محمد السلاموني - الابداع والمرأة.. الجنة والجحيم

من الأساطير تنحدر "المرأة"، تنحدر بها ومعها، وفى ظلالها يعثر "الشاعر" على جَنَّته؛ أو هكذا يظن، متناسيا أنها هى التى تسببت فى طرده من الجنة ؟!.
هناك تلازُم بين المرأة والجَنَّة، نعثر عليه فى قصة الخلق "آدم وحواء"، وفى الحب الأرضى؛ إذ يعتقد الرجل بأنه سيعثر حتما على جنته حين يلتقى بالمرأة التى يحب...
اشتعلت حرب طروادة بسبب امرأة تُدَعَى "هيلين"؛ أجمل نساء الأرض .
وتروى الأسطورة أن [مشادة وقعت بين الربات الثلاث هيرا وأفروديت وأثينا، حيث رأت كل ربة منهن أنها الأجمل، واتفقن على الإحتكام إلى أول غريب يرينه، وقد كان الراعي الشاب "باريس"، فسردن عليه أمرهن وطلبن إليه أن يحكم بينهن بإعطاء تفاحة للأجمل منهن، وأغرته هيرا بالسلطة إن هو وهبها إياها، وآثينا بالحكمة والمجد، وقالت له أفروديت أنها ستهبه أجمل نساء الأرض، ففضلها عليهن وأعطاها التفاحة ليغضب بذلك الربتين الأخريين.
حققت أفروديت وعدها لباريس، فأرسلته إلى أسبرطة، فاستغل غيبة منيلاوس وأغوى زوجته "هيلين" التي فاقت كل نساء الدنيا جمالًا، وجاءها كل ملوك الإغريق خاطبين، فاختارت منهم منيلاوس ملك أسبرطة، وطلب أبوها إليهم جميعًا أن يقسموا على حماية شرفها. وهرب بها "باريس" إلى طروادة، فثار الإغريق لشرفهم، بينما لم يستطع الطرواديون تسليمها.]
"الجمال المكتمل، المطلق" أحد سمات الجَنَّة. ويبدو أن بحثنا الدائب عنه يعود إلى أننا نختزن صورته السماوية فى لا وعينا الجمعى؛ قبل الطرد من الجنة .
من هنا كانت رغبتنا الغريزية، التى لا تنتهى، فى امتلاك الجمال...
أما لماذا يقترن الجمال بالنساء؟، فربما كان هذا يعود إلى ارتباط رَحِم المرأة بالجنة...
/ ملحوظة: تلك المقاربة خاصة بى، ولم أنقلها عن أحد .
إذن، بين "الجمال والجنة والمرأة" علاقة أسطورية عميقة.
لكننا نلاحظ أن امتلاك "باريس" لـ "هيلين الجميلة"، بقدر ما يدل على عثوره على جنَّته "هو الراعى- وهو ما يذكرنا على نحو ما بهابيل الراعى الذى تَقَبَّل منه الرب القربان"، أدى إلى اشتعال الحرب "التى هى إحدى صور الجحيم" .
/ لست هنا بصدد عقد مقارنة بين هابيل وباريس- على الرغم من إغواء المقاربة لى بذلك- لأن هذا ليس موضوع المقال.
الجَنَّة والجِن والجنون :
كان الشعراء العرب يذهبون إلى "وادى عبقر- الذى هو وادى الجِن بحثا عن الوحى أو الإلهام الشِّعرى"- ونحن نعرف أن كلمة "الجنة" مشتقة من الجذر "جُنَّ"... هذا فضلا عن ارتباط قصص العشق العربية كـ "قيس وليلى" بالجنون؛ هذا وكلمة "الجنون" مشتقَّة هى الأخرى من "جُنَّ"...
ما يعنينى مما سبق هو أن جنة الشِّعر "والإبداع الأدبى والفنى عامة ذو جوهر شِعرى" تقترن
بالجحيم- الذى هو "معاناة الخلق الإبداعى- فالشعراء "فى كل واد يهيمون"...
المرأة والإبداع:
بالإضافة إلى ما سبق، تستحوز المرأة على مسحة إلاهية؛ إذ تلد، تخلق الحياة... وهو ما يضعنا أمام كائن بشرى نصف إله... هكذا، فالرجال "المبدعون على الأخص؛ بحكم انفتاحهم على اللاوعى الجمعى" يرون المرأة بعين أخرى، أكثر كونية مما نظن . لذا تنهمر منها الإلهامات الملتمعة المثيرة للمخَيِّلة...
// وعن نفسى، أعتقد جازما، بالإحتكام إلى تجربتى الشخصية، أن ما من إبداع بدون امرأة .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى