المقاهي أ. د. عادل الأسطة - على قارعة الطريق: جلسة عابرة في مقهى ثانوي

أمس جلست على قارعة الطريق . ثمة ما يمكن أن أنعته بمقهى . إنه شبه مقهى إن جاز القول . أربعة مقاعد وطاولة صغيرة في شارع حطين يمكن أن تجلس جلسة عابرة تحتسي مشروبا ساخنا أو تشرب الماء . أحيانا تجلس وحيدا وأحيانا قد تجد شخصا أو شخصين يشربون القهوة ، وقد تشتبكون معا في حديث عابر .
أمس وجدت فلسطينيين من كفر قاسم ؛ أبو محمود وأبو حسن ، والأول من مواليد ١٩٥٦ وهو الذي تجاذبت وإياه أطراف الحديث ، فيما ظل الثاني يصغي أو يعقب على الكلام تعقيبا عابرا .
كانت نزعة جلد الذات القومية لدى أبو محمود عالية جدا . نحن ، من وجهة نظره ، أسوأ شعوب الأرض . بعنا الأرض واشترينا السيارات الفارهة ولذلك حاق بنا ما حاق .
حين قلت لأبي محمود إننا مثل بقية شعوب الأرض ، لم يرق له كلامي ، وأصر على كلامه .
أنا شخصيا غالبا ما أكرر :
- لسنا أفضل شعوب الأرض ولسنا أسوأ شعوبها . لا يوجد شعب أفضل من شعبنا كما أن شعبنا ليس أفضل من شعوب الأرض . نحن شعب ليس كله ملائكة وليس كله شياطين .
قادنا الحديث إلى عقد مقارنات بيننا وبين أبناء العمومة . وعندما قال أبو محمود كلاما لصالحهم اعترضت ، وذكرته بقرش ( شدمي ) . هل يوجد فلسطيني من كفر قاسم ، من جيل خمسينيات وستينيات القرن العشرين ، لا يعرف قصة قرش ( شدمي ) .
وشدمي هو الضابط الإسرائيلي الذي أعطى في العام ١٩٥٦ الأوامر لجنوده بقتل المزارعين الفلسطينيين العائدين إلى قريتهم ساعة فرض عليها منع التجول :
- احصدوهم !
هل حقا نحن أسوأ شعوب الأرض ؟ وماذا عن شعب طرد شعبا من أرضه وشرده في البراري منذ أكثر من سبعين عاما وما زال يطارده ويلاحقه ؟
أحيانا نقع أسرى اللحظة . لا يروق لنا سلوك ما في مجتمعنا فننزل به من الشتائم ما أنزل الله بها من سلطان .
- احصدوهم .
و حصد الجنود الإسرائيليون أرواح تسعة وأربعين مواطنا فلسطينيا ودفع الضابط الإسرائيلي ( شدمي ) غرامة هي قرش واحد .
٤٩ فلسطينيا بقرش واحد . يا بلاش وصرنا أرخص من الهنود الحمر . اقتل هنديا أحمر وخذ دولارا .
صباح الخير
خربشات
٢٦ تشرين الأول ٢٠٢١

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى