محمد علي عزب - العامية المغاربية والتواصل مع المشارقة

سرعة النطق وكثرة التسكين والتخفيف هي صعوبات تواصل المشارقة مع العامية المغاربية، هذا هو الرأي المعاصر السائد ، وهذا الرأي به قدر من الصحة إلي حد ما ولكن ليس لدرجة أن المشارقة لا يفهمون العامية المغاربية، ولي تجربة شخصية تخص ذلك حيث كنت اتكلم بالعامية المصرية وصديقي المغربي حمزة مولاي يتحدث بالعامية المغاربية عندما كنت من ضمن فريق العمل المصري المرافق لمعرض توت عنخ امون في لندن ، وكان حمزة مدير أمن الجاليرى الذي أقيم فيه المعرض ، ولي تجربة أخري تخص الشعر العامي المغاربي مع صديقي الكاتب الموسوعي والقاص مهدى نقوس حيث أرسل لي نصا شعريا للشاعر العامي المغربي الحاج محمد صابلا واستعنت بهذا النص في دراستي لتدوين الشعر العامي المغربي المعاصر في كتابي الشعر العامي العربي .. وقضايا الشكل والتاريخ والتدوين "تحت الطبع", وعلي العموم من فينا لا يفهم المطرب المغربي الكبير عبد الوهاب الدوكالي في أغنية مرسول الحب مثلا، تلك الأغنية التي هزت قلوب المشارقة قبل المغاربة في السبعينيات والثمانينات وحتي الآن من فينا لا يفهم قول الدوكالي في تلك الأغنية:
باسم المحبه... باسم الأعماق
وحار لاشواق... كنترجاك ترجع لينا
يدوب الصمت وتتكلم أمانينا
مرسول الحب .. غيابك طال هادى المره
وانت بعيد
قلوب لاحباب كلها صحرا
لا يحركها إحساس جديد
ولا تنبت فيها زهره
قديما اخترع أهل الأندلس المغاربة فن الزجل وكما اثبت الراحل عبد العزيز الاهواني كانت عامية الأندلس قريبة جدا من عامية أهل فاس في المغرب، وانتقل الزجل إلي المشرق كما انتقلت فنون الشعر العامي العراقية المشارقية القديمة "الموال والدوبيت والقوما" إلي المغرب ، وفي عصرنا انتقل الشكل الحداثي لقصيدة العامية المعاصرة الذي ابتكره فؤاد حداد من مصر الي البلاد العربية في المشرق والمغرب .
وقديما قال ابن سعيد أن ازجال ابن قزمان الأندلسي كانت تتردد في بغداد كما تتردد في الأندلس ، وكان صفي الدين الحلي في العاطل الحالي والمرخص الغالي يقدم ازجالا مغاربية ، كان هناك تواصل وتفاهم قديما بين العاميات المشارقية والعاميات المغاربية ، وهناك ملاحظة مهمة جدا هي أن المرحوم دكتور عباس الجراري قد حصل علي درجة الدكتوراه من جامعة عين شمس في القاهرة سنة ١٩٧٠م عن دراسته الرائدة الرائعة "الزجل في المغرب"، التواصل موجود منذ القدم فلا نصعبها علي أنفسنا ، ومن وجهة نظرى أن دول المغرب العربي لا بد أن تهتم بتصدير مسلسلات تلفزيونية وأغان بالعاميات المغاربية للمشرق العربي ، وان يكون هناك تواصلا بين شعراء العامية المشارقة والمغاربة واتفاق علي طريقة تدوين الشعر العامي العربي وهذا موضوع يطول شرحه وقد قمت بدراسته في كتابي "الشعر العامي العربي.. وقضايا الشكل والتاريخ والتدوين" وشأشير إلي ذلك في منشورات أخري...

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى