أبووردة السعدني - السلطان العاشق

...إنه السلطان سليمان القانوني، درة تاج سلاطين آل عثمان، حكم الدولة العثمانية ثمانية وأربعين عاما ، أمضى منها أكثر من عشر سنوات ممتطيا صهوة جواده غازيا فاتحا ، ونعمت الدولة العثمانية - في عهده - بنهضة لم تبلغها من بعده، توفي مجاهدا سنة 974 هجرية 1566م في سيكتوار بالمجر عن إحدى وسبعين سنة.
تعلق قلبه بجاريته روكسلان، ذات الأصل البولندي على أرجح الآراء ، فبنى بها ، وتعد أول جارية يتزوجها سلطان عثماني زواجا رسميا، سماها : خرم - بضم الخاء وتضعيف الراء المفتوحة - وهو اسم فارسي معناه : الحسناء المرحة ذات الوجه الضاحك، ورزق منها خمسة أبناء وبنتا واحدة .
تحلت خرم سلطان، أو السلطانة خرم - إلى جانب جمالها الأخاذ - بإيثار الخير، ورجاحة العقل ، وعذوبة المنطق ، ملكت عقل السلطان وأسرت فؤاده، فكانت قرة عينه التي هام بها وجدا، ورغم ما أثير حولها من لغط لم يقطع بصحته، فإن السلطانة الآسرة الأثيرة كانت إذا خرج السلطان على رأس جيشه وفارقها الشهور الطوال، لا تجد غير المداد تسكب - من خلاله - مشاعرها الجياشة وآلام الفراق التي تكتوي بلهبها، ترسلها إلى زوجها وحبيبها السلطان سليمان في ميادين الوغى و ساحات النزال، من تلك الرسائل :
سلطاني ،يا حبيب روحي :
إن وجهك كوجه يوسف ، وكلامك أحلى من العسل المصفى
إنني أضرع إلى الله أن يريني - في أقرب وقت -وجهك المبارك.
عجبا :
لو صارت الأشجار أقلاما، والبحار مدادا ،فهل ستكفي لتصور لوعة الفراق وألم البعاد ؟!
من أراد أن يعلم ما أكابده فليقرأ سورة يوسف ، وقتها سيدرك آلام الفراق.
يا رياح الصبا : احك لسلطاني عن حالي، قولي له :
إن وردتك حين تفتقد وجهك يصير حالها كالبلبل الذي يصرخ ويصيح
... لم يترك السلطان سليمان محبوبته، أم أولاده ، دون رد على ذلك الشوق المشتعل ، من خلال قصيدة بث فيها مشاعره الجياشة ، نتخير منها تلك الأبيات المترجمة عن اللغة التركية :
يا من أشاركها حياتي ،يا حبيبتي، يا قمري المضئ
ياحياتي ، وعمري وحالي، وشراب كوثري وجنة عدن
يا ربيعي وبهجتي ونهاري، ومصدر سعادتي وفرحي
إذا مت فدمي في عنقك، المدد منك يا حبيبتي الجميلة
أنا عند بابك لأمدحك، سأظل أمدحك إلى الأبد
قلبي ملئ بالأمل، وعيني مليئة بالدموع
أنا ( محبي) عاشق ولهان .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى