علجية عيش - بزاوية سيدي قموش يوجد ضريح الشيخ بركات بن باديس جَدُّ الإمام عبد الحميد ابن باديس

الكشف عن عظام بشرية تعود إلى أيام الدولة العثمانية بمسجد الكتاني بالجزائر

(بمسجد سيدي لخضر وقعت معركة الشرف)


lazy_placeholder.gif

صنفت الزوايا في الجزائر ضمن الأوقاف، مما دفع بالسلطات العمومية إلى إعادة الإعتبار للزوايا ، لاسيما الزوايا المتواجدة بولاية قسنطينة حيث أدرجت إلى عمليات ترميم ضمن فعاليات قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015، لكن مضت 07 سنوات على اختتام التظاهرة و المرافق الدينية على حالها لم يرمم منها سوى الجامع الكبير و مسجد حسن باي، أما باقي المساجد و الزوايا تكاد جدرانها تصرخ أغيثوني، لإهمالها من قبل السلطات المحلية على غرار مسجد سيدي قموش الذي يضم ضريح الشيخ بركات جد العلامة عبد الحميد ابن باديس رائد النهضة في الجزائر، لاسيما و هذه المساجد مرتبطة بأحداث تاريخية تعيد لسكان المدينة معاناتهم مع اليهود أيام الإستعمار

فكلما يعين مسؤول على رأس هذه الولاية إلا و يتجدد الحديث عن الزوايا و المساجد، ثم فجأة يخيم الصمت على مشاريع ترميم و إعادة الإعتبار لهذه الأوقاف التي صنفت كمعالم دينية و هذا تنفيذا لقرار رئيس الجمهورية الحالي بإعادة الاعتبار لكل ما يتعلق بالشيخ العلامة عبد الحميد ابن باديس، ماعدا الزيارة التي قام بها الوالي السابق ساسي أحمد عبد الحفيظ إلى مسجد سيدي لخضر( الجامع الاخضر) بحي الجزّارين و ملحقاته ( الجمعية الخيرية للتربية و التعليم ثم المدرسة) بالمدينة القديمة، و على سبيل المثال فالأشغال بمسجد سيدي لخضر لا تزال متوقفة و كذلك الشأن بالنسبة لمنزل الشيخ ابن باديس المتواجد بالمدينة القديمة السويقة، وكانت ولاية قسنطينة منذ تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية قد شهدت حملة واسعة لإعادة الإعتبار للمساجد و الزوايا و ترميمها ، أعيد فتح البعض منها على غرار الجامع الكبير الواقع بشارع العربي بن مهيدي ( طريقة جديدة) ، و مسجد أحمد حماني بمدينة علي منجلي و مسجد حسن باي الواقع بساحة محمد خميستي و المحاذي لقصر أحمد باي بوسط مدينة قسنطينة، بعدما أخضع إلى عملية ترميم ، ماعدا زاوية الشيخ بن عبد الرحمان التي تقام فيها الصلوات و التراويح، و مسجد الكتاني الواقع بسوق العصر.

عن أسباب غلق و تأخر ترميم مسجد الكتاني كشفت مصادر مطلعة أنه خلال عمليات الحفر للمائضة تم العثور على عظام بشرية تعود إلى أيام الدولة العثمانية، فتقرر غلقه إلى حين يتم تشكيل لجنة من الخبراء في علم الآثار و المهندسين المعماريين لإجراء خبرة على هذا الموقع المصنف ضمن المعالم الأثرية بالولاية، أما مسجد سيدي لخضر الذي شهد أحداثا كبيرة مع الجماعات اليهودية، كان و لا يزال موضع اهتمام من قبل الدارسين و الباحثين في التاريخ، وقد سُمِّيَ مسجد سيدي لخضر بالجامع الأعظم، بناه الباي حسن بن حسين الملقب بأبي حنك، تولى هذا الأخير حكم مدينة قسنطينة من عام 1736 إلى 1754، كان آخر من قام بالتدريس فيه الشيخ عبد الحميد بن باديس، الذي اتخذه مدرسة لتكوين النخبة و المصلحين الذين حملوا راية الإرشاد و الإصلاح الديني و الفكري و اللغوي، و ما زال سكان قسنطينة يتذكرون تلك الأحداث المؤلمة، التي وقعت بمسجد سيدي لخضر، و التي أيقظت شعور معاداة السامية، خلالها قامت معركة سميت بمعركة الشرف عندما قام ضابطا يهوديا يوم 05 أوت1934 بالتبوّل على جدران المسجد و أهان المصلين، و كان اليوم يوم جمعة و بلغ التوتر مبلغه من جانب المسلمين، انتهت بمقتل ابن جلول و بدأت الحرب المقدسة ضد اليهود فكانت مجزرة حقيقية ، و ما زال السكان يتذكرون هذه الأحداث و ما فعل اليهود بالمدينة و سكانها.

أما زاوية سيدي قموش التي تحولت إلى مسجد صغير و هو الواقع بنهج بن عميرة في إحدى الممرات الضيقة، متاخم لمحل لبيع “الشيفون”، رغم التوافد الكبير الذي يشهده هذا المحل من النساء و الرجال غير أن القليل منهم من يعرف أن المسجد يحتضن ضريح الشيخ بركات بن باديس جد العلامة عبد الحميد ابن باديس، و قصة الزاوية تعود إلى أيام الاحتلال الفرنسي حين بادرت السلطات الفرنسية بالاستحواذ على الأملاك الوقفية و منها مسجد سيدي قموش الذي أسسه ورثه الشيخ المكي بن باديس عن والده محمد كحول بن مناد في القرن التاسع الهجري الموافق للخامس عشر الميلادي، و في سنة 1263 هـ – 1846 م قامت السلطات الفرنسية بهدم المسجد و تشييد مكانه ثكنة عسكرية لجيوشها ( القصبة حاليا) و كان فيه ضريح الشيخ بركات بن باديس، فلجأ الشيخ المكي بن باديس لإعادة شراء المسجد من السلطات الاستعمارية في سبتمبر 1868 و في 03 نوفمبر 1889 حبس الشيخ المكي المسجد حبسا خالصا لله و رزقه الله بعد شهر بحفيد سماه عبد الحميد ابن باديس، و نقل رفاة الضريح في سنة 1890، و كتب على اللوح المعرفة به مايلي: ” هنا ضريح العالم المقدس الفضل المشهور بالعلم و الأخلاق بركات بن باديس، و في عام 1924 م قام الشيخ محمد المصطفى بن باديس بإضافة طابق ثاني للمسجد، و إلى اليوم ما يزال المهتمون بالمعالم الدينية لاسيما الزوايا يتساءلون لماذا لم تنقل عائلة ابن باديس ضريح الجد بركات بن باديس إلى المقبرة الباديسة؟.

كان لهذا المسجد دور كبير خلال النهضة الإصلاحية التي قام بها عبد الحميد بن ياديس حيث أدرجه في نظام دروس الجامع، بعد وفاة الشيخ عبد الحميد ابن باديس أدرجته جمعية العلماء المسلمين في منظومتها كملحقة لمعهد ابن باديس من 1945 الى 1957، و في أفريل 2002 أعيد ترميم المسجد و حسب القيم على المسجد السيد زروقي عمر فإن المسجد اليوم تقام فيه التراويح..، و نشير هنا أن وجود الضريح داخل المسجد جعل المكان قبلة للزوار من أجل التبرك ببركة الشيخ بركات..، الوقوف على ضريح الشيخ بركات جد الشيخ عبد الحميد ابن باديس من والده يؤكد على أن آل ابن باديس هم من المرابطين و تختلف زواياهم عن زوايا المشايخ التي يشبه نظامها النظام الملكي الوراثي يتصرف فيها صاحبها كما يشاء و بعضهم يعيش هو و عائلته من مواردها عكس زوايا المرابطين التي هي ملكية جماعية من جهة ، كما أن الاختلاف القائم بينهما هو أن قبر الوليّ عادة ما يكون مغطى بتابوت خشبي عليه أقمشة حريرية مذهبة و ملونة، و هو ما لم نقف عليه عند ضريح الشيخ بركات، الغريب أن عائلة ابن باديس لم تفكر في تحويل رفاة ضريحها الشيخ بركان بن باديس إلى مقبرة العائلة؟، و لا ندري اليوم إن كان هذا الضريح لا يزال قائما أم أنه طمس كما طمست زوايا تعود إلى أولياء صالحين بشرق البلاد على غرار ضريح الشيخ سيدي بويحي بولاية ميلة الذي طمس و تحول إلى مسجد.

علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى