ثقافة شعبية فاطمة سهلي - رقصة "الركادة".. فولكلور الجهة الشرقية بالمؤنث

من ارض الفن جاءت محمّلة بكل تلوينات الجمال ومن رحم المقاومة حلت اول مجموعة نسوية تترجم الموروث الثقافي الوجدي بلمسة مؤنثة انها فرقة” بلوزات الركادة الوجدية” التي حولت مهرجان ميسور إلى عرس وطني وشعبي كبير صحبة الفرقة الموسيقية التي غردت بترانيم وأهازيج تناغمت كلها مع الزي الوجدي التقليدي المزركش البديع والأداء الاستعراضي المحكم الدقيق، والاداء المميز للمطرب ”طالبي وان الذي أسر” الجمهور وشكلت بذلك هذه الفرقة لوحة إبداعية في منتهى الروعة والجمال.. عروض فنية معبرة مزجت الفلكلور بالثقافة والتراث أثارت إعجاب الحضور فصفق لها بحرارة رغم ان هذا النوع من الرقص الذي يؤدى ذكوريا بالبنادق في الجهة الشرقية فان الراقصات اكتسحن هذا المجال وادينه في ابلغ صوره وحرصن على محاكات الرقصة باحترام لينثروا على منصة مهرجان ميسور كلّ تعاليم الجمال

يتميز المغرب بتراثه الغني الذي نبع من تاريخ جغرافيته ومجموعاته البشرية، فالتراث الشعبي المغربي متنوع حافظ على الخصوصية جيلاً بعد آخر

وتعتبر الركادة فولكلور يميز شرق المغرب، فهي إلى جانب ”البارديا ولعلاوي وانهاري و العرفة و الشيوخ ” رقصات خاصة بالرجال فقط، حيث يلبسون أزياء تقليدية فضفاضة تسهل حركتهم، ويضعون عمائم على رؤوسهم، بينما يمررون ضفائر حمراء من على صدورهم تتدلى منها على جنوبهم خناجر، ويحملون في أياديهم البنادق ويرقصون على إيقاع البندير والغيطة والكلال ولكن اللوحة الانثوية اضفت متعة وسحرا متميزا وقدم طبقا متناهي الابداع

وتختلف الرقصات عن بعضها حيث ترتكز رقصة الركادة على الدفع بالجسد إلى الأمام مع تحريك الكتفين والصدر، ورقصة لعلاوي تتميز بضربات منظمة ومحسوبة للأرجل، ابتكرها الأمازيغ أثناء حروبهم مع قبائل البدو خلال قرون طويلة مضت، وبقيت هذه الرقصات منتشرة بشكل كبير إلى اليوم، حيث أصبحت لها فرق تستدعى للأعراس والمناسبات

والركادة ضرب من أضرب الموسيقى العريقة. أغلب الرقصات المغربية التقليدية يشارك فيها الرجل إلى جانب المرأة، بطريقة فردية أو ثنائية أو جماعية. وهذه الرقصات تقترن بالأعياد والحفلات والأعراس ومواسم الفلاحة والسمر، وبفترات المقاومة والنضال العسكري ضد الأعداء الغزاة ومن رحم المقاومة ابتكر المقاومون هذه الرقصات للاحتفال بذكرى الانتصار على المحتل عبر العصور، وحافظوا عليها وورثوها للأجيال المتعاقبة، وأضاف كل جيل لمسته الخاصة عليها لتظل وتبقى إرثا تاريخيا حاضرا يعكس الهوية ويثبت عمق جذوره الإنسانية والحضارية.

وبين الحب والتجلي والتماهي مع الموسيقى تكون متعة اللقاء تستطيع ان تكتب الياذتك بالرقص وتعاند الجميع كما هو حال كل الحاضرين والراقصين في ميسور رقصات تجمع خطوات منمقة وأخرى مثل السمفونية وسط الموسيقى يخاطب المطرب ”طالبي وان” الروح بإحساس ينسجم مع الصورة المجسدة في المشهد، يتسارع صوته ليرتبط بإيقاعات دخول الفتيات بلباس تقليدي في صف واحد حيث تقف كل فتاة بمحاذاة الاخرى تلتحم مع الموسيقى المنبعثة من الوحدة الصوتية

ان مهرجان ميسور وكغيره من المهرجانات في سائر انحاء المملكة هو فرصة لتثمين الموروث الثقافي المغربي، والتعريف بالمؤهلات الثقافية للبلاد ، فضلا على أنه يشكل فضاء لتلاقح الفنون الشعبية المغربية فيما بينها خصائصها ومميزاتها الفنية والجمالية والدلالية وأبعادها الوظيفية التي تراهن على التنوع الثقافي، وإدماج مقاربة النوع لدى الفرق المشاركة، وتشبيبها وفق تصور جديد للحدث مستمدة من التقاليد المغربية الغنية بالروافد المتنوعة، التي تحافظ على الجدور الاصيلة وتبدع في التحول نحو التجديد والإبداع .

فاطمة سهلي



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى