عصري فياض - هل هو اسبوع حرب فعلا ؟؟

تتجه الانظار نحو الحدود اللبنانية الاسرائيلية مع حبس الانفاس والترقب الشديد لما قد يحدث هناك خلال الايام القادمة،فبعد التحفظات التي اطلقها رئيس حكومة اسرائيل لائير لابيد ووزير دفاعه بني غانس على الملاحظات اللبنانية فيما خص خطة اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل،وما تلاه من تأكيدات متواصلة من قبل القادة الاسرائيليين السياسيين والعسكريين من تصميم على البدء في استخراج الغاز والنفط من حقل كاريش بمعزل عن توقيعه اتفاق نهائي مع الجانب اللبناني،الامر الذي يعتبر خط احمر مرفوض بتاتا من الجانب اللبناني الرسمي والاهم من ذلك أنه خط احمر لحزب الله، وانه سيكون سببا في توجه ضربة او ضربات لهذا الحقل وما بعده إذا لم يعطى لبنان حقوقه البحرية في الترسيم والتنقيب والاستخراج والتصدير أسوة بباقي دول المنطقة،خاصة وأن كنز لبنان وثروته الواعدة هي برهم التعافي من أوضاعه الاقتصادية القاسية التي تنذر بهدم اركان دولته،وانهيار واقعه الاجتماعي والمعيشي وسقوطه في المجهول.
وإذا لم تحدث معجزة،ولم تتراجع اسرائيل عن تحفظاتها،أولم تأجل سحب الطاقة من الحقل المذكور،ولم يأتي الوسيط الامريكي "عاموس هوكوشتاين" بحل يرضي الطرفين،فإن الاسبوع الجاري او الاسبوع المقبل سيكونان ساخنين وحاسمين،فلربما تندلع مواجهات عسكرية بين الطرفين اللبناني ممثلا بالمقاومة الاسلامية والجيش الاسرائيلي،أو قد يبادر الطرف الاسرائيلي بضربات استباقية ضد اهداف لحزب الله كما صرح ولمح مرارا وتكرارا في المدة الاخيرة.
إذاً،وأمام التصلب الاسرائيلي،والإصرار من قبل المقاومة،وما يرافق ذلك من رفع حالة الجهوزية في قطاعات جيش الاحتلال في البر والبحر والجو،ولطبيعة حالة العداء الحادة والقاسية بين الجانبين فإن نذر الحرب حقيقية وحاضرة بقوة،وأن بدأت لن تكون محكومة بالضربات المتوازنة،فإسرائيل التي اعتادت على توجه ضربات بحجم اكبر لجهة الخصم دائما انطلاقا من ثقافة ترسيخ مفهوم الابقاء على يدها الطولى دائما،فإن الامين العام لحزب الله كان قد كرر مرارا وتكرارا أن مبدأ المعارك الصغيرة بين الحروب في حال اندلاع حرب من الاسرائيليين مرفوض تماما، وأن المقاومة اللبنانية سترد الصاع صاعين،وهذا يعني أن الامر مرشح لتدحرج ككتلة اللهب حتى تصبح حربا شاملة ربما تنتشر وتتسع في الاقليم،وتنضم اليها ـــ لاحقا وحسب تطورها ــ غزة و فصائل من المقاومة العراقية وسوريا والتواجد الايراني فيها،ولا يستبعد أن يدخلا الحوثيون على الخط وكذلك ايران.
إن الرغبة في الحرب من الجانب الاسرائيلي نابعة من مفهوم استراتيجي مفاده أن السماح لعدو لدود بالنسبة لها وهو حزب الله أن يبقى على وتيرة تعاظمه وتعاظم قوته وقدراته من حيث العدد والعدة خاصة لجهة الاسلحة التي تهدد الكيان الاسرائيلي تهديد استراتيجي وجودي لن تقبل به اسرائيل،وما تأخرها لهذا الوقت في عدم الخروج اليه مرده الى أمرين حسب رأيي :-
الاول : توزان الرعب الذي أوجه حزب الله مع اسرائيل،هذا التوازن الذي تعمق في حرب عام 2006 وبعدها.
الثاني : هو حالة الارتباك والحيرة لدى القيادات الاسرائيلية فيما خص التصدي لمحور المقاومة،والجدلية حول ما إذا من الممكن والأجدر والاهم أن نشن حربا على ايران اولا كونها مصدر التكوين الاكبر والاعظم والركيزة الاساس في هذا المحور؟؟،أو ضرب أذرعها في المنطقة كما تقول اسرائيل؟؟، هذا الجدل،وهذه الحيرة منعت مع السبب الاول الخروج لحرب واسعة طيلة المدة الماضية.
لكن الان،فقد دفعت الظروف لمثل خيار الحرب،لان الرضوح والاصغاء لمطالب لبنان تحت وطئة تهديد المقاومة اللبنانية في حال حصل وتم،سيسجل للمقاومة اللبنانية نصرا ثالثا على اسرائيل،وهذه المرة دون طلقة واحدة، وهذا تطور كبير له فيما بعده في تواصل الصراع ، حيث انه سيؤسس لمرحلة استخدام هذا السلاح في القادم من السنين خاصة وان الملفات بين المقاومة اللبنانية واسرائيل لم تغلق، وهي تشتمل على ملفات كبيرة ومتشعبة أولها المحتل من مزارع شبعة وتلال كفار شوبا والقسم الشمالي من قرية الغجر والحدود الجنوبية البرية في نحو اربعة عشر نقطة إلى اللجوء الفلسطيني في لبنان الذي ربما تعتبره المقاومة اللبنانية يوما ما نوع من الاعتداء الاسرائيلي على لبنان،وتطالب بإعادة هؤلاء اللاجئين إلى ديارهم ليتبدد هذا العدوان،لذلك برأيي الحرب التي قد يذهب لها الاسرائيلي هي أخف الشَرّين في اعتقادي كما يفكر.
أما الجانب اللبناني الذي أظهر وحدة وتماسك فريدين في التعامل مع هذا الملف،فإن الذهاب لمواجهة في حسابات اغلب اللبنانيين من مقاومة وانصارها ومؤيدوها والمتحالفين معها ومتعاطفين معها خاصة في هذا الملف،لهو افضل من سقوط البلد في المجهول نظرا للازمة الاقتصادية القاسية والخانقة خاصة وان الاجماع اللبناني على الحقوق التي يطالب بها رسميا ومقاومة هي طوق النجاة له من وضعه المتأزم.
لذلك ما تحدث معجزة،وما لم تتراجع اسرائيل عن تحفظاتها،فإن المواجهة ستشتعل حتما،ولكن لا احد يستطيع التكهن حدود نهايتها،وما الكلمة المنتظرة للامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مساء الثلاثاء القادم إلى كلام الفصل في توقيتها.

بقلم : عصري فياض
كاتب فلسطيني

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى