سعيد العليمى - سيرة ذاتية لشيوعى مصرى.. قد تعنى أو لا تعنى أحدا (حزب العمال الشيوعى المصرى) القسم الثالث

القسم الثالث


أيها المتهم بالحقيقة ان قولك الرجولى "لا"
قد احال تبجحهم رعبا
وحطم كل ارقامهم واسترد شرف الابجدية
ديوان الحلم ح. ع

في الجلسة الماضية توقفت عند القضية 501 عام 1973 وهي أول قضية للتنظيم الشيوعي المصري والذي أصبح حزب العمال الشيوعي المصري، والملابسات التي مرت به حيث اعتقل عدد من الرفاق وكان فيهم بعض الكوادر الأساسية داخل اللجنة المركزية ( وقد اسمانى وكيل النيابة ومحافظ القليوبية فيما بعد عدلى حسين : متهم اللا فى احدى مرافعاته ) ، بالطبع الفترة من منتصف 1973 إلي أبريل 1975 كل الكوادر الجديدة هم من قادوا العمل الحزبي، معظم الملاكات التي كانت بين جيل السبعينات وجيل الستينات، القسم الأساسي منهم لم يكن موجودا فتولي الشباب قيادة العمل الحزبي ، وكانت غالبية الكوادر من الحركة الطلابية ولم تكن لهم خبرة كافية بالعمل السياسي زيادة عن خبرة الحركة الطلابية، وكان هناك عدد من الانجازات لهؤلاء الزملاء. الضربة البوليسية التى وجهت للتنظيم فى منتصف 1973 لم تكن بسيطة لأنها تناولت عددًا من الرفاق الأساسيين من اللجنة المركزية. ومع ذلك كانت هناك انجازات محددة قام بها هؤلاء الزملاء وأنا اعتقد أنها لم تلق في وقتها التقدير اللازم، عندما نري خبرات هؤلاء الشباب ومدي ارتباطهم بالماركسية وحداثته ، فأعتقد أن الانجاز الذي قاموا به ضخم جدا. أهم انجاز أنهم حافظوا علي البنية التنظيمية، ولم يتم تدمير الحزب، ولم يتعرض لضربات بوليسية أساسية أخرى فترة قيادتهم ، ولكنه تعرض لضربات عادية جدا فى خضم العمل الجماهيرى الطلابى ، ومما حققوه أنهم حافظوا علي هذه البنية التنظيمية ، بل ووسعوا العضوية رغم غياب الجزء الأساسي من القيادة، الشئ الثاني أنهم استطاعوا -علي الأقل - أن ينشروا وثائق الحزب في بيروت ، وان يوسعوا دائرة انتشار هذه الوثائق، فضلاً عن إسهامهم فى بعض المعارك الجماهيرية ، مع ذلك ورغم قلة الخبرة وقتها ومع ارتباطهم حديث العهد بالماركسية جاءت حرب أكتوبر ، ولم نكن علي اتصال بهم، وكنا في تأديب سجن الحضرة بالاسكندرية ، وكانت الزيارات مفتوحة فقط قبل حرب أكتوبر بفترة بسيطة، واستطاعوا أن يحددوا موقفًا من حرب أكتوبر بعد 3 أيام من حدوثها، وبعدها يصدر بيان من الحزب اسمه "فلننهض بثبات"، وكان الزميل ( ابراهيم ) مع صلاح العمروسي هما من صاغا البيان، فلم تكن الحرب حدثا مفاجئا ، أو شيئًا مروعًا ، أو خارج السياق، ومن وجهة نظري هذا معيار أساسي للحكم علي جدارة القيادة في الوقت الذي كان فيه غالبية الماركسيين المصريين، وكثير من العرب قد دخلوا في "دروشة " حرب أكتوبر ، وفتنوا بها، والمنظمة الوحيدة التي لم تغب عن وعيها بشأنها قد تجلى فى الموقف الذي أتخذه هذا الحزب ، و فى بيان اللجنة المركزية.

أ.صلاح العمروسى: الجزء الأول المتعلق بالحرب أنا كتبته مع الزميل إبراهيم (اسم حركى)، والجزء الثاني كتبته وحدى وقد حدث خلط فى أسماء كاتبى البيانين حين طُبعا فى كتاب مسار الخيانة وهذا البيان منسوب لي وحدي ولكنى كتبته مع الزميل إبراهيم، والبيان الثانى منسوب لي وله ولكنه لي وحدي.

سعيد العليمي: كنت أتحدث عن خروج الزملاء من المعتقل وماهية الانجازات التي قام بها الحزب، فقلت أن اول انجاز تحقق هو الحفاظ علي بنية الحزب ، والشئ الثاني هو الاستمرار به وتوسيع عضويته الطلابية ، والشئ الثالث هو نشر وثائقنا علي نطاق واسع في الفترة قبل خروجنا بالإضافة لبعض الكراسات ومنها موقفنا من القائلين بسلطة البرجوازية الصغيرة وكراس آخر اسمه حدود أكتوبر وكراس ثالث اسمه موقف من مهمات النضال الفلسطيني الراهن، والكراسان الأول والأخير كتبهما الزميل صلاح العمروسى.

صلاح العمروسى: نشر الكتب دي كان ليها صلة بأحد الزملاء اللي كانوا في مصر قبل كده وهو فلسطيني وهو اللي اخد اوراقنا ونشرها في دار الطليعة ببيروت.

سعيد العليمي: هناك شئ مهم نسميه تطور فن النضال ضد الشرطة السياسية، لقد خرجنا وجدنا الزميل صلاح يحدثنا عن (التأمين الروسي) وهو أسلوب معقد فنياً عن كيفية توقى الرقابة البوليسية. ووجدنا أماكن سرية للتنظيم منتشرة بشكل معقول يؤمن كوادرنا وكلها أماكن اختيرت بدقة من ناحية الأسر المقيمة وأساليب الخروج والدخول وكل شئ، وطبعا في هذا الوقت كانت هذه الشقق توصف بأنها "الأرض المحررة" وكنا نقول هذا التعبير مجازا ، ومعناه أن المكان ليس تحت هيمنة السلطة بالمعنى الأمنى ، ويمكننا التحرك فيه بحرية ونعيش الحياة التي يفترض أن يعيشها المناضل السري. وفي نفس الوقت كان هناك عدد من كوادر الحركة الطلابية تم تصعيدهم ، وبعضهم كانت لديه خبرات نوعية ليست موجودة عند اللجنة المركزية، منهم بعض الزملاء ممن كانت لهم تجربة في الحياة الأوروبية، وهؤلاء كانوا علي صلة بمنظمات ثورية هناك ، وكان وجودهم يفتح لنا منافذ محددة من ناحية الفكر والثقافة ووجود وجهات نظر متباينة، ومن أهم الأشياء التي تعرفنا عليها منهم مواقف الحزب الشيوعي الهندي الماركسي وكان هذا الحزب يفتح لهم فرصة الاحتكاك به، وكان له موقفا متميز في الصراع بين الصينيين والسوفيت، وكان الحزب ينتقد المراجعة اليمينية السوفيتية ، وينتقد المراجعة اليسارية الصينية وقد ايدنا موقف هذا الحزب تحديدًا، ولم يكن هذا الموقف قاصرًا عليه ، ولكن كان يتبناه أيضا حزب العمال الشيوعي الفيتنامي ، وحزب العمال الكوري ، وبعض المنظمات الأخرى الصغيرة. بالإضافة إلي احد الكوادر الذي كان علي صلة بالثقافة الأوروبية وخاصة الألمانية . كانت هذه الكوكبة الصغيرة عدداً من الرفاق تتيح لنا بضع منافذ على عالم أكبر، وكان معظمنا من أسر لم تدخلنا مدارس ألمانية أو أجنبية عموماً ، وكانت لغتنا الثانية أو الثالثة غير قوية بالشكل الكافي، ولكن هؤلاء الزملاء كانوا علي مستوي عال جدا من الإلمام باللغات ومن الثقافة وكذلك من سعة الأفق، وينبغي أن أقول هذا الكلام لأنهم كانوا زملاء متميزين، فقد لعبوا دورا كبيرا فى تأسيس عملنا خاصة ، وكنا نختلف في أشياء معينة لها طبيعة "حضارية "، يعني مثلا واحد منهم قد يعتبر تقليدا أوروبيا معينا شئ عادي ، وفى مجتمعنا نحن نعتبره شيئًا مرفوضًا كلية ، فطبعا ضيق الأفق البرجوازي الصغير الذي كان عندنا لم يكن موجودا عندهم بنفس الشكل –أو على الأقل تخلصوا من الكثير منه-، وكانوا أكثر انفتاحا في أشياء عديدة ولكن يظل وسط كل هذا ان هناك قيمة للثغرات التي فتحوها لنا على العالم في عرض وجهات نظر معينة واطلاعنا علي خبراتها.

إذا كانت هناك انجازات بين 1973-1975 فأنا أري أن أحد الأسباب المهمة فى تحققها هو وجود الزميلين إبراهيم (اسم حركي) وصلاح العمروسي، المهم أننا استطعنا قياس تأثير الوضع الكلي للحزب في مظاهرة في الإسكندرية أثناء محاكمة المجموعة التي كانت تنتمي اليه فى القضية 501 لسنة 1973 أمن دولة عليا، والحزب وقتها نظم مظاهرة طلابية عمالية وشارك فيها ما يزيد عن 500 فرد من عمال الترسانة البحرية، وعمال الغزل النسيج ، وطلاب جامعة الإسكندرية، إذا كنت أري أن هذا انجازا فلأنها كانت أول مظاهرة تقريبًا فى تاريخ الحركة الشيوعية المصرية بهذا المعنى . وفى نفس الوقت كان للضربة أثر سلبى على بعض الزملاء، فزميلنا الضوي بدوي سالم( رحمه الله) كان يبكي أمام صورة زميلنا مرسي مصطفي (حداد،) وهناك زميل آخر كان مطلوبا علي ذمة القضية ولكنه أفلت من القبضة البوليسية فقام بتخصيص كامل وقته لعمل مجموعة من الشباب بين سن ال 15 وال 18 قاموا بمراقبة الشوارع ، وعمل مرصدا أمنيا حول محل إقامته. وكانت هناك أمور أخري من أهمها غياب تصور عن بناء التنظيم وخطة حزبية، وكان هذ يسمي الانحراف التلقائي ، ومن مظاهره عدم وجود سياسة محددة لعمل مجموعة من الكوادر المحترفة الثورية ، ولم تكن هناك هياكل متماسكة من أجهزة الطباعة ،أو الاتصال، ولم تكن هناك جريدة جماهيرية ، أو مجلة نظرية ، أو احتياطي كوادر، ولم يكن هناك تصورا تنظيميا لبناء العمل الحزبي وتركت الأمور لعفويتها.
سأقول شئ ليس من الخطأ تناوله لأنه يحدث دائما وفي نفس الوقت نحن نتحرج من الكلام فيه ونحاول تجاهله أو التحدث عنه بشكل قليل جدا، وهناك برجوازية تتلقف أي شئ نقوله وتحول الأشياء الصغيرة إلي قضايا كبيرة. أريد التحدث عن مسألة تسمي (الحب الحر)، نحن وسط زملاء ارتباطهم حديث العهد بالماركسية ، ولأول مرة يحاولون أن يتخلصوا من "يشوطوا" كل القيم البرجوازية في العلاقات الشخصية ، ويريدون تأسيس نمط جديد من العلاقات، فى الفترة الفاصلة بين الفهم الحقيقي للماركسية وبين أن تظهر أوضاع مهيئة اجتماعيًا وثوريًا ، لذلك نجد أن هناك احيانا نوع من عدم الالتزام أو التجاوز في تناول هذه المسائل وممارسة العلاقات ، وكان لدينا زملاء أقرب للرهبنة مثل الرفيق زيد z وشريف وكان صلاح العمروسي يذهب لمقابلة صديقته من الساعة الثامنة صباحا حتي الثامنة مساء ، ويتحدث معها طوال الوقت عن أعمال تروتسكي والموقف منه ( تغير ذلك بعد ذهابه لبيروت ) ، وكنت أقول له أن هذا لا يجوز. وكانت هناك أنواعا متطرفة، أنواعا متوسطة، ونحن لم نعط هذا الموضوع حجما أكبر من حجمه ، ولكن كنا نعلق فقط ، وبعد فترة وجدنا أن هناك ضرورة للكتابة في هذا الموضوع فقمت بكتابة رسالة اسميتها "رسالة إلي الرفاق والرفيقات" مبينا موقف الماركسية فى هذه المسألة وهي أن الماركسية ليست رهبانية ولا دون جوانية وأنها ضد التصعلك العاطفى ومع العلاقات الأحادية ، ويجب أن يتم ملاحظة هذه الأمور فى العلاقات الحزبية ، واستشهدت بجزء من بيت لفلاديمير ماياكوفسكى ويقول ما معناه أن (العلاقة التي تجمع بيننا هي أننا رفاق) وهذا هو الشئ الأساسي، وأنا أتحدث عن هذا الموضوع لأنه يتعلق بكلام سأقوله في مرة مقبلة عن بعض ملاحظات الراحلة أروي صالح علي العمل الحزبي الداخلي، ورداً على سؤال هل كانت الناس مشغولة بالغزل فقط؟ هذا كلام فارغ، وليس صحيحا وانجاز الحزب علي كل مستوي يقول أن المسألة لم تكن علي هذا النحو.
في هذا الوقت فقدنا الزميل مرسي مصطفي ( حداد ) وكان مريضا مرضا يمنعه من مواصلة العمل الحزبي ( بدأ عقب اعتقاله فى صيف 1973 ) ، وقد اختار أن يبتعد بعد الافراج عنا ونحن قدرنا هذا الأمر، ولكننا قررنا أن تكون هذه الخسارة مؤقتة ، وراودنا الأمل بأنه يمكننا استعادته بعد ذلك. وكان لغيابه أثر أساسي علي التطورات التي حدثت بعد ذلك ورغم ما يشاع عنه من أنه حاد وقاس إلا أنه كان دائماً شديد التربوية فى صلته بالرفاق وحتى بغيرهم ، وأنا أتذكر أني لم أكتب إلا تحت إلحاحه ، وكان هذا الدور يلعبه مع عدد واسع من الناس، فضلاً عن دوره التربوي وسط المثقفين والأدباء ، وكان هذا الدور بالنسبة لنا يضاف إلى انجازه الأساسي في عمل الوثائق الأساسية، وكان أهم ما افتقدناه فيه هي قدرته علي التوقع. الآن أعتقد أن أي سياسي قيمته الوحيدة وبالذات اذا كان ثوريا هي أن يتوقع الأشياء قبل أن تحدث ويستطيع أن يتهيأ لها وذلك لا يمكن أن يتم دون معرفة علمية بالواقع، والحقيقة ان هذا هو ما فعله ماركس ولينين، وبالنسبة لنا كانت هذه خاصية لم نركز عليها ولم نهتم بها وننميها فى أنفسنا وتوجيه تثقيفنا نحوها وكان الزميل مرسي م. حداد هو من يمتلك هذه الخاصية. وهو من استطاع بكلام مكتوب وقبل حدوثه فيما بعد أن يستشرف المسار العام للتحولات التي ستحدث داخل البرجوازية البيروقراطية وارتباطها بالغرب، واستطاع أن يتوقع بشكل عام حرب أكتوبر مما جعلنا لا نشعر بالصدمة ، أو بأن هناك حدثًا خارج السياق ، ولا بأن هناك شيًا مفاجئًا ومروعًا. هذا الموضوع هام لأننا خلال سنتين لم ننتبه لتحولات سياسية تحدث داخل المجتمع أمام أعيننا ووضعنا تصوراتنا الخاصة موضع هذه التطورات التي تحدث، فحرب أكتوبر مثلا حدثت ولها أثر محدد علي الناس، تقديرنا لها لم يكن بالضرورة تقديرًا يشاركنا فيه جمهور الشعب ، أو ان علينا ان نتوقع أن تفهم الناس هذا أو تستوعبه، ففي لحظة معينة توهمنا أنه لمجرد ترجمة خبر فى مجلة حول عمالة السادات لأمريكا وأنه كان يتقاضى مقابلا من كمال أدهم مستشار الملك فيصل يعتبر أمراً سوف يؤدى حال انتشار المعرفة به إلى الإطاحة بالسادات . وكان ذلك وهما تشاركنا فيه جميعا بدرجات مختلفة ولا يوجد له أدني علاقة بالواقع.
وقتها نحن نتحدث عن الانحراف التلقائي، وبعض الزملاء كانوا يضيقون بهذا الانحراف ومستاءين لأن العمل الحزبي لا يسير بشكل مخطط ، منهم أحد الكوادر الصغار الذى أرسل رسالة للجنة المركزية يتحدث فيها عن مظاهر الانحراف التلقائي دون أن يتحدث عنه كانحراف تلقائي أى دون أن يسميه، وأحد الزملاء في المركز التقط الرسالة وبدأ في استعادة موضوعات وردت فى التقرير التنظيمى الذى طرح على كونفرانس الكادر الموسع صيف 1972 حول كيفية تطوير العمل الحزبي. الذي حدث في اجتماع الكادر الموسع والتقرير التنظيمي الأول سبق وأن تحدثت عنه . وكان التقرير الجديد عبارة عن تطوير للقديم في الظروف الجديدة، وكان التقرير بالدرجة الأولي يشخص الوضع بأن هناك انحراف تلقائي ، وكيف نتغلب عليه، حيث يجب أن يكون لنا جريدة سياسية ، ومجلة نظرية ، وتطوير مقومات الحزب النظرية والسياسية اى تعميق خطه فى مختلف المجالات ، وأن نقوم بعمل المزيد من تقسيم العمل ، وعمل نواة من المحترفين الثوريين، وتطوير الكادر، انشاء جهاز اتصال وطباعة ، وأن نبدأ في المسئولية التنظيمية نفسها بعمل نوع من التقسيم يتيح التركيز علي الجوانب الأمنية والمالية وعموماً محاولة تجاوز ما يفرضه قانون الأعداد الصغيرة. تم عمل التقرير التنظيمي ولكن للأسف لم يضع في اعتباره الأشياء التي عددتها كانجازات للزملاء في الفترة ما بين منتصف 1973 -1975 .
ولكن التقرير اتخذ شكلاً بدا فيه أن القيادة التي كانت موجودة من 1973 – 1975 هي المسئولة عن هذا الانحراف التلقائي رغم أنه بشكل أو بآخر كان نتاجا طبيعيًا في هذا الوضع ، ولم يكن انحرافًا بمعني أن هناك من يدافعون عنه ويتبنونه. لم يكن التقرير يحيي الزملاء علي الجهود التي بذلوها ، ولكنه وجه نفسه ناحية نقد الانحراف التلقائي واعتبر أن بعض من الزملاء هم سبب هذا الانحراف. كان لهذا الموضوع أثر سئ علينا جميعا ولكني كنت ممن وافقوا علي التقرير خاصة لأنه تضمن ما ورد فى تقرير 1972 ولكني لم أكن مع أن نأخذ موقف حادًا من الزملاء، وكان غياب مرسي مصطفي حداد والإحساس بأننا يجب أن نلتف حول بعضنا فى الوقت الذى كانت الكوادر القيادية محدودة وفي داخلها يوجد من يستطيعون بحكم وضعهم أن يلعبوا دورا أكتر من الآخرين، وكنت أري أنه من الضرورى بقدر الإمكان أن نتفادى أي أمور تؤدى لإثارة مشاكل لا ضرورة لها وقتها ، ونتفادى تأثير غياب أحد الزملاء الأساسيين بالنسبة لنا، ورأيي وقتها هو نفس الرأي ولكن مع تحفظاتي أن اللجنة المركزية خرجت من ضربة ، وكنا في وضع شديد القسوة بمعنى معين لغياب مرسي مصطفي حداد ونحن وسط كوادر طلابية معظم ارتباطها حديث العهد بالماركسية، وأنا فى هذا الصدد أتحدث عن نواة داخل اللجنة المركزية لا يزيد عددها عن أصابع اليد الواحدة.

في هذه الفترة يصدر هذا التقرير التنظيمي والذي عرف باسم تقرير 9-5-1975، وكما سبق وأن أشرت كان يركز علي أمور مثل إنشاء الجريدة ، والمجلة النظرية ، وتعميق خط الحزب ، وبناء كادر من المحترفين الثوريين ، وانشاء جهاز طباعة قوي، وجهاز اتصال وتوسيع العضوية ، والتوجه للطبقة العاملة، وأهم شئ أن نحافظ علي ما ننتجه وندخله دائرة التداول وكانت هناك عبارة شهيرة فيه تقول "الشفوية مقبرة التنظيم" وأنا أعتقد أنها مقبرة الحركة الشيوعية المصرية لأنه لو عندنا خبرات الأربعينات كنا سنتفادى الكثير من الأشياء التي اضطررنا لتجربتها بأنفسنا. كان علينا وقتها أن نختار مسئولاً سياسيًا، واخترنا واحداً كان من أشد الناس استيعابا للخط الحزبي علي مستوياته الفكرية والسياسية ولم يكن علي اتصال بأي حركة جماهيرية إطلاقا قبلها، وأعتقد أن هذا لعب دورًا في تطوراته الشخصية اللاحقة. كان اختيارنا محدودًا في أننا نريد الالتفاف حول بعضنا لأننا في وضع بوليسي، وجربنا الضربة من قبل، وجربنا معني أن تأخذ الضربة جزءًا أساسيًا من اللجنة المركزية، فضلاً عن أن بعض كادرنا القيادى كان على ذمة القضية التى لم يحكم فيها إلا فيما بعد عام 1978، وكنا نريد تفادي أي شئ يخلق شكلاً من أشكال التنافر بين النواة ، وكنا كلنا مدفوعين بأنبل المشاعر ، وأنبل العواطف وأكثرها حماسا ورغبة في التضحية. رغم قسوة بعض الإجراءات التي كانت في التقرير التنظيمي بدأنا نبلور ما نريده وما يجب تفاديه. أود أن أشير لشئ مهم وهي نمو شخصية السياسي المناضل وهذه الشخصية لا تأتي من فراغ ولا تنزل من السماء وعلى حد تعبير لينين: قادتنا ليسوا ملائكة ولا قديسين أو ابطال ولكن كل منا يأتي بوسخ المجتمع الذي نعيش فيه ومن خلال عملنا ونضالنا المشترك نبدأ تدريجيا في التخلص منه بقدر النضال والانخراط فى الممارسة السياسية ويبدأ هناك نوع من التجاوز التدريجي النسبي، وما كان يشغل بالي أحياناً عند تأمل المناضلين هو كيف يدفع مثلا أي واحد سنوات من عمره فى السجن، ويجترح حتى بطولات أحياناً فى الصلابة والصمود ، ومع ذلك يسلك بشكل شديد الانحطاط في أشياء لا تعتقد ولا تتصور أنها يمكن أن تكون موجودة فيه، وعندما نتأمل أنفسنا نجد أنفسنا احيانا في مواقف مخزية جدا ونستغرب هذا. ولا نتصور أنها يمكن أن تكون، فنحن نحمل كل وسخ المجتمع ونحاول تجاوزه بالنضال. كان هذا الأمر يؤرقني لفترة طويلة وكنت أجد أناسًا ماركسيين ولكنهم يتصرفون بشكل ليس له حتى علاقة بالماركسية فى بعض الأمور ولكني أدركت أن التوازن فى تركيب المناضل لا يأتي من أول لحظة. مثلا أنا كنت قد (قررت) احترام المرأة كان هذا مجرد إدعاء لفظى ترتب على بدايات اقتناعى بالماركسية ومعرفة أن هذا هو موقفها. ولكن هذا لم يحدث عمليا فجأة ولكن بالتدريج عندما وجدت أن هناك رفيقات كتفهن في كتفي في العمل الحزبي. بعد ذلك كان من الضروري أن أتأمل تجربة (ابن خلدون) المؤرخ المعروف ، وهو من أحط الأشخاص علي المستوي الشخصي، رغم أنه كاتب المقدمة ومؤسس علم الاجتماع ، ولكن الذي حل لي المشكلة هو ديدرو الفيلسوف الفرنسى الشهير فى كتابه ابن الأخ راموفقد وجدت أن هناك حوارا بين شخصيتين فقال أحدهم أن راسين شخص حقير جدا، فرد الآخر وقال ماذا بقي من راسين الآن؟ الذي بقي هو أدبه أما حقارته فلم يعد يذكرها أحد . كان هذا الأمر بالنسبة لي مدخلاً لكيفية استيعاب تناقضات الرفاق.
في هذه الفترة كان هناك عدد من الزملاء علي ذمة قضايا وكنت أنا منهم ومعي الزميل فتح الله والزميل جمال عبد الفتاح وبعض الزملاء الآخرين، وقتها كنت أنا المتهم الأول ، وهناك صور وتسجيلات واعترافات وأشياء مثل هذه ، وكان المتهمون الأوائل معرضين لأحكام طويلة حتى 10 سنوات أشغال شاقة، فاتخذت اللجنة المركزية قرارا بهربنا وعدم حضور جلسات المحاكمة وأن نعمل سرا. زملائنا صلاح وفتح الله كان لهم انتقاد لهذا الموضوع – الان وليس وقت اتخاذه - وأنا لا أريد الدخول في جدل حول تقييم هذا القرار ولكن أريد تنبيههم إلى أن هذا القرار لم يؤخذ باعتباره سياسة حزبية ولكنه اتخذ لصلته بهذه القضية وبهؤلاء الزملاء تحديدا، وهناك زملاء آخرين لم يطلب منهم أي شخص الانتقال للحياة السرية الكاملة . أنا نفسى كنت مرعوباً من فكرة قضاء 10 سنوات فى السجن ، وأثرها على إعاقة تطورى الفكرى والسياسى. بعدها بفترة خرج المسئول السياسي القديم ( بسبب مرضه كما اشرت ) وانتخبنا مسئولاً سياسيًا جديدًا ، وأيضا بدأنا مرحلة جديدة قمنا فيها بعمل شئ يسمي التسلسل أو الترتيب القيادي وهي سلسلة أعضاء اللجنة المركزية أى ترتيب القيادة تحسباً للضربات البوليسية وتفاديا لأى خلاف قد ينشأ حول المسؤول السياسي ، وقد كنت نائباً للمسئول السياسى آنذاك. في هذا الوقت بدأنا اعداد العدد الأول من مجلة "شيوعي مصري" وكنت عضوا فى هيئة تحريرها والتي صدرت في سبتمبر 1975 الطبعة المصرية، وخرجت الطبعة اللبنانية في نوفمبر 1975. ترجمت وقتها موقف الحزب الشيوعي الهندي الماركسي من الخط العام للحركة الشيوعية العالمية ، وكان أهم شئ في موقفه أنه ضد مقولة الامبريالية الاشتراكية توصيفاً للاتحاد السوفيتى آنذاك ، وضد نظرية الريف العالمي يحاصر المدينة العالمية ، وضد مقولة العالم الأول والثاني والثالث ، وضد خط الحزب الشييوعى الالبانى ، والنظريات المكررة لأنور خوجة ، ورفض الكفاح المسلح في الأوضاع غير المهيئة له. الاتفاق مع الحزب الشيوعي الفيتنامي في مواقفه والهندي الماركسي والكوري الشمالي. كنا قلة علي مستوي العالم ولم يخطر ببالنا أن نتقمص دور مرشد الحركة الثورية العالمية، كما قال رفعت السعيد في كتاب سبق ان اشرت اليه ، وطبعا لم نكن وحدنا في هذا الموقف وفي كل الأحوال برهنت الأحداث التالية علي الصحة الجزئية لمواقفنا وقتها، كان هذا موقفنا وكنا نراه موقفا صحيحا وكانت تشاركنا فيه بعض الأحزاب ولم ندعي فيه أصالة أو إبداعًا، و ترجمنا وثيقة من وثائق الحزب الشيوعي الهندي الماركسي ، وقلنا أننا نتفق مع هؤلاء الناس رغم ان لرفيقنا مرسي مصطفى ( حداد ) وثيقة سابقة بعنوان حول خطوط الحركة الشيوعية العالمية خصصت وقتها للرد على المراجعة اليسارية الصينية وعلى محمود حسين .
يأتي الحزب الشيوعي المصري يعلن عن نفسه فى مايو سنة 1975 ويجب أن ننوه الى أن الأستاذين أحمد نبيل الهلالي وزكي مراد كانا محاميين في قضيتنا، ومطلعين علي كل وثائقها وأوراقها ويعرفون بوجود التنظيم الشيوعي المصري ، بالإضافة إلي بعض الصلات الشخصية بهما وأنا شخصيا كنت علي صلة بهما. كان الزملاء الراحلين علي علم بوجودنا من سنة 1973، وربما كان إعلان الحزب الشيوعى المصرى فى مايو 1975 استباقاً لنا حيث كان قد أفرج عن كوادرنا المركزية فى أبريل 1975 أى قبلها بشهر واحد.

صلاح: حزب العمال الشيوعي موجود قبل 1975 وكان مرحلة انتقالية لإعلان الحزب الشيوعي المصري.

سعيد: لا يا صلاح، عندما قلنا أن الحزب الشيوعي المصري هو حزب الطبقة العاملة فى واحدة من وثائقنا وكذلك فى لائحتنا الداخلية لم نكن نعني أننا الحزب الشيوعي المصري. وقتها لم نكن نؤمن أنه لا شيوعية خارج الحزب، وكنا نعرف أن هناك شيوعية خارج الحزب ، وان هناك ماركسيين خارجه، كما لم نؤمن بنظرية النمو الذاتي ، وكنا نراهن على أن خطنا بإمكانه الفوز بالناس أفرادا أو جماعات وهذا ما حدث فى الواقع . كان الزملاء في الإسكندرية منهم فتح الله وكان الزميل بشير في المنيل بالحلقة التى شكلها، بالعكس أنا سمعت الكلام من مرسي مصطفي حداد مباشرة أننا لا يمكننا احتكار اسم الحزب الشيوعي المصري ، لأن الاسم محتجز لحزب يعبر بالفعل عن الطبقة العاملة من ناحية ، وعن الشيوعيين المصريين من ناحية أخرى. الذي منعنا من الإعلان عدد من الأشياء منها أننا لم نر لنا أو لغيرنا أحقية فى أن نقول أننا الحزب الشيوعي، الشئ الثاني أننا نؤمن بوجود ماركسيين خارجنا ، وكان الموضوع أننا نراهن علي الأثر الذي يمكننا القيام به فكرياً وسياسياً بالدرجة الأولى، والشئ الثالث أننا كنا نري أنه ليس من الحكمة الإعلان عن أنفسنا ونحن مازلنا نبتة صغيرة لمنع التعرض للعواصف البوليسية مبكرا .

أستاذ حلمي شعراوى: أنت تقول أن المرحومين زكي مراد والهلالي كانا علي علم بوجودكم؟

سعيد: نعم بحكم اطلاعهما علي وثائق الحزب فى القضية 501 لسنة 1973 فقد كانا محاميان مترافعين عنا.

أستاذ حلمي: ألم تحاولوا الاتصال بهم ولا هم أيضا؟

سعيد: أنا كانت لي صلة وثيقة بالأستاذ زكي مراد وكنت أحب مجالسته ، ولكن لو حدثني كسياسي لم يكن يجذبنى ما يقول بالمرة، لقد بادرت بالاتصال به حين كنت شابا صغيرا، وسمعت شعره وأعجبني ، وشعرت برغبة فى التعرف عليه، ولكن عندما سمعته يقول أن "ثورة يوليو" قامت بعمل انقلاب في المفاهيم الماركسية، خرجت وأنا لا أريد رؤيته مجددا. والأستاذ نبيل أنت تعرفه وهو رجل غاية فى اللطف ، وأنا أحترم ديمقراطيته وعندما كان يقابلني يسألني "عملت الاستكتاب ده وعرفت تتخلص من المحاصرة؟ " فأضحك فيرد ويقول "كويس كويٍس". ( استكتتابى بمعرفة عدلى حسين فى نيابة امن الدولة ) نحن للأسف أخذنا من الجيل السابق بعض تحفظاته ، ولو كان هناك دورا ينبغى أن يقام به من ناحية الاتصال فكان هذا واجب علي جيل الأربعينات، ونحن علي الأقل حاولنا في حدود استطاعتنا وجهدنا. أنا كنت أعرف أناسًا مجردً ان أسأل سؤالا تجدهم يستغربون لماذا أسأل رغم أن لي سمعة سياسية لا غبار عليها. هذا الموضوع له صلة بأشياء معينة وهي أنه لا توجد أحكام مسبقة ، ولكننا محكومين بشروط لا يمكننا تجاوزها حتي في العلاقة بالناس، ولكن مع ذلك رفيقنا مرسي مصطفي حداد لم يكن ضد التعامل مع أي من الزملاء القدامى ولكنه فقط كان ينبهنا إلى ضرورة دراسة ومعرفة الزميل المعنى قبل مفاتحته، ومما أذكره جيدا مثلاً موقفه من التروتسكية والتروتسكيين، فرغم الدعاية الإعلامية السوفيتية لم نتورط في اعتبارهم مخربين وعملاء ولا شئ من هذا، بالعكس رفيق مثل صلاح كان تروتسكى منذ فترة طويلة موضوع دراسته، ولكن معظمنا كان يقرأ تروتسكى تحت حراسة لينين، يعني الذي أجد أن لينين متفق فيه مع تروتسكى أقبله من تروتسكى ولكن لو وجدت لينين مختلفًا معه أبدأ بمناقشة الأمر.
مع ذلك لم نكن نرحب باتصال بالحزب الشيوعى المصرى بالذات لخطه اليمينى.

صلاح: بالنسبة لي يجب أن أتعامل مع كل هذه الأسماء بشكل نقدي تماما.

سعيد: واحد من أبرز التروتسكيين وهو الأستاذ بشير السباعي كان علي صلة وثيقة بنا وعلي صلة ببعض الأعضاء في المركز وكانوا يتابعون مواقفنا والعكس صحيح، ولم يكن هناك نوع من القصور علي الأقل بالنسبة لأناس معينين وأوضاع معينة.

سعيد العليمي: فيما يتعلق بموضوع الاهتمام النظري لدينا. كنت أشرت في أول كلامي إلى أننا كنا نقرأ جميع /كل الاتجاهات الماركسية، وكنت أتحدث عن فترة محددة وهي من 1965- 1970 تحديدا، ولكن بعد ذلك عندما بات لدينا وثائق أساسية وخط متبلور تبدأ كل الأشياء التي درسناها فى الانتظام في جداول محددة. في هذه الفترة كان موضوع تطور الرأسمالية في مصر من أهم الأشياء التي نهتم بها. في الفترة من أواخر 75 لأوائل 76 كان هناك اهتمام شديد بالقضايا النظرية ومن المهتمين الزميل صلاح العمروسي ومحمد خالد جويلى وجمال عبد الفتاح وزميلنا صالح م.صالح ، و(المسئول السياسي صابر عبد الله )، وكانت هناك قضايا مثل نمط الإنتاج الآسيوي ، وتطور الرأسمالية ، وشكل الحكم البونابرتى . وأذكر أسماء الكتاب الذين كنا نقرأ لهم بالجملة وهم يعطون دلالة علي نوعية الاهتمامات مثل/ لوى التوسير، نيكوس بولاتنزاس جرامشى، دوبريه، ماركوز أوسكار لانج، هارى ماكدوف، سويزى ، باران، وبدأنا الدخول علي كتب سمير أمين "التبادل اللامتكافئ" و "التراكم علي الصعيد العالمي" وقبلها طبعا كنا قرأنا ماركس انجلز لينين، ستالين ماو أعنى ما توفر مترجماً وأنا أتكلم عن الكادر المركزي بالدرجة الأولي وبعض كوادر المناطق. صلاح العمروسي كان يناقشنا في نمط الإنتاج الآسيوي من الساعة الثامنة صباحاً للساعة الثالثة بعد الظهر.

صلاح: نمط الإنتاج الآسيوي قادنا لقراءة التاريخ الإسلامي.

سعيد: كل هذا قادنا لنوع من الاهتمام والولع النظرى بهذه القضايا، وبعض الزملاء فى المنظمات الاخرى انتقدونا بعد ذلك بسنوات على الاهتمام بتطور الرأسمالية ، أو بنمط الإنتاج الآسيوى ، ولكني وصالح وصلاح لم نكن وقتها نري أن هذا كلام نظري فقط يمثل ترفاً أكاديمياً ولا أري هذا الآن، والحقيقة أن مشكلتنا مشكلة عكسية وهى الفقر المدقع فى الفكر النظري والعمق النظري. كان مهماً حين يكتب شخص مثل مهدي عامل عن نمط الإنتاج الكولونيالى وبعدها يخرج الحزب الشيوعي المصرى للتحدث عن نفس الموضوع أقصد مجموعة المؤتمر فيه ، وفرنسا تتحدث عن نفس الموضوع حيث عقدت ندوة أسهم فيها ماركسيون حول نمط الانتاج الاسيوى شارك فيها ممثلون من كل انحاء العالم ، وللموضوع صلة وثيقة بقضية الثورة وطبيعتها فى العالم الثالث عموماً، وتقديري أن الاهتمام بهذا الموضوع كان صحيحًا ولكن طبعا لم يكن كل التنظيم مشغولاً بنمط الإنتاج الآسيوي ولكننا كنا اثنين أو ثلاثة. من الأشياء المهمة أن مرسي مصطفي حداد كان ينبهنا إلى أنه في قضايا نظرية معينة لا ينبغي أن يكون للحزب موقف محدد نهائى وهى تلك التى تتطلب دراسات تاريخية معمقة وكان من ضمنها موضوع الآسيوي. أحب أن أضيف تاريخ مصر الاقتصادي، تجد مثلا أحمد الحتة وجمال سعيد وصبحي وحيدة، محمد فهمى لهيطة وسليم حسن وصلاح كان من أبرز المهتمين بهذا المجال وقد شاركت بشكل أقل، وكان هناك أيضاً الزميل صالح م. صالح. في هذا الوقت تبدأ تأتينا الماركسية البنيوية –كما سبق ونوهت- أو عدد من الكتاب المتأثرين بألتوسير وبعده بولانتزاس وكتاباته حول الطبقات الاجتماعية والسلطة السياسة وبعده طبعا جرامشي، وأيضا مناقشات حول الشيوعية الأوروبية ولكن اهتمامنا بهذه الأشياء كان متابعة أكثر منه تحديد مواقف حاسمة في أشياء ليست ضاغطة وعملية بالنسبة لنا، وطبعا كنا نتابع كل الكتابات الماركسية في مصر وفي العالم العربي.
بدأ عندنا نظام الاحتراف الحزبى اى التفرغ الكامل للعمل الثورى ، وعندما بدأ سنة 1970كان المحترف يأخذ "أبونيه" –أى اشتراك لركوب المواصلات العامة،- وبعد ذلك بدأ يصرف مرتبا بسيطا يمكننا علي الأقل من التشارك في شراء الجرائد والمجلات مثل الطريق اللبنانية ، والتايم ، والنيوزويك ، وروزاليوسف. وأعتبر الفترة من أواخر 75 -76 بشكل خاص فترة نحاول فيها ترتيب البيت الداخلي ونحاول الانتظام في الإصدارات والارتباطات وكل هذا، في هذا الوقت كان شخص مثل صلاح العمروسي عبارة عن مشروع مفكر، وكذلك صالح م. صالح وكنت أري الأفق وطبيعة الاهتمامات والعمق في تناول الأشياء يتوجهان هذه الوجهة. ما أريد قوله أنه بدأت تتكون نواه داخل اللجنة المركزية تهتم بالقضايا التي لها بعد نظري ولها صلة بتطوير مقوماتنا السياسة، وكان هناك عدد من الزملاء مثل الزميل بشير( عبد الله بشير ) وهو ممن لهم اهتمامات نظرية وسياسية عميقة وكان ينطبق عليه ما ينطبق علي بعض المفكرين الاسلاميين القدامى والذين يقال عنهم أن عقلهم أكبر من علمهم ، وأعتقد أنه كان موهوبا ولديه جرأة في إبداع الأفكار وهي جرأة كانت أحياناً أقرب للتهور، وعندنا الرفيق محمد خالد جويلي وهو أحد الأدباء والفنانين الموهوبين وكان مهتمًا بالمسألة اليهودية ، وقضية الصرع العربى الإسرائيلى بشكل خاص. هذا غير من لم يكن ليقوم عمل حزبي بدونهم، مثلاً أشخاص مثل الزميل فتح الله وكان مسئولاً فى منطقة الإسكندرية وبعد ذلك أصبح مسئولاً عن كامل العمل الحزبي وسط العمال أو العمل الجماهيري. هناك زملاء لم يكتبوا شيئا ولكن وجودهم كان مهمًا، ومنهم من كان يمكنه الجلوس والتحدث 3 ساعات في موضوع بأعمق الطرق الممكنة، ولكنه لا يستطيع كتابة جملتين، لدرجة أني قلت لشخص من هذا النوع أن يسجل حديثه ويعين شخص لكتابته حتى لا يضيع لأنه لا يستطيع أن يكتب. المسألة في العمل الحزبي ليست مجرد قدرة أحد ما على التفكير أو او تحديد موقف ، ولكنه عمل مترابط لأكثر من جانب وأكثر من مستوي، وموضوع القيادة الحزبية لمنطقة مثلاً تحتاج لفريق لديه خبرة في كل جوانب العمل الحزبي، فكان لدينا عدد يكفي داخل الكادر المركزي ليقود المناطق باتزان.
وكما قال صلاح أنه بدأ عندنا اهتمام بالتراث ارتبط بظهور الأصولية الإسلامية وترافق كذلك مع خبرات خاصة لبعض الزملاء المركزيين وأقصد شخصي المتواضع ، ففي 1968حتى 1970 التقيت برموز (التكفير) في معتقل طرة السياسي، وكان لي علاقة بالشيخ (طه) عبد الله السماوي لدرجة أنه أراد تجنيدي ، ولكني رفضت هذا بالطبع مع تمسكي بعلاقتنا الودية ، وفي النهاية وصلنا لمساومة. كان عندي كتاب ترجمه محمد خليل قاسم مؤلف رواية الشمندورة النوبية وأحد كوادر حدتو ( رحمه الله) اسمه "القوانين الأساسية للاقتصاد الرأسمالي"، تأليف جان بابى فاتفقت معه أننا في الليل سنقرأ هذا الكتاب ، وفي الصباح نقرأ صحيح البخاري، ورغم أني اضطررت لقطع العلاقة معه بعدها بفترة لأني تحولت لهدف للتجنيد حتى قال بعضهم لى "اننا نتوسم فيك أنك ستكون في الصفوف الأولي منا" وطبعا فزعت من هذا لأن المعتقل كان مفتوحا ، وكان هناك ضابط (ليبرالي) وهو ناصف مختار يدير السجن ، وهناك كمية مخبرين ووشاة ولم اكن أريد أن يصل اسمي للإدارة بأني مع الإخوان ، فضلاً عن الجناح التفكيرى فيهم. وخاصة أنه ليس لدي اقتناع بالموضوع ، وكل مافى الأمر هو أني أريد معرفة وتأمل هؤلاء الناس، ولدي إحساس عميق أننا مسئولين عن هؤلاء الشباب ، وكنت أشعر بالأسى نحوهم ولم يكن من الصعب الإحساس بأن هناك تطابقا مع بعضهم، حتى أني عندما جئت لأختار اسمًا حركيًا كان "شكري" جزءً من اسمي نسبة إلى شكري أحمد مصطفي، كل هؤلاء الشباب كان يجب أن يكونوا عندنا نحن أى من قوانا ، وإحساسي أن حل المنظمات الشيوعية لعب دورًا في توجه الشباب إلى الإخوان المسلمين، لفئة أخري. اهتممنا في هذه الفترة بالكتابة عن التيار الدينى البازغ وكنت أول من افتتح موضوع الكتابة فيه حيث كتبت مقالة "السلطة والاستغلال السياسي للدين" وكان السادات يسعى الاستخدام الدين سياسياً ودخلت دخلة قوية في التراث دفعنى إليها قراءة مقال عن حركة القرامطة فى مجلة اسمها "الجزيرة الجديدة" وهي مجلة الحزب الديمقراطي الشعبي في السعودية وكتبه الرفيق "فهد" (سعودي)، وتعمقت فى دراسة الحركة الثورية في القرن الثالث الهجري ، والفكر الفلسفي العقلانى والمادى، ودخلت في جولة تراثية عميقة فى هذه الفترة.
في فترة 1976 يهمني أن أشير لمسار العمل التحريضي للحزب لدينا، تبدأ جريدة الانتفاض بالصدور بشكل منتظم، فمثلا في العدد 20 كان هناك مقال بعنوان "قاوموا انضمام العمال للمنابر" وكنا نري أن هناك نوعا من الاحتيال من قبل السلطة ، والالتفاف علي قضية حق القوي الشعبية في تنظيم نفسها، فكنا مع إعلان وجود تنظيمات سياسية مستقلة ، ويكون من حقها أن تتشكل بعيدًا عن وصاية السلطة، وفي العدد 21 كان هناك مقال "كيف تتسلل التبعية إلي الجيش المصري تحت شعار تنويع مصادر السلاح" وكلام عن ضرورة النضال ضد خط الاستسلام، وإسقاط نظام السادات، والوقوف ضد تصفية المقاومة ، والحركة الوطنية في لبنان، وعن أن ديمقراطية السادات تكشف عن أنيابها لعمال دمياط والإسكندرية، وحدث وقتها إضراب مصنع 45 حربي من اجل زيادة بدل الوجبات في أبريل 1976، وكان هناك اعتصام لشركة النصر للنقل في يونيو 1976 وإضراب للهيئة المشتركة للنقل في يونيو 1976 لأنه في هذه الفترة تكررت (الحوادث المؤسفة) والاصطدام بالشرطة ، وظهرت مشاكل الفتنة الطائفية، وكل هذا كان تمهيدا لانتفاضة يناير 1977 . خط جريدة الانتفاض هو خط مناهضة السلطة على المستوى الاقتصادي والسياسي والفكري من منظور الكادحين، وتأتي انتخابات مجلس الشعب، فلم نقاطعها ولكننا استخدمناها كمجال للتحريض، وطرح الخط السياسي، وأشياء من هذا القبيل. كنا نطرح شعار الإطاحة كشعار استراتيجى تعبوى ، وكل ما يمنعنا من تنفيذه بشكل فعلي هو الشرط الذاتي المتعلق باستعداد وجاهزية الطبقة العاملة، وشعارنا التاكيتيكى الجامع الذي يربط كل الاهداف التفصيلية هو شعار الجمهورية الديمقراطية، وكنا نطرح هذا الشعار باعتباره يجمع التفاصيل المختلفة للبرنامج ولكن لم يكن في تصورنا أنه سيكون هناك جمهورية ديمقراطية بشكل حتمى ، أو سيستفاد منها للانتقال لتحقيق ثورة اشتراكية، وكان من الممكن أن تتطور الأمور بشكل متسارع، أى أن نصل إلى ثورة اشتراكية مباشرة دون المرور بتلك الحلقة الوسيطة!

صلاح: كانت هناك مناقشات واسعة حول الأمر وفيها تأثير النموذج السوفيتي ، والجمهورية الديمقراطية كانت موجودة كشئ انتقالي للاشتراكية وكانت فيها مناقشات واسعة بدأت مع الزملاء في السجن عام 1974 حول شعار الجمهورية الديمقراطية.

سعيد: في العدد 31 من جريدة الاانتفاض الصادرة 31/7 / 1976هناك مقال اسمه لا للسادات ويتضمن الحديث عن الإطاحة بحكم السادات ، وأن دون هذا الهدف جهود هائلة يتعين علي القوي الثورية والديمقراطية أن تقوم بها من خلال أوسع تشهير ضد هذا الحكم الذي يقهر شعبنا، والانفتاح الاقتصادي أيضا يكون له وزن في الدعاية والتشهير وبرنامج للقوي الوطنية الديمقراطية في انتخابات مجلس الشعب ، وحق التنظيم الحزبى المستقل للطبقات الشعبية. وقامت الزميلة الراحلة أروي صالح بعمل كراس رداً على كتاب بعد أن تسكت المدافع للكاتب الراحل محمد سيد أحمد اسمه "نظرية لتبرير الخيانة الوطنية بعد أن تسكت مدافع البرجوازية المصرية" باسم صفاء إسماعيل.
التقيت في آخر هذا العام بالمسئول السياسي للجبهة الشعبية لتحرير البحرين ، وقد عفي عنه من خمسة سنوات تقريبا لأنه كانت هناك أحكام عديدة ضده ، وعاد إلى وطنه وهو معروف بصفته المسئول السياسي للجبهة الشعبية لتحرير البحرين( الراحل عبد الرحمن النعيمى ).
من الأشياء المؤسفة التي تحدث في أواخر 1976 أن زميلنا بشير عبد الله يقوم بكتابة ( كراس ) رسالة مطولة إلي اللجنة المركزية بعنوان "حلقة دعائية أم حزب شيوعي" وكان ينتقد فيها تلكؤ التنظيم فى قضية التوجه للطبقة العاملة ، وهى التي كانت مطروحة في التقرير التنظيمي الصادر فى 9/5/1975 ، وتضمن أن التوجه للطبقة العاملة له طريقتين، أولا أن ترسل أفراد معينين يقومون بعمل صلات جزئية، وبين أن تعتمد علي رافعة الجريدة وهي أصلا الداعية والمحرض والمنظم، كتب رد علي الكراس الذي قام بعمله بشير لا يقل عن 60 صفحة تقريبًا كتبت قسمه الأول الرفيقة أروي صالح ، وأنجزت أنا القسم الثاني، وللأسف الشديد الرفيق بشير لم يعط زملاءه في اللجنة المركزية فرصة أن يدافعوا عن حقه في مناقشة هذا الموضوع، وعلي الأقل كنت أنا واحد ممن سيدافعون عن حقه لو طلب أن يناقش كراسه في اللجنة المركزية أو يطرح علي الاعضاء ، المهم أنه لم يستخدم الإمكانيات المتاحة فى المناقشة داخل ل.م ، وفى نشر رأيه فى نشرة الصراع قبل اللجوء لعمل الانشقاق، وفوجئت بالآتي في أواخر 1976: الزميل بشير أتي ومعه مجموعة من الرفاق وقدم التقرير، وأنا أدعي وقتها وحتى الآن لو أنه قال "ده رأيي وعايز الناس تسمعه" كنت من أوائل من سيساندونه في الحقيقة، ولكنه عندما أخذ هذا الشكل التكتلي، الإنشقاقى حين انسحب ومعه الحلقة التى كان قد أتى بها للتنظيم لم يترك مجالاً لشىء. ولا أعتقد أننا كنا باتساع الأفق الذي يسمح لنا بأخذ خطوات محددة أكثر مرونة وتفهماً، كانت عندي النية لمناقشته ، ولكن الانشقاق أعادنا للقواعد الأساسية في التنظيم وأذكر عرضًا أن الرفيق ( صابر عبد الله ) مسئولنا السياسى آنذاك كان ممن يحبون تحريض الناس علي بعضهم البعض ، فمن أول ما قاله لي أنهم يقولون عنى أننى بيريا ( وزير الداخلية فى العهد الستالينى ) ولم يكن هناك ما يبرر وصفي بهذا سوي اهتمامى بقضايا الامن الحزبى فى ظل الدولة البوليسية . كان أمرا صعبا والحقيقة وقتها وحتى الآن كنت سأكون أشد الناس وقوفا إلي جانبه لو اتبع القواعد التنظيمية المتفق عليها . لا يجوز لكل من يختلف مع اللجنة المركزية ان يأخذ مجموعة من الرفاق ويمشي، وكان طبعا شيئا مؤسفا جدا، خرج وقتها الزميل بشير ، وبعدها بسنتين عادت كل المجموعة التي كانت معه بناء علي طلبهم وبناء علي موقف محدد ، ولعب هو الدور الأساسى فى إقناعهم بالعودة، غير أنه هو نفسه لم يعد.

صلاح: موضوع أنه يقدم ورقة ولا يقدمها للجنة المركزية وبادر بانشقاق له ارتباط بما يسمي الغرور المركزي في حزب العمال الشيوعي المصري ، وكان للمجموعة القيادية غرور نظري مما جعل النشرة الداخلية التي كان يقول الزملاء آراء فيها تتحول إلي الهراوة المركزية، والزميل إدريس أبو الدهب تكلم بشكل بسيط حول مشاكل في العمل الحزبي ، وتحول لأن يكون منحرف وخارج عن ماركس ولينين، كان يضع يده علي الملموس ولكنه نظريا يعبر عنه، فكان هناك طريقة في المناقشة الداخلية لا تتيح الراحة أو النضج ، وربما يكون مسئول عنه أكثر المسئول السياسى الذي ذكره سعيد، كان مثلا هناك زميلا في الإسكندرية وهو أحمد زعماء الطلاب في الإسكندرية وكتب مقالة حول الحركة الطلابية والبرجوازية الصغيرة، ورددت عليه وأصبحنا أصدقاء بعد ذلك، فما أريد قوله أن هناك جو مناخ سلبي يرتبط بالغرور النظري الذي يمكن أن تكون له علاقة بالتماسك الخطي الأولي الذي كان موجودا وتم عمله بالوثائق الخطية.

سعيد: تصبح هناك ورقة للمناقشة الداخلية وقتها اسمها "نشرة داخلية مركزية" ( ندم ) وبالطبع توسع عدد اللجنة المركزية ، وكانت هناك جملة من التصعيدات بعضها مبرر وبعضها غير مبرر ، وأوسع من الاحتياج الفعلى، وكان هناك نوع من التوسع الحزبي في أماكن معينة مثل الصعيد وبحري والإسكندرية والقاهرة، وكان لنا بعض النشاط في مجمع الألمونيوم بنجع حمادى ، ومناطق مثل العمار ، الدرب الأحمر ، والوايلي ، ولنا بعض الزملاء في دمياط وحلوان وشبرا.
تحدث مسيرة شهيرة في 25 نوفمبر أواخر 1976 خرجت من الجامعة وكانت متوجهة لمجلس الشعب، وتبدأ المذكرات تقدم من وزارة الداخلية للقيادة السياسية بضرورة توجيه ضربة لحزب العمال الشيوعي المصري وقتها، كانت المذكرة الأولي بتاريخ 28/11/1976، وهي تلخص نشاطه في المجال الطلابي ، وتقول أن الحزب يتهجم علي النظام القائم ، ورئيس الجمهورية ، ويتهمه بخيانة القضية الوطنية ، وخاصة بعد اتفاقيات فض الاشتباك لأنه يدعم العلاقة مع الامبريالية وينتهج سياسية الانفتاح الاقتصادى ، وأجهض الحركة العمالية واقام ديمقراطية زائفة ، وأن السلطة تتدخل في انتخابات مجلس الشعب ،وينتهي بالإطاحة بحكم السادات وضرورة إقامة الجمهورية الديمقراطية. استفدنا من فترة الانتخابات في تشكيل لجان سميت لجان الوعي الانتخابي، كان هذا خطا عندنا وهى أن كل اللجان التي تتشكل أثناء الحركات الجماهيرية ليست مؤقتة ولكن نستبقيها حتي بعد انتهاء المعركة الانتخابية وتكون شكلاً من أشكال المنابر التي نتحرك من خلالها. في يناير 1977 كان العدد الأول من الانتفاضة يتحدث عن القمع البربري في البحرين والعدد الثاني يتحدث عن الوسائل الحزبية في التحريض والدعاية الانتخابية والأشياء التي حدثت في الانتخابات التي سبقتها كما وتتحدث عن سلاح المنشور الانتخابي، وكذلك عن الإضراب.
ويمكننا أن نعتبر أن كل العمل الخاص بالنصف الثاني من 1975 و1976 كاملة عبارة عن شكل من أشكال النشاط المنتظم المكثف الذي يهيئ بشكل أو بآخر من خلال المعارك الجزئية التي خضناها لهبة يناير 1977 . تحدث الانتفاضة في يناير وأمن الدولة تتابع وتعرف أننا مقبلين علي شئ ما، ونحن كنا نتبنى تكتيكاً في النضال نسميه التاكتيك الصدامي الهجومي وهو أننا دائما فى صدام مع السلطة حول كل القضايا الممكنة وطبعا وقتها كنا نري أن يجب أن تستخدم في كل الأحوال أرقي الأشكال بصفة مطلقة كلما كان ممكنا. اللواء حسن أبو باشا كتب مذكرات تكلم فيها عن الحزب ومن ضمن التقارير التي قدمها ادعى أن جهاز الأمن السياسي استطاع اختراق واكتشاف ما يدبر من إشعال انتفاضة شعبية علي مستوي الشارع، وبالطبع هذا الكلام لا علاقة له علي الإطلاق بأي واقعة من الوقائع. في 1977 قمنا بعمل إحصاء وكان عدد أعضاءنا مع مرشحينا وعاطفينا حوالى 500 عضو ، وفي هذه الفترة كانت اللجنة المركزية مكونة من أعضاء لم يذكر اسم واحد فيهم في تقارير أمن الدولة، ولكن مرة ذكروا 9 ومرة 12 وكل من ذكروا أناس محترمة جدا ولكن بعضهم كان حولنا فقط ولم يكونوا أعضاء في اللجنة المركزية، وفي 1977 لم تحدث مداهمة لأي مقر من مقراتنا السرية، وكان لدينا عدد واسع منها . وحسن أبو باشا كان يقول أننا نستعد لتفجير شئ ما وأننا متربصين ولدينا ساعة صفر، وكل هذا الكلام غير صحيح علي الإطلاق . وكل القرارات الاقتصادية التي صدرت وبالذات بالطريقة التي صدرت بها كانت مفاجئة بالنسبة لنا كما فاجئت الكل بمن فيهم مسئولين فى الدولة ذاتها . كل ما ندعيه أنه من المؤكد أننا أسهمنا في التوعية الجيدة لها بشكل مسبق قبل وأثناء الانتخابات. الشئ الثاني هي أنه بعض الناس قالت أنه لم يتم القبض علي أي شخص في المظاهرات ، ومعنى هذا أنه لم تتم المشاركة فيها، فمن أصلا الذي سيقبض عليه بسهولة في المظاهرة ليعرف أن حزبه أسهم فيها؟ تردد ذات القول بعد أن برأت محكمة أمن الدولة، كل من اتهموا تقريبًا بالاشتراك فى الانتفاضة، من الشيوعيين.

طبعا كانت هناك شعارات الانتفاضة ولا ندعي أننا الوحيدين بشكل أساسي من اسهموا فيها لأنه بالفعل كان هناك عدد من الزملاء من 8 يناير ، ومن المؤتمر بشكل خاص ، والزملاء من منظمة العصبة الثورية أى التروتسكيين أيضا شاركوا ، وأيضا زملاء من التجمع شاركوا في مرحلة محددة رغم انف قياداتهم . كل تحريضنا كان في هذا الاتجاه، وعندما اشتعلت الانتفاضة كتبنا بيانًا في اليوم الأول نيابة عن اللجنة المركزية بعنوان حول الانتفاضة الراهنة وطبعا كان من الصعب أن نطبعه في نفس اليوم وهو يوم 18 لأنه كان يجب أن يطبع البيان في الليل مع فرض حظر التجول . مع ذلك زملاؤنا لم يكونوا في حاجة لتوجيهات أصلا، فعندنا مسئولين في كل منطقة ، وهم يعرفون بشكل تلقائي كيف يتصرفون. المهم أن الانتفاضة تبدأ بشكل مفاجئ وأيضا تنطفئ بشكل مفاجئ وهذا لم يعطنا الفرصة كي نطور أي شئ يتعلق بها. وبالطبع اعتبرنا الانتفاضة انتفاضة شعبية ، وهبة جماهيرية وبياننا أشاد بها، وحدد مهمتنا فيها بإعطائها الشعارات الصائبة ، وطالبنا زملائنا في البيان بأن يخلقوا منظمات وأجهزة للانتفاضة نفسها، والشئ الثاني أن نقوم بعمل تهيئة للانتقال لأطوار أعلي من الحركة القائمة، والشئ الأخير هو الحذر تجاه المصايد والفخاخ البوليسية. وما حدث للانتفاضة أنه بعد سحب القرارات لم تأخذ وقتا طويلا وصدر القرار بقانون رقم 6 لسنة 1977 وكتبت وقتها بيانًا بعنوان "لن يوقف الإرهاب انتفاضة الشعب" والبيان انتقد القانون وبالطبع حاول أن يكشف لعبة أن هناك بعض الإعفاءات الضريبية ضمن الاستفتاء حتي يصوت الناس علي الاثنين معا، وبالطبع انتقدت موضوع الأشغال الشاقة المؤبدة عقاباً على التحريض أو الاشتراك فى المظاهرات والإضرابات. نشرت جريدة الجمهورية في 21/8/1977 أن (الحزب الشيوعي العمالي) وراء عمليات التخريب وأن هدف الحزب حرق القاهرة. معظم الناس انتقدت عمليات التخريب ، ولكننا قلنا أنه لا دخل لنا بعمليات الإحراق أو التخريب، ومع ذلك كنا نري أنه من الطبيعي لأي حركة جماهيرية أن يحدث فيها تخريب بشكل عادي باعتباره رد فعل طبيعي من سخط الناس المكتوم لفترات طويلة، والشئ الثاني أنه يجب التفريق بين شيئين وهو تخريب اللصوص وعنف أناس موجه أصلا لرموز الانفتاح والاستهلاك والانحلال أو لرموز القمع البوليسى وغيرها، وهناك دلالة رمزية لكل العنف الذي حدث يفسر بعض مظاهر التخريب بأنه هناك بروليتارية رثة غير منظمة ، ولكن الموقف الأساس هو أن التخريب رد فعل شعبي تلقائي. طبعا بالأحرى لم ندن أي عنف حدث من الجماهير إطلاقا، وبدأ أناس يدعون أن حزب العمال الشيوعي عملاء للمخابرات المركزية الأمريكية ، وعبد الرحمن الشرقاوي في أحد أعداد روزا اليوسف قال أننا نتهم الحركة الشيوعية بأنها يمينية وأننا متطرفون لا ينبغى أن نحسب على اليسار الوطنى وأشياء من هذا القبيل. المهم أنه من المفروض أن عمال الترسانة البحرية بشكل خاص كانت لهم صلات تنظيمية بنا وكانوا من بدأ الانتفاضة فى مدينة الإسكندرية ورفعوا شعاراتنا هناك . كاتب مثل حسين عبد الرازق كتب هذا بشكل صريح فى كتابه المعروف 18 ، 19 يناير . بعد الانتفاضة كتبت مقالاً قصيرًا بعنوان "دروس انتفاضة يناير" وهو يتكلم عن أننا لم نحرك الانتفاضة ، ولم نفتعلها ، ولم نختلقها ، وانها حركة تلقائية، (ولكن حقيقة أننا لم نتغلغل بشكل عميق بعد في الطبقات الشعبية يبتعد بنا عن أن ندعي أن الحزب هو صانع هذه الحركة والمفجر الأساسي للحركة هو المعاناة العميقة للشعب المصري وكل أصناف القهر الاجتماعي، وبالنسبة لأعمال التخريب فلا علاقة لنا بها، فحزب العمال منذ ولادته في 8 ديسمبر 1969 يطرح نفسه قائدا لحركة الجماهير الشعبية من خلال عمل جماهيري دءوب وصبور ومن أجل تسليح الجماهير الشعبية صاحبة المصلحة في الثورة الاشتراكية بالشعارات الموجهة للخلاص من حكم الاستغلال والقهر.. إلخ.) في هذا الوقت كانوا يريدون بقدر الإمكان أن يجدوا لنا جهاز طباعة واتصال ومخزن للأرشيف ... الخ، وأحد من تعاملوا مع المباحث في فترة يقول في كتاب من كتب الأستاذ أحمد نبيل الهلالي بعنوان " دفاعًا عن الحريات الديمقراطية" يتكلم فيها عن قضية 1977 ، ويقول هذا الرجل اسمه – أحمد مصطفي إسماعيل- "........ وبالتالي لا يجدوا شخصًا يساعدهم ويعمل معهم وهم في أزمة ينبغي تجاوزها لأنه من الضروري أن يجدوا جهاز طباعة وأرشيف وجهاز فني، وطلبوا منه أن يتعاون معهم في تلفيق شئ ضد أحد المناضلين اسمه مصطفي الخولي ".
صلاح: كانت سياسة العضوية متشددة جدا ولو كانت مرنة لكان هؤلاء ال 500 أصبحوا 5000.

سعيد: من المهم أن ندرك كيف يتم التعبير عن الفكر السياسى، وننظر مثلاً كيف يعبر المركزي –عضو اللجنة المركزية عن أفكاره وكيف يعبر القاعدي –عضو الخلية- عن نفس الأفكار تجد هناك مسافة ضخمة، هناك أشياء سمعتها من القاعديين أنفسهم كان الرفاق في 8 يناير يسموننا (الأسياخ) وزملائنا كانوا يسمون أعضاء 8 يناير (الخشب) لم يكن للجنة المركزية شأن بمثل هذه التسميات بالطبع. المهم في انتفاضة يناير في المقال المكتوب حول دروسها أن الحزب يتبني النظرية الماركسية ، ولا يؤمن بالمؤامرات ، ولا الانقلابات العسكرية ، ولكن يؤمن بحركة الطبقات الشعبية، وفي جزء معين من الوثيقة الانفة مصدري فيه اللواء حسن أبو باشا وجد مؤشرا هاما علي خطورة حزب العمال حيث جاء فيها " إن الذين تصدوا لقيادة الجماهير في الشارع لم يضعوا في اعتبارهم مدي استعداد المواطن المصري لمواصلة الحركة بأسلوب حرب العصابات، كما أن اهتماما مسبقًا من جانبهم لم يبذل لاستمالة قواعد من قوات الشرطة والقوات المسلحة وصغار الضباط في كليهما" وقتها كنا نقرأ كتاب "الانتفاضة المسلحة "الذى صدر عن قادة الأممية الثالثة تحت اسم نيوبرج، و"نصوص حول المسائل العسكرية " للينين ثم "فن الحرب " لكلاوزفيتر وجيفارا وماو فى كتاباتهما العسكرية ، والفكرة التي لدي أنه لم تكن هناك جماهير مسلحة ولم تدرب علي السلاح غير أن الانتفاضة نفسها لم تستمر لفترة تكفي لتطوير هذه الحركة من ناحية أساليبها النضالية أو أهدافها.

صلاح: عندما ذهبت للبنان وجدتهم كتبوا علي الحوائط "عاشت انتفاضة الشعب المصري بقيادة حزب العمال الشيوعي" وأول ما قابلونا به "انتم خونة عشان ما استولتوش عالسلطة".

سعيد: لم نكن المنظمة الوحيدة التى أسهمت فى الانتفاضة ولكن 8 يناير، والمؤتمر، والعصبة الثورية كانوا موجودين، ويجب أن نشير الى ان موقف الحزب الشيوعى المصري والتجمع كلها كانت تصب في مصلحة السلطة وكان لا يمكن إطلاقا أن يعتمد عليهم في اتفاق ولا أن نوحد جهودنا لأن كل منا له سياسة مختلفة، وكان من الممكن أن نطور الانتفاضة لو تواصلت لبضعة أيام بشكل مختلف، ولكن كان موقف الحزب الشيوعى المصري أنه يريد إسقاط سياسة الردة ولكن عنده جناح وطني وجناح متهادن وجناح عميل وهو يشجع الجناح الوطني علي الارتباط بالحركة الوطنية الصاعدة، والتجمع لعب دورًا فى كبح الانتفاضة وهو حزب (شرعي) وكان هناك بيان موجه للشعب بأن التجمع الوطني هو قوة بناء لا هدم وتدمير وأنه لم يكتفي بنقد السياسات المطبقة، ولكنه يطرح بديل لها، وهذا البديل ليست له أي علاقة بتطوير الحركة الشعبية ولا أي شئ. وقال خالد محي الدين في كلمته بروز اليوسف أنه "يدين أعمال الشغب والتخريب فالتخريب ليس الا وسيلة منحطة غير متحضرة للتغيير". أنطلق من هذا الموضوع لرفض وجهة النظر التي عبر عنها المناضل أحمد صادق سعد، والدكتور جويل بينين والدكتور غالي شكري وعدد من الزملاء الذين كتبوا من الاشتراكيين الثوريين في الوقت الراهن حول إهدار إمكانية تطوير الانتفاضة لتكون ثورة شعبية مسلحة كان بإمكانها الإطاحة بالنظام، حتى أن غالي شكري قال أن السلطة كانت ملقاة في الشارع وتنتظر أي شخص ليلتقطها وجويل بينين قال "جبن الإنتلجيستا حال دون الاستيلاء على السلطة" هل كان ميزان القوي والشرط الذاتي للطبقة العاملة وحلفائها والمدى الزمني القصير للانتفاضة يسمح بتطويرها أم لا ؟؟!!!
كان لانتفاضة يناير أثر ضار بنا، حيث أن الدعاية التي قام بها الإعلام البرجوازي والضجة التي حدثت علي مستوي العالم العربي حول الموضوع جعلت بعضنا يتوهم أننا بالفعل صانعي الانتفاضة وذلك من أسوأ الأشياء التي حدثت لنا.

بالنسبة لرفعت السعيد قام بعمل كتاب اسمه الحركة الشيوعية المصرية من 1920إلي 1988 مع طارق إسماعيل ونشر تبع جامعة "سيراكيوزا" باللغة الإنجليزية كما اشرت سلفا ، وتلخيص ما قاله في الكتاب كان موجودًا في عدد من مجلة "قضايا فكرية خصص عن الحركة الشيوعية المصرية، وموجز الكلام هو حديث عن المنظمات التي كانت موجودة في السبعينات وقال عن حزب العمال الشيوعي المصري أنه حلقة صغيرة متطرفة يسارية وأن هذه الحلقة لم تعلن عن نفسها إلا كرد فعل علي إعلان الحزب الشيوعي المصري في مايو 1975، والشئ الثالث أنه اطلع علي وثائقها جميعا ولكن الحقيقة انه لم ير الا العدد الأول من مجلة "الشيوعي المصري"، واستنتج اننا عبارة عن مجموعة من الناس تتقمص دور المرشد للحركة الثورية العالمية وأننا لا وزن لنا ولا أثر ومخترقين بوليسيا وأمنيا بشكل كامل، إضافة إلي ذلك أن لدينا كم من المعترفين فى القضايا . أدعي في مواجهة ادعائه أنه خاطئ.

أستاذة جينيفيف: ماذا كان موقفكم من نمط الإنتاج الآسيوى؟

سعيد العليمى: باختصار شديد يعتبر حزبنا أن الكلام في موضوع نمط الإنتاج الآسيوي من الأمور التى لا يمكن حسمها بقرار مركزي فهو موضوع علمى تاريخى ، ولذلك فقد كنا أحرارا في تبني ما نشاء، من يريد القول أن هناك نمط إنتاج أسيوي لا توجد مشكلة ومن يريد قول غير ذلك فليقل لأن الموضوع يحتاج وحالة العلم ومعرفتنا لم تكن تسمح بالقطع في الموضوع الذى كان مثار مناقشات عالمية ، مع ذلك كان الاتجاه الأرجح هو نفى وجوده.

مصطفي الجمال: كنت أريد أن أعرف متي نشر أول عدد من "الانتفاضة"؟

صلاح: الانتفاضة خرجت بتلقائية في البداية وليس بقرار حزبى والزميل بشير هو من سماها بالانتفاضة، فهي تعتبر مبادرة من أحد الزملاء في الحزب.

سعيد: العدد الأول من الانتفاضة صدر في 18/2/ 1973 ، ومجلة الشيوعي المصري خرجت في سبتمبر 1975 بالقاهرة، وقد سميت بالانتفاضة نسبة للحركة الطلابية التى انفجرت آنذاك فزميلنا بشير كان أحد المشاركين في الاعتصام وقام بعمل نشرة أسماها كذلك وكان شخصا مبدعا كما سبق أن نوهت.

صلاح: بشير كان من قيادات الحركة الطلابية رغم أنه لم يكن طالبا وقتها.

أ.غادة طنطاوى: هل كانت اللجنة المركزية منتخبة؟

سعيد: هناك مراحل في كيفية تشكيل اللجنة المركزية، يعني مثلا أول لجنة مركزية للتنظيم الشيوعي المصري كانت لجنة مركزية منتخبة، وبعد ذلك حدثت بعض التوسعات في اللجنة المركزية بشكلين: أولا بترشيح من اللجنة المركزية ولكن مع موافقة لجنة المنطقة أو العكس، ومع ذلك كان موضوع المؤتمر أحد المسائل الموجودة بشكل دائم في رؤوسنا أى ضرورة عقد مؤتمر وانتخاب لجنة مركزية.

أ.حلمى شعراوى: ما الذي يغلب علي التوزيع النوعي للجنة المركزية؟

سعيد: آخر تشكيل في 1977كان هناك عاملين علي الأقل داخل اللجنة المركزية وكان هناك زميلتين داخل اللجنة المركزية.

أستاذ حلمي: هل كان الآخرين طلبة؟

سعيد: لا مهنيين أساساً أطباء، مهندسون ، محامون، كتاب، وكان الأعضاء المرشحين بين 13 - 15.

صلاح: كان هناك 2 طالبين في اللجنة المركزية، أحدهما ذهب مع الانشقاق الأول والثاني كان مرشحا في منطقة القاهرة وأصبح في اللجنة المركزية. لا توجد لجنة طلابية ولكن كان معظمها مثقفين من خارج الحركة الطلابية من الناحية الأساسية.

سعيد: كل هذا جاء بالتدريج، فكان مثلا في اللجنة المركزية مسئوليات موزعة بالشكل التقليدي في كل المنظمات الشيوعية في الحركة الثانية، ومع تطور العمل، والشكل التنظيمي يرتبط أصلا بتنامي العمل نفسه وتقسيمه، فمثلا يمكن في فترة من الفترات أن نقوم بتأسيس مسئولية لفرع الخارج الذي قمت بمهامه في 1975، وكانت هناك فترات ليس لدينا مكتب سياسي ، وبدأ يكون لنا مكتب سياسي في 1976 وكنا خمسة اعضاء فيه ، وفي فترات محددة كان المسئول التنظيمي هو مسئول الأمن، ووجدنا أنه يجب أن يكون هناك شخصا مسئول عن الأمن منفردا وكذلك الأمور المالية.

أ.جينيفيف سيداروس: إلى أى منظمة انتمى عبد الرحمن الشرقاى؟

أستاذ حلمي: أول نشأة عبد الرحمن الشرقاوي كانت طليعة العمال ثم ترك هذا العمل أصلا، وهو أديب.

أ.مصطفى الجمال: هل كان لكم تواجد فى مدينة المحلة الكبرى؟

صلاح: كنا في المحلة منذ فترة طويلة ولكن العلاقة كانت علاقة أدبية أى بأدباء ولم نستفد من هذه العلاقة فى خلق روابط بالطبقة العاملة هناك، وكان أدباء المحلة مشهورين جدا


يتبع


سعيد العليمى




سعيد العليمى - سيرة ذاتية لشيوعى مصرى - قد تعنى أو لاتعنى أحدا ( حزب العمال الشيوعى المصرى ) القسم الثالث

تعليقات

لا توجد تعليقات.

هذا النص

ملف
البورتريهات والمذكرات واليوميات والسيرة
المشاهدات
522
آخر تحديث
أعلى