علجية عيش - قراءة في المجموعة الشعرية "غضب أخضر" للشاعرة نادية بوجلال

صدر مؤخرا للشاعر ةالجزائرية نادية بوجلال مجموعة شعرية بعنوان: "غضب أخضر" ، الكتاب يقع في 110 صفحات و قد زاد الغلاف الكتاب جمالا من خلال رسم امرأة ترتدي فستانا أخضرا، تؤدي حركات تشبه الرقص، ملتفتة للوراء و كأنها تلتفت إلى الماضي و ما تحمله من ذكريات عاشتها أو شيئا ما فقدته قبل أن تحول نظرتها إلى الأفق البعيد، فالشاعرة اختارت لغة الأنثى لتعبر عما يختلج في صدر المرأة في علاقتها مع الآخر ، طبعا فلكل أنثى طقوسها

المجموعة الشعرية صدرت عن دار إيكوزيوم آفولاي للنشر و التوزيع و الترجمة وقد كتبت الشاعرة في خلفية كتابها : لنغضب بأجمل و أنبل الطرق، نفرح كما يجب و نحزن باعتدال و نعطي كل شيئ حقه لنعبر كما نشاء دون أذية من حولنا بطريقة راقية و رفيعة و ليكن غضبا أخضر، لعل أول ملاحظة يقف عليها القارئ هي أن عنوان الكتاب يعبر عن امتزاج الغضب بالثورة و الفرح بالألم، و الحزن بالسعادة و هو عبارة عن تلاقح فكري يرسم لوحة للإنسانية البائسة أو لحضارة البؤس، هي طبعا إنسان كالرجل يتألم و يصرخ .. يفرح و يطرب، تحرك الأحداث وجدانها فتربط الوطن بالأم و الأم بالوطن، تبحث عنهما في عيون الآخر و كل من يحدقونها بنظراتهم، بحيث تكون لها ردة فعل تحرك مشاعر الآخر، الذي ينبض قلبه بالمحبة و الإنسانية، الملاحظة الثانية هو أن المجموعة الشعرية تنتمي إلى الشعر الحرُ، اين يكون الشعار عير ملتزم و غير مقيد بقواعد كتابة القصيدة، بحيث نرى البعض لا يفرق بين القصيدة و التغريدة مثلا ، مثلما نقرأه في نص لها بعنوان "أحب المطر" في الصفحة 85، و لكن نترك هذه الملاحظة لأهل الإختصتص.

ما لفت انتباهي أن الشاعرة ناذيوة بوجلال كتبت في مقدمة مجموعتها الشعرية " أن الآخَرْ يجب أن يبقى آخِرْ ما نهتم به، هكذا و هكذا فقط سنعطي" ربما لا يتفق معها القارئ، نعم فلكل واحد شخصيته و تفكيره الخاص و لكل واحد مذهبه و إيديولوجيات و ماذا يحب و ماذا يكره و من يعاشر، لكن طالما هذا الأخر موجود بيننا و يقاسمنا الحياة العامة فلابد من التعايش معه من أجل إحداث سلام و لكي نعطي -كما قالت هي- في مقدمة الكتاب خضرة و متعة و حياة، فالعلاقات الإجتماعية و حتى العلاقات الروحية الخيالية التي يرسمها الشعراء و الأدباء عامة في مخيلاتهم و وجدانهم و يترجمونها في كلمات وحدها تزرع الأمل و تربط جسور التواصل و التعايش مع الآخر مهما كانت عقيدته.

هذه العلاقات ضرورية كضرورة الملح في الطعام لبناء مجتمع منسجم، متكامل و متحضر، بعيد عن كل الإنحرافات الفكرية، يحارب الأفكار الميتة و الأفكر السلبية ، هكذا هو الأديب سواء كان شاعرا أو قاصا أو روائيا أو كاتبا يطبع نفسه في قالب الرقيّ شكلا و مشمونا، و دون التطرق إلى خصوصية الشاعرة فالمطلع على مجموعتها الشعرية يقف على العديد من المفاهيم التي استعملتها الشاعرة في نصوصها تحتاج إلى تبسيط كمفهوم "الإنتماء" إلى "الأرض"..إلى "الوطن" أو إلى "الآخر" الذي تظل صورته ملتصقة بمخيلتنا ، لأنها كالظل الذي يرافقنا أينما كنّا، وقد عبّرت الشاعر بحرقة في نصٍّ بعنوان: "يوم الآرض" عن الذين يعانون القمع على يد الكيان الصهيوني و هو الشعب الفلسطيني، في نفس الوقت نقف على الصراع الحفي الذي تعيشه الشاعرة مع الآخر، صراعٌ يتغير فيه كل شيئ، حتى النظرات..، يحدث الإنفصال فتجدنا في حيرة من أمرنا بحيث لا نفهم و لا نفقه ما يقوله الآخر أو ما يريد قوله أو حتى فيما يفكّر.

و لعل الشاعرة هنا أرادت أن تقول أنها كفرت بالآخر و لم تعد تؤمن به، لأنه قد كان يوما(....)، كان هذا عنوان مقطوعة شعرية كتبتها الشاعرة في الصفحة 25 من مجموعتها الشعرية، ما يمكن قوله في هذه النصوص هي رحلة عاشتها الشاعرة نادية بوجلال مع ذاتها التقى فيها الأنا و الآخر، حدث بينهما حوار، وقفت فيه الشاعرة على ذكرى من الذكريات و كأنها تقف على الأطلال ، و نلمس ذلك في نصها الشعري الذي حمل عنوان: " تحت ظل الشجرة"، إذ تقول فيه " أتذكر يوم كان مجلسنا هناك تحت ظل الشجرة على مرجيحة حلمنا و تعاهدنا بأن يبقى الودّ بيننا و الروح تحلق كطائر يحرسنا .. ..الخ، و مجمل القول أن هذه النصوص الشعرية ماهي إلا مناجاة أبت الشاعرة نادبة بوجلال إلا أن تنقشها في حروف فكانت حروفا من ذهب جمعت فيها الشاعرة بين الأنين بالحنين و بين الفرح و الغضب معًا.

علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى