منذ ان بدأت كتابة الهايكو كان هذا السّؤال يدور في ذهني ويؤرّقني ؟
ماذا عن الموسيقى في هذه القصيدة المختزلة ؟
وهل الاختزال والبساطة في هذا الطّرح الأدبي على حساب موسيقى الشّعر؟
لا يمكن تخيل الكون بلا موسيقى .
يقول أليس فيرلين (الموسيقى قبل كلّ شيء)
ولا يمكن تخيّل الشّعر بدون موسيقى
والتي تعرّف أنها اللحن ومارتّب من نغمات ترتيباً موزونا .
الأذن تطرب للصّوت كما تطرب للنّغم ..للألحان ولصوت الكلمات
الإيقاع الأول إيقاع اللّحن والثّاني الإيقاع الشّعري وهو وحدة النّغمة التي تتكرّر على نحو محدد في الكلام أو في بيت الشّعر
(المراد بالنغم الوزن الذي تسير عليه القصيدة والمراد بالإيقاع وحدة هذا النغم) عاطف شرايعة
وهو من الممكن أن يتوافر في النّثر حتّى وإن خلا الأخير من الوزن الذي يحكم عدد التّفعيلات التي يتألف منها البيت.
عند ابن سينا الإيقاع الشّعري هو نفس الأساس الذي يقوم عليه الإيقاع الموسيقي . الأول مبنيّ على الحركات والسّكون ،والثاني على النّقرات واللحن .
في الشّعر العمودي يكون عدد الحركات والسّكنات منضبطاً على نسق موحّد تحكمه القافية،
هذا ما سمعه الخليل بن أحمد الفراهيدي من طرق الحدّادين واضع ومؤسّس علم العروض .
واشتمل على بحور الشّعر العربي حيث الوزن ،والإيقاع ،والقافية كلّها تنضبط وفق موسيقى الشّعر العربي .
في الشّعر الحرّ يكون الإيقاع ناشئاً عن تساوي الحركات، والسّكنات لدى الشّاعر حسب ما تفرضه اللحظة الشّعرية ، ونفسيّة الشّاعر ، وهو الذي يتحكم بهذا التّيار دون القافية التي
يفرضها الشّعر العمودي، والوزن الذي يحكم مجموع التّفعيلات التي يتألف منها البيت
ماذا عن الهايكو ؟
المقاطع اليابانية لها نسق محدد وتقطيع 5 / 7 / 5
لكنّ الهايكو عربياً لم ينضبط وراء هذه المقاطع لخصوصيّة اللغة العربية
واختلافها عن اللغة اليابانية
يقول الاستاذ ديمتري في رد
لماذا يبدو الكلام في الهايكو الكلاسيكي عاديًّا بنظرنا، بينما يراه الياباني شعرًا ويقرؤه ويتذوقه بوصفه كذلك؟
لهذا أسباب عدة يطول التوقف عند كل منها. لذا سأكتفي هنا بذكر سبب واحد يتعلق بتراكب الأصوات وتصاديها في القصيدة، أو بما يسمى "موسيقى الشعر" التي تضيع تمامًا في حال تُرجم (وهذا يصح على ترجمة الشعر عمومًا، وليس الهايكو فحسب) ديمتري أفيرينوس
رتّبت قصيدة الهايكو في ثلاثة أبيات ، أو أقل الشّكل الأقرب المتعارف عليه..
جمال الشّعر العربي أن الموسيقى ذاتيّة لا إنشادية قائمة على المقطعيّة
ولهذا نعم من الممكن توفّر الموسيقى الشّعرية في الهايكو..لم لا؟
يرى بعض الشّعراء أن قصيدة الهايكو من الممكن أن تكون موزونة
لكن أرى انّ ذلك سيفقدها سلاسة المفردة ،وتتبّع القافية والوزن على حساب البساطة، والواقعيّة ؛ وهذا يتعارض وميزة الهايكو في الإقتصاد في المجاز والمفردات.
إذا كنّا أسقطنا الوزن والقافية بقي الإيقاع ، والموسيقى الدّاخلية .
إذ من الممكن إحرازها من تآلف بنية التّركيب اللغوي مع مستوى العلاقة الدلاليّة للكلمات .
"الموسيقى والإيقاع من أهم خصائص الشّعر، وليس من الضروري أن تكتب ضمن قيود الإيقاع القديم من حيث الوزن وعدد التفعيلات، بل من خلال إيقاع الألفاظ والمفردات" يقول الاستاذ محمود الرّجبي.
لماذا هذه الكلمة أجمل من سواها في هذا الموقع؟ نتناقش أنا وأصدقائي الشّعراء حول ذلك كثيراً
وهذا السّؤال قد يلاقي استهجانا، ونقدا ذاتياً يجعلك تفضّل
قصيدة عن أخرى ،وصياغة عن غيرها
لقصيدة بعينها!
برأيي الشّخصي الإختزال ونقل المشهد الحيّ يُلزم الشّاعر مراعاة تنافر الحروف ، وسلامة مخارجها عند انتقاء الكلمة ..القصيدة يجب أن
يكون فيها توافق بين جرس الألفاظ المنتقاة ووقعها على الأذن .لتحقيق
الجمال الخالص!
الموسيقى الشّعرية هي هنا في الصّوت ، والدّلالة ، والعلاقة بين ظلال الكلمات، والتّشكيل البصري ..
الوقفات والسّكون لالتقاط نفس عميق قبل الغوص في العمق المشهدي.
وبهذا تكون هذه القصيدة المختزلة المبنيّة على مشهد بصري أو سمعي أو حركي ذات حساسية لأي مفردة
توضع دون غيرها !..وتراعي الحركة والسّكون في موضعه المناسب
هذا إذا أردنا الهايكو قصيدة تنتمي إلى الشّعر العربي .الاستسهال وبساطة الهايكو دفع بنصوص ومفردات لا ترقى أن توضع في مصافي النثر فكيف تصل إلى جمال وتفرّد الشّعر !
اذا أردنا أن نكتب قصيدة .لنراعي الأذن والعقل الذي سيستمع لها .لايمكن تجريد الشّعر من الموسيقى والهايكو في النّهاية قصيدة .
فاتن أنور
/ 22 /7 /2020
كتاب النظريات الموسيقية (لسليم الحلو)
مقالات عن علاقة الموسيقى بالشعر/
صحيفة المثقف /صحيفة اللغة العربية
نادي الهايكو العربي/محمود الرجبي
سما الهايكو / ديمتري أفيرينوس
ماذا عن الموسيقى في هذه القصيدة المختزلة ؟
وهل الاختزال والبساطة في هذا الطّرح الأدبي على حساب موسيقى الشّعر؟
لا يمكن تخيل الكون بلا موسيقى .
يقول أليس فيرلين (الموسيقى قبل كلّ شيء)
ولا يمكن تخيّل الشّعر بدون موسيقى
والتي تعرّف أنها اللحن ومارتّب من نغمات ترتيباً موزونا .
الأذن تطرب للصّوت كما تطرب للنّغم ..للألحان ولصوت الكلمات
الإيقاع الأول إيقاع اللّحن والثّاني الإيقاع الشّعري وهو وحدة النّغمة التي تتكرّر على نحو محدد في الكلام أو في بيت الشّعر
(المراد بالنغم الوزن الذي تسير عليه القصيدة والمراد بالإيقاع وحدة هذا النغم) عاطف شرايعة
وهو من الممكن أن يتوافر في النّثر حتّى وإن خلا الأخير من الوزن الذي يحكم عدد التّفعيلات التي يتألف منها البيت.
عند ابن سينا الإيقاع الشّعري هو نفس الأساس الذي يقوم عليه الإيقاع الموسيقي . الأول مبنيّ على الحركات والسّكون ،والثاني على النّقرات واللحن .
في الشّعر العمودي يكون عدد الحركات والسّكنات منضبطاً على نسق موحّد تحكمه القافية،
هذا ما سمعه الخليل بن أحمد الفراهيدي من طرق الحدّادين واضع ومؤسّس علم العروض .
واشتمل على بحور الشّعر العربي حيث الوزن ،والإيقاع ،والقافية كلّها تنضبط وفق موسيقى الشّعر العربي .
في الشّعر الحرّ يكون الإيقاع ناشئاً عن تساوي الحركات، والسّكنات لدى الشّاعر حسب ما تفرضه اللحظة الشّعرية ، ونفسيّة الشّاعر ، وهو الذي يتحكم بهذا التّيار دون القافية التي
يفرضها الشّعر العمودي، والوزن الذي يحكم مجموع التّفعيلات التي يتألف منها البيت
ماذا عن الهايكو ؟
المقاطع اليابانية لها نسق محدد وتقطيع 5 / 7 / 5
لكنّ الهايكو عربياً لم ينضبط وراء هذه المقاطع لخصوصيّة اللغة العربية
واختلافها عن اللغة اليابانية
يقول الاستاذ ديمتري في رد
لماذا يبدو الكلام في الهايكو الكلاسيكي عاديًّا بنظرنا، بينما يراه الياباني شعرًا ويقرؤه ويتذوقه بوصفه كذلك؟
لهذا أسباب عدة يطول التوقف عند كل منها. لذا سأكتفي هنا بذكر سبب واحد يتعلق بتراكب الأصوات وتصاديها في القصيدة، أو بما يسمى "موسيقى الشعر" التي تضيع تمامًا في حال تُرجم (وهذا يصح على ترجمة الشعر عمومًا، وليس الهايكو فحسب) ديمتري أفيرينوس
رتّبت قصيدة الهايكو في ثلاثة أبيات ، أو أقل الشّكل الأقرب المتعارف عليه..
جمال الشّعر العربي أن الموسيقى ذاتيّة لا إنشادية قائمة على المقطعيّة
ولهذا نعم من الممكن توفّر الموسيقى الشّعرية في الهايكو..لم لا؟
يرى بعض الشّعراء أن قصيدة الهايكو من الممكن أن تكون موزونة
لكن أرى انّ ذلك سيفقدها سلاسة المفردة ،وتتبّع القافية والوزن على حساب البساطة، والواقعيّة ؛ وهذا يتعارض وميزة الهايكو في الإقتصاد في المجاز والمفردات.
إذا كنّا أسقطنا الوزن والقافية بقي الإيقاع ، والموسيقى الدّاخلية .
إذ من الممكن إحرازها من تآلف بنية التّركيب اللغوي مع مستوى العلاقة الدلاليّة للكلمات .
"الموسيقى والإيقاع من أهم خصائص الشّعر، وليس من الضروري أن تكتب ضمن قيود الإيقاع القديم من حيث الوزن وعدد التفعيلات، بل من خلال إيقاع الألفاظ والمفردات" يقول الاستاذ محمود الرّجبي.
لماذا هذه الكلمة أجمل من سواها في هذا الموقع؟ نتناقش أنا وأصدقائي الشّعراء حول ذلك كثيراً
وهذا السّؤال قد يلاقي استهجانا، ونقدا ذاتياً يجعلك تفضّل
قصيدة عن أخرى ،وصياغة عن غيرها
لقصيدة بعينها!
برأيي الشّخصي الإختزال ونقل المشهد الحيّ يُلزم الشّاعر مراعاة تنافر الحروف ، وسلامة مخارجها عند انتقاء الكلمة ..القصيدة يجب أن
يكون فيها توافق بين جرس الألفاظ المنتقاة ووقعها على الأذن .لتحقيق
الجمال الخالص!
الموسيقى الشّعرية هي هنا في الصّوت ، والدّلالة ، والعلاقة بين ظلال الكلمات، والتّشكيل البصري ..
الوقفات والسّكون لالتقاط نفس عميق قبل الغوص في العمق المشهدي.
وبهذا تكون هذه القصيدة المختزلة المبنيّة على مشهد بصري أو سمعي أو حركي ذات حساسية لأي مفردة
توضع دون غيرها !..وتراعي الحركة والسّكون في موضعه المناسب
هذا إذا أردنا الهايكو قصيدة تنتمي إلى الشّعر العربي .الاستسهال وبساطة الهايكو دفع بنصوص ومفردات لا ترقى أن توضع في مصافي النثر فكيف تصل إلى جمال وتفرّد الشّعر !
اذا أردنا أن نكتب قصيدة .لنراعي الأذن والعقل الذي سيستمع لها .لايمكن تجريد الشّعر من الموسيقى والهايكو في النّهاية قصيدة .
فاتن أنور
/ 22 /7 /2020
كتاب النظريات الموسيقية (لسليم الحلو)
مقالات عن علاقة الموسيقى بالشعر/
صحيفة المثقف /صحيفة اللغة العربية
نادي الهايكو العربي/محمود الرجبي
سما الهايكو / ديمتري أفيرينوس