انه صباح جميل من صباحات يوم الجمعة المعتادة ، هكذا قال مأمور السجن لنفسه وهو يستعد للذهاب إلى الحلاّق، ولأنه يعشق حد الجنون وظيفته فأنه لا يخرج من منزله الا وهو مرتدياً بزّته العسكرية حتى في ايام العطل او لإنجاز عمل ما خارج الدوام الرسمي، فالبزّة العسكرية تساهم في انجاز المعاملات وتسهيل "الامور" بشكل جيد جدا.
وصل المأمور عند الحلاّق الذي رحب به كثيرا ثم جلس على كرسي الحلاقة الفولاذي اللامع ، كان اكثر ما يُمتع المأمور عند جلوسه على كرسي الحلاّقة هو نسمة الهواء اللطيفة عندما يفرد الحلاّق قطعة القماش البيضاء تحضيرا للحلاقة والتي يشعر ببرودتها حتى في أسخن ايام الصيف.
ومع صوت طقطَقة المقص وانسياب المشط بين خصل شعر مأمور السجنِ دارت الاحاديث المعتادة والتي تجري بين اي حلاّق وزبونه ، تنقلت الاحاديث ما بين اسعار السوق ومشاكل الاولاد في الدراسة والنكات الخفيفة وزُحام الشوارع ولم يتطرّق ايُّ منهم الى امور السياسة او الخوض فيها.
انتهى الحلاّق من قص شعر المأمور ، وقال له وهو يرفع عنه قطعة القماش البيضاء التي انتثر فوقها بقايا شعره المقصوص : انك محظوظ اليوم يا سيادة المأمور ، فأنت اول شخص يجلس على هذا الكرسي الذي اشتريته من بائع خردوات قديمة واحدثت فيه بعض التحويرات بسبب بعض الاسلاك والتوصيلات الكهربائية والاحزمة الجلدية التي كانت فيه ، كما قمت بطلائهِ ايضا ، ولأن الحلاق يحب الاسهاب في الحديث استمر قائلا ، في الواقع لقد قال تاجر الخردوات انه قد احضره من مؤسسة حكومية رفض ان يذكر لي اسمها ، لكنه اشتراه من مزاد اقامته تلك المؤسسة قبل ايام!
نظر المأمور بطرف عينيه الى الحلاّق ثم امتدت يده الى ركن من الكرسي الذي كان لا يزال جالسا عليه متحسسا قطعة معدنية صغيرة ثبّت فيها رقم بارز لازال المأمور يتذكّره (3017) ، من سخرية الاقدار انني اجلس الان على هذا الكرسي ، ردد المأمور في داخله وتذكر كيف كان يتندر مع السجّانين بأن عدد المعدومين على الكرسي الكهربائي الذي كان يشرف عليه سيبلغ نفس الرقم التسلسلي المثبت على هذا الكرسي اللعين ، لكن كرسي الاعدام هذا اصابه عطب مستديم وانتهى الامر به الى لجنة الشطب والمزاد ليباع الى تجّار الخردة قبل عدة ايام مضت حيث يجري الاعداد الان لإحضار كرسي اعدام كهربائي جديد.
شعر المأمور بقشعريرة تسري في بدنه وشاهد مئات الارواح تمر امامه والتي فارقت اجسادها على هذا الكرسي حينما كان يشرف على تنفيذ حكم الاعدام فيها ، انقطع حبل الذكريات لدى مأمور السجنِ عندما وردت رسالة نصية عبر هاتفه، قرأ الرسالة.... جمعة مباركة.
عمار حميد مهدي
وصل المأمور عند الحلاّق الذي رحب به كثيرا ثم جلس على كرسي الحلاقة الفولاذي اللامع ، كان اكثر ما يُمتع المأمور عند جلوسه على كرسي الحلاّقة هو نسمة الهواء اللطيفة عندما يفرد الحلاّق قطعة القماش البيضاء تحضيرا للحلاقة والتي يشعر ببرودتها حتى في أسخن ايام الصيف.
ومع صوت طقطَقة المقص وانسياب المشط بين خصل شعر مأمور السجنِ دارت الاحاديث المعتادة والتي تجري بين اي حلاّق وزبونه ، تنقلت الاحاديث ما بين اسعار السوق ومشاكل الاولاد في الدراسة والنكات الخفيفة وزُحام الشوارع ولم يتطرّق ايُّ منهم الى امور السياسة او الخوض فيها.
انتهى الحلاّق من قص شعر المأمور ، وقال له وهو يرفع عنه قطعة القماش البيضاء التي انتثر فوقها بقايا شعره المقصوص : انك محظوظ اليوم يا سيادة المأمور ، فأنت اول شخص يجلس على هذا الكرسي الذي اشتريته من بائع خردوات قديمة واحدثت فيه بعض التحويرات بسبب بعض الاسلاك والتوصيلات الكهربائية والاحزمة الجلدية التي كانت فيه ، كما قمت بطلائهِ ايضا ، ولأن الحلاق يحب الاسهاب في الحديث استمر قائلا ، في الواقع لقد قال تاجر الخردوات انه قد احضره من مؤسسة حكومية رفض ان يذكر لي اسمها ، لكنه اشتراه من مزاد اقامته تلك المؤسسة قبل ايام!
نظر المأمور بطرف عينيه الى الحلاّق ثم امتدت يده الى ركن من الكرسي الذي كان لا يزال جالسا عليه متحسسا قطعة معدنية صغيرة ثبّت فيها رقم بارز لازال المأمور يتذكّره (3017) ، من سخرية الاقدار انني اجلس الان على هذا الكرسي ، ردد المأمور في داخله وتذكر كيف كان يتندر مع السجّانين بأن عدد المعدومين على الكرسي الكهربائي الذي كان يشرف عليه سيبلغ نفس الرقم التسلسلي المثبت على هذا الكرسي اللعين ، لكن كرسي الاعدام هذا اصابه عطب مستديم وانتهى الامر به الى لجنة الشطب والمزاد ليباع الى تجّار الخردة قبل عدة ايام مضت حيث يجري الاعداد الان لإحضار كرسي اعدام كهربائي جديد.
شعر المأمور بقشعريرة تسري في بدنه وشاهد مئات الارواح تمر امامه والتي فارقت اجسادها على هذا الكرسي حينما كان يشرف على تنفيذ حكم الاعدام فيها ، انقطع حبل الذكريات لدى مأمور السجنِ عندما وردت رسالة نصية عبر هاتفه، قرأ الرسالة.... جمعة مباركة.
عمار حميد مهدي