مازن جميل المناف - صميمية الواقع الأدبي لرهافة الأديب

لا ريب ان الأدب هو علامة لنا في ذاكرة الجسد الباكي ، فالاديب الهادف متصل بمفاهيم واطر منظور حياتية كبيرة ، كما انه متصل اتصالا مباشرا بالحق والواقعية والاخلاق من خلال اتصاله بالمجتمع ، وان يكون في عفوية دائمة مع الأخرين في تجلياتهم ، امالهم واحساساتهم وصراعاتهم ، ولان هذا الاتصال هو روح وسمات الأديب ، فالادب هو الحياة معروضة في كلمات وصور وافكار ونماذج على إختلاف النوعية وتباين السمة وضيق المحتوى تسطيع ان تعبر في مداها الروحي والادراكي والحسي مباشرة لعرض كافة القضايا المجتمعية ، لقد اصبحت الكلمات اكثر دقة وتعبيرا وادراكا من تصرفات وسلوك الآخرين الذين هم في قمة الاعتباطية والعفوية ، ومن هنا يصبح ضروريا في الاديب ان يزن اخلاقه وينير مزاجه الداخلي ويدعم نتاجه في مضامير الحياة ليمسك بسلوكيات الآخرين وواقعهم وتصبح كلماته ثروة كبيرة وعميقة ملتصقة بحياة الانسان وتصرفاته وحماقاته ومزاجياته فذا استطعنا ان يجد صلة بين الواقع ونوعية الأدب ، كان بإمكاننا ان نرى الصورة العمودية من خلال المعالم الواضحة والملامح الظاهرة فكل أدب له اتصال بالمعالم الفكرية التي تتزاوج مع الواقع لتصل الى الإنسان في عزلته وسأمه في اشد المعارك لذاته الحبيسة ، ولربما اضطرابه وكأبته وقلقه تساهم في المعالجة وتساهم في القضاء على البقية الباقية من هدوء المثقف في حين يمكن للثقافة ان تبلور له ذهنية تحولية لما هو آت ويسجل الشعر والمقالة وباقي الفنون الادبية في صميمية الواقع الأدبي لراهفة الحياة وشفافيتها في جوهر وتوترات الفرد في صورة انسان خرافي او أسطوري ومن خلال المزج بين الرمزية والواقعية يتدرج النتاج الأدبي في ذات الأديب الى حلول اكثر علمية في احترام النفس وتشذيب سلويكاته ، ونجد الأديب حينما يصوغ عبارته ينبغي ان لا يفكر في المتلقي فحسب ، لكن لابد ان يفكر بصدق ما يكتبه او طرحه لان ما يطرح يمثل الجانب الخفي من المعاني التي لا يمكن ان تفصح عنه الكلمة اثناء الحديث والجدال ليس ملثما يكتب بشكل نظامي متزن في الإيقاع والفكرة ، وان الاديب يستخرج ما في داخل ذاته المكنون من جمل وعبارات ذات رهافة واحساس عالي ويصوغ في مصب لفظ يراد به توضيح القضايا ، لذا نجد ان في كتابة اي موضوع فلسفي او ادبي او اجتماعي متطور نجد فيه خلق وابتكار وفي ما هو محاكاة جدلية كبيرة زاد فيها التفنن في اصطياد اغراضها وتأدية اساليبها مع ضرورة التمسك مهنية وحرفية فن الأدب بشكل قوام تناغمي واحيائي للفكرة المستنبطة من ولوج الواقع او لربما من الخيال الخصب الذي يثمر عن توضيح لحل مشكلة او التعبير لمخاضات يحتاجها الاديب والمتلقي معا ، ان النتاج الأدبي هو زبدة الفكر وعصارته هو شي له قواعد واصول ، ان حقيقة الأدب وفنونه تصوير حقيقي اكثر لخبايا النفس الذي يعتبر افصاح صادق عن العواطف والاحاسيس بفضل التاثيرات التراكمية من محيطه وبيئته على ان تكون صادقة وعقلانية بشكل رصين حتى في كتابة الخيال المفرط لذا يسقط الكاتب في الانهيار عندما يتكأ على الحجر السحري في عالم الكلمة واللفظ ، وبعد هذا التطور الحديث نرى كثيرا من الاضمحلال في النتاجات لربما كان التأثير للكلمة هو كل ما يبحث عنه الادباء على ان يأثروا على الناس ولو بسذاجة واحيانا بسخرية غير هادفة ، عندما يطرح الكاتب الكلمة يهبط عن قلبه العبء الكبير ، ولذلك فان ذهنية القارئ تزداد حزنا وتبتعد عن ذهنية الكاتب ، ويكون هم الأديب في الوقت الحاضر هو التأثير بالكلمة التي يفهمها القارئ ومشاركته الإحساس في فيض مشترك وليس بالتباعية او الانقيادية بل بتساوي الاحساس وتوصيل معاناته وقلقه في فعالية جدية لما يداول ويطرح على اساس الفكرة وان تلتزم بمنهج فكري او ادبي بحث في التزام اصيل نحو قضايا الإنسان ، يكفي ان يعي الكاتب مسؤوليته لان المسؤولية وحدها لا تستطيع ان تنتج اثر في الافعال والحركات والوعي الذي يتطلب تطور بؤس الواقع ودفعه من خلال اخلاقية الكاتب الى الكتابة في زخم ضروري ضد المألوف احيانا بفكرة مستحدثة ذات مدارك توهج اتقاد متأجج عن الكاتب والمتلقي معا .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى