علجية عيش - الرحلة المراكشية من أجمل ما قرأت بعد الرحلة الورتلانية

السّيفُ المَسْلُولِ على المُعْرِضِ عن سُنَّة الرَّسُولِ

(الرحلة المراكشية من أجمل ما قرأت بعد الرحلة الورتلانية)

(وصايا حول كيف يكون الإنسان مع إخوانه)

هذه وقفة قصيرة مع الرحلة المراكشية في أجزائها الثلاثة و هي في الحقيقة رحلة شيقة تطلع القارئ على اخبار الشعوب و الملوك و الأمراء و الحكام و ما فعلوه بالرعية ، لإهمالهم الدين و الشريعة المحمدية، جمع فيها صاحب الرحلة كثير من الحوادث و البدع و الرزايا الوقتية في مختلف البلاد الإسلامية و تقليد الإفرنج ، و مسائل عديدة خاصة ما تعلق بالعيوب التي يرتكبها الناس يوم الجمعة ، الطرق الصوفية و السبيل لمن أراد سلك طريقهم ، ذاكر اسماء بعض الطوائف التي لا يعرفها العامة كالطائفة التباعية التي تنسب لبشيخ عبد العزيز بن عبد الحق الحرار المعروف بالتباع المتوفي سنة 914 م و الطائفة الغزوانية التي تنسب لبي محمد عبد الله بن أحمد الغزظواني المتوفي سنة 935م و لهذه الطائفة اصطلاحات و أعمال (طقوس) غريبة وهي منقسمة إلى فروع منها قومٌ يعرفون باسم أهل الناقة، و يعرفن بالعلامة، لأن لكل واحد منهم بيده علمٌ، و مسائل أخرى تتعق بالأحكام حول من يدعي انه من أكابر علماء افسلام و المرشدين و هو مرتكب لما بخالف الشرع، حكم الرقص في حالة الذكر، و أحكام الصلاة و الحلف بالطلاق و ما جاء في الأجزاء الأخرى لاسيما الباب المتعلق بتصحيف غلب أهل هذا الزمن في قراءة الحديث و روايته و نواجد أطباء هذا الزمن و حديث عن عجائب السودان و و غيرذلك مع عرض خطب الشيخ عبد الهادي بالجمع اليوسفي و النصائح و الوصايا التي قدمت طيلة هذه الرحلة حول كيف يكون الإنسان مع إخوانه

و الرحلة المراكشية أو كما سماها صاحبها بـ: "السفر الجليل "اسلوب السرد فيها متميز جدا يختلف عن الرحلات الأخرى كرحلة ابن بطوطة أو الرحلة الورتلانية، لما تتميز به من بلاغة فاقت نهج البلاغة للإمام علي بن ابي طالب و الرحلة المراكشية هي لصاحبها الشيخ محمد بن محمد بن عبد الله الموقت بالحضرة المراكشية و التي سمّاها بـ: " السّيفُ المَسْلُولِ على المُعْرِضِ عن سُنَّة الرَّسُولِ" و قد قام صاحب الرحلة المراكشية باختبار البلاد و الخلق رغبة في اللحاق بالطائفة التي لا تزال قائمة على الحق ينتقل من بلاد إلى بلاد يجوب أرضا بعد أرض بين رفع و خفض و ترحال و حط و ضيق و بسط حتى التقى بواحد من اهل الصوفية و يقال انه وليٌّ صالح لم يكشف له عن هويته

سأله من تكون؟

قال له : ظالم و مظلوم و حاكم و محكوم و لائم ملوم تزيّأ بغير زيّه و أقام في غير حيّه

قال السائل: لست عن هذا أسالك و إنما اسألك عن اسمك؟

قال: اسمي الشيخ عبد الهادي

ثم سأله: كم تحسن من العلوم و كم لك في تفصيلها من منطوق و مفهوم؟

قال : شيئ كثير و الإحاطة به عسير و لكن سأخبرك عن بعضها إظهارا لشكر النعم و اعترافا بما تفضلت به يد الجود و الكرم و هو الفقه و الأصول و الفروع و اللغة و النحو و الطب و البيان و البديع و الحساب و الأدب و التاريخ و الحديث و علم الفلك و صناعة الشعر و الفلسفة و التوقيت

يقول صاحب الرحلة المراكشية : انطلقنا ، فما دخلنا ارضا إلا و راينا من أخلاق اهلها ما يكون سببا في خرابها ، ثمواصلا رحلتهما بحثا عن أرض تكون من البدع سليمة و أحوالها مستقيمة و معرفة الحكومات و واجبها تجاه الرعية ليتم النظام، إلى أن وصلا ارض مراكش و اشرفا على اسوارها ، و مراكش ليست مدينة مراكش الحالية فقد كانت فيما مضى تعرف بالمغرب العربي أو القطر المغربي بجميع حواضره و بواديه، كما وقفا على ابوابها و مراكشم تم بناؤها على يد يوسف ابن تاشفين سنة 454م و قام ابنه علي ببناء السور بعد وفاة ابيه و ذلك سنة 526م عندما قدم إليها الإمام الشهير ابن رشد القرطبي للقاء أمير المؤمنين علي بن يوسف المذكور، فوجد الفتنة قائمة بينه و بن المهدي ابن تومرت، و تتحدث الرحلة المراكمشية عن أصل الحكومات و واجبها تجه المحكومين في ضوء الشريعة الإسلامية، إذ يقول صاحب الرحلة في الصفحة رقم 12 : " ولما صارت الحكومة تتخذ من الجُّهّال رؤساءً و حكاما و نوابا مستخدمين يفعلون ما شاءوا و يتركون ما شاءوا، لا يبالون بهتك أعراضهم من شدّة الطمع، بل قصدهم جمع المال و ترك الأحوال على شرّ حال فلترقب الضعف و الوهن يسري إلى أن يخرج الأمر من يدها فتصير هي الظالمة لا المظلومة. ( سيكون لنا حديث مفصل عن هذه الرحلة)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى