العمل كثير. والحركة دائبة في ارجاء الغرفة حيث التف خمسة موظفين حول منضدة كانهم في اعمال تجمعهم، وراحوا يتبادلون أطراف الحديث لقتل الملل والاستمرار بنفس الهمة، بينما راح محمود في غمرة الحديث يشاطرهم كل رأي ، وكل كلمة تقال، فقد اعتاد أن يكون الطليعة في الكلام عن تجاربه وحياته الشخصية المتدفقة بالرجولة، وهكذا انطلقت الاحاديث تاخذ أبعادا أكبر، فدخلت في موضوع البيت والاطفال. وراح كل واحد منهم يبين مدى سلطته على البيت. وقطع محمود الحديث كعادته وبدأ بالتحدث وصوته الخشن يوحي برجولة صارمة كهيئته الضخمة. قال وكانه يخطب: "إني كل شيء في البيت، كلمتي هي الاولى والاخيرة و...، وانهى خطبته بقوله: "وما رأيكم بأن اطفالي وزوجتي لا ياكلون طعام الغذاء الا عند حضوري"، حتى وان تاخرت في المجيء الى الغروب".
سكت المكان بناسه. فقد انهوا مرحلة من العمل ودب الارهاق في اجسادهم. هتف نجم واقفا:
- اذن ايها السادة. اني ادعوكم بالنيابة عن السيد محمود المحترم لتناول وجبة الغذاء في بيته القريب من هنا".
وضج المكان بالتصفيق والترحيب بالفكرة، بينما راح نجم يحت الجالسين على تأييدهم ناظرا صوب محمود..
حاول محمود ان يثنيهم عن رغبتهم بشتى الاعذار دون جدوى، فقال في محاولة اخيرة وبهدوء مفتعل:
- قد لا تكفينا وجبة الغذاء، الموجودة لهذا اليوم..
فرد عامر محتجا:
- لقمة هناء تكفي مائة
فصفق له الحضور ، واصفر وجه محمود امام الامر الواقع..
دخلوا البيت، واستقبلتهم الزوجة والاطفال وتبادلوا حديثا قصيرا، حين قطع احد اطفاله الحديث متسائلا:
- ماذا ستطبخ لنا اليوم يا بابا سنموت جوعا؟
بدت جميع الالوان على وجهه حين التفت الى الوجوه المندهشة الكاتمة للضحك ، وقال بنبرة استسلام وخيبة وفشل:
- احممم، لم تصدقوا ما قلت:
أن البيت لا يأكل بدون حضوري..
بغداد/العراق
1-1-1984
سكت المكان بناسه. فقد انهوا مرحلة من العمل ودب الارهاق في اجسادهم. هتف نجم واقفا:
- اذن ايها السادة. اني ادعوكم بالنيابة عن السيد محمود المحترم لتناول وجبة الغذاء في بيته القريب من هنا".
وضج المكان بالتصفيق والترحيب بالفكرة، بينما راح نجم يحت الجالسين على تأييدهم ناظرا صوب محمود..
حاول محمود ان يثنيهم عن رغبتهم بشتى الاعذار دون جدوى، فقال في محاولة اخيرة وبهدوء مفتعل:
- قد لا تكفينا وجبة الغذاء، الموجودة لهذا اليوم..
فرد عامر محتجا:
- لقمة هناء تكفي مائة
فصفق له الحضور ، واصفر وجه محمود امام الامر الواقع..
دخلوا البيت، واستقبلتهم الزوجة والاطفال وتبادلوا حديثا قصيرا، حين قطع احد اطفاله الحديث متسائلا:
- ماذا ستطبخ لنا اليوم يا بابا سنموت جوعا؟
بدت جميع الالوان على وجهه حين التفت الى الوجوه المندهشة الكاتمة للضحك ، وقال بنبرة استسلام وخيبة وفشل:
- احممم، لم تصدقوا ما قلت:
أن البيت لا يأكل بدون حضوري..
بغداد/العراق
1-1-1984