فاتن فاروق عبد المنعم - مذبحة الأرمن -3-

قتل على الهوية الدينية:

المذابح التي ارتكبها الروس وجمعيات السفاحين الأرمن في فان وما جاورها، جعلتها مجازر ومسالخ مليئة بالأشلاء، يرافق سعار التعذيب نهب ممتلكات المسلمين وسب ولعن الإسلام وسب المقدسات الإسلامية وتدنيس وحرق المساجد والمدارس الدينية، نزعوا أسلحة السكان المسلمين ثم قاموا بجدع الأنوف وقطع الآذان وبتر الأرجل ثم قطع الرؤوس في النهاية، أما عن شق البطون واستخراج الأحشاء وقطع أثداء النساء والتمثيل بالجثث فحدث ولا حرج، وابتهاجهم الأعظم كان عند الفتك بالأطفال الصغار والرضع، وذبح المسنين والعجزة والمرضى، قاموا بسلخ جلود بعض الناس ووضعوا رؤوسهم على أسنة الرماح، قاموا بتكديس الأشلاء في الآبار والعيون، وحرق النساء والأطفال في الأفران الأرضية، بعض الأطفال تركوا مع الجليد على الطرق يجابهون الموت وحدهم، والبعض ماتوا من الجوع، وبعض الذين انسحبوا إلى جبل صور قام الروس بقذفهم بالقنابل وقتل معظمهم، أما علي ابن مفتي هيشاب فقد حشرت رأسه وعصرت حتى صارت في حجم قبضة اليد، وقام الأرمن بتهديد والده ليقول أنه قتل على أيدي الروس.

شهادة بعض الذين استطاعوا الهروب:

«الرعايا المسيحيون العثمانيون وافقوا على ما حدث، وشاركوا فيه، وبثوا جواسيسهم في كل مكان، وعندما أعلنت التعبئة العامة، استغلوا الوضع وهاجموا المسلمين وحاولوا ذبحهم باستخدام السيوف، كما هدفوا إلى قتل الزعماء الدينين لإثارة المسلمين ودفعهم للتمرد على الدولة وليعم التمرد أنحاء البلاد» وأثناء القيام بأعمالهم الوحشية كانوا يهتفون «تحيا أرمينيا، يسقط العثمانيون» أما أغلب الفتيات اللآتي اغتصبوهن كن دون العاشرة، وفي بعض المناطق شاركهم في المذبحة جورجيون ويونانيون، وفي كل الأحوال رافق الذبح الاستيلاء على ممتلكات المسلمين حتى ولو كانت سجاجيد المساجد، ورجموا المؤذنين بالحجارة، وسملوا أعين آخرين.

عندما يكون المسلمون هم العدو:

ومما هو جدير بالذكر أن الفرنسيين (كما العادة فرنسا المجرمة) أدخلوا الأرمن ضمن قواتهم ليمارسوا الذبح، أما الأمريكان فقد أرسلوا لهم الملابس والطعام، الفرقاء يجتمعون طالما السهام موجهة للإسلام والمسلمين، والعجيب ليس إنكار الحادثة وإنما قلب الحقائق والأعجب منها تبني الطابور الخامس من بني جلدتنا ذات الفرية فيتخرصون بالإفك المبين، أما هذا التكاتف في الذبح والسلب والنهب لم يكن إلا حرب إبادة للمسلمين، فهل اختلف اليوم عن الأمس؟!

وللروس رأي آخر:

شهادة الليفانتنت كولونيل تواردوخليبوف القائد المؤقت لحاميتي أرضورم وديفي بونيو وقائد كتيبة المهندسين والمدفعية: تتميز روسيا عن أوروبا بأنها وثيقة الصلة بالأرمن وتعرفهم أكثر من الآخرين، وتقديم الأرمن لأنفسهم على أنهم أمة راقية ولديها حضارة وعقيدة مسيحية هي السبب في العداء المستحكم بينهم وبين الأتراك (يريدون أن يقولوا على الأتراك أنهم يغارون منهم لأنهم يتميزون بالرقي والتمدن الذي عدموه، ألم يكن في جعبتهم غير ذلك؟!)

أما روسيا فلها رأي خاص في مدنية وتحضر الأرمن

فلقد عرفتهم روسيا بالشح والشره والتطفل، وعدم القدرة على المعيشة إلا على أسلاب الغير، فالفلاح الروسي يعلم جيدا ما يدور في خلد الأمة الأرمينية، ولطالما سمعت كثيرا من الجنود الروس يقولون: «لقد أساء الأتراك إلى الأرمن، ولكن كان عليهم أن يجعلوا إساءتهم تلك بطريقة أخرى، فيستأصلوا شأفتهم ولا يتركوا أرمينيا واحدا على قيد الحياة»

إن الأرمن من الوجهة الحربية لا قيمة لهم مطلقا، ولقد كان الدور الذي لعبته جنودهم الملتحقة بالجيش الروسي تافها جدا،

نظرا لأنهم كانوا على الدوام يؤثرون الخدمة اليدوية في مؤخرة الجيش، وإن كانت حقيرة على الخدمة في خط القتال، وأن في حوادث القتال المتكررة منهم وجرحهم لأنفسهم لأسطع دليل على جبن ذلك الشعب وعدم صلاحيته البتة للأعمال الحربية.

المذبحة التركية في أذربيجان:

يكمل الليفانتنت كولونيل تواردوخليبوف شهادته فيقول:

لقد سمعت بأذني التفصيلات الآتية من القائد العام أوديسلدز:

قتل نيف وثمانمائة من الأترك العزل من السلاح وكان الأرمن قد حفروا حفرة عميقة قذفوا بجثث أولئك الأتراك المساكين بعد أن ذبحوهم ذبح البقر، وقد باشر أحد الأرمن عملية الذبح وجعل يعد هؤلاء الضحايا المنكودي الحظ، فصاح بمليء فيه لقد قذفنا في تلك الحفرة بسبعين جثة ومازالت تسعة عشر جثة أخرى هملوا، وإذ ذاك ذبح عشرة أشخاص آخرين لسد الفراغ!! ثم أهيل عليهم التراب، وأراد متعهد توريدات الجيش ابتكار شيء يسلي به نفسه، فحبس ثمانين من أولئك الضحايا التعساء في منزل وأخذ يخرجهم منه الواحد تلو الآخر بعد تهشيم جماجمهم بيده”

وأحرقت العصابات الأرمينية في طريقها من أذربيجان إلى أرضروم كل ما مرت عليه من القرى الإسلامية وذبحت سكانها. وقد أخبرني القائد اوديشبليذر نفسه بأن الأتراك الذين لم يستطيعوا الفرار من قرية عليجي ذبحوا ذبح الأنعام، وأنه رأى بعيني رأسه عددا من جثث الأطفال وقد فصلت عنها رؤوسها بآلات غير حادة.

وقص علي اللفتنانت كولونيل جزيازنوف ما يلي:

وقد كان ارتفاع كومة الجثث في صحن المسجد طولها أكثر من ثلاثة أمتار، وكانت خليطا من جثث النساء والرجال والأطفال والعجائز، وأفراد في مختلف العمر، فأخذ جزيازنوف فتاتين من بنات الأرمن اللائي يعملن في مصلحة التليفون، وذهب بهما إلى صحن المسجد وأراهما الفظائع التي اجترحها مواطنوها، وقال لهما وهو يكاد يتميز من الغيظ والجزع، أهذه الأعمال تصح المباهاة بها؟

ولقد استولت عليه الدهشة والذهول حتى كاد يفقد صوابه ويقتله الغيظ لما تبين له منهما أن هذا المنظر الفظيع المروع لم يحرك لهما عاطفة، ولم يثر سخطهما بل جعلتا تضحكا ضحكا عاليا، انهال عليهما بالسب والشتم واللعن،
وصرخ فيهما قائلا:

إن الأرمن رجالهم ونسائهم أجبن شعوب الأرض قاطبة، وأكثرهم وحشية وخسة ونذالة وأن إغراق فتاتين من فتياتهم المهذبات في الضحك لمنظر يروع الإنسانية وتقشعر منه الأبدان، ويقف لهوله شعر الرأس وهو أوضح دليل على وحشية ذلك الشعب، فلما سمعت الفتاتان هذه الكلمات تكلفتا أن تتظاهرا بالتأثر وقالتا:

إن ضحكهما كان ضحك ذهول.

ويعلق الجنرال على ذلك بالقول أنه قابل بعض الأرمن يستنكرون ما فعله بني دينهم ولكنهم قلة قليلة جدا.
ولي هنا تعقيب:

«هذا ليس بجديد، فهناك يهود يرون أن لا حق لهم في فلسطين ولكنهم أيضا قلة قليلة جدا ولا يملكون من الأمر شيء،

فلا يعول على قلة رافضة لبشاعة فعل الأغلبية»

إن ما ذكرت هنا مجتزآت قليلة جدا من بشاعات قرأتها في هذا المدمار، ما يدفعني لأن أقول ما الذي حشيت به هذه الرؤوس في مرابعها حتى يجعل فتاتين المفترض أن تكن شفيفتي النفس لا أن تضحكن بشكل هستيري، عند رؤيتهما للجثث والأشلاء المتراصة فوق بعضها، هل هذه هي المحبة؟ما هو الخطاب الديني اللتان تلقيتاه فشحنهما بكل هذا الحقد الأسود؟

وهل خرجت القلة الرافضة من الأرمن لتطالب بضرورة تغيير الخطاب الديني؟

هل نعتوا الأغلبيةبالتطرف؟ هل نعتهم كائنا من كان بأنهم إرهابيون؟

بل وقبلهم نفس الجرائم وأبشع منها في الأندلس، وحديثا في البوسنة والهرسك، وأفريقيا الوسطى، وغيرها مما يضيق به المقام عن الإحصاء، هـل خرج أي بابا على هذا الكوكب ليتبرأ من هذه الأفعال؟هل وصفوا بالإرهابيين؟ هل أخرجوا من الأدراج مصطلح «الإرهاب المسيحي»

لا، لم يحدث، ولن يحدث، مثل هذه الكنيات توزع بالمجان علينا نحن فقط، بل ومن بني جلدتنا من يتبنى ذات الخطاب ليخطب ود الآخر، أي آخر، لأنه لا يحترم سوى الآخر، ويمسك في يده بقاذفات من شرر ليضرب بها الإسلام والتابعين له أينما وجدوا.

وللحديث بقية، إن شاء الله

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى