عبدالرحيم التدلاوي - عن موضوع السقوط والبعد الجمالي في ديوان "على شفير السقوط"

يتميز ديوان " على شفير السقوط " للأديب المغربي الشاعر والقاص والمترجم عبد الله فراجي على المستوى القضوي بالتعدد والتنوع على مستوى "التيمات "، وعلى المستوى الفني والجمالي بالمجاز والبلاغة والإيقاعية؛ مما يخلع عليه ميزة السعة والوفرة تتجلى في متحه من مرجعيات تاريخية ،وعقدية ، ومعجمية ، و تراثية ...
وسنتناول في هذه الورقة بعض الخاصيات البارزة كالموضوع ، والبلاغة مع إشارة سريعة إلى الجانب الإيقاعي، والمتمثل أساسا في اعتماد بحر الرجز على طول القصيدة/النصوص.
فكل النصوص المشكلة للوحة الشعرية قد سارت على إيقاع هذا البحر، وتلونت به.
ومن ضمن الموضوعات العديدة التي تناولتها المجموعة الشعرية تبرز " تيمة " السقوط في شتى تمظهراتها وعبر جل النصوص ، ابتداء من العنوان إلى آخر رشفة نص، حيث نقرأ في مستهل الديوان : " رأيتها على شفير خطوة من السقوط والعدم ... ص 9
حيث يقول:
وفي مدائن اللظى رأيتها،
على شفير خطوة من السقوط والعدم..
والنص مشحون بمعجم الإحباط والانكسار، من ثمل: بلا قوارب للنجاة، الموت، عالم من الأسى والألم، أستنشق الغبار، طرف التيه..
لتتكرر في نص " معراج البدء " ص12 : " سقطت ، ثم قمت من سراب فرحتي ... " ص14 .
وفي نص" أقتفي جنازتي وقاتلي معي ..." ص19 يقول: "من السقوط للسقوط أقتفي جنازتي ..." ، لتتوالى كثابت دلالي إلى آخر النصوص : " أساقط أنا ، وفي السقوط ذلتي... "ص 103.
لكن اللحن الجنائزي، إذا صح التعبير، لا يرسم ألوانه القاتمة على طول القصيدة/النصوص، ويلونها بسواده، سيتوارى مفسحا المجال لنور الأمل ينبعث كاسحا الألم بالأمل، والقرح بالفرح، ففي آخر نفس من أنفاس المجموعة، يتجلى انتصار التفاؤل، باسطا هيمنته على مجمل السواد الذي اكتسح العمل. وما يتبقى في النفس هو ما يرد في الأخير، وما يعلق بالنفس هو ما ينتهي به الديوان، يقول:
لعلني أراه قادما يجيرني بقربه،
يمدني بزاد رحلتي،
ومركب الأمان والأمل...ص 108.
على المستوى الفني والجمالي:
نجد المجاز يطغى في شتى أشكاله وأنماطه على نصوص المجموعة. نقرأ في قصيدة "قرطاس البيان والعبر" ص22 :" على دفاتري جزيرة من القلق ... ، وفي نص " دجنة العشق والمحن " ض45 : " وكبل الطريق والخطى ... " ، وقوله : " تلوك في الظلام خصب قرية ... " ص 48 ، وأيضا : " تنسج الربيع من إزارها... " ص 76 .
صور مجازية تغني متن الديوان ، وتضفي عليه جمالية متنوعة الضروب والألوان ، فتنحو مناحي متعددة كاستعمالها للتشبيه : " كدمية يديرها القدر ... " ص 23 ، أو " كناسك يقاوم الكرى كنخلة تلاعبت بها أنامل الردى ..." ص 45، فضلا عن محسنات بديعية من قبل الجناس : " وجدتها... وجدتها... " ص 9 ، و:"لعلني...لعلني..." 107 ، والطباق : " لأمسك الحياة من رماد موتها ... " ص52 ، وفي قوله : " أنا الوجود في شقاوة العدم " ص 42، عطفا على الإيقاع الذي يخلق جرسا يمنح النصوص جمالية تتجسد في تنوع القافية كما في : " الندم / العدم/الألم / الحمم " ص 9 ، والروي : " مسيجه / مرتبه / آثمه / مدنسه " ص27 .
كما تم توظيف أسماء لأعلام ، وأمكنة ذات حمولات تاريخية وحضارية وعقدية ك ( شهرزاد ، سندباد ، بروميثيوس ، بيت المقدس ، مأرب ...) مما لا يتسع المجال للخوض في أبعادها الدلالية والرمزية إلى غيرها من " التيمات " ، والمكونات الجمالية التي اكتفينا بالإشارة إلى بعضها ليبقى ديوان ( على شفير السقوط ) للأديب المغربي عبد الله فراجي غنيا بأدواته التعبيرية، وأبعاده الدلالية والإبداعية.
**
تمت الاستفادة من كتابات المبدع المتعدد عبد النبي بزاز.



1661944846594.png

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى