المقاهي طارق حرب - أحوال مقاهي بغداد نهاية العهد العثماني وبداية الحكم الوطني

من مقاهي بغداد في تلك الفترة مقاهي سبع وعزاوي وكل وزير والقرأ لخانه والمميز والبيروتي وإعگيل والعنبار وملا حمادي والعبد والتبانه وغيرها وفي أحوال تلك المقاهي وما يجري فيها نقول ان هنالك ظاهرة تكاد تنفرد بها بغداد من مدن المنطقه هي كثرة المقاهي اذ كان انتشار المقاهي في تلك الفتره على الرغم من صغر مساحة بغداد وقلة سكانها أمراً يستلفت النظر والعجيب ان ارتياد مقاهي بغداد لا يقتصر على شريحة أو فئه محدده فتجد في المقهى البغدادي التاجر والحمال والمثقف والأمي والموظف والعامل يجلسون وهم يدخنون السگاير والآرگيلات ويلعبون( الدومنه) و( الطاولي) بحيث يمكن القول ان المقهى البغدادي هي النادي الاجتماعي وهي مكان الاجتماع لأهل بغداد خاصة وان بعض المقاهي البغدادي كانت مكاناً للقصاصون( القصه خون) حيث تروى فيها قصص الزير السالم وعنتر وعبله ولقد تاثر أحد الشعراء بنرد الطاولي ( الزار) فمثل نفسه به أمام حبيبه وقال:
إني رضيت بأن أكون بكفه
( زاراً) يقلبني بلعبة نرده
ومن مشهورات مقاهي بغداد في نهاية الحكم العثماني وبداية الحكم الوطني : مقهى عزاوي ومقهى سبع ومقهى كل وزير ومقهى سبع ومقهى القرا ألخانه ومقهى المميز ومقهى البيروتي ومقهى إعگيل ومقهى العنبار ومقهى ملا حمادي ومقهى العبد ومقهى التبانه وغيرها وتكاد تكون مقهى التبانه مميزه بالنهار حيث تكتظ بالمتفرجين على مسابقات نطاح الكباش ومهارشة( عراك) الديكه حيث كانت الخراف تسمى بأسماء فيقال خماس وضرغام وعنتر وممن برز في بغداد بتربية الخراف أحمد دبي من محلة الفضل وعلي الحبشي من محلة الاعظميه وكانت بعض المقاهي في تلك الفتره يتم فيها تربية الطيور والرهان عليها اذ أعتادت بعض مقاهي بغداد عمل مسابقات ورهانات حول الطيور من حيث معرفته المقهى ليعود اليها وكانت بعض المقاهي تعتمد بعض اساليب اللهو والتسليه اذ يوجد في بعض المقاهي عازف( الربابه) حيث ألعازف يسمع الحضور الموسيقى وهو يطربهم بغناء( العتابه والنايل) وكان القليل من مقاهي بغداد في تلك الفتره تتم فيها لعبة الشطرنج حيث حيل كبار اللاعبين كذلك فقد كانت تقوم المطارحات في بعض مقاهي بغداد في تلك الفتره وتسمى المطارده وهو أن يروي أحد الجالسين بيتاً من الشعر يعقبه الآخر ببيت يكون أول قافيته الحرف الاخير من البيت السابق مثاله :
أن يقول أحدهم:
فلوسمح الزمان بها لظنت
ولو سمحت لضن بها الزمان
فيعمد الآخر ببيت يكون أوله حرف النون كونها الاخيره في البيت السابق فيقول:
نعيب زماننا والعيب فينا
وما لزماننا عيب سوانا
وغالباً ما تكون المقاهي البغداديه في اسواق بغداد في تلك الفتره أو قريبة منها حيث كانت أسواق تلك الفتره: البزازين والقزازين والسراجين والصفارين والشورجه والغزل واليمنچيه وغيرها وأشتهرت بعض المقاهي بلعبة خيال الظل( القره قوز) منها مقهى عزاوي وكانت بعض المقاهي تقدم الجرائد اليوميه لزبائنها مثل مقهى القرا الخانه في الباب المعظم ومن مقاهي تلك الفتره من تقدم فيها المقامات والبستات البغداديه فقد كان مقريء المقام أحمد الزيدان يقدم مقاماته في مقهى المميز ومن المقاهي من يقدم القهوه العربيه منها مقاهي إعگيل في الكرخ حيث الدلال والقهوه وقد كانت بعض المقاهي بأعتبارها مركزاً تجارياً فلقد كانت مقهى العنبار مقراً تجاريا حيث يرتادها التجار وتعقد الصفقات التجاريه وكانت بعض المقاهي كالمتنزه لكثرة الاشجار مثل مقهى ملا حمادي في محلة المربعه ومقهى العبد خارج بغداد الحاليه حيث كانت في نىبستان الخس محلة البتاويين وكان من يحضر لها ليلاً يحمل السلاح وكانت أبواب بعض المقاهي يحيط بها الشحاذون الذين يستعاضون عن التجوال بالوقوف بباب المقهى للأستجداء وكانت بعض ألعاب شهر رمضان تجرى في بعض مقاهي بغداد منها لعبة (المحيبس) تصغير محبس وقد يستغرق اللعب الى الفجر حيث موعد اطلاق مدفع السحور وتتم بأن يدعوا فريق محيبس محلة الفضل فريق محيبس محلة باب الشيخ في احدى المقاهي للعب ومن مقاهي بغداد من أشتهرت بتقديم الچالغي البغدادي فلقد كانت فرقة چالغي بغدادي تعمل عصر كل يوم في مقهى سبع بالميدان وقوانها المغني حسن الشكرچي مرة والسيد جميل مرة أهرى وكانت فرقة الچالغي من صالح شميل على الكمان وحوكي بتو على السنطور ويوسف حمو على الدف وعبودي امماطو على ( الدنبك) وكان الچالغي في الليل بهذه المقهى القاريء أحمد زيدان والفرقه من نسيم بصون على الكمان وشاووءل بصون على السنطور وحسقيل شاووءل على الدف وشاووءل زنكي على ( الدنبك) من ذلك يلاحظ ان جميع الموسيقين من اليهود البغداديين ومن أشهر من قرأ مقام البهرزاوي هو الحاج سبع القصاب حيث كان يقرأه في مقهى حمدي النهر في سوق الفضل. ومثله مجيد كركر الذي كان يغني المقام البهرزاوي في مقهاه في محلة الفضل وهذا ما فعله خسرو مصطاف الذي كان أول الفائزين في المباريات التي تجرى في هذا المقهى.

طارق حرب خبير قانوني ومحام


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى