إن الذي يجمع الرياضة والأدب أن كلاهما عنصران من عناصر الثقافة ، فمنذ زمن طويل كانت الرياضة تعكس قيم ونمط حياة المجتمع ، ومثلها مثل النشاطات الثقافية الأخرى الفن والأدب والموسيقى هي جزء مهم من حياة الانسان الاجتماعية وكلها من صنع الانسان تعبر عن مشاعره ووجدانه وانفعالاته وافراحه وآلامه وإنجازاته وفخره وفشله وتعقيدات حياته وعن الصداقة والأخوة والوفاء وحب الوطن وغيرها، وكلها وسائل تعمل على اكتساب الفرد صفات أخلاقية وفكرية ووطنية وذهنية ومعنوية وجمالية. ولا تختلف الرياضة عن الأدب في كونها مرآة تعكس تطور المجتمع ومؤشر يستطاع من خلاله قياس المستوى الحضاري للأمم ، ولعله من الخطأ أن يُنظر إليها غالباً بأنها نشاط جسدي حركي ترفيهي مجرد من المحتوى في الوقت التي أصبحت به وسيلة فعالة تستخدم في مناح حياتية متعددة ، حتى أنه اصبح من الصعب فهم المجتمعات والثقافات المعاصرة دون فهم مكانة الرياضة فيها.
يقول الروائي والكاتب المسرحي الأميركي دون ديليلو إن مشاهدتنا للمباراة لا تغير من طريقتنا في الانتخاب أو تسريحة شعرنا او تربيتنا لأبنائنا ، بل هي تغير حياتنا . ويكتب مهند سعد عن كرة القدم أنها بكل شعبويتها استطاعت أن تدفع بالأدباء إلى مربعها الأخضر وإلى مخالفاتها الصفراء وإلى ارتداد عارضة المرمى أمام ضربة مباشرة، أخضعها الأدباء لعوامل التحليل وصنعوا منها سيرهم الذاتية واستقوا منها بعض نظرياتهم للمجتمع والدول والحكومات، كرة القدم أصبحت موضوعًا للأدب يكفي لكي يضع الكاتب كثيرًا من قواعده ونظرياته وظنونه فيها ويجلس في مقاعد المتفرجين ليرى القراء يركلونها بعقولهم.[1]في كثير من دول العالم تم خلق أدب وصحافة رياضية تجاوزا في إبداعهما الرياضة نفسها، وهذا عندما أصبحت الرياضة جزء مقوما في حياة الناس وأصبحت تقوم بوظائف عديدة تعمل على تقدم المجتمعات وتشكيل وعي افرادها.
منذ زمن بعيد كان هناك علاقة فعالة بين الأدب والقوة البدنية والرياضة وكان هناك دائما تفاعلا مشتركا بين الأدب والرياضة ، فالأدب كان دائما محفزا للنشاط الرياضي وأداة من خلالها نستطيع فهم جوانب كثيرة عن هذا النشاط ، كما كان للقوة والنشاط البدني والرياضة تأثيراً على الأدب ناهيك عن أنهم كانوا وما زالوا يشكلون جزء منه ، وقد شهد التاريخ البشري امثلة كثيرة على ذلك مثل الأساطير اليونانية القديمة والتدريبات والمنافسات القتالية والمسابقات والألعاب الأولمبية وغيرها. كما وشهد تاريخنا وادبنا العربي قصص وحوادث كثيرة بهذا الخصوص مثل عنترة وغيره من رجال أقوياء بدنيا قاموا بأعمال بطولية أحدثت تغيرات نوعية في سلوكهم وحياتهم ومجتمعاهم . وتاريخنا الفلسطيني على مدى مئة عام شاهد على الكثير من رياضيينا الذين وهبوا حياتهم للوطن ، وكان للقوة البدنية وللرياضيين دور في التصدي لسلطات الاحتلال سواء أكان ذلك في صمودهم في سجونها أم في مقارعتها في الشوارع . أولى بعض الأدباء مكانة خاصة للرياضة وقد كان هناك العديد من الأدباء والشعراء الذي فتنوا بالأداء الرياضي وبالمشاعر الناجمة عن النشاط الرياضي وعن النجاحات الرياضية وعن علاقتهم بالرياضة والرياضيين . وقد تمثلت علاقة الأدباء بالرياضة في الحالة الفلسطينية في ثلاثة وجوه، أولا: ادباء كانت الرياضة وممارستها جزء من حياتهم، ثانيا: ادباء كانوا أعضاء في الأندية الرياضية ، ثالثا : أدباء كانوا مشجعين لرياضيين وأندية رياضية.
شهد حقل الثقافة ظاهرة فريدة من نوعها وهي اهتمام الأديب والمربي خليل السكاكيني بالتمارين البدنية ووسائل صحية أخرى مثل الاستحمام بالماء البارد. ولا نبالغ بالقول أن السكاكيني كان سباقا لزمانه بما يتعلق بوعيه لفوائد الرياضة وبممارسته المستمرة لها وبقناعته لتأثير الجسد على العقل والعقل على الجسد أيضا، وبأن الرياضة هي وسيلة مهمة من اجل الاسترخاء وإزالة التوترات الناجمة عن صعوبة الحياة (خاصة أثناء وجوده في أمريكا)، وهذا كله للأسف ما لا نراه بين مثقفينا وأدباءنا في الوقت الحاضر ، أي بعد ما يقارب القرن من الزمن.[2]
في احدى رسائله إلى محبوبته سلطانة من مدينة نيويورك في عام 1908 يكتب الأديب خليل السكاكيني :
تأملي في ما كنا عليه ، وفي ما صرنا إليه.
كنت سعيداً كل السعادة ، كنت استعلي على الرؤساء والأساتذة ، فلا يقابلوني إلا باحترام ، وكانوا يقدرونني قدري ، كنت سعيداً في بيتي : أقوم صباحاً فأستحم بالماء البارد ، وألعب ألعابا رياضية مختلفة تكسبني قوة ونشاطاً ، ثم أتناول فطوري ، ثم أجلس وراء مكتبي أدخن بنارجيلتي وأقرأ وأكتب ، ثم أذهب إلى دروسي فأمشي في الهواء النقي والشمس ساطعة ، ولا ألقى أحداً في طريقي إلا سلم علي وابتسم لي.
كنت أعلم في غرف واسعة ، وبين درس وآخر كنا نخرج إلى ساحة اللعب فنلعب ألعابا مختلفة تجديداً للنشاط ، وعند الظهر أرجع إلى البيت فأتغدى ثم أنام ، وبعد النوم استحم مرة ثانية وأدخن ، ثم أرجع إلى دروسي.[3]
وفي احدى رسائله أيضا يذكر السكاكيني :
على ذكر الصحة والقوة ، جمعتني وبعض الشبان ليلة فأخذوا يلعبون العابا ويتحرش بعضهم ببعض ، وكلهم اكبر مني جثة واطول قامة واثقل وزنا ، ولعلهم استخفوا بي في أول الأمر ، فشاركتهم في العابهم فحملت احمالا ولعبت العابا لم يقدروا أن يجاورني فيها. ثم اخذت في الصراع معهم فكنت ابيح لهم ان يمسكوني حيث شاؤوا فأجمع بعضي على بعض فتتلوى أيديهم كما تلتوي الاغصان الغضة ، وتنقصف ارجلهم ، وتنثني قامتهم ، كأن عظامهم من خيزران. ثم ابيح لأقواهم أن يجرب أن "يكمشني" حيث شاء ، في رجلي أو صدري أو ذراعي حتى وجهي ، فلم يستطع أن يجد في مكمشاً. وقد تدرجت في الهياج حتى شعرت أن فيَ قوة ألوي بها الحديد، فما كان من احدهم إلا أن قال "أراك تصلح للصراع." [4]
في عام 1909 أسس خليل السكاكيني المدرسة الدستورية في القدس وقد نهج أسلوب خاص بالتعليم وهو الخلو من الدرجات ومنع العقاب والتركيز على الموسيقى والرياضة.[5] وليس معروف بالضبط هل كان ذلك بسبب تأثره بطرق التعليم الأمريكية ، خاصة بعد عودته من للولايات المتحدة الأمريكية ، أم أنه كان واعٍ لذلك سنوات عديدة قبل مغادرته فلسطين إلى أمريكا متأثرا بطرق التعليم التي كانت تنهجها المدارس التبشيرية التي كان يَدرس بها. لقد آمن السكاكيني بمبدأ القوه الذي أخذه عن استاذيه فردريك نتشيه والمتنبي وهذا يعني أن يكون الأنسان قويا في جسده ككل , وعقله بحيث لا تجوز عليه الأوهام ولا تستعصي عليه المشكلات ولا تروج عنده الخرافات وأن يكون أيضا قويا في نفسه وتقوية النفس تكون بالتهذيب وبأن يكون الأنسان شجاعا ذا مبادئ ومطالب شريفة فالأقوياء هم الذين يرثون الأرض . [6]
من المعروف أنه أنه بعد وعد بلفور 1917 بدأ يلاحظ هذا التسارع في تأسيس الأندية والجمعيات الخيرية والكشفية والنسائية ، وكان تأسيسها مطلباً ملحاً من أجل الرد على الخطر الصهيوني. وكان نشاط الأندية في تلك الفترة يأخذ طابعا وطنيا اجتماعيا،[7] فنشؤها كمؤسسات اجتماعية سياسية كان يعكس سعي الفئات المثقفة من أجل التعبير عن حسها الوطني المعادي للانتداب والصهيونية. فيما بعد بدأ يبرز الطابع الرياضي بالإضافة إلى الاجتماعي والثقافي.[8] كما أن العديد من الأندية في النصف الثاني من العشرينيات ظهرت كرياضية ثم تبنت النشاط الثقافي الاجتماعي ، وكانت لكل نادٍ لجانه الرياضية والاجتماعية والثقافية والفنية ، وما زالت هذه الظاهرة مستمرة إلى يومنا هذا. وما ميز الأندية الاجتماعية في فلسطين هو أن معظم نشاطاتها سواء أكانت فنية أم رياضية أم اجتماعية أم ثقافية كانت متداخلة فيما بينها ، فكثير من الأعضاء كانوا يمارسون أكثر من نشاط واحد ويعملون في أكثر من لجنة واحدة. وبالإضافة إلى أن هذه الأندية كانت تضم فرقاً رياضية فإنها أيضا كانت تضم فئات كبيرة من المثقفين والفنانين والأدباء والشعراء ، فمثلا كان الشاعر الفلسطيني أبو سلمى عضوا في النادي الأرثوذكسي في حيفا.[9]
كانت الأندية الاجتماعية الرياضية تقيم المحاضرات الثقافية وتستضيف الأدباء ورجال الثقافة، وكانت الصحف في فلسطين تورد اخبار النشاطات الثقافية للأندية الرياضية ، فمثلا ذكرت صحيفة (فلسطين) في حزيران 1944 "في زيارة لسكرتير السفارة الروسية [السوفياتية] في القاهرة للنادي الأرثوذكسي في حيفا ألقى الشاعر أبو سلمى قصيدة رائعة عن أبطال ستالينغراد وسباستوبول ودفاعهم عن كرامتهم وحريتهم وبلادهم وقد قوطعت مراراً بالتصفيق ."[10]وتحت عنوان )نادي الشباب العرب والأستاذ رشيد الخوري) [1887-1984 لقب بالشاعر القروي] ذكرت صحيفة (فلسطين) أنه "لمناسبة إهداء الأستاذ رشيد الخوري كأسا للفرق الرياضية بحيفا دعاه نادي الشباب العرب لزيارته فزاره ليلة الأحد واستقبله الأعضاء استقبالا حافلا ، وقد رحب به السادة عبدو مشعور ومعين نخلة ولويس حرب بكلمات رقيقة. ثم خطب الأستاذ الخوري عن الرياضة وفوائدها فقوبل مراراً بالتصفيق ، وختم الحفلة رئيس النادي السيد حويلة بكلمة شكر فيها الأستاذ الخوري على تشجيعه للفرق الرياضية."[11]
إبان فترة الانتداب كانت هناك علاقات ثقافية ورياضية قوية بين فلسطين ومصر فقد استفادت فلسطين من هذا التطور الثقافي والرياضي الذي تميزت به مصر في تلك الفترة. وكان هناك زيارات ولقاءات متبادلة بين الطرفين كانت تتسم بالمودة بين الجانبين والتعاطف من جانب المصريين تجاه إخوانهم في فلسطين في تلك الفترة. ظهر في صحيفة (فلسطين) في عام 1931 خبر يعكس اهتمام الصحافة بالرياضة والوعي لجوانبها الوطنية والقومية، وترابطها مع الأدب والشعر ، فتحت عنوان (جزى الله الرياضة كل خير) جاء هذا الخبر: "هذه هي القصيدة الرائعة التي ألقاها الشاب المصري الأديب محمد أفندي عبد الكريم أبو شقة من طلبة السنة النهائية في الحقوق في احدى جامعات القاهرة في نادي الشبيبة الأرثوذكسية الثغر [يافا] في الحفلة:[12]
جزى الله الرياضة كل خير تربينا على كرم النضال
وتسقينا رحيق الود كأسا من الكافور طاهرة الزلال
دعاة السلم لو فطنوا إليها لكان مر أمام الرجال مثال
شباب النيل قد حكم المعلى ومصر بنسلكم أم الرجال
حملتم في محبتها عظيما من الأعباء يوهي بالجبال
كان الشاعر محمود درويش معجبا بأداء اللاعب الأرجنتين مارادونا ففي كأس العالم عام 1986 التي فازت به الأرجنتين بثلاثة أهداف لهدفين عبر درويش عن إعجابه به في قصيدته المشهورة بعنوان (مارادونا- لن تجدوا دماً في عروقه بل صواريخ) :
ماذا فعلت بالساعة، ماذا صنعت بالمواعيد؟
ماذا نفعل بعدما عاد مارادونا إلى أهله في الأرجنتين؟
مع منْ سنسهر، بعدما اعتدنا أن نعلّق طمأنينة القلب، وخوفه، على قدميه المعجزتين؟ وإلى منْ نأنس ونتحمّس بعدما أدمناه شهراً تحوّلنا خلاله من مشاهدين إلى عشّاق؟
ولمن سنرفع صراخ الحماسة والمتعة ودبابيس الدم، بعدما وجدنا فيه بطلنا المنشود، وأجج فينا عطش الحاجة إلى: بطل.. بطل نصفق له، ندعو له بالنصر، نعلّق له تميمة، ونخاف عليه ـ وعلى أملنا فيه ـ من الانكسار؟
الفرد، الفرد ليس بدعة في التاريخ. [13]
وكان محمود درويش يرى في زيد الدين زيدان أعظم لاعب كرة قدم في العالم في ذلك الوقت ، وكان يستغرب درويش لماذا لم تستفد منه الجزائر قبل تقمصه الوان الديكة الفرنسية ، وكان رونالدينيو اللاعب البرازيلي هو الآخر يعجب به درويش كثيرا و يقول عنه إنه "لاعب عجيب يمتلك مهارات خارقة.." ..... ولم ينس صاحب رائعة "أحمد الزعتر" التذكير بأن منتخب فلسطين كان من أولى المنتخبات العربية التي كادت أن تتأهل إلى مونديال إيطاليا قبل سبعين عاما. كما ويرى أنه لا غرابة أن يفوز منتخب فلسطين منذ عام (2004) في تايوان على منتخبها المحلي في العاصمة "تايبيه". ويؤكد درويش "فمن قال إن الفلسطينيين لا يتقنون سوى اللعب بالحجارة ؟[14] وفي احد المرات عندما تفوقت مشاعرة الرياضية على الأدبية وتفاعل مع مجريات احد المباريات قال درويش "أليست تلك اللحظات أشد قسوة ورهافة وتفجيراً للعاطفة الفردية والجماعية من اللحظات، التي يواجهها مقامر دستويفسكي، مثلا؟". وهذا دليل على فهمه العميق للرياضة ولمعانيها ومغزاها وجبروتها.
وحول علاقة سميح القاسم بالرياضة يكتب محمد العولقي "ولم يَقِل الشاعر سميح القاسم حماسا لكرة القدم عن محمود درويش حتى أنه شاهد جانباً من مباريات كأس العالم في البرازيل من على فراش احتضاره .. والمقربون منه أكدوا أن الشاعر رقيق المشاعر .. تبرم من البرازيليين بعد فاجعة "السبعة" الألمانية .. ولا عجب في ذلك ، فالقاسم يتذوق الفن ، ويرى أن "البرازيل" موطن الفنون والعروض الكروية الكرنفالية .لم تكن هناك أيام سارة في آخر مراحل حياته لكن القاسم نهض للمرة الأولى من فراش الموت بفضل "صرخة" فلسطينية وصل صداها ، من أقصى الشرق إلى الموطن السليب . ففوز المنتخب الفلسطيني ببطولة كأس التحدي ، لمنتخبات الظل أشعل في قلبه ، فتيل فرحة كان يأمل أن تدوم إلى أن يرى منتخب بلاده ، يلعب في نهائيات كأس أمم آسيا المقامة حالياً في أستراليا لكن القدر لم يمهله ، ففاضت روحه قبل أن يردد نشيد وطنه المحتل في أهم محفل قاري. ويقول الشاعر سميح القاسم أن الأديب يعيش ثلث حياته ليرى صورته ، تنشر في الصحف مرة واحدة بينما صاحب القدم يكاد يشاطرنا رغيفنا في صحافتنا. "[15] وأبرز رد فعل رياضي للشاعر الذي وحد المشاعر ولم يوحد الفصائل الفلسطينية المتناحرة أنه تعاطف مع "زين الدين زيدان" في نهائي ألمانيا ، قبل ثماني سنوات. وهو من هاجم الإيطالي "ماركو ماتيراتزي" ونعته بالصعلوك (لتلفظه كلمات بذيئة ضد زيدان) وقد قال معلقاً عن الحادثة :"زيدان أهدانا سلاحاً جديداً ، في حربنا مع العدو الصهيوني فلننطح "الصهاينة" برؤوسنا إذا ماتت الحجارة.[16]
إن احد المآخذ التي تؤخذ على الكثير من ادبائنا وكتابنا أنهم يغوصون في أعماق الرياضة ويعشقونها ويتفاعلون مع مجرياتها ويرون جمالها ويحرقون عشرات السجائر معها دون ممارستها ، فمن المؤكد أن للرياضة انعكاس على وعيهم ومشاعرهم وانفعالاتهم فقط وليس على صحتهم وأجسادهم . وكما أن للأدب هدفاً ساميا وعظيما لترقية المشاعر والوجدان إلى مستوى سامٍ ، كذلك تهدف الرياضة إلى الرقي من جميع الجوانب بما فيها التكامل البدني والصحي.
المراجع :
[1] مهند سعد ، أدباء على خط التماس ، انكتاب ، 23 أيار 2015
[2]نادراً ما نرى اهتمام أدبائنا ومثقفينا ومربينا بأجسادهم وهذا ما يدل على قلة الوعي لأهمية وفوائد التمارين البدنية على اجسامهم أو أنهم يعون هذه الفوائد ولكنهم لا يحولون هذا الوعي إلى ممارسة عملية تعود بالفائدة على اجسادهم وإبداعهم الفكري - الأدبي ، إن الوعي لفوائد التمارين البدنية ليس كافيا ما دام لا يتبعه ممارسة لهذه التمارين (بالإضافة إلى وسائل صحية أخرى). لقد كانت وما زالت السيجارة هي الرفيق الذي يعتقد ادباءنا أنه وفيّ بالنسبة لهم ، فهي التي تساعدهم في نشاطهم وعملهم الإبداعي .
[3]يوميات خليل السكاكيني ، يوميات . رسائل . تأملات ، الكتاب الأول ، نيويورك . سلطانة . القدس ، 1907 - 1912 . تحرير أكرم مسلّم ، مؤسسة الدراسات المقدسية ، مركز خليل السكاكيني الثقافي . رسالة ، 10/2/ 1908 ، ص. 115.
[4]نفس المصدر ، رسالة ، الأربعاء في 1/ 1/ 1908 ص 84
[5] انظر: i
[6] أ. رندة سقف الحيط ، خليل السكاكيني ، موقع صالون الاستاذة الدكتورة افنان دروزة.
[7] تشير الموسوعة الفلسطينية إلى أن حركة إنشاء النوادي والجمعيات العربية في فلسطين كانت مظهراً من مظاهر النشاط السياسي والثقافي الذي شهدته فلسطين بين سنتي 1918 – 1920 وظاهرة من ظواهر الحركة الوطنية الفلسطينية وأداة من أدواتها". الموسوعة الفلسطينية، المجلد الرابع، دمشق 1984، ص 425.
[8] عصام الخالدي ، "المكابياد" مجلة العربي ، العدد 548 ، يوليو 2004 ، ص 94 - 98.
[9] انظر: Khalidi, Issam. Body and ideology A Short History about Athletics in Palestine
(1900-1948), Jerusalem Quarterly, fall 2006
[10] صحيفة (فلسطين) 6 حزيران 1944.
[11]صحيفة (فلسطين) 22 حزيران 1937.
[12] صحيفة (فلسطين)17 شباط 1931.
[13]محمود درويش يحتفي بفوز الأرجنتين بالمونديال انظر:
[15] محمد العولقي ، سميح القاسم .... الثائر الرياضي ، 15 كانون الثاني 2015 أنظر :
[16] نفس المصدر
يقول الروائي والكاتب المسرحي الأميركي دون ديليلو إن مشاهدتنا للمباراة لا تغير من طريقتنا في الانتخاب أو تسريحة شعرنا او تربيتنا لأبنائنا ، بل هي تغير حياتنا . ويكتب مهند سعد عن كرة القدم أنها بكل شعبويتها استطاعت أن تدفع بالأدباء إلى مربعها الأخضر وإلى مخالفاتها الصفراء وإلى ارتداد عارضة المرمى أمام ضربة مباشرة، أخضعها الأدباء لعوامل التحليل وصنعوا منها سيرهم الذاتية واستقوا منها بعض نظرياتهم للمجتمع والدول والحكومات، كرة القدم أصبحت موضوعًا للأدب يكفي لكي يضع الكاتب كثيرًا من قواعده ونظرياته وظنونه فيها ويجلس في مقاعد المتفرجين ليرى القراء يركلونها بعقولهم.[1]في كثير من دول العالم تم خلق أدب وصحافة رياضية تجاوزا في إبداعهما الرياضة نفسها، وهذا عندما أصبحت الرياضة جزء مقوما في حياة الناس وأصبحت تقوم بوظائف عديدة تعمل على تقدم المجتمعات وتشكيل وعي افرادها.
منذ زمن بعيد كان هناك علاقة فعالة بين الأدب والقوة البدنية والرياضة وكان هناك دائما تفاعلا مشتركا بين الأدب والرياضة ، فالأدب كان دائما محفزا للنشاط الرياضي وأداة من خلالها نستطيع فهم جوانب كثيرة عن هذا النشاط ، كما كان للقوة والنشاط البدني والرياضة تأثيراً على الأدب ناهيك عن أنهم كانوا وما زالوا يشكلون جزء منه ، وقد شهد التاريخ البشري امثلة كثيرة على ذلك مثل الأساطير اليونانية القديمة والتدريبات والمنافسات القتالية والمسابقات والألعاب الأولمبية وغيرها. كما وشهد تاريخنا وادبنا العربي قصص وحوادث كثيرة بهذا الخصوص مثل عنترة وغيره من رجال أقوياء بدنيا قاموا بأعمال بطولية أحدثت تغيرات نوعية في سلوكهم وحياتهم ومجتمعاهم . وتاريخنا الفلسطيني على مدى مئة عام شاهد على الكثير من رياضيينا الذين وهبوا حياتهم للوطن ، وكان للقوة البدنية وللرياضيين دور في التصدي لسلطات الاحتلال سواء أكان ذلك في صمودهم في سجونها أم في مقارعتها في الشوارع . أولى بعض الأدباء مكانة خاصة للرياضة وقد كان هناك العديد من الأدباء والشعراء الذي فتنوا بالأداء الرياضي وبالمشاعر الناجمة عن النشاط الرياضي وعن النجاحات الرياضية وعن علاقتهم بالرياضة والرياضيين . وقد تمثلت علاقة الأدباء بالرياضة في الحالة الفلسطينية في ثلاثة وجوه، أولا: ادباء كانت الرياضة وممارستها جزء من حياتهم، ثانيا: ادباء كانوا أعضاء في الأندية الرياضية ، ثالثا : أدباء كانوا مشجعين لرياضيين وأندية رياضية.
شهد حقل الثقافة ظاهرة فريدة من نوعها وهي اهتمام الأديب والمربي خليل السكاكيني بالتمارين البدنية ووسائل صحية أخرى مثل الاستحمام بالماء البارد. ولا نبالغ بالقول أن السكاكيني كان سباقا لزمانه بما يتعلق بوعيه لفوائد الرياضة وبممارسته المستمرة لها وبقناعته لتأثير الجسد على العقل والعقل على الجسد أيضا، وبأن الرياضة هي وسيلة مهمة من اجل الاسترخاء وإزالة التوترات الناجمة عن صعوبة الحياة (خاصة أثناء وجوده في أمريكا)، وهذا كله للأسف ما لا نراه بين مثقفينا وأدباءنا في الوقت الحاضر ، أي بعد ما يقارب القرن من الزمن.[2]
في احدى رسائله إلى محبوبته سلطانة من مدينة نيويورك في عام 1908 يكتب الأديب خليل السكاكيني :
تأملي في ما كنا عليه ، وفي ما صرنا إليه.
كنت سعيداً كل السعادة ، كنت استعلي على الرؤساء والأساتذة ، فلا يقابلوني إلا باحترام ، وكانوا يقدرونني قدري ، كنت سعيداً في بيتي : أقوم صباحاً فأستحم بالماء البارد ، وألعب ألعابا رياضية مختلفة تكسبني قوة ونشاطاً ، ثم أتناول فطوري ، ثم أجلس وراء مكتبي أدخن بنارجيلتي وأقرأ وأكتب ، ثم أذهب إلى دروسي فأمشي في الهواء النقي والشمس ساطعة ، ولا ألقى أحداً في طريقي إلا سلم علي وابتسم لي.
كنت أعلم في غرف واسعة ، وبين درس وآخر كنا نخرج إلى ساحة اللعب فنلعب ألعابا مختلفة تجديداً للنشاط ، وعند الظهر أرجع إلى البيت فأتغدى ثم أنام ، وبعد النوم استحم مرة ثانية وأدخن ، ثم أرجع إلى دروسي.[3]
وفي احدى رسائله أيضا يذكر السكاكيني :
على ذكر الصحة والقوة ، جمعتني وبعض الشبان ليلة فأخذوا يلعبون العابا ويتحرش بعضهم ببعض ، وكلهم اكبر مني جثة واطول قامة واثقل وزنا ، ولعلهم استخفوا بي في أول الأمر ، فشاركتهم في العابهم فحملت احمالا ولعبت العابا لم يقدروا أن يجاورني فيها. ثم اخذت في الصراع معهم فكنت ابيح لهم ان يمسكوني حيث شاؤوا فأجمع بعضي على بعض فتتلوى أيديهم كما تلتوي الاغصان الغضة ، وتنقصف ارجلهم ، وتنثني قامتهم ، كأن عظامهم من خيزران. ثم ابيح لأقواهم أن يجرب أن "يكمشني" حيث شاء ، في رجلي أو صدري أو ذراعي حتى وجهي ، فلم يستطع أن يجد في مكمشاً. وقد تدرجت في الهياج حتى شعرت أن فيَ قوة ألوي بها الحديد، فما كان من احدهم إلا أن قال "أراك تصلح للصراع." [4]
في عام 1909 أسس خليل السكاكيني المدرسة الدستورية في القدس وقد نهج أسلوب خاص بالتعليم وهو الخلو من الدرجات ومنع العقاب والتركيز على الموسيقى والرياضة.[5] وليس معروف بالضبط هل كان ذلك بسبب تأثره بطرق التعليم الأمريكية ، خاصة بعد عودته من للولايات المتحدة الأمريكية ، أم أنه كان واعٍ لذلك سنوات عديدة قبل مغادرته فلسطين إلى أمريكا متأثرا بطرق التعليم التي كانت تنهجها المدارس التبشيرية التي كان يَدرس بها. لقد آمن السكاكيني بمبدأ القوه الذي أخذه عن استاذيه فردريك نتشيه والمتنبي وهذا يعني أن يكون الأنسان قويا في جسده ككل , وعقله بحيث لا تجوز عليه الأوهام ولا تستعصي عليه المشكلات ولا تروج عنده الخرافات وأن يكون أيضا قويا في نفسه وتقوية النفس تكون بالتهذيب وبأن يكون الأنسان شجاعا ذا مبادئ ومطالب شريفة فالأقوياء هم الذين يرثون الأرض . [6]
من المعروف أنه أنه بعد وعد بلفور 1917 بدأ يلاحظ هذا التسارع في تأسيس الأندية والجمعيات الخيرية والكشفية والنسائية ، وكان تأسيسها مطلباً ملحاً من أجل الرد على الخطر الصهيوني. وكان نشاط الأندية في تلك الفترة يأخذ طابعا وطنيا اجتماعيا،[7] فنشؤها كمؤسسات اجتماعية سياسية كان يعكس سعي الفئات المثقفة من أجل التعبير عن حسها الوطني المعادي للانتداب والصهيونية. فيما بعد بدأ يبرز الطابع الرياضي بالإضافة إلى الاجتماعي والثقافي.[8] كما أن العديد من الأندية في النصف الثاني من العشرينيات ظهرت كرياضية ثم تبنت النشاط الثقافي الاجتماعي ، وكانت لكل نادٍ لجانه الرياضية والاجتماعية والثقافية والفنية ، وما زالت هذه الظاهرة مستمرة إلى يومنا هذا. وما ميز الأندية الاجتماعية في فلسطين هو أن معظم نشاطاتها سواء أكانت فنية أم رياضية أم اجتماعية أم ثقافية كانت متداخلة فيما بينها ، فكثير من الأعضاء كانوا يمارسون أكثر من نشاط واحد ويعملون في أكثر من لجنة واحدة. وبالإضافة إلى أن هذه الأندية كانت تضم فرقاً رياضية فإنها أيضا كانت تضم فئات كبيرة من المثقفين والفنانين والأدباء والشعراء ، فمثلا كان الشاعر الفلسطيني أبو سلمى عضوا في النادي الأرثوذكسي في حيفا.[9]
كانت الأندية الاجتماعية الرياضية تقيم المحاضرات الثقافية وتستضيف الأدباء ورجال الثقافة، وكانت الصحف في فلسطين تورد اخبار النشاطات الثقافية للأندية الرياضية ، فمثلا ذكرت صحيفة (فلسطين) في حزيران 1944 "في زيارة لسكرتير السفارة الروسية [السوفياتية] في القاهرة للنادي الأرثوذكسي في حيفا ألقى الشاعر أبو سلمى قصيدة رائعة عن أبطال ستالينغراد وسباستوبول ودفاعهم عن كرامتهم وحريتهم وبلادهم وقد قوطعت مراراً بالتصفيق ."[10]وتحت عنوان )نادي الشباب العرب والأستاذ رشيد الخوري) [1887-1984 لقب بالشاعر القروي] ذكرت صحيفة (فلسطين) أنه "لمناسبة إهداء الأستاذ رشيد الخوري كأسا للفرق الرياضية بحيفا دعاه نادي الشباب العرب لزيارته فزاره ليلة الأحد واستقبله الأعضاء استقبالا حافلا ، وقد رحب به السادة عبدو مشعور ومعين نخلة ولويس حرب بكلمات رقيقة. ثم خطب الأستاذ الخوري عن الرياضة وفوائدها فقوبل مراراً بالتصفيق ، وختم الحفلة رئيس النادي السيد حويلة بكلمة شكر فيها الأستاذ الخوري على تشجيعه للفرق الرياضية."[11]
إبان فترة الانتداب كانت هناك علاقات ثقافية ورياضية قوية بين فلسطين ومصر فقد استفادت فلسطين من هذا التطور الثقافي والرياضي الذي تميزت به مصر في تلك الفترة. وكان هناك زيارات ولقاءات متبادلة بين الطرفين كانت تتسم بالمودة بين الجانبين والتعاطف من جانب المصريين تجاه إخوانهم في فلسطين في تلك الفترة. ظهر في صحيفة (فلسطين) في عام 1931 خبر يعكس اهتمام الصحافة بالرياضة والوعي لجوانبها الوطنية والقومية، وترابطها مع الأدب والشعر ، فتحت عنوان (جزى الله الرياضة كل خير) جاء هذا الخبر: "هذه هي القصيدة الرائعة التي ألقاها الشاب المصري الأديب محمد أفندي عبد الكريم أبو شقة من طلبة السنة النهائية في الحقوق في احدى جامعات القاهرة في نادي الشبيبة الأرثوذكسية الثغر [يافا] في الحفلة:[12]
جزى الله الرياضة كل خير تربينا على كرم النضال
وتسقينا رحيق الود كأسا من الكافور طاهرة الزلال
دعاة السلم لو فطنوا إليها لكان مر أمام الرجال مثال
شباب النيل قد حكم المعلى ومصر بنسلكم أم الرجال
حملتم في محبتها عظيما من الأعباء يوهي بالجبال
كان الشاعر محمود درويش معجبا بأداء اللاعب الأرجنتين مارادونا ففي كأس العالم عام 1986 التي فازت به الأرجنتين بثلاثة أهداف لهدفين عبر درويش عن إعجابه به في قصيدته المشهورة بعنوان (مارادونا- لن تجدوا دماً في عروقه بل صواريخ) :
ماذا فعلت بالساعة، ماذا صنعت بالمواعيد؟
ماذا نفعل بعدما عاد مارادونا إلى أهله في الأرجنتين؟
مع منْ سنسهر، بعدما اعتدنا أن نعلّق طمأنينة القلب، وخوفه، على قدميه المعجزتين؟ وإلى منْ نأنس ونتحمّس بعدما أدمناه شهراً تحوّلنا خلاله من مشاهدين إلى عشّاق؟
ولمن سنرفع صراخ الحماسة والمتعة ودبابيس الدم، بعدما وجدنا فيه بطلنا المنشود، وأجج فينا عطش الحاجة إلى: بطل.. بطل نصفق له، ندعو له بالنصر، نعلّق له تميمة، ونخاف عليه ـ وعلى أملنا فيه ـ من الانكسار؟
الفرد، الفرد ليس بدعة في التاريخ. [13]
وكان محمود درويش يرى في زيد الدين زيدان أعظم لاعب كرة قدم في العالم في ذلك الوقت ، وكان يستغرب درويش لماذا لم تستفد منه الجزائر قبل تقمصه الوان الديكة الفرنسية ، وكان رونالدينيو اللاعب البرازيلي هو الآخر يعجب به درويش كثيرا و يقول عنه إنه "لاعب عجيب يمتلك مهارات خارقة.." ..... ولم ينس صاحب رائعة "أحمد الزعتر" التذكير بأن منتخب فلسطين كان من أولى المنتخبات العربية التي كادت أن تتأهل إلى مونديال إيطاليا قبل سبعين عاما. كما ويرى أنه لا غرابة أن يفوز منتخب فلسطين منذ عام (2004) في تايوان على منتخبها المحلي في العاصمة "تايبيه". ويؤكد درويش "فمن قال إن الفلسطينيين لا يتقنون سوى اللعب بالحجارة ؟[14] وفي احد المرات عندما تفوقت مشاعرة الرياضية على الأدبية وتفاعل مع مجريات احد المباريات قال درويش "أليست تلك اللحظات أشد قسوة ورهافة وتفجيراً للعاطفة الفردية والجماعية من اللحظات، التي يواجهها مقامر دستويفسكي، مثلا؟". وهذا دليل على فهمه العميق للرياضة ولمعانيها ومغزاها وجبروتها.
وحول علاقة سميح القاسم بالرياضة يكتب محمد العولقي "ولم يَقِل الشاعر سميح القاسم حماسا لكرة القدم عن محمود درويش حتى أنه شاهد جانباً من مباريات كأس العالم في البرازيل من على فراش احتضاره .. والمقربون منه أكدوا أن الشاعر رقيق المشاعر .. تبرم من البرازيليين بعد فاجعة "السبعة" الألمانية .. ولا عجب في ذلك ، فالقاسم يتذوق الفن ، ويرى أن "البرازيل" موطن الفنون والعروض الكروية الكرنفالية .لم تكن هناك أيام سارة في آخر مراحل حياته لكن القاسم نهض للمرة الأولى من فراش الموت بفضل "صرخة" فلسطينية وصل صداها ، من أقصى الشرق إلى الموطن السليب . ففوز المنتخب الفلسطيني ببطولة كأس التحدي ، لمنتخبات الظل أشعل في قلبه ، فتيل فرحة كان يأمل أن تدوم إلى أن يرى منتخب بلاده ، يلعب في نهائيات كأس أمم آسيا المقامة حالياً في أستراليا لكن القدر لم يمهله ، ففاضت روحه قبل أن يردد نشيد وطنه المحتل في أهم محفل قاري. ويقول الشاعر سميح القاسم أن الأديب يعيش ثلث حياته ليرى صورته ، تنشر في الصحف مرة واحدة بينما صاحب القدم يكاد يشاطرنا رغيفنا في صحافتنا. "[15] وأبرز رد فعل رياضي للشاعر الذي وحد المشاعر ولم يوحد الفصائل الفلسطينية المتناحرة أنه تعاطف مع "زين الدين زيدان" في نهائي ألمانيا ، قبل ثماني سنوات. وهو من هاجم الإيطالي "ماركو ماتيراتزي" ونعته بالصعلوك (لتلفظه كلمات بذيئة ضد زيدان) وقد قال معلقاً عن الحادثة :"زيدان أهدانا سلاحاً جديداً ، في حربنا مع العدو الصهيوني فلننطح "الصهاينة" برؤوسنا إذا ماتت الحجارة.[16]
إن احد المآخذ التي تؤخذ على الكثير من ادبائنا وكتابنا أنهم يغوصون في أعماق الرياضة ويعشقونها ويتفاعلون مع مجرياتها ويرون جمالها ويحرقون عشرات السجائر معها دون ممارستها ، فمن المؤكد أن للرياضة انعكاس على وعيهم ومشاعرهم وانفعالاتهم فقط وليس على صحتهم وأجسادهم . وكما أن للأدب هدفاً ساميا وعظيما لترقية المشاعر والوجدان إلى مستوى سامٍ ، كذلك تهدف الرياضة إلى الرقي من جميع الجوانب بما فيها التكامل البدني والصحي.
المراجع :
[1] مهند سعد ، أدباء على خط التماس ، انكتاب ، 23 أيار 2015
[2]نادراً ما نرى اهتمام أدبائنا ومثقفينا ومربينا بأجسادهم وهذا ما يدل على قلة الوعي لأهمية وفوائد التمارين البدنية على اجسامهم أو أنهم يعون هذه الفوائد ولكنهم لا يحولون هذا الوعي إلى ممارسة عملية تعود بالفائدة على اجسادهم وإبداعهم الفكري - الأدبي ، إن الوعي لفوائد التمارين البدنية ليس كافيا ما دام لا يتبعه ممارسة لهذه التمارين (بالإضافة إلى وسائل صحية أخرى). لقد كانت وما زالت السيجارة هي الرفيق الذي يعتقد ادباءنا أنه وفيّ بالنسبة لهم ، فهي التي تساعدهم في نشاطهم وعملهم الإبداعي .
[3]يوميات خليل السكاكيني ، يوميات . رسائل . تأملات ، الكتاب الأول ، نيويورك . سلطانة . القدس ، 1907 - 1912 . تحرير أكرم مسلّم ، مؤسسة الدراسات المقدسية ، مركز خليل السكاكيني الثقافي . رسالة ، 10/2/ 1908 ، ص. 115.
[4]نفس المصدر ، رسالة ، الأربعاء في 1/ 1/ 1908 ص 84
[5] انظر: i
[6] أ. رندة سقف الحيط ، خليل السكاكيني ، موقع صالون الاستاذة الدكتورة افنان دروزة.
[7] تشير الموسوعة الفلسطينية إلى أن حركة إنشاء النوادي والجمعيات العربية في فلسطين كانت مظهراً من مظاهر النشاط السياسي والثقافي الذي شهدته فلسطين بين سنتي 1918 – 1920 وظاهرة من ظواهر الحركة الوطنية الفلسطينية وأداة من أدواتها". الموسوعة الفلسطينية، المجلد الرابع، دمشق 1984، ص 425.
[8] عصام الخالدي ، "المكابياد" مجلة العربي ، العدد 548 ، يوليو 2004 ، ص 94 - 98.
[9] انظر: Khalidi, Issam. Body and ideology A Short History about Athletics in Palestine
(1900-1948), Jerusalem Quarterly, fall 2006
[10] صحيفة (فلسطين) 6 حزيران 1944.
[11]صحيفة (فلسطين) 22 حزيران 1937.
[12] صحيفة (فلسطين)17 شباط 1931.
[13]محمود درويش يحتفي بفوز الأرجنتين بالمونديال انظر:
[15] محمد العولقي ، سميح القاسم .... الثائر الرياضي ، 15 كانون الثاني 2015 أنظر :
[16] نفس المصدر