلال ما قيل بأن ميلاد الادارة لم تتجاوز أكثر من سبعين عاما ليس الا. حسب تاريخ نشرها Rosentthal and Rosnow 1991). وهذا ما يدعونا إلى تأمل البلاغة المطلوبة لنمذجة المنهجية العملية للبحث وآفاقها الاستراتيجية وآلياتها المختبرية لتفهمها.

لكن لدينا مبررات ومسوغات يمكن القول بها هي أن حقيقة نتائج الدراسات الادارية والاعمال التي اضطلعت بها عن نفسها بعلاقاتها مع العلوم الاجتماعية متقاربة٬ البعض يقول أن العلوم الفيزيائية أو علوم الحياة لم تثبت النجاحات بنتائجها المثيرة التي يجب أن ندركها جميعا كما ينبغي. والبعض الآخر يقول ان علم ادارة الاعمال وعلاقته بالاجتماع ليس لديه من الدراسات المثيرة أو ما يعادلها كما هو الحال ما اثبتته العلوم الحياتية المادية الأخرى من صعود على سطح القمر أو في عملية زرع القلب. وفي الحقيقة أنه حتى في حالة دراسات الاعمال والادارة وعلاقتهما بالاجتماع ايضا اتضح بأن ليس لدينا من الدراسات المثيرة سوى القليل جدا٬ أي أننا لو رجعنا إلى النقطة نفسها للدراسات المثيرة نجد بأنه ليس هناك من نتائج مثيرة أخذت تأسر خيال رجل أو أمرأة في الشارع حسبما يزعم البعض.

هذا لا يعني أن عملنا في مجال العلوم الادارية وعلاقتها مع العلوم الاجتماعية أقل شأن من أعمال البحوث التي اجريت في العلوم الفيزيائية أو علوم الحياة. إلا إنه٬ وبدون أدنى شك٬ هناك انجازات علمية أفضل. بالتأكيد موجودة٬ ولكن هناك اعتراف في العديد من النقاشات والجدالات الدائرة في الموضوع بأن التحديات التي تواجهها ادارة الاعمال وعلاقتها بالعلوم الاجتماعية هي أكثر صعوبة من تلك التي تواجهها الثقافات البحثية في العلوم الحياتية المادية الأخرى.

ولفهم هذه الجدلية القائمة٬ من المهم أن نفهم من أين نبدأ بمعرفة ماهي البداية العلمية البحثية الصحيحة التي يتوجب اتخاذها؟. فالخطوة الأولى؛ هي اثبات أن المعرفة لم تنحدر أو تنزل إلينا من قبل بعض المصادر فوق البشرية "الخارقة" مثل وسيط الوحي (آوركل Ocacle) التي يصعب تحمل التفكير فيها٬ ألا أنها معرفة تعد بمدى مقدرة تطبيق الإنسان لها من خلال الفكر البشري (Butterfield 1957). ولنسلم جدلا بما اعتقد هو به٬ فأن الخطوة الأولى إذن في عملية البحث هو الفكر البشري. ومما لاشك فيه٬ أن الفكر قد يحفزه لألتقاط بعض الملاحظات التي ـ وكما هو مبين من خلال المراجع التاريخية لجميع العلوم ـ تعزوها في البداية إلى الرغبة المبكرة عندما يقوم المرء بتأمل وإلقاء نظرة على الإعجاز الإلهي ـ لربنا سبحانه وتعالى ـ وهو ينظر إلى السماء مبهورا ومتعجبا لبلورة عدد من النجوم. ومن خلال هذا الاندهاش بالاعجوبة ربما يكون قد حان الوقت للتفكير في البدء بالسؤال عن : (ماهي هذه الأشياء؟ وكيف تفعل وتعمل وكل هذه الأشياء المتحركة؟!). وبطبيعة الحال٬ من خلال هذا أو ذاك الموضوع يمكن أن يوضح كيف اخذ فكر الإنسان يحرك باطنيته بالانتزاع الحقيقي لعملية البحث كما هو لدينا وكما هو في العديد من القصص والحكايات التي لاحظناها من خلال حياة قصص العلماء كأرخميدس في حمام السباحة٬ وغاليلو في البندول الذي ادهشة بالذهاب والمجيء بتأثير البخار وكذلك نيوتن وتفاحته الشهيرة.

إلا أننا وبغض النظر عما ندرسه في حقول علم الإدارة والأعمال وعلاقتهما بعلم الاجتماع أو العلوم الحياتية المادية الأخرى كالفيزياء أو الحياة. فالعملية البحثية بالتحديد تبدأ مع الفكرة المثيرة للأهتمام حول ما يدور في العالم من حولنا. من دون هذا لا يصبح وجود لأي بحث. فالفكر هو اثارة للاهتمام او هو مشكلة البحث أن صح التعبير ومن خلاله يمثل نقطة الانطلاق المشتركة لمجمل عمليات البحث في جميع ميادين الدراسة. ومن خلال هذا البحث ايضا تمتثل نقطة القلق الدائم لحين ظهور النظرية التي بموجبها يتم تطوير تلك الأفكار والمفاهيم وما تجسده من تطبيقها لأفكار٬ وكذلك مراقبة الأدلة وتقييم النتائج. وكما يجدر بنا دائما الأخذ بنظر الأعتبار أهمية أن النتيجة النهائية للبحث لابد أن تكون ذات قيمة بالإضافة للقيم المعرفية التي تضيفها لمجموعة المعارف النظرية.


و بناءا على قاعدة "الفكرة المثيرة للاهتمام" في مجال أبحاث ودراسات علم الإدارة و ايضا علم الاجتماع٬ من خلال السؤال المطروح ٬ وهو "لماذا لم يتم بدء الاستثمار في نظم المعلومات على الرغم من كونه غلة صغيرة؟". وهذه التصريحات أو الأسئلة جعلتها على شكل ظاهرة٬ الا أننا في الوقت نفسه٬ ووفقا للتقليد الأكاديمي الحالي تظهر الدلالئل على أننا محبطون من القرارات الجزافية والبيانية العفوية المرتجلة للفكرة المثيرة للأهتمام والتي تثير لدينا٬ عادة٬ روح القلق والخوف من التكرار أو الحشو.

وحتى من خلال هذا الطرح لمسألة البحوث المثيرة للدهشة في الفكر أو العقل٬ فقد تحفزنا وتدفعنا لمعرفة بعض الأدبيات المعرفية في الحقول الأخرى بما له شراكة في الموضوع. وبناء على هذه المعرفة السياقية يمكننا أن نكون في وضع يسمح لنا بتقديم بيان شامل عن هذا الموضوع عند البحث. كما هو مفهوم لدى سقراط أو هيغل Hegel 1964, Foster 1963, Plamenatz 1966)٬ في بنية تكوين النظرية. فالنظرية أو الأطروحة تعتبر الخطوة الرئيسية التي تدفعنا إلى الامام في عملية البحث ولكنها بالتأكيد لا تعتبر نفسها سوى خطوة. فالنظرية أو الأطروحة يجب أن توضع على المحك٬ والإحاطة برصد معلوماتها السابقة والحالية ونتائجها والإضافة ( Feynman 1995).

هناك طرق عديدة لوضع الأطروحة للأختبار وعلى المحك. في العصور القديمة قد نجد من الصعوبة جدا مثلا تحديد العمليات الجراحية لدى الحيوانات أو الإنسان الا من خلال وضع اشارة معينة أو وضع اليد على اماكن الوجع على الجسم البشري٬ وبعد حين يتم توقيع عدد من الأخصائيين عند إجراء العملية الجراحية "المختبرية" لها. أما نحن اليوم فقد نكون أكثر حذرا على حالة الاطمئنان على الإنسان أو الحيوان في إجراء مثل هذه التشخيصات القديمة بإجراء العمليات البحثية في مجال العلوم. ففي العلوم الفيزيائية والعلوم الأخرى في وقتنا الحاضر أصبح أختبار النظرية أو الأطروحة وكثير من المسائل وفق منهجية صحيحة ومجربة ومختبرة روتينيا في المختبرات٬ باستخدام المعدات العملية والفنية مثل (أنبوب أختبار أو ماصة أو ربما الطيف الكتلي أو المجاهير أو ما يشبه تلك الأجهزة). وغالبا ما يكون الحال أنه لا يوجد نقاش أو تعليق على هذا النهج البديهي القائم أن صح التعبير٬ ان كان ذلك لدى عالم مادي أو عالم أحياء عن المواد التي ستختبر بالتجربة لاستخدامها٬ لكن تبقى القضية المهمة والمهيمنة هي قضية السبق العلمي.

ولكن العلم ليس في الآلات أو التقنيات التحليلية المستخدمة٬ لأن هذه رغم أهميتها إلا أنها تبقى مجرد أدوات. بالمناسبة٬ إن نجاح العلم ليس ابدا في هذه النتائج التي حصل عليها من الآلت والتقنيات. فالعلم هو في الحقيقة في طريقة النتائج التي تم فهمها وتفسيرها. فمجموعة الأدوات لمتاحة في دراسات الآداب وفنونها وعلاقتها بعلم الاجتماع هي بالطبع مختلفة تماما عن تلك المذكورة أعلاه٬ بحيث كثيرا ما تكون هناك خطوط واضحة في الادوات المستخدمة من قبل الباحث كطالب ((الموارد البشرية أو السلوك التنظيمي)). بحيث قد تجد من النادر وصول علماء الادارة وعلماء الاجتماع إلى ادوات معيارية لتلك الادوات المناسبة لهم. في الحقيقة إن هذا يمثل جزءا من التحدي لدى كل من علماء الإدارة والاجتماع٬ وتكون لدى الباحث صعوبة أو عدم قدرة على صياغة الادوات اللازمة لهذه المهمة٬ أي بمعنى يصعب وضع الترتيبات اللازمة لمراقبة الادارة في العمل٬ و قد يحدث احيانا بالوصول إلى التوريط مع الافراد. وهذه تعتبر أصعب التحديات التي تواجه عمل البحث (Coghlan and Brannick, 2001)٬ أو حتى احيانا المشكلة تكون لمجرد وضع سلسلة من الأسئلة لمواصلة تتبعه بخطوات البحث Myers and Avison, 2002).

الخطوط العريضة الواضحة والمسلم بها في اختيار الاستراتيجيات المنهجية للبحث٬ والتقنيات والادوات قد تواجه أكبر التحديات في دراسات وأبحاث الإدارة وعلاقاتهما بعلم الاجتماع. والكلمة المراد حسمها٬ هنا٬ واضحة ٬ وكما تبدو كأنها غالبا ما تكون في حالة متشابهة بتلك الاختيارات٬ وبمعنى حينما تظهر المواجهة الحادة فأنما هي دليل على تغيب الاستراتيجية لبدائل البحث؛ والتي قد تكون واضحة وواقعية ومناسبة ايضا٬ عندما تقوم بأستكشاف موضوع معين أو محدد٬ تعد المواجهة٬ وتبدو وكأنك خصم ما يبدو للآخر. ذلك ما يقع فيه الباحث من التباسات في استخدام الادوات الكمية٬ لأستكشاف؛ أنواع معينة من خلال الأسئلة أو المشكلة المطروحة. على سبيل المثال لا الحصر٬ أنه قد يكون غير لائق أو غير ملائم تماما لباحث/ة أن يهتم في القضايا والمواقف الشخصية القيادية من خلال استخدامه الأسئلة اللاذعة بأشارته إليها في الأستبيان. وبالطريقة نفسها قد نجد طرق مماثلة معقولة في الاستبيان من خلال استخدام أدوات فنون تفسيرية٬ على سبيل المثال لفهم (العلاقة بين ديون الشركة وهوامش الربح). وهذه فكرة أولية لكن قد تثير الاهتمام٬ وبعد ذلك ما يمكن به النفاذ إلى ما يوليه من أهمية للمسألة البحثية العامة. والأهم والجوهري من هذا كله هو كيفية التوصل إلى التحكم في توجيه مسار عملية البحث. ولكن نرجع مرة أخرى ونقول أن العلم غير الاستراتيجية والتقنية والاداة. أي بمعنى أنه مهما كانت تصميم البحوث الاستراتيجية والتقنية والاداتية التي يتم أختيارها الا أننا مازلنا تحدث عن الطريقة التي تقوم بها بجمع وتحليل الادلة التي ربما في نهاية المطاف ستأخذنا إلى العلم الحقيقي.

وبطبيعة الحال٬ فأنه من الأجدر معرفة الاستراتيجيات البحثية البديلة المتاحة. وما يعني بها علنا قد تكون أو ضمنا. ففي دراسات إدارة الأعمال وعلاقتهما بالأجتماع لدينا أيضا أثنين من كبرى المراوغات الرفيعة المستوى التي نستعيض بها أو نستخدمها كبدائل استراتيجية. وهي يمكن أن نعتبرها اهتماما من جانب النظرية نهجا علميا لأبحاثنا٬ كما يبدو معلنا أو ضمنيا٬ على السواء. اذا ما فهمنا بعد أهمية هاتين الأثنتين في النهج التجريبي لمستوياتهن الرئيسيتين في البحث٬ حينها يمكننا الاستغناء عن البحث تماما. ولكن النموذجين الفاعلين كجزء من أهمية البحث وما يسميا بالنهج التحليلي الكمي أو النوعي. ولكن أيا من المسارات العملية التي نتبعها٬ نحن نفعل شيئا واحدا فقط لا غير٫ وهو لابد من أن نضع مواجهة لأختبار قدرتنا على النظرية أو الأطروحة قبل أن يختبرنا الآخرون وهذا مهم جدا. هذا ينعكس على مدى قدرتنا في اختبار الاطروحة بالضرورة بأنفسنا٬ وكذلك ومن الشبه المؤكد لابد أن تؤدي إلى رؤى جديدة٬ ومن ثم أثارة الاسئلة الجديدة. ومن خلال هذا يمكن أن يلقي لنا ضوءا جديدا على الفكر بإثارة الاهتمام الاصلي. والبعض قد يدعم الفكرة الاصلية والبعض الآخر ربما يناقضها. كما هو معروف في تعبير كل من سقراط وهيغل لما أسموها بالفكرة الجديدة هي النقيض.

إلى الآن وفي هذه المرحلة لم نجد هناك فرقا في الظروف التي يواجها باحثوا إدارة الأعمال وعلاقتهما بعلم الاجتماع أو العلوم المادية/الوضعية وعلوم الحياة.

هنا نود التركيز على مفهوم النقيض٬ احيانا يظهر النقيض للأطروحة أو النظرية من تصادم وجها لوجه٬ وفي مشادة حادة٬ مما قد يؤدي إلى التخلي عن الاطروحة الأصلية وإنشاء واحدة جديد تماما. ولكن هذا ليس هو الحال عادة. فما يحدث في أغلب الاحيان هو النقيض٬ يوحي بأن الأطروحة يمكن تعزيزها عن طريق تطبيقات منضبطة٬ وتحتاج إلى قيود إضافية. وبهذه الطريقة والحوار أو الخطاب يظهر بشكل وثيق لدراسة الآثار المترتبة على الخطاب. فعلى الرغم من أن الادبيات العلمية السابقة المرتبط بارخميدس أو غاليليو ونيوتن من أن خلق المعرفة لديهم٬ تم نتيجة ومضة العبقرية. وفي احيان أخرى قد لا يكون هناك أي فرق في جميع المواد٬ وهنا النقيض قي يقوم فقط بتنقيح الاطروحة. فالفكر الاصلي المثير للاهتمام هنا أن صح التعبير هو مجرد التعديل. ولكن مهما كانت هناك تفاصيل اي ردة فعل خاصة بين الاطروحة والنقيض لهذه العملية ومثلما اعتبره سقراط وهيجل بأنه اشبه ما يكون بتقرير تجميعي.

وفي هذا الصدد يمكننا الوصول إلى معنى العلم الحقيقي الذي هو من عمق متجذر وصلب في العملية البحثية٬ بل والممارسة بالحتمية الجدلية أيضا وبالضرورة٬ ألا أننا لا نعرف كيف وصلنا ما توصلنا إليه أعلاه كنقطة حساسة ومطلوبة من الباحث وبلا أنفلات منها لمعرفتها. على اية حال٬ مهما كنا قد نكون منظرين أو تجريبيين أو وضعيين أو مفسرين ألا أننا احيانا ننهج بالمشاركة نحوها وقد نكون في هذه النقطة متفقين وان أعتمد كل منا على ما أعتمده من جوانب مختلفة لهذه التقاليد القائمة على حد سواء. فما يهمنا الوصول إليه من خلال الخطوات هو أن الأطروحة يجب أن توضع على المحك٬ وبالتالي جلبها إلى حيز الوجود النقيض٬ ومن ثم لابد من الجمع النهائي بين النقيضين لتلك الحجج والبراهين لنخرج بتوليفة جديدة لأضفائها كمعرفة جديدة للنظرية المعرفية.

ما سبق وبلا شك عن وصف رفيع ومتقدم جدا للعملية البحثية للتواصل التناسبي ما للفكر أو الفكرة المثيرة للانتباه للبحوث. لكنها ليست بمفصلية المهمة المعنية. على أعتبار أن البعد الأكاديمي القويم؛هو أن ينظر إلى الفكرة المثيرة الاهتمام على اعتبار هي جزء من صلب عمله الجوهري. فلابد أن تكون موجودة في هيكل الفكر الأكاديمي المعرفي لها٬ ومثلما يطلق عليها بأسم "الدراسات السابقة أو الأدبيات أو الدراسات المعرفية الداعمة. وهذا دون أدنى شك ليس بالمهمة السهلة٬ بحيث لابد من وضع قوام حقيقي لنصاب الفكرة المثيرة الاهتمام. وكما يجب أن تكون قادرة على معرفة مشكلة البحث أو السؤال الجوهري للبحث أو ربما لجعلها متجذرة أكثر بمتابعة تلك السلسلة من المشاكل٬ وهذه تعتبر من التحديات الكبرى التي تواجهها الفكرة المثيرة للاهتمام٬ عندما يكون لها الحق بالدفاع عن الاستخراج المثير وبالضرورة للنقيض والداعم. وبالنهاية لا يمكن أن تفلت من الاختبارات الصارمة والمحك الحقيقي الدقيق بالأنضباط لها.

ثم أن الأختبار بأختيار النهج يمثلا أمرا رئيسيا للبحث ويشكل أكثر الأمور قلقا وفزع٬ بمعنى تفرز فيما لو أن النظرية قد عملت وفقا للاستراتيجية المنهجية للبحث وتم أختيارها بمثل ما هو مطلوب أم العكس. ثم اختبار الأفكار والمشكلة وطريقة الخطاب للبحث. فهذا الأسلوب السقراطي الذي كان يستغرقه بالبحث عن الفكرة المثيرة الأهتمان فهو عادة يختبرها في سوق اثينا ويقول وجهة نظره مرارا وتكرارا مع الناس العامة في الشارع. ففي البحث الأكاديمي يتم ذلك على أسس ولم تكن حصرية أو جعجعة وقع بموجبها الباحث عما سيتوقعه من خلال تقديم افكاره في الندوات أو المؤتمرات عندما تتعرض الفكرة المثيرة الأهتمام لأنتقادات شديدة من الآخرين. وكما أشار كل من الباحثتين أيضا أن بالامكان أن يقدمها ـ الباحث/ة ـ أو يعرضها في المجلات العلمية المتخصصة٬ بحيث أن العمل يعرض على الأنداد وأستقبال الانتقادات الشديدة من جانب المختصين. ومن الواضح جليا بأن هناك الكثير من الفرص هنا قد تترك النقائض ويتم طرح الأفكار وبنائها والوصول عندئذ إلى تطويرها.

اذا كانت تفاصيل الاعمال البحثية أخذت وفقا إلى النهج التجريبي فسوف تكون الأمور مختلفة، لكنها تتطلب نفس العمليات الفكرية. أي أن كثيرا أو غالبا يتم إقرار الباحث/ة بتتبعه/ـا أو أعتماده/ـا ان كان قد أتخذ نهجا كميا أو وضعيا أو بديلا عن ذلك بنهجا نوعيا أو تفسيريا. حقيقة عندما بحثنا عن كثب على الفروقات بين هذين النهجين تكشف لنا عن ذلك ولم يكن أقل أهمية بكثير عما هو معروف أول وهلة. أي في كلتا الحالتين أن الأدلة الأولية التي يتم جمعها وتحليلها ونتائج هذا التحليل ومن ثم يتم تفسيرها٬ وبعد ذلك اذا قررت يتم معرفة الادلة الداعمة للفرضية الأصلية وبهذا الصدد قد يتم واقع الحكم. هذا النهج المتبع فيما لو كان الباحث/ة قد أتبع/ت نهجا كميا أو نوعيا للبحث. وبطبيعة الحال٬ فالأول؛ يبحث بالمقام الأول مع الإرقام. بينما يعمل الآخر؛ معظمها مع غيرها من الصور والكلمات. الا أن عملية البحث هي نفسها باقية كما هي. مرة أخرى نشير٬ اذن أي من الطرق المتخذة هنا تمثل لك فرصة بترك النقائض حتى وأن كشفت.

اذا نحن وضعنا ايدينا على جوهر البحوث العلمية أو العلم ذاته٬ فأننا وقعنا بالجدلية الحتمية دون أدنى شك. والذي هو بوتقة النظريات التي تبذل لتصمد أمام الفحص والتدقيق. حينمها اذا كانت الفكرة أو النظرية سليمة أو صحيحة٬ فإن الباحث سينجو من هذه المحنة العويصة٬ لكن لو كانت النظرية عبارة عن قشور فأنها ببساطة سوف تنهار تحت وطأة هذا النهج. اذا ودون أدنى شك لا ينجو ولا يستثنى من هو في (علوم الاعمال والإدارة أو الاجتماع فقط)٬ بل ولا حتى باقي العلوم الطبيعية الحياتية والمختبرية المادية الاخرى ستنجو منه.

ولكن ليست القصة أنتهت عند هذا الحد وكفى للعمل المطلوب من الباحث/ة. بل يتعين وضع جميعهن معا: من الفكرة المثيرة الاهتمام٬ والقرائن والسياقات (على الرغم من استعراض الكتابات٬ والأختيار لنهج الأختبار٬ وكذلك تفسير النتائج٬ وأخيرا التحدي الذي سيلاحق الأطروحة من قبل النقيض والتوليف في نهاية المطاف٬ إلى الأستكمال والحجة المقنعة). وبالإضافة إلى ذلك٬ وهو لابد لهذه الحجة المقنعة يجب أن تكون مكتوبة بطريقة تجعل أي أنسان أن يقرأها بطريقة شغوفة.

وهذه بالفعل الاختبارات البطولية التي يمر بها الباحث. لذا فأننا يفترض أن لا نستهين بما تراه من مشقة وجهد مضنى ومبذول في أي عمل من الأعمال التي يقوم بها العلماء مهما كان التخصص ان كان في (علوم ادارة الاعمال أو العلوم الأخرى) فليس هناك اختلافا كبيرا في المجتمع العلمي والعمليات هي نفسها تقريبا.

والنتيجة المطلوبة٬ هو الوصول إلى إضافة شيء ذي قيمة معرفية وأخلاقية إلى مجموعة المعارف النظرية والإجراءات التطبيقية التعليمية٬ وكما هو مطلوب بالضبط. وأن الاختلافات في معظمها ترتبط بأولية الفكرة المثيرة الأهتمام. ولا أستغناء هنا عن التحدي الذي يقع على عاتق العلماء وما تربطهم من علاقة وثيقة مع علماء الاجتماع والعلوم الأخرى وما سيواجههم من مشاكل وصعوبات مضنية حقا لحلها في المستقبل. فهل سيتفق على أحلالها بحلول جديدة؟

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى