شريف محيي الدين إبراهيم - العجوز الحكيم للقاص سمير حكيم

نحن أمام مبدع معجون بمعاناة
الإنسان البسيط ، فهو قد نجح في تقديم العديد من النماذج المصرية التي تواجه هموم الحياة، في إطار قصصي شيق.
يهتم القاص سمير حكيم باللغة كثيرا ويجيد صناعة الجملة الفنية في إطار محكم لحبكة قصصية، وهو يحرص كل الحرص على أن يتحكم في مفرداته والتي تأتي دائما محملة بدلات ورموز فنية.
وعادة ما يهتم بالتفاصيل، وكأنه يمتلك عدسة مكبرة فاحصة، و تمتاز معظم أعماله بالعمق والجدية، و تكاد لا تخلو من قيمة فنية عالية، هي نتاج خبرات ثقيلة محملة بثقافة وموهبة موسوعية.
سمير حكيم المشبع برائحة يود بحر الإسكندرية وطباعها المتفردة، له أيضا كمبدع متمرس من صفات البحر الكثير في صفائه، وعنفوانه، وقوته وكذلك تقلبه.

أصدر سمير حكيم العديد من المجموعات القصصية، ونشرت أعماله في الدوريات والصحف المصرية والعربية
كما قدم العديد من الدراسات والمقالات والأبحاث النقدية.

وفى قصة ظل العجوز سنلاحظ اننا أمام
حالة فنية
تمتاز بالعمق الشديد ، وتصور لحظات إنسانية مليئة بالشجن والألم، و حميمية العلاقة بين الأب والأبناء، وشبح مواجهة المستقبل.
كيف سيواجه البطل نفس المصير ونفس الاحساس بالعجز والشيخوخة؟!
فراق الأبناء، وعذاب الوحدة، وضعف الجسد، وتهالكه مع إشارات من المؤلف لكبرياء ذلك العجوز فنحن نكاد نسمع صوته الواهن حين يقول للبطل كفى، وكأنه لا يريد المزيد من المساعدة رافضا لأن يكون في موضع شفقة، حتى ولو كان في الرمق الأخير من حياته

. تداخل الشخصيات بين البطل والتشابه مع العجوز في الملامح مع اختلاف الزمن، وكذلك استدعاء الأب وما يمثله من ذكرى غالية...
بل ومن خلال رائحة ذلك الشيخ الهرم، يستدعي البطل جميع من رحلوا وتركوا فراغا ووجعا في القلب والعقل والذاكرة...
ويطرح القاص من خلال نصه المحكم سؤالا غير مباشر، ولكنه هام جدا، ألا وهو :
هل هذا الشيخ العجوز، هو المعادل الموضوعي للموت وما يمثله عبر الأزمان من لغز غامض محير؟!

المناخ المتقلب وزخات المطر في طقس شتوي قد تناسب مع طبيعة الحالة القصصية.
تركيز المؤلف ، وبناء حدث متوتر في مساحة مكثفة وفضاء نص قصصي قد تم بامتياز وبحرفية مبدع، يمتلك من الأدوات ما يمكنه من اختزال صفحات طويلة في جمل قصيرة سريعة محملة بالعديد من الدلالات ذات العمق الإنساني النبيل.
وقد
برع القاص سمير حكيم، في تجسيده لتلك المشاعر الراقية للإنسان في دورة الحياة التي لا ترحم، والتى تؤكد على أنه لا يستطيع أحد أبدا مهما بلغ من قوة أو غني أو منصب أن يقهر ذلك العملاق الغامض المسمى بالزمن...

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى