أدب المناجم د. السهلي عويشي - أنا يوسف الفحمي

أنا يوسف الفحمي
يا أبتي
ولدت من بئر
وفي فمي
ملعقة من فحم
لم نكن نعرف
طعم الزيتون
ولا طعم الليمون
كل ما كان
رغيف فحمي
وحليب فحمي
كنا نرضعه من أثداء أمهاتنا
ولعب فحمية
نصنعها بأيدينا
كل شيء كان بلون الفحم
أنا الطفل الفحمي
يا أبتي
ولدت من فحم
ومن رحم حجري
لأنكسر في وحل
ليقتل الحلم
ويقبر العمر
وينتهي السفر
أين أنت يا أبي
من شرايين ضيقة
أتيتك
كي أرى وجهك الفحمي
وأسمع صوتك الحجري
كي أرى بسمتك الكئيبة
وأنت تنحت الحجر
والفحم ينحت رئتيك
بلا ملل
أنا الطفل الفحمي
أنا الطفل المنسي
يا أبتي
أتيتك
كي أتلو صلاة الغائب
على عامل
لم نعثر على جثته بين الحفر
ترى ما زلت تغني؟
كما كنت
ونحن صغار
بجانب الموقد القديم
والسعال يهز جسمك النحيل
والرئة تخرج من فمك
تود مزيدا من النسيم
ترى ما زلت تغني؟
"جرادة مالحة
فين كانت سارحة"
مسكين أبي
ها هو الآن
لا يرى شمس السماء)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى