محمد السلاموني - الكتابة إلى حد التَّعرى... [2] الأدب والحب:

[2] الأدب والحب:

أشرت فى الجزء الأول من هذا المقال إلى أن الأدب المصرى فى مجمله، لم يستطع تجاوز "المادة الأدبية" إلى "الرؤية الجمالية"، وأضيف هنا، بأن مفهوم الجمال الأدبى يقف عند حدود "الشكل- بما هو مجموعة التقنيات الوارِدة فى العمل"...
أعرف أن مفهوم النظام الجمالى المتعلق بالأدب والفن، فى العالم كله، لا يتجاوز "التقنيات الشكلية"، لكننى أذهب إلى أن استعمال مصطلح "الجمالى" لا يزيد عن استعمال "آلى" للكلمة؛ هذا وكلمة "آلى" هنا مزدوجة الدلالة، فمن ناحية، هى تدل على "الآليات أو التقنيات"، ومن ناحية أخرى، تدل على الإستعمال المتكرر والمعتاد للكلمة، نظرا لعدم استطاعة النقد والتنظير الأدبيين الإمساك بكُنه "الجمالى- aesthetic"...
مصطلح الجماليات Aesthetics، يتمحول حول "الإحساس بالجمال"، هو نفسه، ويبدو واضحا أنه يختلف تماما عن "تقنيات صناعة الإحساس بالجمال"...
الخلط بينهما- فى النقد- يعود إلى تَحَرُّقه المضمرلأن يصير علما؛ مما دعى النقاد لإنشاء ما يشبه "المُعجَم الجمالى- التقنى"؛ فالتقنيات البنائية "الدرامية والسردية" مُحَفِّزة ومُثيرة لمشاعر وأحاسيس المتلقى- هكذا فى موازاة مع المعاجم اللغوية كـ "ألفاظ مثيرة للمعانى"... وهى مطابقة غير صحيحة بالمرة، لأن المواد التى تُحَفِّز وتُثير المشاعر تختلف جذريا عن التقنيات التى ينحصر عملها فى تنظيم تلك المواد فقط، وفقا لمتطلبات النوع الأدبى، وبالأحرى وفقا للشروط اللازم توافرها فى النوع الأدبى.
المشاعر:
تأمل معى تلك العبارات:
[فكرة أن المشاعر "تحركنا" تعنى أن المشاعر تغير شيئا بداخلنا، فالمشاعر حدث يُحدِث تغييرا وتبديلا فى شئ ما ينعكس فى الوعى.]. / [الشعور يرتبط بالأمزجة والحالات العقلية المتقلبة.] / [المشاعر أمرا كاشفا لحال الحياة داخل البشر.]؛ لذا يقال بأن [الدور الأصلى للمشاعر هو تحفيز السلوكيات التكيفية التي ساهمت فى الماضي في بقاء البشر. وتُعتبر المشاعر ردود على أحداث داخلية وخارجية كبيرة.]. / [المشاعر هى تحويل للوجدان والإنفعالات إلى صيغة قابلة للترميز، فالشعور هو الذى يمنح "الوجدان والإنفعال" تكوينهم باعتبارهم شكلا من أشكال "الفعل البشرى.]. / [الشعور هو الإنفعال مضافا إليه الكلمات... فالكلمات غالبا ما تسبِّب المشاعر وتعبر عنها]. / الشعور هو [الإحساس بأن شيئا ما لمسنا].
/ [المشاعر المتناقضة "كالحب والكراهية"، عندما تترابط يكون هذا دليلا على الصحة النفسية، أما عندما تنفصل عن بعضها فلا يوجد سوى "العالم الهذائى من النفس المنقسمة، حيث يتم لفظ كل شئ مؤلم للعالم الخارجى"].
هكذا، فالقِيَم الحِسِّيَّة أو العاطفية" هى التى تمنحنا "الإحساس بالجمال"، أما التقنيات الشكلية فهى التى تنظم عملية الإحساس هذه، إذ تقود وتحدِّد المسارات ومن ثم الأهداف المرجوَّة منها.


يتبع...

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى