إيفان بونين - غرام الأحدب.. ترجمة: محمود عبد الواحد .

تلقى الأحدب رسالة غرامية مغفلة تدعوه إلى لقاء:
"انتظر يوم السبت، الخامس من نيسان، الساعة السابعة مساء في الحديقة الواقعة على ساحة الكاتدرائية، أنا شابة غنية عزباء، إضافة إلى أني - لماذا أخفي هذا - أعرفك منذ زمن بعيد وأحبك، أحب نظرتك الأبية الحزينة، وجبينك النبيل الذكي، ووحدتك... وآمل أنك أنت أيضا ستجد فيّ توأم روحك... علاماتي: طقم إنكليزي رمادي، مظلة حريرية ليلكية في اليد اليسرى، وباقة من البنفسج في اليمنی....)
كم أذهلته الرسالة وكم انتظر قدوم السبت. أول رسالة غرامية على مدى حياته كلها. وفي السبت ذهب إلى الحلاق، واشترى قفازات جديدة (ليلكية) وربطة عنق جديدة أيضا رمادية ذات شرارات حمراء تنسجم ولون الطقم)، وقد عقد ربطة العنق هذه، بأصابعه الدقيقة الباردة المرتعشة، وحلها ألف مرة وهو يرتدي طقمه أمام المرآة، وعلت وجنتيه، بجلدهما الرقيق، حمرة جميلة، واسودت عيناه الرائعتان.. وبعد أن انتهی من زينته جلس على الأريكة، مثل ضيف غريب في شقته الخاصة، وبدأ ينتظر حلول الموعد الرهيب.
وأخيرا دقت الساعة في قاعة الطعام، معلنة، بجدية مخيفة، السادسة والنصف. انتفض واقفا، وبرزانة وروية ارتدي قبعته الربيعية في الممر، وحمل عصاه، وخرج من دون إسراع. لكنه لم يستطع، عندما أصبح في الشارع، ضبط أعصابه، فمضى بقدميه الطويلتين الدقيقتين يحث خطاه، مفعما بالكبر المتحدي الذي تضفيه عليه الحدية، غير أنه كان مأخوذا بذلك الرعب الناعم الذي ننتظر به السعادة. عندما دخل الحديقة القائمة قرب مبنی الكاتدرائية مسرعا تجمد بغتة في أرضه: فقد أتت إلى لقائه، في الضوء الوردي لشفق الربيع، وبخطوات رصينة طويلة، امرأة ترتدي طق رمادية وقبعة بديعة، تشبه القبعات الرجالية، وتحمل مظلة في يدها اليسرى وباقة من البنفسج في اليمنی، وكانت.... حدباء مثله!
ثمة من يقسو على الإنسان بلا رحمة.

~تمت~

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى