أ. د. عادل الأسطة - "الحياة كما ينبغي"

" الحياة كما ينبغي " عنوان رواية صدرت حديثا وربما يدخل المرء إلى عالم هذه الرواية ليقرأ نصائح أو اقتراحات يقدمها لنا الكاتب ، وربما احتاج المرء ، إن كان قاريء رواية ، إلى حك ذاكرته ليتذكر عناوين روايات وردت فيها كلمة الحياة ، وقد يتذكر أول ما يتذكر الروائي التشيكي الشيوعي المنشق المقيم في باريس ( ميلان كونديرا ) صاحب رواية " خفة الحياة غير المحتملة " ، وقد تركت روايات ( كونديرا ) أثرها في روائيينا ؛ في موضوعاته وفي الشكل الفني ، وأشير هنا مثلا إلى Akram Musallam ورواياته الأولى ، فلم تخل من التأثر ب ( كونديرا ) ، وأنا كتبت سلسلة كتابات " خفة الكائنات غير المحتملة " متأثرا بعنوان روايته المذكورة .
" الحياة كما ينبغي " . كيف ينبغي للحياة أن تكون ؟
ربما احتاج المرء إلى الانتهاء من قراءة الرواية كلها حتى يحصل على الإجابة ، وقد لا يصل إلى نتيجة تسعفه إليها عبارة وردت في النص ، فيجتهد .
الرواية تأتي على حياة سكان قرية يعبد بالدرجة الأولى ومقاومتهم المحتل ، ثم تذهب بنا إلى مخيم جنين ، وهي تصف لنا قسوة الحياة تحت الاحتلال ، فلا أحد يحيا دون أن يتأثر بما يجري . راشد المحمود الشاب الفلسطيني ليس منتميا إلى تنظيم ولكنه يرفض الذل على الحواجز فيحتج وتلفق له تهمة يسجن خمس سنوات بسببها ، وحين يخرج يقرر مقاومة الاحتلال فيهاجم دورية عسكرية ويغدو مطلوبا . تقتحم قريته ويهدم بيته ويتشرد والداه وزوجته وطفله ، وينضم إلى المجموعات المقاومة المطاردة في المخيم .
هكذا هي الحياة وهكذا ينبغي أن تكون : رفض الاحتلال ومقاومة المحتل حتى لو كان الثمن باهظا . ( أنا راشد المحمود أحب خياري هذا ، أحب حياتي هكذا ، أحب هذا المخزن وهذا الكانون وهذه البندقية ، هذه حريتي بالضبط ، هذه حريتي ) ( صفحة ١٠١ ) .
أعتقد أن الدارسين سيتوقفون أمام العنوان وصلته بالنص . كيف ينبغي للحياة أن تكون ؟
لا خلاص تحت الاحتلال ، ولا حياد ويجب الانخراط في الحياة وتقبلها بكل قسوتها حتى لو دفع المرء حياته ثمنا . هذا ما اكتشفه راشد وهو يقضي ليلته الأولى بعد تنفيذ العملية وينام في ثياب شهيد .
في قصيدة " بيروت " كتب محمود درويش :
" بوركت الحياة فوق الأرض لا تحت الطغاة "
وكان تساءل :
- ماذا سنخسر سوى قيودنا .
كلام كثير يمكن أن يثار عن حياتنا تحت الاحتلال وعن شكل المقاومة ، وبعد خمسين عاما من الاحتلال لم يؤد الاستسلام أو السلام إلى حل وكذلك المقاومة أيضا . هدوء ومقاومة وهدوء ومقاومة وهدوء ومقاومة . تأملوا الفترة من ٦٧ إلى ٨٧ ثم الانتفاضة من ٨٧ إلى ٩٣ ثم اتفاق أوسلو من ٩٤ إلى ٢٠٠٠ ثم انتفاضة الأقصى من ٢٠٠٠ إلى ٢٠٠٧ ثم استقرار الضفة نسبيا وحروب غزة و ... ومازال اللاجئون في المنافي واتسع المنفى حتى وصل إلى شمال الكرة الأرضية ، فصار لنا هناك أحياء خاصة أو غيتوات فلسطينية .
حالة سيزيفية عبثية .
( الرواية للكاتب أحمد رفيق عوض )
صباح الخير
خربشات
٢٥ / ٨ / ٢٠٢٢ .
عادل الاسطة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى