محمد السلاموني - الله والأديان

أسباب لا حصر لها هى تلك التى انتهت بالبشر عبر التاريخ إلى الإهتداء إلى فكرة "الله"، فهناك "إله" فيما وراء الوجود، يخلق ويقدِّر المصائر فى الحياة والموت.
تكمن الإشكالية، التى هى محط جميع التساؤلات المتعلقة بـ "الله" ، فى الأديان ذاتها؛ التى يقال بأنها "رسائل الله إلى البشر" .
فالأديان، على اختلافها، هى التى حَدَّدَت وعَيَّنَت لنا، كل ما نعرفه عن "الله"...
ومن هنا، كان التناقض الذى يحدث دائما بين التصور الدينى عن الله، والواقع التجريبى الذى يحياه الناس.../ فإذا كان الله- على سبيل المثال- هو الخير والحب والرحمة والسلام والعدل... إلخ، فما مبررات وجود ما يعانيه البشر؟، أى لماذا كل هذا الشر الذى نلقاه فى كل مكان؟.
جميع التساؤلات المشكِّكة فى وجود الله تعود إلى الأديان، وهو ما يعنى أن التصورات الدينية عن "الله" دائما ما يتم وضعها فى موضع تساؤل.
// أريد هنا أن أتخذ مثالى من واحدة من أهم القضايا المتعلقة بعلاقة الله بالبشر، على مرجعية الأديان:
ذهاب البعض إلى أن: [الله هو "مخاوفنا" نفسها، حين تجسَّدت على هيأة معبود.]، بقدر ما يعود إلى وحشية الطبيعة؛ تأليهنا لها، وعبادتها، يعود أيضا إلى النصوص الدينية التى ألصَقَت وحشية الطبيعة بالله نفسه/ وهو ما نراه إلى الآن من نزوع المؤمنين إلى تأويل الكوارث الطبيعية وغيرها، بأنها "عقاب السماء"...
لكن البعض يلاحظون بأن هذا "العقاب" يطال الجميع، إذ يساوى بين الخَيِّر والشِّرير؛ فـ "الزلازل والأعاصير والبراكين، وغيرها"، تلتهم الجميع...
حين تُطرَح مثل تلك التساؤلات على رجال الدين، لا تجد إجابات مقنِعة- عدم انقطاع البشر عن تكرار تلك التساؤلات طوال التاريخ إلى الآن يؤكد هذا.
الله هو "قوة الطبيعة"، لا شك فى هذا، ولازال المؤمنون بالله يفعلون ويردِّدون، إلى الآن، نفس ما كان يفعله ويردِّده الإنسان البدائى مع الطبيعة، وإن اختلفت الطقوس والنصوص.
/ أريد أن أنتهى إلى أن "الإيمان بوجود الله شئ، والإيمان بالأديان شئ آخر، مختلف تماما".
بل وأكثر من هذا، فالأديان هى التى حوَّلت الله إلى موضوع لسجالات لا تنتهى بين المؤمنين بها وأصحاب العقول المستقلة، المفكِّرة...
نعم، الأديان السماوية "التوحيدية" هى المَصَبَّات الكبرى التى انتهت إليها العقائد الوثنية "التعددية"... أما "الله" نفسه، فعلى الرغم من جميع الإشكاليات المتعلقة بوجوده الفعلى، وعلى الرغم من اختلاف المسمَّيات التى أطلقت عليه، إلاَّ أننا جميعا نستشعر وجوده .
/ حقيقة، الأديان هى المسافة الهائلة، أو قل "المتاهة" الفاصلة بين البشر وبين الله.
  • Like
التفاعلات: عزالدين الماعزي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى