تميل الشمس للمغيب ، تتعانق مع الأفق ملقيةً ما تيسّر من شعاعها على الابنية العتيقة حيث تخفت حركة السابلة وتفارق الشوارع مرتاديها مودعةً اياهم حتى نهار يومٍ جديد لتستقبل مرتادين من نوع خاص متخذين من الهامش حصنا يلوذون به ومن الليل عالم يعيشون فيه . هناك من بين الظِلال والعُتمة يطلّ المتشرّد ، يجرّ خطواته باحثا في براميل القمامة عن شيءٍ ذي قيمة ليأخذ مكانه في الشِوال الذي يحمله على ظهره ، فلم يجد . اطلق تنهيدةً قصيرة وما كاد ان يخطو بضع خطوات حتى شاهد امامه كتابا مرميا في وسط الطريق . هكذا وبكل بساطة كان الكتاب يعترض طريقه ، كأنه كان يقول له انتشلني ، ضعني بين يديك وقلِّب صفحاتي .
التقط المتشرّد بأصابعه القذرة الكتاب من على الارض ، ابعد بعض الغبار العالق على غلافه وأقترب نحو أحد الأعمدة المضاءة ليتبيّن عنوانه الذي كان مكتوبا عليه (نحو تحقيق العدالة والمساواة في المجتمع , دراسة من تأليف الباحث والاكاديمي ....) . اعاد العنوان ذاكرة المتشرّد الى الوراء ، شعر انه كان مثل نورس حلّق فوق شاطئ ذكرياته مسترجعاً شريط حياته في بذل جهوده الحثيثة خلال ايّام حياته الاكاديمية في كتابة مؤلفاتٍ تركز على حقوق البشر وإشاعة العدالة فيما بينهم , ومن ضمنها الكتاب الذي كان بين يديه ثم الضياع والثمن الغالي الذي دفعهُ لقاء اعماله تلك ،
نظر المتشرّد طويلاً نحو عنوان الكتاب والى اسم مؤلفه ثم أطلقَ ضحكةً ساخرةً قصيرة ورمى به عند أقرب حاوية للنفايات مكملاً مسيره نحو الباب الخلفي لأحد المطاعم الراقية التي يجتمع عندها المتحذلقين والمنظّرين يبحث في الأكياس السوداء المتجمعة عن ما يسد رَمقه لهذه الليلة.
عمار حميد مهدي
التقط المتشرّد بأصابعه القذرة الكتاب من على الارض ، ابعد بعض الغبار العالق على غلافه وأقترب نحو أحد الأعمدة المضاءة ليتبيّن عنوانه الذي كان مكتوبا عليه (نحو تحقيق العدالة والمساواة في المجتمع , دراسة من تأليف الباحث والاكاديمي ....) . اعاد العنوان ذاكرة المتشرّد الى الوراء ، شعر انه كان مثل نورس حلّق فوق شاطئ ذكرياته مسترجعاً شريط حياته في بذل جهوده الحثيثة خلال ايّام حياته الاكاديمية في كتابة مؤلفاتٍ تركز على حقوق البشر وإشاعة العدالة فيما بينهم , ومن ضمنها الكتاب الذي كان بين يديه ثم الضياع والثمن الغالي الذي دفعهُ لقاء اعماله تلك ،
نظر المتشرّد طويلاً نحو عنوان الكتاب والى اسم مؤلفه ثم أطلقَ ضحكةً ساخرةً قصيرة ورمى به عند أقرب حاوية للنفايات مكملاً مسيره نحو الباب الخلفي لأحد المطاعم الراقية التي يجتمع عندها المتحذلقين والمنظّرين يبحث في الأكياس السوداء المتجمعة عن ما يسد رَمقه لهذه الليلة.
عمار حميد مهدي