ديوان الغائبين ديوان الغائبين : عبدالرحيم محمود - فلسطين - 1913 - 1948

ولد عبدالرحيم محمود عبدالحليم في قرية عنبتا - (قضاء طولكرم - فلسطين) - واستشهد في قرية الشجرة من أعمال طبرية (شرقي فلسطين)، في معركة يدافع فيها عن وطنه.
عاش حياته في فلسطين والعراق ولبنان وسورية.
أنهى دراسته الابتدائية في مدرسة عنبتا الابتدائية، ثم انتقل إلى نابلس ليلتحق بمدرسة النجاح الوطنية (1930 - 191) حيث أكمل دراسته الثانوية، التحق
بعدها بمدرسة البوليس في بيت لحم لمدة سنة واحدة (191 - 1932)، وفي عام 1939 التحق بالكلية الحربية ببغداد وتخرج فيها (1940) برتبة ضابط بعد تدريب شاق لمدة سنة.
عُيِّن شرطيًا في حكومة الانتداب بعد تخرجه في مدرسة البوليس عام 1932، وسرعان ما استقال حين طلب إليه ملاحقة أحد المجاهدين، وعمل بعدها مدرسًا
بكلية النجاح لمدة أربع سنوات (1933 - 1937) وكان آنذاك يلقن تلاميذه دروسًا في الوطنية.
شارك في أحداث ثورة فلسطين الكبرى التي انطلقت شرارتها عام 1936 غير أنه لم يتفرغ لحمل السلاح إلا أواخر عام 1937.
طرد من خدمة حكومة الانتداب بعد انتهاء الثورة فذهب إلى بغداد، وشارك هناك في ثورة رشيد عالي الكيلاني (1941)، وعندما فشلت الثورة عاد إلى فلسطين
ليعمل مدرسًا بمدرسة النجاح مرة ثانية، وعندما اندلعت الثورة من جديد أواخر (1947) بعد قرار التقسيم، ترك الشاعر عمله والتحق بجيش الإنقاذ واشترك في عدة معارك كان آخرها معركة الشجرة التي استشهد فيها.

الإنتاج الشعري:
- صدرت له: الأعمال الكاملة - عبدالرحيم محمود - الديوان والمقالات النقدية - جمع وتحقيق «عزالدين المناصرة» 1993. (صدرت صور مختلفة لديوان المترجم في عدة طبعات متفاوتة في عدد قصائدها، إلى أن استقرت صورته المشار إليها).
تغلب على شعره النزعة الخطابية، حيث كانت بعض قصائده أشبه بمنشورات ثورية، فقد لعب الشعر آنذاك دورًا بارزًا في التحريض وبث الحماسة في نفوس
المواطنين، كان حريصًا على التمسك بالتراث الديني والأدبي والقومي فاعتمد في تشكيل صوره الشعرية على ذخيرته من الأدب القديم، ولا سيما شعر المتنبي الذي رآه رمزًا للشموخ والكبرياء.

مصادر الدراسة:

1 - جابر قميحة: الشاعر الفلسطيني، الشهيد عبدالرحيم محمود - أو ملحمة الكلمة والدم - شركة دار الإشعاع للطباعة - القاهرة 1986.
2 - رشيد جبر الأسعد: الشاعر عبدالرحيم محمود بطل معركة الشجرة - مطبعة العاني - بغداد 1985.
3 - عمر فروخ: شاعران معاصران - المكتبة العلمية ومطبعتها - بيروت 1954.
4 - كامل السوافيري: الأدب العربي المعاصر في فلسطين - دار المعارف - القاهرة 1979.
5 - محمود الشلبي: عبدالرحيم محمود شاعرًا ومناضلاً - مطبعة الخالدي - عمان 1984.
6 - محمود جمال عبدالرحيم: اللغة في شعر عبدالرحيم محمود (رسالة ماجستير) كلية الآداب - جامعة النجاح - نابلس 1996.
7 - نافع عبدالله: الشاعر عبدالرحيم محمود - مطابع صوت الخليج - الشارقة 1979.
8 - وليد صادق جرار: شاعران من جبل النار - شركة الشرق الأوسط للطباعة - عمان 1985.
9 - الدوريات: - إبراهيم العَلَم: لغة عبدالرحيم محمود الشعرية - مجلة الكلمة - العدد
الأول - القدس 1995.
- عصام العاروري: الشاعر الشهيد عبدالرحيم محمود - مجلة الكاتب - العدد 19 - القدس 1984.

الشعب الباسل

شعب تَمرَّس في الصِّعاب = ولم تَنَلْ منه الصعاب
لو هَمُّه انتاب الهضاب= لدُكْدِكَتْ منه الهضاب
مُتَمَرِّدٌ لم يَرْضَ يومًا = أن يُقِرَّ على عذاب
وعُداته رغم الأنوف = تذلُّلاً حانو الرقاب
مثلٌ حدا حادي الزمان = به وناقَلَت الركاب
إِنْ تجهلَ العَجَبَ العُجاب = فإننا العَجَب العُجاب
نحن الألى هاب الوجود =وليس فينا من يَهاب
وَسَلِ الذي خَضَع الهواءُ =له وذَلَّ له العُبَاب
هل لانَ عُوْدُ قناتِنا؟ = أم هل نَبَتْ عند الضِّراب؟
أو شام عيبًا غير أنا = ليس نرضى أن نُعاب
حُيِّيتَ من شعب تَخَلَّد = ليس يعروه ذهاب
لَفَتَ الورى منك الزَّئير = مُزَمْجِرًا من حول غاب
وأرى العِدا ما أذهل الدنيا = وشاب له الغُراب
عرف الطريق لِحَقِّه = ومشى له الجَدَد الصواب
الحقُّ ليس براجع = لذويه إلا بالحِرابْ
والصرخة النكراء تجدي = لا التلطف والعتاب
والنار تضمن والحديد = لمن تساءَل أن يُجاب
حَكِّمْهُما فيما تريد = ففيهما فَصْلُ الخطابْ


***

نَجمُ السُعودِ

نَجمُ السُعودِ وَفي جَبينِكَ مَطلَعُهْ = أَنّى تَوَجَّهَ رَكبُ عِزِّكَ يَتبَعُهْ
سَهلاً وَطِئتَ وَلَو نَزَلتَ بِمَحمَلٍ = يَوماً لِأَمرَعَ مِن نُزولِكَ بَلقَعُهْ
وَالقَومُ قَومُكَ يا أَميرُ إِذا النَوى = فَرَقَتهُ آمالُ العُروبَةِ تَجمَعُهْ
مالوا إِلَيكَ وَكُلُّ قَلبٍ حَبَّةً == يَحدو بِهِ شَوقاً إِلَيكَ وَيَدفَعُهْ
يا ذا الأَميرِ أَمامَ عَينِكَ شاعِرٌ ضُمَّت عَلى الشَكوى المَريرَةِ أَضلُعُهْ
المَسجِدُ الأَقصى أجئتَ تَزورُهُ = أَم جِئتَ مِن قَبلِ الضَياعِ تُوَدِّعُهْ
حَرمٌ تُباحُ لِكُلِّ أَوكعَ آبِقٍ = وَلِكُلِّ أَفّاقٍ شَريدٍ أربُعُهْ
وَالطاعِنونَ وَبورِكَت جَنباتُهُ = أَبناؤُهُ الظِيَم بِطَعنٍ يوجِعُهْ
وَغَداً وَما أَدناهُ لا يَبقى سِوى = دَمعٍ لَنا يَهمي وَسِنٌّ نَقرَعُهْ
وَيُقرِّبُ الأَمرَ العَصيبَ أسافلٌ = عَجِلوا عَلَينا بِالَّذي نَتَوَقَّعُهْ
قَومٌ تَضِلُّ لَدى السَدادِ حَصاتهُ = وَيُسَيطِرُ العادي عَلَيهِ وَيُخضِعُهْ
شَكوى وَتَحلو لِلمُضيمِ شَكاتُهُ = عِندَ الأَميرِ وَأَن تَرَقرَقَ أَدمُعُهْ
سِر يا أَميرُ وَرافَقَتكَ عِنايَةٌ = نَجمُ السُعودِ وَفي جبَينِكَ مَطلَعُهْ


***

* إلى كل متهاود

يا من توله بالحبيب = هناك قد رجع الحبيب
لقد انتظرت إيابه = شوقا فها هو ذا يؤوب
في جيبه لعب الهوى = يلهو بها الصب اللعوب
لك في حقيبته نصيب = فاخر بئس النصيب
فلننتظر غدا " الكراسي " = ساكتا وغدا قريب
يا شعب يا مسكين لم = تنكب بنكبتك الشعوب
قلدت أمرك من بهم = لا يرجع الحق الغصيب
لهفى عليك ألا ترى = يا شعب حولك ما يريب
مخلوقة أنت فلا تكبري
خالتني الميت من صدها= والعائش الدهر معنى عليل
قالت قتيلي أنت قلت اعلمي = أن قد صحا الساهي وعاد القتيل
ملت إلى غيري واني امروء = إن مالت الروح فعنها أميل
قالت لم يزل فاعلا = قلت.. فهاتي عليه الدليل
مخلوقة أنت فلا تكبري = مثلك بين الناس ألف مثيل

~*~*~*~*~*~

قالت إذا رحت فلا عودة= إما تشكيت النوى والصدود
قلت ومن يخلص من قيده = أينثني يطلب ذل القيود؟
نجوت من نار فلا تحسبي = أني إلى النار حياتي أعود
قالت أتنسى ؟ قلت لم لا وقد = نسيت ميثاقي وخنت العهود
غدا أرى غيرك لي وافيا = وأبدل الحب بحب جديد

~*~*~*~*~*~

أخلصتك الود وجازيتني= بالغدر ما اظلم هذا الجزاء
وإذ بأحلامي الني شدتها= تنهار من فوقي وتغدو هباء
لكن سأبنيها فلا تشمتي = نعم ٍابنيها وأعلي البناء
مثلي كما قلت رجال ولا= يدركهم حصر, ذاك النساء

***

البطل الشهيد

أإذا أنشدت يوفيك نشيدي = حقك الواجب يا خير شهيد
أي لفظ يسع المعنى الذي = منك استوحيه يا وحي قصيدي
لا يحيط الشعر فيما فيك من = خلق زاك ومن عزم شديد
كملت فيك المروءات فلم = يبق منها زائد للمستزيد

~*~*~*~*~*~

أيها القائد لم خلفتنا = ولمن وليت تصريف الجنود
أقفر الميدان من فرسانه=وخلا من أهله غاب الأسود
خمدت نار قد أضرمتها = لعدى كانوا لها بعض الوقود
والحمى قد ريع يا ذخر الحمى = وغدا بعدك منقوص الحدود

~*~*~*~*~*~

لم أكن قبلك ادري ما الذي == يرخص الدمع ويودي بالكبود
إن يوما قد رزئناك به جاعل أيامنا سودا بسود
ملكت نفس الأوداء أسى =فيه وارتاحت له نفي اللدود
كل بيت لك فيه مأتم = يندب الناس به أغلى فقيد
للمناجاة صدى مرتجع = في بلاد العرب سهل ونجود
برزت فيها المصوتات ضحى = صارخات قارعات للخدود
وا حبيب الأمة قد يتمتنا يا أبا كل فتاة ووليد
صعدوا من لوعة زفراتهم = فأذابت قاسي الصخر الصلود
جعلوا من كل صدر مسكنا = لارتفاع بك عن سكنى اللحود
كل قلب لك فيه مصحف = فيه من ذكرك قرآن الخلود
سور قد فصلت آياتها = لم تزل تتلى على الدهر الأبيد

~*~*~*~*~*~

أيها القائد هذي ميتة = طالما رجيتها منذ بعيد
مصرع الأبطال مابين الحديد == في الميادين ورفات البنود
هذه أعراسهم صخابة نقرة الدف بها قصف الرعود
فيروون الثرى من دمهم= ويحنون به كف الصعيد
ويزفون عليهم حلل = من نجيع الحرب تزري بالبرود
هم تعاويذ الحمى يقصى بهم = عنه مكر السوء أو كيد الحسود
تحرق العاني أنفاسهم = ويذيبون بها غل القيود
وعلى أكتافهم تجنى المنى = ويشاد الصرح للعيش الحميد

~*~*~*~*~*~

يا شهيدا قد تخذنا قبسا = منه يهدينا إلى النهج السديد
مثل أنت وما أن تنتسى= لا تني ترويك أفواه الوجود
مت في الحرب شريفا لم تطق= ربقة الأسر ولا ذل العبيد
هكذا العار مرير ورد = والردى للحر معسول الورود
وا حبيب الأمة قد أصبح = العيش من بعدك لي جد نكيد
جمد الدمع بعيني جزعا = يا لنار القلب من دمعي الجمود
فأذبت الروح أبكيك بها = بدل الدمع فسالت في نشيدي



عبد الرحيم محمود.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.

هذا النص

ملف
ديوان الغائبين.. (مبدعون توفوا في ريعان الشباب)
المشاهدات
1,349
آخر تحديث
أعلى