صبيُّ الرّيح

تصلُ الريحُ رفوفَ حمام .. تحطُّ على الوجنات. وتقولُ الناسُ:
ما شاء الله.
تغتسلُ الدنيا، وتشهقُ الأكواخ.
يتسلقُ المهاجرون أسطحَ الصفيح، ويتنادون، وهم يفردون النايلون، ويربطونه على الثقوب.
عندها يصعدُ صبيُّ الريحِ التلال، هناك يشهرُ ذراعيه.. سبّاقا في عناقِها، متمتعا بشدتها، وقد انغلقت صرصرا خالطها التراب.
في خضمِها يقهقه صبيُّ الريح، ويأخذه الوجدُ؛ فيصيخ: زيدي.
يكابدُ رضيّا، وكلما خبطته؛ هاج، وترنح هائما بزغردة الريح.
فإذا ما انقشعَت؛ بحث عن أنفاسِه، ولمّ جسدَه، وشرع في قطافِه، وقد غدا طيرَ حجل؛ يتقافزُ على بحيرةِ رملٍ مضيء. وتراه قد جمعَ في مخلاة صدره ما تسنى من كشف حراث الريح.
في صحنِ كوخِه يفرغ حمولته، ويشرع في التنقيب.
فإذا ما خاب؛ نحّى نتفَ الحديد، والزلف، والزّجاج؛ ثمّ قامَ، ومن جديد عاد رمق التلال، ومكث مبتسما في انتظارِ العاصفة القادمة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى