منذ أثمرت شجرة التين الشوكي التي بجوار منزلنا وأنا أحاول الوصول إلى ثمارها قبل غيري من الكبار القادرين على الوصول إليها دون الحاجة إلى من يرفعهم من الأرض مثلي .
تزداد ثمار التين اصفرارا ونضوجا ويزداد قلقي أن يسبقني غيري إليها ، وبعد طول تفكير ركبت الحمار لأصل إليها ، ما ان بدأت أقطف ثمارها حتى وصل أخي يجري ويصيح فرحاً :
ـ ابن عبد الله علوان مات
ألقيت بثمار التين وقفزت من فوق الحمار ، جرينا وأخي حفاة نحو منزل عبد الله علوان في القرية المجاورة فيما أمي تصرخ خلفنا :
ـ أرجعوا يا " مفضوحين " الله يهديكم .
لم نلتفت لنداء أمي فقد كنا نتخيل أنفسنا في الملابس والأحذية الجديدة والمكسرات والحلوى والكعك الذي سيوزع صدقة على روح الطفل .
ندوس الأشواك والأحجار ، نجري ونلهث ، العرق يتصبب من وجوهنا ونحن نسابق الأطفال الذين بدأوا يتقاطرون من مختلف القرى ليشكلوا تجمعا كبيرا أمام منزل عبد الله علوان .
منذ عامين ونحن نحسد هذا الطفل المدلل نجل أكبر تاجر في المنطقة ، نصوب على ملابسه وحقيبته المدرسية وأقلامه ونقوده سهام عيوننا وها هو يموت ونتجمع لنيل نصيبنا من الصدقات التي ستوزع على روحه .
اخترقت وأخي صفوف الأطفال الذين تجمعوا أمام المنزل وعند الباب كادت امرأة أن تمنعنا من الدخول لولا ان اشارت عليها أم الطفل بإدخالنا لتقودنا إلى المخزن المكتظ بكل المواد الغذائية والملابس ، خلعنا ملابسنا واخترنا أجمل الملابس الجديدة ، ومن خزانة الطفل أخترنا الأحذية اللامعة .
استملنا نصيبنا من الكعك والحلوى ، دهنوا رؤوسنا ومشطوا شعرنا ، كنا في عيد ، بقينا نلعب ونمرح ، لا نبالي ببكاء النساء وصراخهن وكأننا في عالم آخر .!
غادرت بعد أن قنعت بما لدي من ملابس وكعك وحلوى ، في منتصف الطريق تذكرت حقيبة الطفل المدرسية التي بقيت لعامين أتمنى الحصول على واحدة مثلها ، وحينها عدت مسرعا إلى منزل عبد الله علوان ، بحثت عن غرفة الطفل حتى اهتديت إليها ، لكنها كانت مغلقة ، تبخر حلمي وشعرت بحزن كبير وغادرت على أن أعود في اليوم التالي إلى منزل الطفل للحصول على الحقيبة.
في منتصف الطريق غيرت رأيي وقررت العودة والحصول على الحقيبة الآن قبل أن يسبقني إليها طفل آخر .
الغرقة لا زالت مغلقة ، داهمتني الحيرة كيف أفعل لأصل إليها فقد صممت على نيل حقيبة الطفل مروان بأي وسيلة ؟!
قررت الذهاب إلى والدة الطفل وطلب الحقيبة منها ، بحثت عنها في غرف النساء القادمات للعزاء حتى وجدتها تقدمت إليها وصافحتها وأجهشت بالبكاء فضمتني إلى صدرها ومسحت على رأسي قائلة :
ـ تبكي على مروان زميلك بالمدرسة ؟
قلت لها بكل صراحة :
ـ لا أبكي عليه أريد حقيبة مروان والأقلام والدفاتر
ضجت النساء بالضحك ولا أدري كيف طلعت أمي من وسطهن وسحبتني من أذني كخروف إلى خارج إلى المنزل وهي تهددني وتتوعدني بالضرب المبرح:
ـ بعيني لما نروح البيت يا قليل الأدب فضحتني الله يفضحك .
عادت أمي إلى النساء وفي أذني طنين ، شعرت بأن الدنيا تدور أمامي وداهمني صداع وألم شديد في أذني .
رغم الألم الشديد ووعيد أمي وتهديدها قررت أن لا أستسلم فهذه الحقيبة هي حلمي منذ عامين .
صعدت إلى مكان الرجال ، كان مكتظا على آخره بالمعزين ، اقتحمت المجلس ألقيت عليهم السلام وصافحتهم جميعا ثم ذهبت إلى عبد الله علوان وقفت أمامه هممت أن أطلب منه الحقيبة ولكنني لم أستطع ، أحسست بالخجل أمام الحضور ، ثقلت لساني وارتبكت ، ووجدتني اجهش بالبكاء فأجلسني إلى جواره ودس في جيبي مائة ريال وقال للحضور :
ـ هذا زميل مروان في المدرسة لم يتحمل فراقه .
قالها وأجهش بالبكاء وبكى من في المجلس وترحموا على الطفل .
وبدأ الناس يثنون علي :
ـ الطفل هذا وفي يحب زميله المرحوم .
ـ هذا ليس كبقية الأطفال الذين يلعبون في الخارج .
ـ ليت كل الأطفال يكونوا مثله .
ـ طفل ذكي جاء إلى والد زميله ليعزيه .
ولا ادري كيف وقفت أمام الجميع وقلت :
ـ أنا لا أبكي على مروان
صدم الجميع بحديثي وصمت كل من في المجلس وصوبوا نظراتهم إلي .
وبكل براءة قلت :
ـ أريد حقيبة مروان وأقلامه والدفاتر
انهار عبد الله علوان ضاحكا وضحك كل من في المجلس .
وفوجئت بعبد الله علوان يقول لي :
ـ هات حقي المائة ريال
وأضاف وهو يضحك ويمسح دموعه :
ـ ظننت أنك تبكي حزنا على ولدي وأنت تريد حقيبته .!
فوجئت بطلبه الذي أحزنني ، مكرها مددت يدي إلى جيبي أخرجت المائة ريال وقلبي يأكله الغيظ لخسارة النقود مددت يدي إليه بالنقود لكنه فأجاني بأن أعادها إلي قائلا :
ـ أنا أمزح عليك ، الله يهديك ويصلحك .
سلمني حقيبة مروان بما فيها فغادرت إلى منزلنا وأنا أكاد أطير من الفرح ، من بعيد لمحت أمي تنتظرني بعصا غليظة وتتوعد :
ـ فضحني والله ما تفوت له .
هربت إلى منزل عمي يغمرني الفرح بموت مروان وحصولي على حقيبته .!
******
تزداد ثمار التين اصفرارا ونضوجا ويزداد قلقي أن يسبقني غيري إليها ، وبعد طول تفكير ركبت الحمار لأصل إليها ، ما ان بدأت أقطف ثمارها حتى وصل أخي يجري ويصيح فرحاً :
ـ ابن عبد الله علوان مات
ألقيت بثمار التين وقفزت من فوق الحمار ، جرينا وأخي حفاة نحو منزل عبد الله علوان في القرية المجاورة فيما أمي تصرخ خلفنا :
ـ أرجعوا يا " مفضوحين " الله يهديكم .
لم نلتفت لنداء أمي فقد كنا نتخيل أنفسنا في الملابس والأحذية الجديدة والمكسرات والحلوى والكعك الذي سيوزع صدقة على روح الطفل .
ندوس الأشواك والأحجار ، نجري ونلهث ، العرق يتصبب من وجوهنا ونحن نسابق الأطفال الذين بدأوا يتقاطرون من مختلف القرى ليشكلوا تجمعا كبيرا أمام منزل عبد الله علوان .
منذ عامين ونحن نحسد هذا الطفل المدلل نجل أكبر تاجر في المنطقة ، نصوب على ملابسه وحقيبته المدرسية وأقلامه ونقوده سهام عيوننا وها هو يموت ونتجمع لنيل نصيبنا من الصدقات التي ستوزع على روحه .
اخترقت وأخي صفوف الأطفال الذين تجمعوا أمام المنزل وعند الباب كادت امرأة أن تمنعنا من الدخول لولا ان اشارت عليها أم الطفل بإدخالنا لتقودنا إلى المخزن المكتظ بكل المواد الغذائية والملابس ، خلعنا ملابسنا واخترنا أجمل الملابس الجديدة ، ومن خزانة الطفل أخترنا الأحذية اللامعة .
استملنا نصيبنا من الكعك والحلوى ، دهنوا رؤوسنا ومشطوا شعرنا ، كنا في عيد ، بقينا نلعب ونمرح ، لا نبالي ببكاء النساء وصراخهن وكأننا في عالم آخر .!
غادرت بعد أن قنعت بما لدي من ملابس وكعك وحلوى ، في منتصف الطريق تذكرت حقيبة الطفل المدرسية التي بقيت لعامين أتمنى الحصول على واحدة مثلها ، وحينها عدت مسرعا إلى منزل عبد الله علوان ، بحثت عن غرفة الطفل حتى اهتديت إليها ، لكنها كانت مغلقة ، تبخر حلمي وشعرت بحزن كبير وغادرت على أن أعود في اليوم التالي إلى منزل الطفل للحصول على الحقيبة.
في منتصف الطريق غيرت رأيي وقررت العودة والحصول على الحقيبة الآن قبل أن يسبقني إليها طفل آخر .
الغرقة لا زالت مغلقة ، داهمتني الحيرة كيف أفعل لأصل إليها فقد صممت على نيل حقيبة الطفل مروان بأي وسيلة ؟!
قررت الذهاب إلى والدة الطفل وطلب الحقيبة منها ، بحثت عنها في غرف النساء القادمات للعزاء حتى وجدتها تقدمت إليها وصافحتها وأجهشت بالبكاء فضمتني إلى صدرها ومسحت على رأسي قائلة :
ـ تبكي على مروان زميلك بالمدرسة ؟
قلت لها بكل صراحة :
ـ لا أبكي عليه أريد حقيبة مروان والأقلام والدفاتر
ضجت النساء بالضحك ولا أدري كيف طلعت أمي من وسطهن وسحبتني من أذني كخروف إلى خارج إلى المنزل وهي تهددني وتتوعدني بالضرب المبرح:
ـ بعيني لما نروح البيت يا قليل الأدب فضحتني الله يفضحك .
عادت أمي إلى النساء وفي أذني طنين ، شعرت بأن الدنيا تدور أمامي وداهمني صداع وألم شديد في أذني .
رغم الألم الشديد ووعيد أمي وتهديدها قررت أن لا أستسلم فهذه الحقيبة هي حلمي منذ عامين .
صعدت إلى مكان الرجال ، كان مكتظا على آخره بالمعزين ، اقتحمت المجلس ألقيت عليهم السلام وصافحتهم جميعا ثم ذهبت إلى عبد الله علوان وقفت أمامه هممت أن أطلب منه الحقيبة ولكنني لم أستطع ، أحسست بالخجل أمام الحضور ، ثقلت لساني وارتبكت ، ووجدتني اجهش بالبكاء فأجلسني إلى جواره ودس في جيبي مائة ريال وقال للحضور :
ـ هذا زميل مروان في المدرسة لم يتحمل فراقه .
قالها وأجهش بالبكاء وبكى من في المجلس وترحموا على الطفل .
وبدأ الناس يثنون علي :
ـ الطفل هذا وفي يحب زميله المرحوم .
ـ هذا ليس كبقية الأطفال الذين يلعبون في الخارج .
ـ ليت كل الأطفال يكونوا مثله .
ـ طفل ذكي جاء إلى والد زميله ليعزيه .
ولا ادري كيف وقفت أمام الجميع وقلت :
ـ أنا لا أبكي على مروان
صدم الجميع بحديثي وصمت كل من في المجلس وصوبوا نظراتهم إلي .
وبكل براءة قلت :
ـ أريد حقيبة مروان وأقلامه والدفاتر
انهار عبد الله علوان ضاحكا وضحك كل من في المجلس .
وفوجئت بعبد الله علوان يقول لي :
ـ هات حقي المائة ريال
وأضاف وهو يضحك ويمسح دموعه :
ـ ظننت أنك تبكي حزنا على ولدي وأنت تريد حقيبته .!
فوجئت بطلبه الذي أحزنني ، مكرها مددت يدي إلى جيبي أخرجت المائة ريال وقلبي يأكله الغيظ لخسارة النقود مددت يدي إليه بالنقود لكنه فأجاني بأن أعادها إلي قائلا :
ـ أنا أمزح عليك ، الله يهديك ويصلحك .
سلمني حقيبة مروان بما فيها فغادرت إلى منزلنا وأنا أكاد أطير من الفرح ، من بعيد لمحت أمي تنتظرني بعصا غليظة وتتوعد :
ـ فضحني والله ما تفوت له .
هربت إلى منزل عمي يغمرني الفرح بموت مروان وحصولي على حقيبته .!
******