الفتوح محمد - هذه حياتي

إسمي فرحاوي ملوك. أنا مغربي وأقيم في إسبانيا منذ 10 سنوات. عمري 30 سنة متزوج حاليا، وهذه حياتي باختصار.
عندما ركبت البحر ونزلت في شواطئ ألمرية في قارب مع مهاجرين آخرين، كانت تلك هي المرة الأولى التي أرى فيها البحر. عملت في ضيعات الفلاحة داخل حقول البلاستيك وخارجها. كان علي أن أنتظر خمس سنوات حتى أحصل على أوراق الإقامة. خلالها مات أبي ثم بعده بسنتين تبعته أمي. كنت ضائعا ومشتتا بين البقاء أو العودة. كان علي أن أسدد ما تبقى من الملايين الاربعة دينا، والتي استلفناها من هذا وذاك، ومن هنا وهناك حتى "أحْرگْ". وكان أبي هو الضمانة فيها. فعل ذلك وتخلى عن شراء الدواء. وهذا ما سأعرفه بعد وفاته. في البداية سكنت مع مغاربة في گراجات كبيرة وعالية بجانب الاسطبلات يسمونها هنا بالكورتيخوس. عملت طويلا من شروق الشمس إلى غروبها. وأنا الآن أعاني من عاهة في قرنية العين. كنا نشد الأسلاك على الأعمدة الحديدية حين جرحني سلك ناتئ على مستوى العين. لم أعر الأمر أهمية كبرى في البداية. اكتفيت بأن وضعت لبخة من الأعشاب على عيني كما نصحني أحد المغاربة، وظننت أنني أتداوى بذلك. كنت خائفا لأنني لم اكن أملك الأوراق. وفي نفس الوقت كنت خائفا من أن أغضب الخيفي أو أسبب له مشكلة. المغاربة هنا يتسابقون ويتنافسون في الظفر بالعمل. ويقبلون بأجور زهيدة. كل ذلك حتى يحضوا بيوم أو أسبوع أو شهر عمل. كل صباح أرى البعض منهم واقفين مع أفارقة في مواقف وطوابير طويلة. وحين تقف فوركونيط بالقرب منهم يرمون أنفسهم بداخلها..
(... إيه) بعد أن حصلت على الأوراق عدت للمغرب، وهناك تزوجت من بنت أعرف أهلها من قريتنا. والتي هي زوجتي حاليا. انا الآن أسكن في بيت مستقل توسط لي الخيفي حتى أحصل عليه. في رمضان والعيد الكبير أرسل لأختي المتزوجة في البلاد نصيبا من المال. مؤخرا في الدخول المدرسي طلبت مني أن أساعدها. لكنني لم أستطع. قلت لها إن ظروفي حاليا لا تسمح. وأن الغلاء في كل شيء. وأن صاحبة المنزل طلبت مني أن أزيدها في سومة الكراء أو أخرج. أعمل من الاثنين إلى ما بعد منتصف نهار السبت. أصلي المغرب والعشاء مع الجماعة في مسجد بالبوييبلو. والذي هو عبارة عن گراج بزرابي نشترك جميعا في أداء مصاريفه. يوم الأحد مساء أخرج مع زوجتي الحامل في شهرها السادس، ومعنا ابنتنا هبة ذات الأربع سنوات. نتجول في البيوبلو الصغير المحاط بالضيعات. نشتري كبابا من محل مغربي التابع للمجزرة الحلال والحمد لله. نجلس في حديقة لوحدنا. وفيما أنا ألاعب هبة، تظل زوجتي صامتة وسارحة طول الوقت. تقول أنها تحس بملل شديد، وقنوط موحش. أما أنا فأحاول أن أواسيها وأقول لها" متقنطيش أحنان من رحمة الله. دبا ربي يفرجها علينا" ثم أفتح علبتي العصير الصغيرتين، وأضع بداخلهما مصاصتين، وأعطي واحدة لها وأخرى لهبة. أما أنا فتؤلمني عيني وتدمع كثيرا وتنزل عليها غشاوة من حين لحين. وفي مرات لا أرى بها شيئا. ومع ذلك لم أخبر حنان بشيء..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى