د. خالد محمد عبدالغني - إسلام عمر بن الخطاب بين التأويل والتأريخ

دار حديث طويل بيني وبين الفاضل صديقي وأستاذي المثقف النبيل كما يحلو لي تسميته ا. حسن فرج الله بشأن عدد من الوقائع التاريخية سواء ما كان منها بالنسبة للرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم أو بعض الصحابة الكرام رضوان الله عليهم جميعا او بعض الوقائع في العصور التالية ، وقد حبب الي سيادته الكتابة في هذه الموضوعات لعل احدا من القراء ينتفع بها وفعلا حاولت الكتاب ، وأحب في البداية أن اضع تصوري لمصطلح الصحابة وهم اولئك القلة التي أمنت في بداية الدعوة وسموا فيما بعد بالمهاجرين ومعهم اولئك الانصار الذين نصروا الاسلام ولقد اشترك المهاجرون والانصار في التضحية بالنفس والمال لنصرة الدعوة ومن ثبت على الاسلام طوال حياته ، ثم تأتي مجموعة كبيرة من المعاصرين لسيدنا النبي صلوات الله عليه وقد يكونوا قد رأوه أو سمعوا منه أو عنه وهؤلاء قد ارتد الكثير منهم بعد خلوده صلوات الله عليه للرفيق الاعلى فيما عرف بحروب الردة التي شنها الخليفة الراشد أبو بكر الصديق عليهم ، ثم نأتي لفئة الأحباب الذين أحبوا الرسول واتبعوه ولم يروه وهم الذين عبر عنهم في حديثه الذي قال فيه متى أرى أحبابي ؟.

ونأتي لموضوعنا حول اسلام عمر بن الخطاب ولقد قال المؤرخون فيه قولين الأول انه اسلم حين ذهب لاخته وزوجها ولما قرأ القران اسلم من فوره وفي هذه الرواية يتبين ان عمر وكأنه لم يسمع القرءان من قبل وهذا مخالف لما عرف عن عمر من البحث والتقصي والقراءة والكتابة وحفظ الشعر والاستشهاد به وقراءته للتوراه ومعرفته بقبائل العرب ، وأما القصة الثانية فكانت انه سمع النبي ص وهو يصلي ويقرأ القرءان حول الكعبة ولما تبع النبي سأله عن سبب ذلك فاسلم عمر بين يديه الكريمتين ، ويتضح من هذه الرواية ان عمرا كان يتابع النبي وأخباره ويستمع للقرءان ويتفهمه وهذه قصة تعد متفقة مع يعرف عن عمر من صفات عقلية ونفسية . وأما القصة التى كانت من عنفه مع أخته وزوجها في ييتفق مع ما يعرف عنه من شدة وعنف وأحسب أن إسلامه كان كما جاء في متابعته للنبي وسماع القرءان منه .

ويقول أحد المؤرخين ما خلاصته : ” أَنَّ إِسْلَامَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كَانَ – فِيمَا تُحِدِّثُوا بِهِ عَنْهُ – أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَوْ جِئْتُ الْكَعْبَةَ فَطُفْتُ بِهَا سَبْعًا أَوْ سَبْعِينَ، قَالَ: فَجِئْتُ الْمَسْجِدَ أُرِيدُ أَنْ أَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يُصَلِّي، وَكَانَ إِذَا صَلَّى اسْتَقْبَلَ الشَّامَ وَجَعَلَ الْكَعْبَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّامِ، كَانَ مُصَلَّاهُ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ: الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ وَالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ، قَالَ: فَقُلْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ: وَاللَّهِ، لَوْ أَنِّي اسْتَمَعْتُ بِمُحَمَّدٍ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَسْمَعَ مَا يَقُولُ، قَالَ: فَقُلْتُ: لَئِنْ دَنَوْتُ مِنْهُ أَسْمَعُ مِنْهُ لَأُرْوِعَنَّهُ، قَالَ: فَجِئْتُ الْكَعْبَةَ مِنْ قِبَلِ الْحِجْرِ فَدَخَلْتُ تَحْتَ ثِيَابِهَا فَجَعَلْتُ أَمْشِي رُوَيْدًا، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، حَتَّى قُمْتُ فِي قِبْلَتِهِ مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلَّا ثِيَابُ الْكَعْبَةِ، قَالَ: فَلَمَّا سَمِعْتُ الْقُرْآنَ رَقَّ لَهُ قَلْبِي، فَبَكَيْتُ وَدَخَلَنِي الْإِسْلَامُ…”

د. خالد محمد عبدالغني



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى