محمد السلاموني - <المعنى> مصادر ووسائل إنتاج المعنى:

لدى "الغرب" مصادر ووسائل عديدة لإنتاج المعنى، فلديهم الفلسفة والعلوم الطبيعية والإنسانية والإجتماعية والأدب والفن، هذا فضلا عن التجربة الفردية المنفتحة على العالم؛ لغات، ثقافات ... إلخ .
أما لدينا، فلا شئ هناك، سوى "علوم الدين، ثم علوم الدين، هذا بالإضافة إلى علوم الدين"، أما العلوم الأخرى "المستوردة من الغرب" فلا تزيد عن محفوظات يتحول العقل المصرى بمقتضاها إلى "صفائح زبالة"، عليه أن يفرغ محتوياتها فى "أوراق الإمتحانات" ليحصل بعدها على شهادة هى مجرد ورقة رسمية لا قيمة لها .
من أين يأتى الإنسان المصرى بالمعنى اللازم لوجوده إذن؟.
مفهوم الإنسان عن الوجود هو المُنتِج للمعنى اللازم لهذا الوجود، من هنا يمكن لنا أن نفهم كيف أن المفهوم "الدينى" السائد لدينا عن الوجود هو الذى يصنع المعنى الذى نحيا به...
إلى الآن ونحن نتعامل مع التكنولوجيا الغربية باعتبارها مجرد أجهزة أو سلع إستهلاكية، ليس لها من فائدة سوى تيسير الحياة وتوفير الجهد، وكما ذهب "الشيخ الشعراوى من قبل": [لقد خلق الله الغرب الكافر لخدمتنا- بالعلوم والتكنولوجيا التى يخترعونها.].
هكذا، دون أن يفهم- وليس بإمكانه أن يفهم- أن تلك المخترعات تحمل بداخلها تصورا آخر عن الوجود، فالسيارة- على سبيل المثال- ليست مجرد وسيلة للنقل السريع، عوضا عن الماشية القديمة البطيئة، بقدر ما هى إعادة بناء لتصوراتنا عن "الزمان والمكان"...
العقل الدينى ليس مجرد عقل قديم، العقل الدينى يرتبط بالطبيعة لا بالثقافة، أى أنه يستمد المعنى من المعطى الطبيعى الخام، المجانى، أما الثقافة فترتبط بالجهد الإنسانى للهيمنة على الطبيعة ومن ثم على "المعنى والمصير"... من هنا كان مصير الإنسان الدينى هو نفس المصير الذى تلقاه الحيوانات "التى تحيا على نحو طبيعى" .
العيش بـ "المعنى الدينى- الواحد الوحيد" وصمة فى جبين الإنسان المعاصر، أى علامة من علامات التخلف بما هو الموت "العقلى- الحضارى"... أما العيش بالمعنى الثقافى "المتعدد والمتغير"، ففضلا عن التوافق الإيقاعى المتجدد الذى يُحدِثة بين الإنسان والعالم، إذ يدفع به إلى الإندماج والتماهى بمجرى التاريخ "الذى هو صانعه"، فإنما يحرره من الإرتهان للأوهام
الأسطورية، لا سيما من الوحش الأسطورى "الروح الهائلة، أو العفريت الكبير" الذى يسكن الطبيعة...
وبذا يصير التاريخ هو "مصدر المعنى"، والإنسان هو المنتٍج لهما معا.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى