رحو شرقي - القلم بين الاعتبار والاحتضار!

وسواء كان حجرا أو قصبا أو عودا من شجر، فلولاه لظل الإنسان غائبا في بطون الجهل والظلمات.
هو ذاك الإعجاز والطرز في النقل ورحم العقل النائم والبيان في الإبداع، وأداة جمعت بين الأولين والمتأخرين فأوصلت شرائع المرسلين، ومزال يرسم لنا تاريخ العابرين وأقنومات الفكر ودرر المبدعين.
فاختار من صحبته الصفوة وأهل العلم والرؤى، ورفع من الناس المنحازين للصدق والحرية.. إلا أن هناك حقيقة لا ننكرها عن تراجع الكتابة بالقلم ولا نكفر أيضا صرح الحضارة الذي بني على ظهره.
فلم تكن الحضارة حضارة إلا عندما تخطت زمن الشفهية وانتقلت إلى عصر الكتابة، والرفوف التي تحمل أرواح البشرية( الكتب) إلا بفضله، لذلك نستطيع القول أن القلم الذي صمم لوحة الأزرار، هو الآن يتفرج ولا يمكنه أن يحتضر.
يقول الخبير مارك سفير، هو أحد خبراء الكتابة اليدوية، إن كتابة عبارة "سأكون أكثر هدوءً، عشرون مرة على الأقل يوميا يمكن أن تجعلك أكثر هدوءً بالفعل خاصة لأولئك الذين يعانون مشاكل التركيز والقلق، ويُعَوِدُ الدماغ على التدريب" في أحد الأيام قال لي أحد الأساتذة الأصدقاء، لبد أن تعيد أي كتابة بالقلم، لكنه لم يفصح لي عن فوائدها، إلا بعدما لامستها.. فدعوته الضمنية، هي الإيمان والتعلق بفعل الكتابة بالقلم، والعودة لأصل الأشياء، لا أراها إلا حتمية تقتضيها الضرورة من الفوائد الجمة حسب دراسة خبير الكتابة مارك سفير.
فالقراءة الصحيحة لا تتم إلا من خلال الإدراك، وهذا الأخير لا يتأتى إلا بفعل التمرس في الكتابة بالقلم وتربية أبنائنا على فعل الكتابة بالقلم والتكريس، لتجاوز كل العقبات كالأخطاء وتعسر النطق وفوائد لا تُحصى.. فالله جل جلاله أقسم بالقلم وما يسطرون، وهذا لدليل إعجازي على عظمة القلم.. وقال يوما شاعرنا أحمد مطر:
جسّ الطبيب خافقتي :
وقال لي
هلْ ها هُنا الألَمْ؟
قُلتُ له: نعَمْ
فَشقَّ بالمِشرَطِ جيبَ معطَفي!
وأخرَجَ القَلَمْ
**
هَزَّ الطّبيبُ رأسَهُ … ومالَ وابتَسمْ
وَقالَ لي:
ليسَ سوى قَلَــــــــــــــــــــــــــــــمْ
فقُلتُ: لا يا سَيّدي
هذا يَدٌ … وَفَمْ
رَصاصةٌ … وَدَمْ
وَتُهمةٌ سافِرةٌ … تَمشي بِلا قَدَمْ
و في الختام، نقر تراجعه بفعل التكنولوجيا، إلا أننا لا ننسى أن العالم يتغير من حولنا بفعل جرة قلم.
رحو شرقي – معسكر / الجزائر


1655732355614.png

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى