القينا بعناقيد العنب، وانطلقنا في جميع الأرجاء، وخطر لي أنني ان توقفت لحظة واحدة عن الركض، فانه سیدرکنی وينهش قفای.
ولعدة شهور ظلت الأسنان المرعبة تطاردني كل مساء، بل وتوقظني من نومي مفزوعا، حتى لاحظت أمي ذلك، ولكن لم أجرؤ قط على مصارحتها بما حدث. ولأن الحارس قد نجح في ترويعنا، فقد توقفنا تماما عن السطو، بل وأقلعنا عن مجرد التفكير في الاقتراب من أسوار المزرعة، وحتى عندما كبرنا وأدركنا أن ما روعنا به الحارس لم يكن سوى أسنانه الصناعية، التي دفعها من فمه بطرف لسانه، فإن الخوف لم يبرحنا لمدة طويلة لاحقة.
تذكرت هذه الحادثة وأنا أوقف سيارتي كالعادة أسفل العمارة، فقد دنت مني طفلة في نحو الرابعة يرافقها شقيقها الذي يكبرها بعام أو نحو ذلك، وخطر لي أنهما وراء العبث بسیارتی الجديدة، ففي خلال أسبوع واحد فقط کسر أحدهم مصابيح السيارة، بل وقام مجهول، رجحت أنه أحدهما، بتشويه طلاء السيارة بألة حادة مما أزعجني وأثار حفيظتی .
نهرت الطفلين، وأمرتهما بالابتعاد عن السيارة، فلم يستجيبا، بل رمقني الطفل بنظرة تنم عن العناد والتحدي، فوسوس لي شيطاني أن القنه درسا قاسيا، ولا أدري كيف طاوعني لسانی، الذي انطلق ليدفع بأسناني الصناعية في الهواء، بنفس الطريقة المروعة التي باغتنا بها حارس المزرعة فصرخت الطفلة، ولا أدري كيف ولا أين أختفت، أما الطفل فقد شده الجزع إلى الأرض، وان ظلت ملامحه جامدة لا تنم عن شئ.
ظل الطفل متسمرا في مكانه، حتی خشيت أن يغشى عليه، فتملكني شعور عميق بالذنب، وأسرعت بالترجل من السيارة، ودنوت منه بهدوء بالغ، وأخذت أربت على كتفيه بحنان أبوى، ثم دسست بيدي في جيبي، وناولته قطع الشيكولاته الغالية التي اشتريتها خصيصا لابنتي، فتناولها، ثم مضی متباطئا في أثر شقيقته، بينما وقفت أرثي له، وألعن قسوتی.
واصلت سیری مثقلا بشعوري بالذنب، وقبل أن أدلف إلى العمارة، تناهى إلى صوت طفولي رقيق: "يا عمو.. یا عمو".. التفت. فإذا بالطفل في أعقابي.. فتوقفت.. وابتسمت له مشجعا.. فدنا منی.. حتى كادت جبهته أن تلتصق بركبتي.. ثم شب على قدميه.. وقال في ضراعة "يا عمو.. يا عمو.. علمني كيف أخرج أسناني لأخيف شقيقتي".
ولعدة شهور ظلت الأسنان المرعبة تطاردني كل مساء، بل وتوقظني من نومي مفزوعا، حتى لاحظت أمي ذلك، ولكن لم أجرؤ قط على مصارحتها بما حدث. ولأن الحارس قد نجح في ترويعنا، فقد توقفنا تماما عن السطو، بل وأقلعنا عن مجرد التفكير في الاقتراب من أسوار المزرعة، وحتى عندما كبرنا وأدركنا أن ما روعنا به الحارس لم يكن سوى أسنانه الصناعية، التي دفعها من فمه بطرف لسانه، فإن الخوف لم يبرحنا لمدة طويلة لاحقة.
تذكرت هذه الحادثة وأنا أوقف سيارتي كالعادة أسفل العمارة، فقد دنت مني طفلة في نحو الرابعة يرافقها شقيقها الذي يكبرها بعام أو نحو ذلك، وخطر لي أنهما وراء العبث بسیارتی الجديدة، ففي خلال أسبوع واحد فقط کسر أحدهم مصابيح السيارة، بل وقام مجهول، رجحت أنه أحدهما، بتشويه طلاء السيارة بألة حادة مما أزعجني وأثار حفيظتی .
نهرت الطفلين، وأمرتهما بالابتعاد عن السيارة، فلم يستجيبا، بل رمقني الطفل بنظرة تنم عن العناد والتحدي، فوسوس لي شيطاني أن القنه درسا قاسيا، ولا أدري كيف طاوعني لسانی، الذي انطلق ليدفع بأسناني الصناعية في الهواء، بنفس الطريقة المروعة التي باغتنا بها حارس المزرعة فصرخت الطفلة، ولا أدري كيف ولا أين أختفت، أما الطفل فقد شده الجزع إلى الأرض، وان ظلت ملامحه جامدة لا تنم عن شئ.
ظل الطفل متسمرا في مكانه، حتی خشيت أن يغشى عليه، فتملكني شعور عميق بالذنب، وأسرعت بالترجل من السيارة، ودنوت منه بهدوء بالغ، وأخذت أربت على كتفيه بحنان أبوى، ثم دسست بيدي في جيبي، وناولته قطع الشيكولاته الغالية التي اشتريتها خصيصا لابنتي، فتناولها، ثم مضی متباطئا في أثر شقيقته، بينما وقفت أرثي له، وألعن قسوتی.
واصلت سیری مثقلا بشعوري بالذنب، وقبل أن أدلف إلى العمارة، تناهى إلى صوت طفولي رقيق: "يا عمو.. یا عمو".. التفت. فإذا بالطفل في أعقابي.. فتوقفت.. وابتسمت له مشجعا.. فدنا منی.. حتى كادت جبهته أن تلتصق بركبتي.. ثم شب على قدميه.. وقال في ضراعة "يا عمو.. يا عمو.. علمني كيف أخرج أسناني لأخيف شقيقتي".