اندفع الغضب والتملك إلى عينيها دفعة واحده ، تشنجت عروق رقبتها المصفرة البارزة ، واجهتني مثل قطة جائعة تنقض على دوري يتدرب على الطيران ، قالت من بين أسنانها المنخورة :
- وأين بقيه الراتب..؟ هذه المرأة لا تعرف غير الحاجة والفقر والمطاردة ، أراقبها كل شهر ، تصر النقود القليلة التي احضرها في حقيبتي القديمة ، كل مجموعة على حدة بطرق مبتكرة وتميزها بعلامات ، وتجتهد في إخفائها لتسد رمقنا.
برق الترقب في عينيها وتواثب الخوف و الانتظار في خلاياهما ، صفعني صوتها بقسوة الحاجة
- أنفقته....! لو أنني أخبرتها أن زلزلاً سيدمر المدينة ويهد الصفيح فوق رؤوسنا لما اندفع الهياج إلى صوتها ، ولما اهتزت أعصابها بهذه الصورة الغزيرية .... دفعتني.... وهزتني من كتفي ... تركتها تفعل ذلك وأنا في حاله اقرب إلى الحلم... لا ادري لماذا انشغلت بمراقبه عروق رقبتها المصفرة ، أخذت تبكي بحرارة.. احمرت أطراف أذنيها ، وتأكدت من أن قلبها ما زال قويا ، وان ما تدعيه أمامي من ضعف ومرض ليس صحيحا تماما.....
مـن حقي أن افرح يوما يا أمي....! وأخواتك... من سيطعمهم....؟ من حقي أن أعيش مثل غيري .... إنني...من سيطعمهم...؟ من..؟ ثمن المعطف ثروة... وأحلامي كانت تكبر كل يوم ، حتى تضخمت وصارت مثل أحلام الأخريين ثرية ومعطره وعاطفيه ... ألا يحق لي أن احلم ...؟ أريده أن يراني ... أن يدهش عندما اطل بمعطفي، انزع مريلة المصنع البيضاء كلما ارتديتها انتابني الشعور بأنني في مصح.... أعطي عمري كله لهذه اللحظة ...لا بد أن يتأملني وبيدي إعجابه بي...بلون السماء الذي يلفني ... وربما أصابني الجنون ... ربما ، غنيت من الفرح والحب... ربما...هذا يعني أننا بحاجة إلى أجره الدار ....سقطت من السماء إلى علبه الصفيح وانسكبت أحلامي على الأرضية الإسمنتية الباردة...ولا تنسى الدين.......ألا يحق لي أن أعيش لنفسي يوما ...؟لم تعذبوني بفقركم...؟بذل الحاجة والسؤال ...؟لن أتخلى عنه... بعد قليل سأرتديه .... سأخطر به برشاقة ، و سأقف بكبرياء أمام المرآة .... أتملأ من منظره ... سأجلس ... أقف... أسير وأنا التف به.... سأراقب حركاتي .... هكذا سيراني التف بالغيم... وبالفرح.. وبالحب... ولن احتج لان المرآة مكسورة .... هذا لايهمني .... سأرضى بها و أتأملها بلا ملل...هدأت حركة عروقها ، رقبة أمي النافرة تذكرني برقية مهرة تركض بلا انقطاع .... ركزت نظراتي على رقبتها ، سكت النبض في عروقها ، ولم تعد نافرة، عادت الصفرة تكسوها ، وامتدت إلى أطرافها أناملها .أمي
... هذا الذهول الذي تجمع في نظراتها الغائمة يقتلني ، ويحاكمني بقسوة .. أمي... هزت رأسها؟ قالت بصوت مجهد حزين : نحن نظلمك ... وأنت شابة .. اعرف ذلك.. رأسها يهتز باستسلام ... يجلدني المفاجئ....ويعذبني.هدوؤها المذبوح ..... لقد اشترت معطفا بالنقود التي.... مبروك... لماذا لا تثورين ...؟ لماذا لا تحملين نصل سكين الرفض وتقطعين أنانيتي.....؟ لماذا...؟ لا لا تفعلي.... ومن أين لنا بال.. (قاطعتني فجاه وقد ألتمع الفرح في عينيها): قومي والبسيه أمامي...! دق قلبي فرحا. ترددت لئلا تحزن ... لم يسبق لها أن لبست أشياء جديدة .. دائما ما يخصها عتيق . ثيابها ....أيامها........والحزن..... كله عتيق.... حاضر سألبسه...يدق قلبي فرحا . أمي تتطلع إلي بسعادة ، قالت ببساطه هادئة: انه جميل . يناسبك تماما مثل القالب ولونه كالسماء........ ما أجمل هذا اللون ! لا يمكن للمرآة ...... أي مرآة في العالم، أن تفرحني مثل التماع خلايا عينيها الباهتة ، تحولت إلى ملاك هانئ يطفح وجهها بالسعادة فالفقر الذي يعشش في خلاياها منذ دهر ، والحاجة التي تسكنها وتنبض في عروقها الغاضبة في رقبتها وكفيها جعلتها شيئا حزينا وقديما وداكنا... أمي أرجوك قومي جربيه ... الخوف ... الدهشة.. الفرح... الارتباك .. كل هذه الأشياء أذهلتها ....... رددت رجائي بنبره طفله سعيدة ... التمعت عينا المرآة .... برق الفرح فيهما ..وبدت لي الجميلة مثل غابه صنوبر بري ندية بالمطر... ابتسمنا معا... وقفنا أمام المرآة المكسورة...... قامت .. التفت بالأزرق ورايتها حلوه وفتية... قلت أخيرا وأنا أعيده إلى علبته بحرص:هل تأتين معي يا أمي ..؟ فالطقس لا يحتاج إلى معطف في الخارج .
- وأين بقيه الراتب..؟ هذه المرأة لا تعرف غير الحاجة والفقر والمطاردة ، أراقبها كل شهر ، تصر النقود القليلة التي احضرها في حقيبتي القديمة ، كل مجموعة على حدة بطرق مبتكرة وتميزها بعلامات ، وتجتهد في إخفائها لتسد رمقنا.
برق الترقب في عينيها وتواثب الخوف و الانتظار في خلاياهما ، صفعني صوتها بقسوة الحاجة
- أنفقته....! لو أنني أخبرتها أن زلزلاً سيدمر المدينة ويهد الصفيح فوق رؤوسنا لما اندفع الهياج إلى صوتها ، ولما اهتزت أعصابها بهذه الصورة الغزيرية .... دفعتني.... وهزتني من كتفي ... تركتها تفعل ذلك وأنا في حاله اقرب إلى الحلم... لا ادري لماذا انشغلت بمراقبه عروق رقبتها المصفرة ، أخذت تبكي بحرارة.. احمرت أطراف أذنيها ، وتأكدت من أن قلبها ما زال قويا ، وان ما تدعيه أمامي من ضعف ومرض ليس صحيحا تماما.....
مـن حقي أن افرح يوما يا أمي....! وأخواتك... من سيطعمهم....؟ من حقي أن أعيش مثل غيري .... إنني...من سيطعمهم...؟ من..؟ ثمن المعطف ثروة... وأحلامي كانت تكبر كل يوم ، حتى تضخمت وصارت مثل أحلام الأخريين ثرية ومعطره وعاطفيه ... ألا يحق لي أن احلم ...؟ أريده أن يراني ... أن يدهش عندما اطل بمعطفي، انزع مريلة المصنع البيضاء كلما ارتديتها انتابني الشعور بأنني في مصح.... أعطي عمري كله لهذه اللحظة ...لا بد أن يتأملني وبيدي إعجابه بي...بلون السماء الذي يلفني ... وربما أصابني الجنون ... ربما ، غنيت من الفرح والحب... ربما...هذا يعني أننا بحاجة إلى أجره الدار ....سقطت من السماء إلى علبه الصفيح وانسكبت أحلامي على الأرضية الإسمنتية الباردة...ولا تنسى الدين.......ألا يحق لي أن أعيش لنفسي يوما ...؟لم تعذبوني بفقركم...؟بذل الحاجة والسؤال ...؟لن أتخلى عنه... بعد قليل سأرتديه .... سأخطر به برشاقة ، و سأقف بكبرياء أمام المرآة .... أتملأ من منظره ... سأجلس ... أقف... أسير وأنا التف به.... سأراقب حركاتي .... هكذا سيراني التف بالغيم... وبالفرح.. وبالحب... ولن احتج لان المرآة مكسورة .... هذا لايهمني .... سأرضى بها و أتأملها بلا ملل...هدأت حركة عروقها ، رقبة أمي النافرة تذكرني برقية مهرة تركض بلا انقطاع .... ركزت نظراتي على رقبتها ، سكت النبض في عروقها ، ولم تعد نافرة، عادت الصفرة تكسوها ، وامتدت إلى أطرافها أناملها .أمي
... هذا الذهول الذي تجمع في نظراتها الغائمة يقتلني ، ويحاكمني بقسوة .. أمي... هزت رأسها؟ قالت بصوت مجهد حزين : نحن نظلمك ... وأنت شابة .. اعرف ذلك.. رأسها يهتز باستسلام ... يجلدني المفاجئ....ويعذبني.هدوؤها المذبوح ..... لقد اشترت معطفا بالنقود التي.... مبروك... لماذا لا تثورين ...؟ لماذا لا تحملين نصل سكين الرفض وتقطعين أنانيتي.....؟ لماذا...؟ لا لا تفعلي.... ومن أين لنا بال.. (قاطعتني فجاه وقد ألتمع الفرح في عينيها): قومي والبسيه أمامي...! دق قلبي فرحا. ترددت لئلا تحزن ... لم يسبق لها أن لبست أشياء جديدة .. دائما ما يخصها عتيق . ثيابها ....أيامها........والحزن..... كله عتيق.... حاضر سألبسه...يدق قلبي فرحا . أمي تتطلع إلي بسعادة ، قالت ببساطه هادئة: انه جميل . يناسبك تماما مثل القالب ولونه كالسماء........ ما أجمل هذا اللون ! لا يمكن للمرآة ...... أي مرآة في العالم، أن تفرحني مثل التماع خلايا عينيها الباهتة ، تحولت إلى ملاك هانئ يطفح وجهها بالسعادة فالفقر الذي يعشش في خلاياها منذ دهر ، والحاجة التي تسكنها وتنبض في عروقها الغاضبة في رقبتها وكفيها جعلتها شيئا حزينا وقديما وداكنا... أمي أرجوك قومي جربيه ... الخوف ... الدهشة.. الفرح... الارتباك .. كل هذه الأشياء أذهلتها ....... رددت رجائي بنبره طفله سعيدة ... التمعت عينا المرآة .... برق الفرح فيهما ..وبدت لي الجميلة مثل غابه صنوبر بري ندية بالمطر... ابتسمنا معا... وقفنا أمام المرآة المكسورة...... قامت .. التفت بالأزرق ورايتها حلوه وفتية... قلت أخيرا وأنا أعيده إلى علبته بحرص:هل تأتين معي يا أمي ..؟ فالطقس لا يحتاج إلى معطف في الخارج .