د. خالد عبدالغني - الصمود النفسي مفتاح شخصية عبدالحليم حافظ

في مثل هذه الأيام من عام 2014 تناولت في محاضرة عامة حياة وشخصية الفنان عبدالحليم حافظ بالتحليل النفسي وكذلك في برنامج صباح جديد بالتلفزيون المصري وكذلك في حلقة من برنامج اغاني وعجباني باذاعة صوت العرب ومقال اخر بجريدة النداء المصرية ، وكانت الفكرة الرئيسية هي أن عبدالحليم لم يكن بدعا من الأطفال الايتام الذين فقدوا اباءهم ولم يكن بدعا من الاطفال المودعين للرعاية بجمعيات رعاية الايتام ولم يكن فذا في دراسته ، ولم يكن يمتلك صوتا واسعا أو قويا ، ولم يكون وسيما بدرجة فائقة ، ولم يكن ملحنا ولم يكن ولم يكن ..يمكن ان نعددها كثيرا
ولكن يبقى السؤال الأهم ماذا كان يمتلك عبدالحليم حافظ حتى يحقق كل هذا النجاح والخلود للدرجة التي تجعله متربعا على عرش الغناء العربي بعد رحيله ونحن في الذكرى السنوية الأربعين؟
إن الذي يمتلكه عبدالحليم هو ما عرف في علم النفس حديثا باسم الصمود النفسي وهو مفهوم - بحسب العلامة القديرة صفاء الاعسر - وافد من علم المواد، ليصف المادة التي تستعيد خواصها بعد التعرض لعوامل خارجية، إذن هو مفهوم دينامي دال على نشاط المادة، ولم توفق في بداية الأمر إلى مصطلح يحقق هذا المعنى وفي الوقت نفسه يحقق سهولة الإستخدام والتداول – إلى أن توصلت إلى مصطلح الصمود حيث يمكن توظيفه ليتجاوز المسمى إلى المضمون، وذلك بتحليله ليشير كل حرف من حروفه إلى عملية : * يشير حرف "ص" إلى الصلابة، حيث مقاومة الإنكسار أمام التحديات والمحن. * يشير حرف "م" إلى المرونة، حيث القدرة على تعديل المسار وخلق البدائل. * يشير حرف "و" إلى الوقاية الداخلية والخارجية، حيث العوامل الشخصية والبيئية التي تحمي وتقي من الخطر. * يشير حرف "د" إلى الدافعية، حيث المثابرة والدأب. وهكذا تم إختيار مصطلح " الصمود " ترجمة لمفهوم Resilience. حيث يمثل الصمود لبنة في منظومة علم النفس الإيجابي، ذلك المنحنى الذي يعظم القوى الإنسانية ويسعى لإكتشافها وتنميتها – فالصمود هو القوة التي تسمح للإنسان أن يتجاوز التحديات وينهض وينهض مما يتعرض له من عثرات ليحقق النمو والكفاءة.
يستمد مفهوم الصمود مكانته على الخريطة العلمية من المشهد الإجتماعي، حيث تحيط بالإنسان منذ نشأته تحديات لا قبل له بتجنبها ولا قبل له بالتغلب عليها، وعليه أن يواجهها أو يتعايش معها أو يتجاوزها، وهنا تكتشف لنا فاعلية الصمود ودوره المحوري في بناء الشخصية، فإذا كانت القوى الخارجية لا قبل لنا بمواجهتها أو التغلب عليها – فكيف لنا أن ننمي القوى الداخلية كي نحيد تأثيراتها وتداعياتها السلبية بما يمكن أطفالنا من تحقيق النمو والتكامل. ولو تأملنا حياته لوجدنا كل خصائص الصمود السابق ذكرها متوفرة في شخصيته ، وهكذا كان امتلاك عبدالحيم حافظ لقدر هائل من خاصية الصمود النفسي هو ما جعله يصمد في مواجهة ازمات واحباطات الواقع التي يعرفها كل الناس عن حياة عبدالحليم ولا داعي للافاضه فيها فهي اصبحت من المعلوم في الحياة بالضرورة .
الصمود هو ما جعله يغير من اتجاهاته الفنية عبر مراحل زمنيو مختلفة (اغاني عاطفية ووطنية ودينية) وأفلام غنائية جادة وفيلم واحد ضعيف في مستواه الفني. فقد ولد في قرية الحلوات التابعة لمركز الإبراهيمية محافظة الشرقية، وهو الابن الأصغر بين أربعة إخوة هم إسماعيل ومحمد وعلية.
توفيت والدته بعد ولادته بأيام وقبل أن يتم عبد الحليم عامه الأول توفي والده ليعيش اليتم من جهة الأب كما عاشه من جهة الأم من قبل ليعيش بعدها في بيت خاله الحاج متولي عماشة.
كان يلعب مع أولاد عمه في ترعة القرية، ومنها انتقل إليه مرض البلهارسيا الذي دمر حياته، ولقد قال مرة أنا ابن القدر، وقد أجرى خلال حياته واحد وستين عملية جراحية ، وهو الابن الرابع وأكبر اخوته هو إسماعيل شبانه الذي كان مطرباً ومدرساً للموسيقى في وزارة التربية، التحق بعدما نضج قليلا في كتاب الشيخ أحمد؛ ومنذ دخول العندليب الأسمر للمدرسة تجلى حبه العظيم للموسيقى حتى أصبح رئيسا لفرقة الأناشيد في مدرسته. ومن حينها وهو يحاول الدخول لمجال الغناء لشدة ولعه به




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى