خيرة جليل - أعمال المختار غيلان تجربة فنية مميزة وفريدة من نوعها...

تظل قراءة اي نص بصري فني تشكيلي, قراءة متجددة تتحكم فيها عدة عوامل خارجة عن نمطية التأليف والتوصيف, وهي في حد ذاتها قراءة للنص البصري بوسائط لغوية تعبيرية متنوعة. ويعكس كل نص مكتوب لنص تشكيلي بصري نوعا من حالات التلقي العالية المستوى والذي يحدد من خلاله القارىء الكيفية التي استطاع بهافهم مكونات النص البصري التشكيلي الفني الذي بين يديه ليبرز الجانب الجمالي والتقني الذي اعتمده الفنان ليستشف الفكرة والمحتوى . فالعمل الفني التشكيلي يجب التعامل معه باعتباره نص مرئي أولاً وأخيراً. قابل للقراءة والتحليل والتركيب والمعايرة والتذوق والنقد الفني كنص، وكما يقول البعض يظل نصا مفتوحا ومغلقا ومتغيرا حسب المستجدات التي يعيشها الفنان يوميا خلال مساره الفني.
الفنان مختار غيلان بعد قراءة معظم نصوصه البصرية نرى انه اختار التعبير داخل المدرسة السوريالية تارة وتارة اخرى بالمدرسة الواقعية في حين يرحل بعض الاوقات الى احضان التجريدية وهذا يعكس درايته بهذه المدارس الفنية، وتمكنه من أدواته التشكيلية ليبحر اينما شاء ومتى أراد.
التعبير الفني لدى التشكيلي مختار غيلان هو مجموع الانفعال التي عادة ما تعمل بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على توجيه أعماله الفنية،فتأتي أعماله غنية بالمفردات التشكيلية الجمالية لموضوعاته التي ينتقيها بدقة. مواضيع اعماله تدوربفكره الذي لا يخرج عن نطاق فكر المتلقي، حيث يمتلك الفنان وسائل عديدة للتعبير وغنية بالدلالات المتنوعة والمتعددة التأويلات. أعماله تضم مجموعة من المؤشرات الجمالية المميزة والفريدة، وكل عمل فني هو كرحلة بعالم جمالي متفرد، هذا ما يوضح العلاقة الجدلية بين الفنان وحسن انتقاء موضوع اللوحة ، مما يعكس صورة واضحة عن مستوى النضج الفكري للفنان وكيفية تسخير أدواته لترجمة أحاسيسه وانفعالاته لمنجز فني قائم بذاته ، فتصبح اللوحة رابط حي بين الفنان و أنتاجه كمشهد فني وعملية إبداع فنية تشكل جسرا بينه وبين المتلقي،و مشكلة كذلك جسرا فنيا و لغويا يؤهله لتكوين نسق فريد يحاكي أبعاد الواقع الملموس والتحسيس باكراهاته، عن نسق جمالي محدد يفسر العملية الإبداعية لدى المختار غيلان وذلك من خلال معايشة التجربة الإبداعية، ليترجم الحافز الجمالي بتعبير فني قائم بذاته.فيصبح التعبير الفني لدى الفنان كبوح او سفر خارجي للمشاعر الداخلية. فالتعبير في العمل الفني لغيلان كما هو في اللوحات التي اضطلعت عليها أوالأعمال الفنية الأخرى تعكس أن لديه رؤية شاملة وناشطةلاستنطاق الخامات البلاستيكية والخشبية والثوب والحديد.... والتعبير لا يتم إلا بتفاعل كل ذلك من خلال مكونات العمل الفني.
اعمال الفنان مختار غيلان بها من نوعا خاصا من المثالية الموضوعية والفنية ، فقد قسم الفن في لوحاته الى عناصر محددة : المادة والشكل والتعبير .
• فيما يخص المادة الفنية التي يعمل عليها الفنان غيلان هي منتقاة بدقة وذات دلالة عميقة وعمل عليها بشكل دقيق ومميز لأنها من عناصر الجمال والألق ولها اثارها الكبيرة في تحقيق البيئة الجمالية من أشياء كانت في الواقع مصدر تخريب للبيئة الطبيعية والمحيط .
• في دراسة الشكل الفني نلاحظ أن التشكيلي مختار غيلان لديه إحساس بالجمال رفيع المستوى وهذا مهم في الفن والأسس الادراكية فيها.
• إن التعبير لدى الفنان جاء غنيا وخصبا ومتنوعا بحيث استعمل مجموعة من التأثيرات الانفعالية التي أضافت الى المضمون الجمالي بجميع أعماله الفنية دلالة علمية وفكرية ووجدانية خاصة تختلف باختلاف المراحل التي مر من الفنان والارتباطات الوثيقة ببيئته ومحيطه، خصوصا في أعماله الفنية التي عمل فيها على تدوير النفايات البلاستيكية الى منشآت فنية بالشواطئ المغربية كمجسم الحصان الذي انجزه بالسنوات الأخيرة من نفايات قنينات المشروبات .... , كما راهن على سرعة المنجز الفني بكل دقة وتفاصيل وجمالية ورقي في الذوق وهذا ما شهدناه كان حقيقة حية بمشهد بصري مباشر أمام المتلقين، حيث تناول العديد من مفردات الحروف التشكيلية والتصميمات بإيقاعات سريعة ومتناغمة مما جعل لأعماله بعد فني مميز تديرها حنكة موضوعية فريدة في تدبير زمن الانجاز وتميز المنجز التشكيلي عامة، وهذا ليس في متناول اي فنان كان إن لم تكن له خبرة طويلة بالمجال ممارسة وتذوقا.
عموما ان اعمال مختار غيلان تشكل مكسبا وطنيا واضافة نوعية للفن التشكيلي ويجب اعادة الاعتبار الى اعماله كمنجزات فنية ذات قيمة مضافة للساحة الفنية المغربية خصوصا انه فنان عالمي له وزنه وبصمته... خيرة جليل

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى