البروفيسور حسيب شحادة الإسرائيليّون السامريّون.. شعب صغير وخاصّ، يسعى للسلام

Who We Are the Israelite Samaritans?
A Small and Especial People, Striving for Peace


translated by:
Haseeb Shehadeh, Helsinki University


في ما يلي ترجمة عربيّة لكلمة السيّد بنياميم راضي صدقة (١٩٤٤- ) في ٱفتتاحيّة المؤتمر الحادي عشر أو العاشر (هنالك مَن لا يُحصي اللقاء الأوّل، المائدة المستديرة ) للدراسات السامريّة، الذي عُقد بتاريخ 22–26 تمّوز 2022 في بودپست. لأسباب صحّيّة لم يتمكّن بِنياميم صدقة من حضور هذا المؤتمر، فقُرئت كلمته بالنيابة عنه (read in absentia). يُذكر أنّ صدقة، المولود في نابلس والمقيم في مدينة حولون بالقرب من تل أبيب، هو أحد مؤسّسي جمعيّة الدراسات السامريّة SES - Société des Ètudes Samaritaines في باريس في خريف العام 1985. كان الأب والمستشرق الفرنسيّ Guy Dominique Sixdenier (1917-2007) المبادر، الرأس المنظِّم، والداعم المادّيّ لتأسيس هذه الجمعيّة. ومن مؤسّسيها لم يبقَ على قيْد الحياة سوى اثنين آخريْن هما الأستاذ أبراهام طال وكاتب هذه السطور.





صدقة هو المحرّر الرئيس للدوريّة السامريّة الفريدة المعروفة- أ. ب. أخبار السامريّين- ومعه شقيقة يِفِت/حُسني، يده اليمنى، وهو رئيس معهد الدراسات السامريّة في حولون، وله مؤلّفات كثيرة منها ترجمة التوراة السامريّة إلى الإنچليزيّة وهي الأولى في هذا المجال-The Israelite Samaritan Version of the Torah. Grand B. Eerdmans Publishing Company, Grand Rapids, Michigan/Cambridge, U.K. 2013. زِد إلى ذلك أنّه بمثابة سفير للسامريّين في أوروبا والأمريكيّتيْن. ربّما كان صدقة الوحيدَ الذي حضر كلّ مؤتمرات الدراسات السامرية حتّى تموّز 2022 وألقى محاضرة في كلّ واحد منها: باريس، المائدة المستديرة (table ronde) 1985؛ تل أبيب والقدس الغربيّة 1988؛ أُكسفورد 1990؛ باريس 1992؛ ميلانو 1996؛ هلسنكي 2000؛ حيفا 2004؛ پاپا/Papa هنغاريا 2008؛ إرْفورت/Erfurt ألمانيا2012؛ براغ 2016؛ بودپست 2022.

الافتتاحيّة المذكورة نُشرت في الدوريّة السامريّة أخبار السامريّين، في العددين 1367-1368، الأوّل من تمّوز 2022، ص. 3-4 بالعبريّة وص. 93-88 بالإنچليزيّة (ثمّة فروق طفطفة بين النصّيْن).

مَن نحن؟

أتَتوقون أن تعرفوا بالدقّة المطلقة مَن نحنُ وما نحن؟ بادىء ذي بدء، نبدأ بتوضيح ما ليس نحن. نحن لسنا يهودًا سُمّوا بهذا الاسم أوّلًا من قِبل الأشوريّين بسبب أصلهم من يهوذا. نحن لسنا سامريّين دُعوا هكذا من قِبل الأشوريّين لأنّ أصلَهم من شومرون/السامرة. تبنّى اليهود الاسم الدخيل، وأطلقوا على أنفسهم الاسم ”يهود“. نحن
بنو إسرائيل المحافظون على حقيقة التوراة، لم نتبنَ اللقب”سامريّون“ الذي أُطلق على آبائنا. إنّنا نستعمله من أجل الإعلام فقط، كي يميّز الأجانب، الغرباء بيننا وبين طوائفَ دينيّة أُخرى.

نحن لسنا فلسطينيّين متحدّرين بمعظمهم من يهود وسامريّين قد تأسلموا عبرَ العصور. وهذا لم يثبت وراثيًّا/جينيًّا في تركيبة الدم والحِمْض النوويّ (DNA) المشترك لدى الفلسطينيّين واليهود والسامريّين فقط، بل على ضُوء الواقع بأنّ المدن العربيّة الكبيرة في الشرق الأوسط، تعِجّ بعائلات من أصل يهوديّ أو سامريّ. حتّى إنّ عائلة الدنفيّ القائمة من قِبل الوقف الإسلاميّ على حراسة الأماكن المقدّسة الإسلاميّة في القدس، هي من أرومة سامريّة. نحن لسنا مسيحيّين، لسنا مسلمين ولا دروزًا ولا شركسًا ولا بهائيّين ولا شيعة ولا علويّين ولا سـُنّة.

مَن نحن إذن؟

نحن قِسم من شعب بني إسرائيل القديم. نحن وأسلافنا، لم نترك هذه البلاد قطّ، ولم نرحل لأماكن أُخرى. إنّنا منذ مائة وسبعة وعشرين جيلًا أخيرًا منذ دخول يهوشع بن نون الأرض المقدّسة، بعد مغادرته لمصرَ، ونحن متمسّكون بإله إسرائيل، بنبيّه موسى، وبتوراة موسى، والمكان الذي اختارة الخالق - جبل جريزيم- كما ذُكر بجلاء وبدون ريب في سِفْر التثنية (السفر الخامس)، في نهاية الأصحاح الحادي عشر وبداية الثاني عشر. والصياغة ذاتها موجودة لدى إخوتنا في الشعب، الذين يسمّون أنفسهم بـ ”اليهود“.

ممّا ذُكر وصلنا إلى هُويّتنا الأكثر دقّة - بنو إسرائيل المحافظون على الحقيقة، على تقليد بني إسرائيل الحقيقيّ. نحن أهمّ أتباع شعب إسرائيل القديم. ولقد ٱختصر ٱسمُنا الطويل للراحة و التسهيل بـلفظة أَشَّاميرِمْ وبصيغة المفرد شاميري. هكذا ورد هذان اللقبان في مصادر أسلافنا الأوّلين. إلى الآن حول مَن نحن، وبالتالي ما نحن؟

ما نحن؟

نحن طائفة صغيرة، جزء من شعب إسرائيل، قبل جميع الصراعات والاحتكاكات التي يتّسم بها الشرق الأوسط. وبما أنّ لنا خطًّا، لغة وتقاليد منذ آلاف السنين تميّزنا عن كلّ الكيانات القوميّة في العالم، فلنا كلّ الحقّ والتبرير في التصرّف كشعب صغير. نعم، إنّ عددَنا ضئيل، 870 نسمة [إحصاء تمّوز 2022] إلّا أنّه رقم مشجّع وفيه أمل للمستقبل، إذ أنّ عددَنا اليوم أكبرُ ممّا كان عليه قبل ثلاثة أجيال بخمس (في النصّ الإنچليزيّ: ستّ) مرّات وأكثر (هذه الكلمة غير واردة في النصّ الإنچليزيّ)، ولدينا يُكوِّن جيل الفتية والشباب الأكثريّة. .

الشعب السامريّ صغير ومُحبٌّ للسلام. شعب لا يقف على طرف واحد من جسر السلام، ولا حتّى على الطرف الآخر. إنّنا الجسر ذاتُه، جسر السلام الذي ديدنُه نمط حياة وطنيٍّ، فيه تعايش سلميّ مع كافّة العوامل والكيانات السياسيّة في الشرق الأوسط. وعليه، ولكوننا مِثالًا للعيش المشترك مع كل جانب، ونرحّب بكلّ من يزورنا في أحيائنا، فإنّنا ضيوف مرغوب بهم جدًّا في مباني رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في القدس، لدى رئيس السلطة الفلسطينيّة، محمود عبّاس، وعند الملك عبد الله الحسين الثاني في عمّان، في البرلمان البريطانيّ ووزارة الخارجيّة في لندن، في البيت الأبيض (ساقطتان في النصّ الإنچليزيّ) وفي مكتب وزير الخارجيّة الأمريكي في واشنطن، وفي مكاتب الاتّحاد الأوروبيّ في بروكسل.

اِرفعوا رؤوسَكم ورَوْا من حولكم هذه الجموع (في النصّ الإنچليزيّ: قد يرفع أبناء طائفتنا رؤوسهم حولهم ليروا الكثيرين القادمين) التي جاءت من كلّ أرجاء المعمورة، لمشاهدة مراسم قُربان الفسح، وهكذا تتحقّق النبوءات حول لقاء السلام بين الشعوب على أعلى الجبال، وهو في الوقت الراهن ليس في القدس، بل على جبل البرَكة والاختيار- جبل جريزيم. ٱنظروا رؤساء مدينة نابلس الفلسطينيّة، ضبّاطًا فلسطينيّين وإسرائيليّين يجلسون سويّة في جوّ من السلام- هذه هي المساهمة المتواضعة التي يقدّمها الشعب السامريّ الإسرائيليّ القديم، من أجل السلام المنشود في كلّ المنطقة، وهذا المشهد هو الأوّل منذ أيّام أبينا إبراهيم الخليل عليه السلام.

لنا، أبناء التوراة المقدّسة، تاريخ فريد من نوعه، أدب قديم وحديث، عادات خاصّة، شعر وموسيقى قديمان، حياة اجتماعيّة ثريّة ورياضيّة، موقع أثريّ مترامي الأطراف على قمّة جبل جريزيم، وهو شاهد على ثقافتنا المادّيّة الخاصّة، مطبخ الأرض المقدّسة وهو من أقدم المطابخ في العالم. كلّ هذا وغيره، قصّة مثيرة للاهتمام وتجذِب إلى أماكننا مئاتِ آلاف الضيوف كلّ سنة وكلّ السنة. وأضيف في النصّ الإنچليزيّ: أنتم ابتهجتم بأوقاتكم. إنّنا نمدّ يد بركة السلام في عيد القربان لضيوفنا ولكلّ بيت إسرائيل“.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى