لكلٍ منا اهتماماته المتنوعة التي تشغل حيزاً من تفكيره وجزءاً من وقته، ولكن تلك الإهتمامات بكل تأكيد تتنحى جانباً ولو لبعض الوقت عندما نستقطعه لشراء احتياجاتنا الأساسية أو أخذ قسطٍ من الراحة بعد جهدٍ أو عملٍ طويل، حيث يصبح أحدنا في أمس الحاجة إلى تجميد الحياة من حوله ليحظى ببعضها في نفسه ولكن بعض التفاصيل التي قد يلاحظها تباغته فجأةً لتغير من جديد كل ما خطط له..
فقد يلاحظ أحدنا بعض (الإختلافات) عند ابتياع بعض الحاجيات أو مشاهدة برنامج أو فيلم أو الإستماع إلى إذاعة ٍ تبث نوعية معينة من الأغنيات بينما هو في طريق العودة إلى منزله، والتي قد تبدو للبعض عابرة لكنها ليست كذلك حيث تكمن معانٍ عميقة تحمل الكثير خلف تفاصيل بسيطة، لذا فإن تدوين الواقع الإجتماعي بمختلف تفاصيله يساعدنا على العودة إلى حيث نريد بسهولة للإستدلال به كوثيقةٍ تدعم معلومةً بعينها فتؤكدها أو تنفيها، لأن دوران عجلة الحياة يتم بسرعةٍ شديدة، وتغيير الكثير من الأفكار والمعتقدات والأشياء يتم في غفلةٍ من الزمن، بحيث ننسى معه ما اعتقدنا أنه من المسلمات فيما نفاجأ به يصدر إلينا بشكلٍ مختلف لاحقاً ويفرض علينا كأمرٍ واقع..
وفي ظل الظروف الحالية من غلاء المعيشة وارتفاع أسعار مختلف السلع وكافة الخدمات مروراً بإيجارات المنازل نعود تلقائياً بالذاكرة إلى الوراء، أحياناً لعقد أو عقدين وربما أكثر للمقارنة بين الأمس واليوم لكننا ننسى العديد من التفاصيل الهامة والمناخ الإجتماعي والثقافي المرتبط به، فأغلب الناس لا ينظر إلى الطعام على سبيل المثال سوى أنه من ضرورات الحياة، لكنه لا يدرك أنه أحد مقومات ثقافات الشعوب وجزء من تكوينها وتراكمها الحضاري وأحد ركائز التراث والهوية، لذا نجد البعض يتعامل مع هذه الأمور بنوعٍ من الإستخفاف في نفس الوقت الذي تتعامل معه (الشركات العالمية) على اختلاف أنواعها وتخصصاتها بمنتهى الإهتمام والتنسيق فيما بينها لتعيد معه (كتابة التاريخ) كما تريد، لذا من المهم لها (خلط الأوراق) على أكثر من صعيد ونراه يتجلى في مختلف نواحي الحياة..
فنسمع كثيراً في السنوات الأخيرة استيراد بعض الإيقاعات والجمل اللحنية الشرقية (من مصر أو بلاد الشام والعراق واليمن) أو الإفريقية (من السودان أو الدول المغاربية) في أعمال مغنيات مثل شاكيرا، بيونسيه، ريهانا وغيرهم الكثير دون الإشارة إلى مصدر أو منشأ هذه الموسيقى في نفس الوقت الذي يتم تنفيذ قوانين صارمة لحماية حقوق الشركات المنتجة لهذه الأعمال وضمان أرباحها فيما لا يتحرك أحد من المتخصصين في بلادنا موسيقياً لإثارة الموضوع، إضافة إلى نقطة بالغة الأهمية ألا وهي اللعب على الحساسيات بين الدول المتجاورة لإشغالهم عن الموضوع الأساسي وتغذية الصراعات والنزاعات العنصرية حول أحقية كل دولة بهذا التراث، وهو ما يتكرر في جوانب أخرى وينطبق على أزياء تراثية شهيرة ومعروفة كالقفطان، والذي يتواجد بقوة وبطابع مختلف في كل بلد مغاربي والذي أصبح ساحة للعبث من قبل الكثيرين، حيث بات يستغل اسمه تجارياً وأيضاً لتأجيج الصراعات السياسية والإقليمية حوله، مع أنه كما ذكر منتشر في أكثر من بلد ولكل بلد لمسته التي تميزه، ويسري ذلك أيضاً على أطباق شعبية مثل (الكسكس) الذي يعد أيضاً تراثاً مغاربياً بات إلى جانب الأزياء والزينة التراثية المغاربية يعرض (كمنتج وطني) في دولة الإحتلال الصهيوني ويصدر إلى الخارج (كتراث إسرائيلي)، وهو مالا يختلف عن سرقة التراث في كل المنطقة والأزياء والحلي والثقافة الكنعانية الفينيقية إلى جانب تراث عراقي يقدم جميعه كجزء من حضارة هذه الدويلة الغازية..
ومما يثير الإنتباه تغيير الكثير من الأسماء التي تشير إلى فلسطين واستبدالها بأسماءٍ أخرى أو اختصارها بغية إزالة اسمها الأصلي لتسهيل نسبها إلى دولة الإحتلال، فالكنافة النابلسية وهي من أشهر أنواع الحلويات الشرقية على سبيل المثال تقدمها الكثير من المطاعم
تحت اسم (كنافة الجبنة) وتتجاهل اسمها الأصلي الذي جاء بسبب صنع الكنافة في وصفتها الأصلية مع الجبنة النابلسية المصنوعة تقليدياً في مدينة نابلس الفلسطينية، وهو ما يسري على مختلف أصناف الطعام والملابس التراثية وأشكال الفنون المحلية الفلسطينية، حيث يتم نسبها في كثير من المواقع الإلكترونية (على اختلاف لغاتها) إلى الأردن أو مصر أو لبنان أو سوريا بشكل متعمد لتغييب أي ذكر للهوية الفلسطينية، وهو ما لاحظته أيضاً عند تعريف الكثير من الأسماء المعروفة الفلسطينية على أنها من بلد آخر منعاً لربط أي إنجاز علمي أو ثقافي أو حضاري أو حتى ترفيهي بإسم فلسطين، وهو ما قد يجعل البعض يشعر بالإستغراب لمرور الكثير من هذه الأمور دون أن ينتبه لها الكثيرون..
ليؤكد لنا أن ما نعتبره اليوم ثانوياً وليس ذا أهمية هو أحد الأمور التي تشغل غيرنا وتجعله يفكر بإستمرار في كيفية استغلاله والسطو عليه، وقد يلاحظ بعضنا إن أمعن النظر وسط زحام الحياة اليومية كم الأشياء التي اختفت من حوله أو تغير اسمها أو وصفها وكم منها مهدد بالزوال إن لم ننتبه لها، فكل ما تحدثنا عنه إضافةً إلى الكثير من الأشياء هو تاريخ يخصنا جميعاً، ومن يفرط في تاريخه لن يستطيع أن يبني مستقبلاً يدوم أو أن يكون أهلاً للحفاظ عليه..
خالد جهاد..
فقد يلاحظ أحدنا بعض (الإختلافات) عند ابتياع بعض الحاجيات أو مشاهدة برنامج أو فيلم أو الإستماع إلى إذاعة ٍ تبث نوعية معينة من الأغنيات بينما هو في طريق العودة إلى منزله، والتي قد تبدو للبعض عابرة لكنها ليست كذلك حيث تكمن معانٍ عميقة تحمل الكثير خلف تفاصيل بسيطة، لذا فإن تدوين الواقع الإجتماعي بمختلف تفاصيله يساعدنا على العودة إلى حيث نريد بسهولة للإستدلال به كوثيقةٍ تدعم معلومةً بعينها فتؤكدها أو تنفيها، لأن دوران عجلة الحياة يتم بسرعةٍ شديدة، وتغيير الكثير من الأفكار والمعتقدات والأشياء يتم في غفلةٍ من الزمن، بحيث ننسى معه ما اعتقدنا أنه من المسلمات فيما نفاجأ به يصدر إلينا بشكلٍ مختلف لاحقاً ويفرض علينا كأمرٍ واقع..
وفي ظل الظروف الحالية من غلاء المعيشة وارتفاع أسعار مختلف السلع وكافة الخدمات مروراً بإيجارات المنازل نعود تلقائياً بالذاكرة إلى الوراء، أحياناً لعقد أو عقدين وربما أكثر للمقارنة بين الأمس واليوم لكننا ننسى العديد من التفاصيل الهامة والمناخ الإجتماعي والثقافي المرتبط به، فأغلب الناس لا ينظر إلى الطعام على سبيل المثال سوى أنه من ضرورات الحياة، لكنه لا يدرك أنه أحد مقومات ثقافات الشعوب وجزء من تكوينها وتراكمها الحضاري وأحد ركائز التراث والهوية، لذا نجد البعض يتعامل مع هذه الأمور بنوعٍ من الإستخفاف في نفس الوقت الذي تتعامل معه (الشركات العالمية) على اختلاف أنواعها وتخصصاتها بمنتهى الإهتمام والتنسيق فيما بينها لتعيد معه (كتابة التاريخ) كما تريد، لذا من المهم لها (خلط الأوراق) على أكثر من صعيد ونراه يتجلى في مختلف نواحي الحياة..
فنسمع كثيراً في السنوات الأخيرة استيراد بعض الإيقاعات والجمل اللحنية الشرقية (من مصر أو بلاد الشام والعراق واليمن) أو الإفريقية (من السودان أو الدول المغاربية) في أعمال مغنيات مثل شاكيرا، بيونسيه، ريهانا وغيرهم الكثير دون الإشارة إلى مصدر أو منشأ هذه الموسيقى في نفس الوقت الذي يتم تنفيذ قوانين صارمة لحماية حقوق الشركات المنتجة لهذه الأعمال وضمان أرباحها فيما لا يتحرك أحد من المتخصصين في بلادنا موسيقياً لإثارة الموضوع، إضافة إلى نقطة بالغة الأهمية ألا وهي اللعب على الحساسيات بين الدول المتجاورة لإشغالهم عن الموضوع الأساسي وتغذية الصراعات والنزاعات العنصرية حول أحقية كل دولة بهذا التراث، وهو ما يتكرر في جوانب أخرى وينطبق على أزياء تراثية شهيرة ومعروفة كالقفطان، والذي يتواجد بقوة وبطابع مختلف في كل بلد مغاربي والذي أصبح ساحة للعبث من قبل الكثيرين، حيث بات يستغل اسمه تجارياً وأيضاً لتأجيج الصراعات السياسية والإقليمية حوله، مع أنه كما ذكر منتشر في أكثر من بلد ولكل بلد لمسته التي تميزه، ويسري ذلك أيضاً على أطباق شعبية مثل (الكسكس) الذي يعد أيضاً تراثاً مغاربياً بات إلى جانب الأزياء والزينة التراثية المغاربية يعرض (كمنتج وطني) في دولة الإحتلال الصهيوني ويصدر إلى الخارج (كتراث إسرائيلي)، وهو مالا يختلف عن سرقة التراث في كل المنطقة والأزياء والحلي والثقافة الكنعانية الفينيقية إلى جانب تراث عراقي يقدم جميعه كجزء من حضارة هذه الدويلة الغازية..
ومما يثير الإنتباه تغيير الكثير من الأسماء التي تشير إلى فلسطين واستبدالها بأسماءٍ أخرى أو اختصارها بغية إزالة اسمها الأصلي لتسهيل نسبها إلى دولة الإحتلال، فالكنافة النابلسية وهي من أشهر أنواع الحلويات الشرقية على سبيل المثال تقدمها الكثير من المطاعم
تحت اسم (كنافة الجبنة) وتتجاهل اسمها الأصلي الذي جاء بسبب صنع الكنافة في وصفتها الأصلية مع الجبنة النابلسية المصنوعة تقليدياً في مدينة نابلس الفلسطينية، وهو ما يسري على مختلف أصناف الطعام والملابس التراثية وأشكال الفنون المحلية الفلسطينية، حيث يتم نسبها في كثير من المواقع الإلكترونية (على اختلاف لغاتها) إلى الأردن أو مصر أو لبنان أو سوريا بشكل متعمد لتغييب أي ذكر للهوية الفلسطينية، وهو ما لاحظته أيضاً عند تعريف الكثير من الأسماء المعروفة الفلسطينية على أنها من بلد آخر منعاً لربط أي إنجاز علمي أو ثقافي أو حضاري أو حتى ترفيهي بإسم فلسطين، وهو ما قد يجعل البعض يشعر بالإستغراب لمرور الكثير من هذه الأمور دون أن ينتبه لها الكثيرون..
ليؤكد لنا أن ما نعتبره اليوم ثانوياً وليس ذا أهمية هو أحد الأمور التي تشغل غيرنا وتجعله يفكر بإستمرار في كيفية استغلاله والسطو عليه، وقد يلاحظ بعضنا إن أمعن النظر وسط زحام الحياة اليومية كم الأشياء التي اختفت من حوله أو تغير اسمها أو وصفها وكم منها مهدد بالزوال إن لم ننتبه لها، فكل ما تحدثنا عنه إضافةً إلى الكثير من الأشياء هو تاريخ يخصنا جميعاً، ومن يفرط في تاريخه لن يستطيع أن يبني مستقبلاً يدوم أو أن يكون أهلاً للحفاظ عليه..
خالد جهاد..