ياسمنة خضرا - سلمان رشدي بين الحياة والموت.. ترجمة: علي سوالمي

♦️
هل هو تنفيذ لفتوى أم أنه فعل طائش ارتكبه شخص محبط عشيت بصيرته؟ في كلتا الحالتين، يعتبر الاعتداء على الكاتب رجس. فلا للأحد الحق في الاعتداء على حياة الغير.
التقيت سلمان رشدي عام 2007 في نيويورك، كان قد دعاني إلى "مركز القلم الأمريكي"، وقبل ثلاث أو أربع سنوات جمعنا مع بعض البرنامج التلفزيوني "المكتبة الكبيرة". كان يعلم أنني مسلم متدين، وأنا كنت أعرف أنه ملحد. كنا نكن لبعضنا الاحترام لأننا على قناعة أنه طالما حرية كل واحد لا تعترض مع حرية الآخرين هي حرية مشروعة. لنا كامل الحرية في أن نؤمن أو لا نؤمن. تبدأ مصيبة الإنسانية حالما يشرع البعض في إدانة ومعارضة نمط حياة الآخرين. إذا ما تعلق الأمر بمعتقد أحدهم فإن أي اعتراض عنه مساس بالنزاهة. في وسعنا التحاور والجدال من عدمه، لكن لا شيء يبرر تصرفا بشعا بقدر ما هو لا يغتفر كهذا. فللكاتب طريقته الخاصة في رؤية الأشياء. ولو حدث أن هز يقينياتنا أو حرك بعض معالمنا من مكامنها فهذه طريقته في إعانتنا على تصور العالم من حولنا والاستنطاق بذكاء قناعاتنا وتعاليمنا التي توصلنا إليها.
الوجود لغز، ونحن بصفتنا بشر لنا مهمة السعي في اختراق رموز هذا اللغز. من العبث بمكان الوقوف بوجه الفكر لأنه يوجه مصيرنا، سواء ارتضينا بهذا أم لا. الإنسان عبارة عن فكر، إنه ترسانة من الأفكار والخيالات والابداع. وهذه المعطيات على وجه الدقة هي التي تميز الإنسان وتجعله فريدا وتتيح له أن يتقدم بتقدم العصور والحقب والحضارات. طالما جُعل من العنف وسيلة حصرية غايتها إسكات الفكر، فإن هذا العنف نفسه ينتهي به المطاف إلى تجريدنا من إنسانيتنا. فضلا عن ذلك، ألسنا فعلا مجردين من انسانيتنا في ظل الحروب التي تعقب الحروب، والعنصرية المترامية الأطراف، ورهاب الأجانب الطنان، والكراهية الطائفية، والاقصاء البغيض والراديكالية المنتشرة في كل الأنحاء والتي تتحول من النضال المستنير إلى الرفض المطلق لأي شكل من أشكال التعايش. إن التزمت هو همجية في طور التكوين، إنها تعكر الصفاء. وإذا كان العالم يتدهور باستمرار، فذلك لأنه يرفض أن يسلم بالواقع – وليس هنالك إلا واقع حقيقي واحد عادل وأساسي ألا وهو: أن يعيش المرء ويترك الآخرين يعيشون لأن لا أحد يحتكر الحقيقة.
أعلى