د. سامي عبد العال - باثولوجيا الثقافة.. "الجاهل"

يظل الفكر العربي في أمس الحاجة لإنشاء ( مبحث فلسفي ) خاص بـ " أمراض الثقافة " pathology of culture. ليس من باب نحت المصطلحات ورفع اللافتات وكفى في عصر بات مشهوراً بوسائل التواصل والوسائط الإلكترونية المرنة. لكنه مبحث يوازي ( القدرة الفلسفية والمعرفية ) على التشخيص والتَّحقُق من جذور الظواهر ومعرفة بنية التحولات الثقافية وكيف ستؤول في المستقبل. وهو أيضاً مبحث يجب أن يستفيد من كافة تطورات المعرفة والأفكار واتجاهات العلوم الإنسانية ومن أبرز نظرياتها في اكتشاف طبيعة الإنسان والمجتمعات.

لأنَّ التنظير بقصد ( القول الفلسفي ) لدينا عبر مجالات الفكر والممارسة إنما ينبني على أمراضٍ ثقافية تشوّه المشروعات وبرامج الإصلاح والتطوير. وفي النهاية سنقول إنَّ هذا المشروع أو ذاك فاشل، لكنه سيكون قد فَرَّخ تشوهات في جوانب المجتمع والحياة. وكلُّ ذلك دون أنْ ندرك بدقةٍ: لماذا فشل قبل أنْ يُولد لا لمجرد الإخفاق في التعبير عنه. ومن ثم ستصبح أية محاولة تالية ضرباً من العبث الذي لن يُضيف جديداً.

وعلم الأمراض أو الباثولوجيا الثقافية لا يُعنى بتوجيه اللوم الفكري أو الإشارة بالسلب( أو مجرد النقد ) إلى شخصٍ بعينه ولا إلى عصرٍ محددٍ، لكنه طُرق ومعارف ومفاهيم مبتكرة تتجاوز التصنيفات والقضايا الخاصة، لتضع أناملها الفاحصة على الأبنية التي تنتج الظواهر العامة وتضمن استمراريتها، وتتعرف على حدود وصياغة القوانين والآليات الثقافية التي تتجلى بها وتُشرِّح الطبائع والوظائف والتغيرات الفكرية الطارئة في كافة المجالات.

قد يقول قائل بأننا في غنى عن ذلك تماماً، لكوننا ينبغي أنْ نعالج المشكلات الفعلية ونطرح أفكاراً تهم الناس مباشرةً وأن نعرف الواقع الحقيقي. وهذا القول غير دقيق بل ساذج، لأن المشكلة لا تُعالَّج بمشكلة أخرى والواقع ليس واقعاً إلاَّ بالمعرفة والفكر، الواقع يستحيل معرفته إلا باشكال وأدوات المعارف المختلفة. كما أنَّه قول يغفل أنَّ المريض لا يتعافي دون تشخيص المرض أولاً، وأنَّه لو ظن كونه قد تعافي من غير معرفة جذور الداء والأمراض ستحدث له إنتكاسةٌ مرة أخرى. وهذا ما حدث ويحدث طوال عصور الثقافة العربية بكل تجلياتها من مرحلة لآخرى. لأنَّ البناء(أي بناء ) القائم على التشوهات إنما هو مثل البناء على جرف هارٍ، يمكن أن يُسقط كامل المبنى في أي وقت من الأوقات.

والأمر في الثقافة أبعد خطراً وأوضح تجلياً، فالتشخيص ومعرفة الأمراض الثقافية أكثر نجاعةً في طرح الحلول، بل هما المقدمة الضرورية لأي حلٍّ ممكن. هما شرط لا بد منه ويستحيل قطع المراحل فوق ثغرات وأمراض ثقافية قاتلة. وبخاصة أنَّ أغلب المشتغلين بالفكر والفلسفة لا يدركون أنَّهم أنفسهم قد يكونوا (الداء العُضال) لما يتحدثون عنه ولما يحاولوا معالجته. ليس ذلك بسوء نيةٍ أو بطريقة المؤامرة منهم أو من المتابع، إنما لكونهم ( نتاجاً ثقافياً ) موضوعياً يعمل في المناطق الرخوة من حياتنا وعقولنا، ويعيد قولبة وتنميط أصحابه بحسب القوانين التي ينتظمها تاريخياً.

أبرز عمليات القولبة هي المتمثلة في نمط( الجاهل ) ضمن مسارات الثقافة العربية، فنتيجة ظروف تاريخية( سياسية واجتماعية) تسيد الجاهل المَشَاهد العامة(السياسية والعلمية والمعرفية..) على أنه القائم بمهام المكانة التي يحتلها. فالمهام- سواء أكانت منصباً أم فكرةً أم قيمةً أم موقعاً أم وظيفةً أم رؤية أم رمزاً أم صوراً- مهام حقيقية بالفعل، غير أن القائم بها ليس حقيقياً بما فيه الكفاية. وللتأكيد على ذلك، فهذا النمط موجود وقوي النشاط داخل المجتمعات العربية ويسهم في تدعيم ثقافة التفاهة والإبتذال والسطحية واستهلاك العقول واستنفاد الموارد البشرية والرمزية وإضاعة الفرص الثمينة لتطوير المجتمع. ولا يمكن إعادة صياغة المشكلات الحياتية على كافة الأصعدة( أيا كانت) دون معرفة جذور هذا النمط السائد في ثقافتنا العربية.

ليست مقولة( الجاهل ) كلمةً معبرةً عن إختبارٍ عابرٍ بين شخصين، مثلما تمُر المواقف التي نستفهم خلالها عن معارف معينةٍ أو أفكار بذاتها، فندرك أنَّ (الآخر المُتلقي) لا يعرف شيئاً إزاء ما نطرح. بحيث نقول إنَّ الآخر( لا يعرف هذا الشيء ) مع وصف (عدم معرفته ) بالجهل. لكن مقولة الجاهلَّ الواردة بالعنوان كما أشرت هي ( نموذج ثقافي cultural paradigm ) واسع الانتشار داخل (الفضاءات الرسمية) من مجتمعات العرب. الجاهل لصيق التأثير في حياتنا المباشرة في الجامعات وفي المدارس وفي المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، في الاعلام وفي السياسة وفي ردهات المجتمع المختلفة.

ثمة (سياسي جاهل ) ومع ذلك يعدُّ خبيراً في التخطيط وصناعة القرارات والقوانين وانتهاز الفرص للإبانه عن أصول الصنعة. وثمة أستاذ جامعي جاهل من أخمص قدميه حتى أذنيه، ولا يُفلت موقفاً دون البرهنة على جهله ومع ذلك يدّعى كونه فذاً لا يُشق له غبار. وثمة رجل دين جاهل ولا يكف عن تمجيد السلطان ويبالغ في استعراض قدراته ومآثره ناحتاً الدين على مقاييسه ولا يدرك أن الدين لم يرسل لهذا الحاكم أو ذاك، بل لم يرسل لهذا الغرض أصلاً ولا يعلم أن الغاية من الأديان هو إسعاد الإنسانية لا صناعة الآلهة الجدد. وثمة رجل اقتصادي تجده جاهلاً بأحوال الموضوعات والقضايا التي لا يكف عن التكلم حولها وبخاصة الجوانب السياسية والإجتماعية والفكرية للإقتصاد والمؤثرة على المدى البعيد. فيتحول إلى ماكينة احصائيات وأرقام ومعادلات وجداول من غير أية قدرة على ترجمتها إلى جوانب إنسانية وثقافية.

مقولة الجاهل هنا ( واقعة رسمية ) مع سبق الإصرار والترصد ... ( ورقة ممهورة ) بختم أصلي موثَّق من الجهات المؤسساتية المعنية، وكلمة موثق تخص (وجوده الرمزي ) في المجال العمومي النافذ أمام الجماهير. ولا يخفى أن الجاهل مدعوم من سياسات المجتمع ومن نظام عام يتيح له القدرة على الظهور وقتما شاء. وهو صاحب مكانة من نوعٍ ما، يشغلها بكل افتعال وأريحية. وإضافةً إلى هذا، فإنه يكتسب كل الأهمية من خلالها في أدمغة الجماهير الذين ينظرون كذلك إليه بحكم كونه في تلك المكانة. والأهم أنه لا ينتحي جانباً مع تحولات الأحداث والظواهر، بل بإملاء من منصبه يتولى( يتصدر ) المشهد هازئاً – دون وعي- بكافة المعايير والمقاييس والقيم. وتدريجياً يلبس الجاهل هذا (المنصب أو الخطاب) لباساً كأنه يرتدي عباءة ليست له، وفوق ذلك يصر على أنها تمتلئ به وأنه أهلٌّ لأن يظل فيها حتى الممات!!

الجهل بالمعنى السابق أكبر ( حادثة مُركّبة ) يمكن أنْ تضرب رأس الإنسانية المعاصرة. إنها تدمر قدرات الفهم والتحليل والإستدلال والنقد والإبداع لدى الإنسان، أي تدمر كونه إنساناً يمكن أنْ يتعلم وأنْ يطور من نفسه وأنْ يُوضع في حجمه الطبيعي وأنْ يرتب عقله وفكره ترتيباً منطقياً. ولكي يتجنب صورته الحقيقية، يرى الجاهل ذاته فوق مستوى النقد والحياة ذاتها، في ( أمثولة ضاحكة) بكونه لا يدري ما يقول ولا يدرك ما يمارس.

تجد الجاهل الراهن منتصباً كـحيوان السُرقاط " قط الصخور" Suricata وهو حيوان يسير منكفئاً على أربع متشمما ومكتشفا مناطق الغذاء، ولكنه من وقت لآخر( أو حين يشعر بالخطر) يقف على أطراف رجليه الخلفيتين ناظراً إلى المدى البعيد مع إرجاع كتفيه للخلف ومد قامته إلى أعلى كنوع من الترقب وانتظار ما يأتي. كذلك الجاهل تتطاول قامتُه مترقباً نظراتك وأسئلتك عند أقرب ناصيةٍ أو خلف أي مكتب قشيب. وعادة يستدر إهتماماً منك كأنه الأول والأخير الذي يتعالم ويتفيقه فيما يفعل. هو ( كائن لزج ) بما يكفي لجذبك بكل ما أُوتي من حيل وهمية ومن قصص يمثل فيها دور البطل المغوار. لا ليقول شيئاً مهماً، بل ليوُقع بك في خداع حبائله وشباك ألاعيبه. وبصرف النظر عما سيقُوله، فإنه يمثل حالةً عصيةً على الاحتواء، إذ يظل يمضغ الإدعاءات الواحد وراء الآخر بلا نهايةٍ. فأحدهم لا يعرف ما يقول أو لا يعي ما يفعل وقد لا يفطن إلى ما يصف به نفسه من أوضاف نرجسية خارج الاحتمال. وفوق ذلك يزعم أنَّه يعرف تمام المعرفة أنه يدرك ما يقول وأنه لا محالة موصوف بالفكر والإبداع.

على سبيل المثال، يُمعن الجاهل تحت سقف الصمت في استعمال ألفاظ مثل ( الفيلسوف علان ) أو ( المفكر ترتان ) أو ( الشاعر فلان ) أو ( المثقف فهمان ). كل ذلك من غير إدراك أنَّ هناك مسافةً في حالته بين الصفة والموصوف مثلما بين المشرق والمغرب. إنه يصر إصراراً لزجاً لتثبيت الصفة المبتغاة أمام المتابعين. وكأنَّ الطريق الملكي للقيمة والأصالة هو التكرار ثم التكرار. وكما يُقال شعبياً" إنَّ التكرار يعلم الحمار"، ذلك من فرط ما يردد دون توقُف على الوتيرة نفسها. ولكن هذا النمط من البشر لا يتعلم بسهولة، فالجاهل لا يملُّ من ترديد ما يقول كأنَّه غائب عن الحياة لا الوعي فقط.

الجاهل يستعمل الألفاظ كاستعمال المناديل الورقية يمسح بها( فضلاته النفسية) ليُودعها أقرب سلة مهملات. وفوق هذا يبدو سليماً ولا تشوبه شائبة. ومن نافل القول بأنه يغتصب حقاً ليس له ولن يكون. لكونه يحدد شيئين في ضربة واحدة:

  • يقفز فوق المراحل التي يقطعها لتسويق صورته المُزجاة. بكلمات أخرى واضحة يخطف عين و وعي المتابع زاعماً أنه كذا الذي يجب أنْ يكونه وما هو بكائنه من الأساس.
  • يضع المتابع في حالة مختلفة من حيث ضرورة النظر إلى إدعاءاته كأنه الحقيقة. أي أنْ يتم النظر إلى الجاهل كرجل حكيم أو مثقف أو كمبدع أو كشاعر مثلاً وهو ليس كذلك.
مقولة الجاهل صورة حية من إدعاء الفكر والمعرفة التي ليست هكذا في وصف الإنسان لذاته. وبخاصة حين يرى نفسه فوق مستوى الشبهات على الرغم من كونه غارقاً فيها حتى أذنيه. فالجهل حجاب كثيف لمنع الحقيقة من أن تصل حتى لصاحبها. لربما تصل الحقيقة لجميع المحيطين به إلاَّ هو تحديداً. وهذه أخطر فكرة في مقولة الجاهل كنموذج ثقافي: أنه لا يعلم كونه جاهلاً بحكم أنه (يتعالم) في المواقف والحوارات والمناقشات. ولعل ما ورد في احدى المقولات التراثية توضح المسألة بجلاء: " لا يزال المرءُ عالماً ما طلبَ العلمَ، فإنْ ظنَ أنه عالم فقد جهل..."

هذا النموذج الثقافي هو التجلي الأبرز لمعنى المقولة، كذلك يأتيها الجاهل من الأخر تماماً، ليعلن صراحة أنه عالم أو فيلسوف أو غيرهما، وبالتالي يضمن منذ البداية كونه جاهلاً بامتياز.

في بعض المجتمعات العربية، يوجد تراث شعبي ورسمي لتلك الممارسات مع مناخ الصمت عن تردي الأوضاع وضياع المعايير. مثل تراث كلمة " فهلاو" وهي آتية من (الفهلوة ) واللعب بالثلاث ورقات أو اللعب بالبيضة والحجر كما يُقال. وشخصية الفهلاو هذا تجدها منتشرة في جميع المؤسسات الرسمية، وفي المقاهي، وفي الجامعات، وفي وسائل المواصلات، وفي المنتديات والمراكز العلمية والبحثية وفي المساجد، وفي الأسواق.

يستطيع (الفهلاو) أنْ يصنع كل ما يريد في لمح البصر ويتسلق على المعايير ويتلاعب بالقيم لأجل الوصول إلى ما يبتغي. وحين تجلس إليه تجده يتعامل مع الأفكار كأنها نوع من الصناعة الورقية، فالفكرة تظهر فجأة وتكتمل وتنضج وتطير وتُلقى إليك في ثوان معدودات دون مشاكل. وبطبيعة الحال لا ينقص هذا الوضع كثير من الجرأة واهتبال الفرص والاستخفاف بالعقول واستغفال الوعي. وهذه (الخلطة السحرية) غدت ملْحاً - بطريقة أو بأخرى- في أغلب العقول التي هي صنيعة الثقافة العربية الراهنة.

وذهنية ( الفهلاو ) ذهنية مسطّحة تتدحرج عليها المنافع القريبة والبعيدة، والتسطيح مصقول لدفع الأفعال والأفكار من فورها نحو الأهداف والمآرب، لأن كل شيء بات سهلاً وقريب المنال ولو كان صعباً. وهي ذهنية ناجمة عن خفة (الفضاء العمومي ) في المجتمعات العربية. فنتيجة أن الأنظمة السياسية الحاكمة أهملت، بل أعدمت التأثير الشعبي ولم ترسخ معايير وقيم الفعل والمشاركة، انتشرت ذهنية الفهلوة. لأن البدائل كانت عبارة عن علاقات القرابة والواسطة والمحسوبية والوصولية والنفاق وتسيد أهل الثقة لا أهل المعرفة والعلم والخبرة. وهذه أفعال سحرية تقلب المعايير إلى عدم وتجعل القريب عبقرياً وصاحب الواسطة نافذا إلى منتهاه.

وجزء لا يتجزأ من ذلك أن الفهلوة حالة تقتنص المصالح دون أي مجهود حقيقي ولا تؤمن إبتداء بالعمل والمواصفات الدقيقة له. وهذه القصص المنسوجة حوله هنا أو هناك كانت وقوداً لثقافة التساهل والغش والتلاعب بالأسس والمبادئ في المجتمعات العربية. وكانت هي الرضاعة البديلة المتوارثة للأجيال التي لا ترى في العلم والكد الفكري أية جدوى، بل ذهبت هذه الأجيال إلى ركل الفكر والإبداع الحقيقي جانباً معتبرةً أن هشاشة الأشياء والمعارف والعقول أهم من أي شيء آخر.

ثمة ذهنية أخرى مرتبطة بالسابقة هي ( ذهنية أبي لمعة )، وهو الشخص الذي يُضخم ما يقول ويفعل، كأنه أتى بما لم يستطعه الأوائل. وهي ذهنية توجد في أغلب المجتمعات العربية بمسميات مختلفة. إنها ( ذهنية الفراغ ) المدوي في جنبات الثقافة الشائعة نتيجة كونها تأكل الفشل وتجتر عدم الإنجاز والفهلوة طوال الوقت. وتلك الذهنية تجمع بين (انعدام الجدية والسخرية والإستعراض) في سلة واحدة. وهي تظهر كمعادل ثقافي لتضخم الخطابات السياسية والإعلامية والمعرفية الدائرة في فلك السلطة الغالبة، وبفضل أن الأنظمة الحاكمة تروج باستمرار لما تفعل كأنها على أعتاباب الإعجاز الكوني، إن لم تكن قد فعلت فأعجزت غيرها سابقاً ولاحقاً!!

وأيضاً تترعرع ( ذهنية أبي لمعة ) كنوع من الفشر والمبالغة غير المنطقية التي لا تتسق مع التفكير العقلاني ولا العلمي. ورغم أنها ذهنبية كذوبة بوضوح إلاَّ أنها عابرة للمجالات المختلفة. فقد تجدها في الفكر والأدب والتعليم والعمل العام حين تأخذ الأفكار والكلمات نبرة التهويل والتفخيم المُمض للأشخاص والمسؤولين. كما أنها تتحول إلى ( يقين فارغ ) من المعنى حين يشير أحدهم إلى نفسه كصاحب انجاز يتفرد به في أحد المجالات، حينئذ تسقط ( أنياب الكلمات ) إزاء كل المعاني كما تتساقط أوراق الخريف. فتبدو حالة صاحبها معبرةً عن حالة من ( العُري الثقافي) لا يمكن لجميع أغطية الأرض أن تخفي عوارتها.

الذهنيتان( ذهنيتا الفهلوي وأبي لمعة ) حينما تتسيدان المشاهد العامة إفتعالاً، تجسدان الخطأ المنطقي في أنَّ المعايير لا تتحدث عن نفسها ولا تروج للصور الزائفة منها وأنَّ الإسهام الحقيقي هو الأصل في الأفعال والأفكار لا مجرد طنطنات على المقاهي والنواصي الإفتراضية. إنَّ ( الحقيقة والأصالة ) لا تحتاجان إلى بخور الكهنة حتى يعرفهما الناس وإلَّا لما كانت هناك أشياء معبرة بذاتها. إذ يكفي الإبداعات والإسهامات الأصيلة أن تظهر للعلن فقط، حتى يدرك الناس كلُّ بطريقته المختلفة أنها كذلك، وأنَّ بخور( الدجل الثقافي ) مجرد دخان قد أعمى الإبصار عن جهلّ مُضحك.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى