د. محمد عباس محمد عرابي - البيان في مقطوعات شعرية للشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي

للشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي منجز شعري حافل ،و أعمال شعرية يشار إليها بالبنان جعلته يستحق وبجدارة أن يكون في مقدمة شعراء العصر من حيث الغزارة الشعرية والإبداع الفني المتميز ؛فألفاظ شعرة سهلة عذبة ،وبيانه واضح بين؛ يركز على إيضاح المعنى بيسر وسهولة ،وها نحن في هذا المقال نقف وقفة بيانية حيث ومضة سريعة مع مقطوعتين له ؛الأولى دارت حول : السفر بالمشاعر عن حدودِ الأرضِ، والثانية دارت حول : طبيعة القصيدة الشعرية لديه ،حيث بين أن القصيدة روحٌ مُذابَهْ حيث يقول عنها ما يلي :
أولا :المقطوعة الأولى : السفر بالمشاعر عن حدودِ الأرضِ:
أوَّاهُ لو أبصرتِني
‏و الفجرُ يسكب في يدِيْ عطر الضياءْ
‏وأنا أسافرُ بالمشاعر عن حدودِ الأرضِ
‏أغرسُ لهفتي الكبرى على خدِّ السماءْ
‏أوَّاهُ لو أبصرْتني ..
‏وعلى فم الفجر الجميل تبسُّمٌ
‏وعلى يدِ الأحلام كأس من غرامْ
‏وأنا أُمشِّطُ شعر أشواقي
‏وفي قلبي ضِرامْ
ففي هذه المقطوعة نلمح المعنى بين من خلال المجاز السهل الجميل فها الفجر يسكب على سبيل الاستعارة ،ونتساءل ماذا يسكب إنه يسكب عطر الضياءْ في يدي الشاعر ، وها هي ‏ اللهفة الكبرى تغرسُ على خدِّ السماءْ،وما أجمل الاستعارة في قوله (خدِّ السماءْ) كما أن للفجر م يبتسم ،ويبين أن للغرام كأس ،وفي القلب ضرام ،حقا لقد أبدع شاعرنا العشماوي وهو يرسم لنا لوحة فنية في غاية الجمال والروعة ،شعارها البيان ودثارها الاستعارة ،فجاءت المعاني واضحة بينة .
أما المقطوعة الثانية فكانت بعنوان :
ثانيا :المقطوعة الثانية :القصيدة روحٌ مُذابَهْ
لا تعجبي ..إنْ قُلْتُ : إنَّ قصيدتي روحٌ مُذابَهْ
‏نبضٌ لقلبٍ لمْ يزلْ يشكو الصَّبابَهْ
‏فيضٌ منَ العقل الذي مازالَ يمنحُ كُلَّ قافيةٍ صوابَهْ
‏لا تعجبي ..
‏إنْ قلتُ :إنَّ الشِّعرَ كونٌ تعشقُ الدُّنيا رِحابَهْ
‏جمرٌ من الإحساسِ يعشقُ منْ يُحِسُّ بهِ الْتِهابَهْ
حيث نجد التشبيه البليغ في قول شاعرنا العشماوي (قصيدتي روحٌ مُذابَهْ)،والاستعارة في شكوى نبض القلب في قول الدكتور عبد الرحمن العشماوي(‏نبضٌ لقلبٍ لمْ يزلْ يشكو الصَّبابَهْ) وها هو : ‏فيضٌ منَ العقل الذي مازالَ يمنحُ كُلَّ قافيةٍ صوابَهْ، كما نجد بلاغة التشبيه في قوله الشِّعرَ كونٌ تعشقُ الدُّنيا رِحابَهْ)فالشعر يشبهه بالكون ،والاستعارة في قوله الدنيا تعشق رحاب الشعر ،وها نحن نسمع قوله :" ‏جمرٌ من الإحساسِ يعشقُ منْ يُحِسُّ بهِ الْتِهابَهْ)فالإحساس يعشق منْ يُحِسُّ بهِ الْتِهابَهْ.
حقا لقد أبدع الشاعر القدير الدكتور عبد الرحمن العشماوي في توظيف البيان في تجلية المعاني بيسر ووضوح فأبان بصورة محسوسة طبيعة السفر وطبيعة القصيدة .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى