علي سيف الرعيني - هل للامكنة في مشاعرهم مساحة!!؟

كنت معهم اشعر باناقة باستمرار اشعر بالحياة تدب في مفاصلي في كل جزء من كياني
هم الحياة النرجسية..
كانت تجلس هنا باستمرار صغيرة الحجم بفساتينها الصغيرة الأنيقة ، تلقيها أمها كل يوم في نفس المكان ، فتجلس تصفق كلما علا صوت التلفاز بأغنيه وتضرب بكعبيها على الأرض بارتجال غير منضم وتهمهم بكلمات لا تجيد نطقها ، تزحف أحياناً بأجزاء حادة تجرحني وأنا اشعر بما في يدها وكأنها تستمتع بألمي وهي ترى ذلك الخط يرسم الخشب ويشوهه ، لا انسى يوم وجدت احمر الشفاه ملقى على الأرض وكيف فعلت فالعلامات الحمراء شوهتني من الأرض وعلى امتداد يداها الصغيرتان .

أما شقيقها لا يعبث معي كثيراً إلا في أوقات نادرة لكنه كان يعمل شيء يستفزني فيه كل يوم ، حين يصفق الأبواب بعنف فترتج جدراني ، لا اعرف هل هذا الطفل العنيف لا يدري أني قديم اقدم من أسرته كلها فوالده الغبي كان يفعل نفس الفعل في صغره لكني لا زلت في ذلك الوقت احمل القوة واستطيع التحمل لكني الآن اشعر بأرجائي جميعها تهتز حين يصفق الأبواب ، كما أن له أشياء غبية أخرى لكنه لا يفعلها باستمرار كأن يحفر ثقباً في جدراني أو ان يركلني بالكره بعنف وبحركات متتالية اشعر بالترنح بعدها .

الوحيدة التي احمل لها ذكريات طيبه هي أمهم ، فلم ارها وهي صغيرة بل بعد أن تزوجها والدهم ، لكنها كانت حانيه ورغم أنها تتحرك في داخلي باستمرار إلا انها تتحرك برفق ورغم كثرة مشاغلها لا تهملني وتهتم بي كثيراً وخصوصاً تهتم بنظافتي وأناقتي ، فتلمعني وتجملني وتزينني باستمرار ، ربما وجدت لتشعرني بالراحة فزوجها الذي لا يكف عن الطرق والقطع في ورشته التي هي جزءٌ مني يسبب لي الكثير من الأذى وحين يعطب شيء فيّ يتكاسل ويتلكأ ولا يصلحه وحتى لو أصلحه لا يفعل ذلك بعناية كافية بل ليسكت زوجته التي تلح عليه ليصلحني.

رغم كل ما تفعله هذه الأسرة من ازعاج وكل ما تتسبب فيه من خراب وعطب في اركاني إلا أني كان اريدهم أن يبقوا معي فمجرد أني احتويهم اشعر بالدفء ، فوجودهم واصواتهم وحركتهم تعطيني الأمل تعطيني الشعور بأني اصلح للحياة ولم يحن وقت موتي ، لكنهم لم يمنحوني تلك الحياة ، ففي يوم من الأيام جهزوا حقائبهم فقط حقائبهم ، ظننت أنهم سيمكثون في الخارج يومين أو ثلاثة أو أسبوع على اكثر تقدير أحصل خلاله على الراحة التي اريد ، لكن الأيام طالت ، ولم يعودوا ، شعرت حينها بالصمت يلفني ، والصمت المميت يحيط بي من كل مكان ، وطالت الفترة أكثر ، فبدأت اشعر بتلك الحشرات الصغيرة تتحرك في داخلي ، تلك الحشرات التي تكاد اصواتها لا تسمع لكنها تبحث عن الشقوق ، تعيش فيها تنخر عظامي بأنيابها الحادة ، ورغم ذلك لم اتضايق كثيراً فقد بدأت اشعر بالأشياء تتحرك داخلي ، ورغم أن الغبار انتشر فأصبحت قذراً نوعاً ما لكني لم اتسخ .

لكن الأيام مرت ولم يعودوا ، مرت ولا نور يضاء ولا كعب صغيرة تضربني ولا طفل اهوج يصفق ابوابي ولا رجل ارعن يتسلى حين يقطعني بآلاته الغريبة ، حتى مر طفل والقى حجر فتكسر الزجاج كأنه حينها فقأ عيني شعرت حينها برعشة من البرد تلفح اضلاعي وبعدها مر طفل آخر والقى حجر وكسر لوح زجاج اخر وتوالت الأحجار ثم بدأت اشعر بهم يتسللون في داخلي اعرف انهم لا يأتوا لكي يضعوا أكاليل الزهور بل في احد المرات تسلل لي متعاطي للمخدرات مكث فيني أربعة أيام ، كان لا يكلف نفسه أن يذهب للحمام لقضاء حاجته بل كان يفعلها في أي زاوية تكون قريبة منه كنت اريد أن اصرخ فيه (( ايها القذر )) لكن لا جدوى ، واحياناً يتسلل لي بعض العشاق ، واحياناً بعض الأطفال ، لكني اشعر بمدى قذارتي الآن ، فأنا قذر بالفعل منذ ان حملت تلك السيدة الجميلة حقائبها هي وزوجها وأطفالها وخرجوا لم اشعر بالنظافة منذ ذلك الحين ابكي مما انا فيه ، كل شيء مهمل كل شيء مهشم حتى ذلك الغبي الذي كان يصلحنِي بتثاقل أصبحت اشتاق إليه الآن فعلى الأقل كان يهتم بي حين أصاب بحجر ويا ليت تلك الصغيرة تعود وتضرب بكعبيها لتوقظني كل صباح وسأهديها احمر شفاه جديد لكي ترسم تلك الخطوط على ارضي وجداري وكي اسمع صوت أمها وهي تصرخ بها وتأتي لتنظفني بلطف

مات الأمل مع مرور الأيام ولم تتكسر نوافذي فقط ، بل تكسرت ابوابي وأكثر من جدار ، واصبح الكثيرون يمرون علي وينظرون لي باشمئزاز وريبة واحياناً خوف ، ولا انتظر الآن إلا أن يلقي فيني احدهم عود ثقاب ليكتب شهادة وفاتي
وهل سياتون يوما يلمون رفاتي اوهل للامكنةفي مشاعرهم مساحة
هذا ماسنعرفه في قادم الأيام !!؟

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى