لماذا لا تريد أن تحكي لنا الحكاية؟ لماذا تبدو هكذا؟ جافا أو شاحبا، كأنك خرجت لتوك من قبر أو من حرب لم ينج منها سواك. ما هذا في جيبك؟ لو أنك أردت إخفاءه، ما تركت جزءا منه ظاهرا. هل هو لسانك؟ قطعته وأودعته جيبك دون أن تنبس بكلمة. حسنا إثرها لم يعد بإمكانك أن تفكر في ذلك.
حذاؤك مغبر، جئت من قرية مهمشة في أعالي الجبال الشاهقات التي يتباهى بها سكان المدن كرموز وطن وهمي، لم يسبق لهم أن ذاقوا مرارة تلك الأحجار البريئة التي تأبى إلا أن تنطق بجرح من يعانقونها في كل لحظة ليتنفسوا بعض الهواء النقي.
لماذا قنينة مائك فارغة؟ هل أتيت عليها لوحدك أم اقتسمتها بشجاعة مع العابرين الظامئين؟ أنظر إليك وأحاول أن أقرأ ما حدث، هناك في المكان الذي أتيت منه، في عقلك الذي يختزن كل شيء ليختصر العالم في ذاكرة لعينة ومثيرة. أنتظر، أحول نظري صوب تفصيلة متبقية. يداك باردتان، دون أن ألمسهما. هادئتان متجهتان للون الأزرق..
ربما لم تمر من غابة بها بعض قش وأعواد يابسة لتشعل نارا تلتمس دفئها، ربما لم تجرؤ على إيذاء الغابة، خشيت أن تحرق كل شيء، كنت مؤْثرا في زمن يستنزف. أو لعلك لم تعرف كيف تضرب حجرا بحجر، لو لم يكن الأمر كما أخمن، لأخرجت لي من جيبك الآخر ولاعة مريبة. لم تبد اهتماما.
تخيلتك خرجت للتو من تجربة فظيعة؛ قتلت زوجتك، تركتها تحتضر، بينما غادرت لا تشعر بشيء، تجرجر انطفاءك في جنبات عدم. فقدت كل معنى وغاية. لماذا قتلتها؟ أو لماذا لم تقتلها؟ هذا إن أخبرتني بعكس ما فكرت فيه، أنا الذي أنتظر بكل بشاعة نواياي. أردت في الحقيقة أن أعطيك سيجارة من التي أفضلها، ربما لا تدخن. أشعر دائما بخجل شديد عندما يواجهني شخص ما برفض بشوش لطيف، أفضل المواجهات العنيفة.
لكنك يا صديقي شبه ميت. يا لملامحك المغرضة في البؤس. في كل لحظة، يمكن أن تحكي الحكاية. انتظرت، شرعت أدور من حولك، أراقبك، لم تحرك ساكنا. أراهن أنك خرجت من تجربة حب فاشلة، نعم كل الذين أعرفهم أو قرأت عنهم يصيبهم هذا الحال الذي هو شبيه تماما بما أنت فيه، لا يمكن أن يخفى هذا على أحد. عليك أن تفضفض حتى تتخلص من كتلة الحزن الرازحة على قلبك توهمه بنهاية الحياة..
الحياة نفسها تخفي بغرابة منطقها كتجربة مستمرة لا تنتهي. لا تجعلها تخدعك، تعال، اقترب. ربما تدخين سيجارة حشيش سيكون مريحا. أو شرب خمر رخيص.. لا أدري، لكنك الآن لن تقوى على التفكير. كل ما يجب عليك أن تنقاد لفعل شيء غير كمدك أو عبوسك التعيس. ليس الحب فقط ما يفعل كل هذا. أنا أعترف. أترك لنفسي مساحة حتى لا أرتكب حماقة بشرية، قد أنقض عليك لمجرد أنك تحرمني الآن من رغبة أو فضول ليس لدي الحق فيهما بمنطق النظرية.
المفارقة أن كل ما يجب ألا يفعله البشر بما هم بشر يفعلونه بابتسامة شريرة ومقززة. هل أراوغ وأهديك وردة؟ وهل السياق مناسب حتى لا تكون هناك تأويلات مفجعة؟ خاصة وأننا حولنا كل شيء إلى رموز جشعة للغاية. سأقول لك وأنا أواصل تفكيرا مجنونا:
- يحق لك أن تصمت، مع أنك لست مجرما، لستُ شرطيا أمريكيا. يحق لك أن تكون تمثالا..
التفت من حولي أجرب ألا أنتبه إليك، كانت هناك سيدة قد جلست على مقعد في الحديقة تحدق بي أو بك. تقدمت صوبها، فيم بقيتَ في مكانك، لم تحرك ساكنا. حييتها مستأذنا لكي أجلس بجانبها، فوافقت وهمستْ:
- أكاد أنسى دائما أني نحته ذات حزن، لم يغادرني أبدا..
حذاؤك مغبر، جئت من قرية مهمشة في أعالي الجبال الشاهقات التي يتباهى بها سكان المدن كرموز وطن وهمي، لم يسبق لهم أن ذاقوا مرارة تلك الأحجار البريئة التي تأبى إلا أن تنطق بجرح من يعانقونها في كل لحظة ليتنفسوا بعض الهواء النقي.
لماذا قنينة مائك فارغة؟ هل أتيت عليها لوحدك أم اقتسمتها بشجاعة مع العابرين الظامئين؟ أنظر إليك وأحاول أن أقرأ ما حدث، هناك في المكان الذي أتيت منه، في عقلك الذي يختزن كل شيء ليختصر العالم في ذاكرة لعينة ومثيرة. أنتظر، أحول نظري صوب تفصيلة متبقية. يداك باردتان، دون أن ألمسهما. هادئتان متجهتان للون الأزرق..
ربما لم تمر من غابة بها بعض قش وأعواد يابسة لتشعل نارا تلتمس دفئها، ربما لم تجرؤ على إيذاء الغابة، خشيت أن تحرق كل شيء، كنت مؤْثرا في زمن يستنزف. أو لعلك لم تعرف كيف تضرب حجرا بحجر، لو لم يكن الأمر كما أخمن، لأخرجت لي من جيبك الآخر ولاعة مريبة. لم تبد اهتماما.
تخيلتك خرجت للتو من تجربة فظيعة؛ قتلت زوجتك، تركتها تحتضر، بينما غادرت لا تشعر بشيء، تجرجر انطفاءك في جنبات عدم. فقدت كل معنى وغاية. لماذا قتلتها؟ أو لماذا لم تقتلها؟ هذا إن أخبرتني بعكس ما فكرت فيه، أنا الذي أنتظر بكل بشاعة نواياي. أردت في الحقيقة أن أعطيك سيجارة من التي أفضلها، ربما لا تدخن. أشعر دائما بخجل شديد عندما يواجهني شخص ما برفض بشوش لطيف، أفضل المواجهات العنيفة.
لكنك يا صديقي شبه ميت. يا لملامحك المغرضة في البؤس. في كل لحظة، يمكن أن تحكي الحكاية. انتظرت، شرعت أدور من حولك، أراقبك، لم تحرك ساكنا. أراهن أنك خرجت من تجربة حب فاشلة، نعم كل الذين أعرفهم أو قرأت عنهم يصيبهم هذا الحال الذي هو شبيه تماما بما أنت فيه، لا يمكن أن يخفى هذا على أحد. عليك أن تفضفض حتى تتخلص من كتلة الحزن الرازحة على قلبك توهمه بنهاية الحياة..
الحياة نفسها تخفي بغرابة منطقها كتجربة مستمرة لا تنتهي. لا تجعلها تخدعك، تعال، اقترب. ربما تدخين سيجارة حشيش سيكون مريحا. أو شرب خمر رخيص.. لا أدري، لكنك الآن لن تقوى على التفكير. كل ما يجب عليك أن تنقاد لفعل شيء غير كمدك أو عبوسك التعيس. ليس الحب فقط ما يفعل كل هذا. أنا أعترف. أترك لنفسي مساحة حتى لا أرتكب حماقة بشرية، قد أنقض عليك لمجرد أنك تحرمني الآن من رغبة أو فضول ليس لدي الحق فيهما بمنطق النظرية.
المفارقة أن كل ما يجب ألا يفعله البشر بما هم بشر يفعلونه بابتسامة شريرة ومقززة. هل أراوغ وأهديك وردة؟ وهل السياق مناسب حتى لا تكون هناك تأويلات مفجعة؟ خاصة وأننا حولنا كل شيء إلى رموز جشعة للغاية. سأقول لك وأنا أواصل تفكيرا مجنونا:
- يحق لك أن تصمت، مع أنك لست مجرما، لستُ شرطيا أمريكيا. يحق لك أن تكون تمثالا..
التفت من حولي أجرب ألا أنتبه إليك، كانت هناك سيدة قد جلست على مقعد في الحديقة تحدق بي أو بك. تقدمت صوبها، فيم بقيتَ في مكانك، لم تحرك ساكنا. حييتها مستأذنا لكي أجلس بجانبها، فوافقت وهمستْ:
- أكاد أنسى دائما أني نحته ذات حزن، لم يغادرني أبدا..